26/03/2002, 03:04 AM
|
زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 26/10/2001 المكان: المدينة الفاضلة
مشاركات: 421
| |
خبير امريكي يقول طالبان تزحف تدريجياً لاستعادة أفغانستان إجماع بين المعلقين العسكريين في الولايات المتحدة في اللحظة الراهنة على أن المعركة التي تهدف إلى بسط نفوذ الحكومة الأفغانية الحالية على أراضي بلادها وإلى إنهاء التهديد الذي تمثله تجمعات طالبان والقاعدة لهذه الحكومة ولتواجد القوات الأمريكية في أفغانستان هي معركة لم تنته بعد، بل لعلها قد بدأت تواً.
بل إن بعض المعلقين الأمريكيين يعربون عن قلقهم من احتمال أن تتحول أفغانستان إلى فيتنام أخرى، أو أن يواجه الأمريكيون على أراضيها ما واجهه الروس من قبل. ويعد أنتوني كريفتون الباحث في معهد دراسات التنمية الآسيوية واحداً من أبرز هؤلاء الباحثين الذين يوصفون في واشنطن «بالمتشائمين».
وشارك كريفتون قبل أيام في حوار مائدة مستديرة دعا إليه نادي الصحافة الأجنبية في واشنطن حيث قدم بالتفصيل رؤية متشائمة بالفعل من زاوية النظر الأمريكية لمستقبل دور الولايات المتحدة في أفغانستان، بل ولمستقبل ذلك البلد بأكمله. وتضمنت مداخلة كريفتون النقاط الأساسية التالية:
> تشير معلومات الأجهزة الأمريكية إلى وجود قرابة 10 آلاف رجل يشكلون الآن العمود الفقري لمحاولة طالبان استعادة أفغانستان. وهؤلاء الرجال موزعون على جيوب متفرقة في قطاع من جبال هندو- كوش وفي منطقة تتوسط محافظي الوسط زابول وأورزجان وفي محافظة ومدينة قندهار وفي منطقة تقع إلى شمال مدينة إسلام أباد.
إلا أن العمود الفقري لا يمثل كل ما بوسع طالبان حشده الآن، وما سوف يمكنها حشده في المستقبل فخلال الشهور الأخير بذلت قيادات طالبان جهداً مكثفاً ومدروساً للاتصال بقيادة قبائل الباشتون، أو بعدد منهم. وقد حصل الملا محمد عمر على عهد من عدد من هؤلاء القادة بدعمه في الوقت المناسب بصورة علنية.
ولم يكن الملا عمر يرغب على أي حال في أن يحصل على دعم علني فوري من هؤلاء القادة. ذلك أن من الأفضل للجانبين معاً إبقاء العلاقة - التي تجددت - بينهما في طي الكتمان، فثمة قبائل تتولى حراسة مخزونات الأسلحة التي أخفتها طالبان قبل اندحارها، خاصة المخزونات الموجودة في محافظات لوجار وباكتيا وقندهار. ورغم أن الأمريكيين يعلمون بوجود هذه المخزونات إلا أنهم لم يتمكنوا من العثور على أماكنها رغم كل الإغراءات التي قدموها لقادة القبائل. فقد أصر هؤلاء القادة على أنهم لا يعرفونها. هناك إذن رجال وسلاح وخصومة لا يمكن حلها إلا بالقتال، أي باشتباك الوحدات التابعة لطالبان، مع قوات الحكومة الأفغانية والقوات الأمريكية والبريطانية. ويبدو أن استراتيجية طالبان تتلخص في توثيق التعاون مع قلب الدين حكمتيار وأعضاء الحزب الإسلامي، والتركيز على ثلاث بقاع محددة، الأولى هي خوست في الشرق، وقندهار في الجنوب، وأورزجان في الوسط، والمعتقد أن الملا عمر يوجد الآن في أورزجان - وهي مسقط رأسه - تحت حماية قبائل المنطقة. فضلاً عن ذلك فإن طالبان قد تدفع حكمتيار إلى التحرك في محافظة هيلمند.
لم تحقق الولايات المتحدة نصراً عسكرياً واضحاً في منطقة جرديز خلال المعارك الأخيرة. فقد تمكن وزير طالبان السابق الملا جلال الدين حقاني من سحب رجاله مع أعضاء القاعدة حين تبين أنه ليس بوسع هذا الجيب أن يحقق نتائج ملموسة في مواجهة القصف الجوي الأمريكي. رغم ذلك فقد صمد هذا الجيب على نحو أدهش وزارة الدفاع الأمريكية. وليس بوسع الوزارة أن تقول بثقة إنها تمكنت من تصفيته بعد أن تبين أن أغلب عناصره فروا قبل دخول القوات الأمريكية وحلفائها إلى جبال باكيتا.
أن دخول قلب الدين حكمتيار إلى الساحة بعد ظهوره في غرب باكستان يعني أنه ليس بوسع حامد كرزاي الاطمئنان إلى مسار الأمور في هيرات، ورغم وجود حوار إيراني - أمريكي غير رسمي تسعى واشنطن من خلاله إلى طمأنة طهران على أن الوجود الأمريكي في أفغانستان ليس تهديداً لإيران، فإن قائد المنطقة إسماعيل خان سيظل محافظاً على «استقلال نسبي» للغرب عن حكومة كرزاي لأسباب سياسية وتاريخية.
هناك تقارير لدى الأجهزة الأمريكية بأن طالبان تمكنت من إخفاء أسلحة بالغة التنوع، بل إن هناك بعض التقارير تقول إنه توجد في محافظة قندهار دبابات طالبانية تم «دفنها» في مواقع نائية، فضلاً عن صواريخ مضادة للطائرات. ومن المفترض أن عدم ظهور هذه الأسلحة حتى الآن لا يعني أنها غير موجودة، إذ ليس قادة طالبان بالحمق الذي يدفعهم إلى إخراجها الآن.
لا تسيطر حكومة كرزاي من الوجهة العملية إلا على مناطق محدودة في أفغانستان، فقد بقى الشمال، أي مناطق كندوز وتخوم هيرات تحت سيطرة الأوزبك، وعلى وجه التحديد عبدالرشيد دوستم، فيما بقى الغرب تحت سيطرة إسماعيل خان، وبقى الشمال الشرقي تحت سيطرة الطاجيك. ولا يمكن افتراض أن التحاق هذه القوى بالحكومة الأفغانية قد صهر ولاءاتها في بوتقة واحدة. إن لكل فريق خلفية تبعد كثيراً عن خلفيات المجموعات الأخرى. والتقاء الجميع عند نقطة واحدة - هو ما نراه في الوقت الحالي - لا يعني أن لدينا حكومة متجانسة بوسعها أن تحافظ على وحدتها عند أول منعطف حاد نسبياً يواجهها. إن لكل مكون من مكوناتها برنامجه وحساباته الخاصة.
ان استقرار حكومة حامد كرزاي هو استقرار مرهون بأمر واحد، ذلك هو تجنب أى أزمة كبيرة تفجر الخلافات داخل حكومته. وقد تأتي هذه الأزمة من شرارة محدودة، كأن تقوم إحدى مجموعات الأوزبك مثلاً بالاعتداء على قبيلة باشتونية وارتكاب مذبحة ضد أفرادها.
ما تقوم به طالبان والقاعدة الآن هو التمهيد لاشتباكات أوسع نطاقاً، وجمع تأييد بعض قادة القبائل، وتوزيع المنشورات التي تسمى «رسائل الليل» التي تحرض ضد التواجد الأمريكي في أفغانستان وضد حكومة كرزاي. ومن المحتمل أن تقدم كراهية البشتون الغريزية لأي وجود أجنبي في أراضيهم قاعدة ملائمة لإدانة حكومة كرزاي ولحشد المشاعر ضد هذه الحكومة وضد الوجود الأمريكي بطبيعة الحال. والواقع أن سقوط مدنيين أفغان خلال القصف الجوي الأمريكي، ومن ثم نشر حالة من العداء للأمريكيين في صفوف بعض القبائل التي أضيرت، يصب بصورة مباشرة في قناة القاعدة وطالبان.
إذا لم تتمكن القوات الأمريكية من كسر العمود الفقري لمحاولات طالبان والقاعدة لإعادة تجميع قواتها، وإذا ما استمر العامل الوحيد في أفغانستان وهو مرور الأيام، أي غياب أي تطورات اقتصادية وسياسية درامية تعكس المسار الحالي للأمور، فإن الوضع الراهن يتجه إلى أزمة قد يصعب تجاوزها.
ذلك إن قيام طالبان بتحديات ظاهرة وناجحة أحياناً للأمريكيين ولقوات كرزاي ستؤدي إلى انضمام قبائل أكثر - خصوصاً من الباشتون - لهما. إن الجميع يتذكرون ما حدث خلال سنوات الاحتلال الروسي. فقد اندحر الجيش الروسي وأعدم القادة السياسيون الذين تحالفوا معه. وعلى الرغم أن القوات الأمريكية لن تستطيع مغادرة أفغانستان، حتى وإن تبين صعوبة البقاء هناك، لأسباب سياسية، فإن ذلك على وجه التحديد ما يحقق هدف طالبان في جمع شمل قبائل أكثر لمحاربة «الاحتلال الأجنبي».
الوقت في صالح طالبان. وعلى واشنطن أن تبحث بسرعة عن وسائل تضمن أمراً من اثنين، إما وقف «الزحف التدريجي» لطالبان بين صفوف القبائل، خاصة القبائل الباشتونية، وإما مغادرة أفغانستان. إلا أن الاحتمال الثاني يعد «كابوساً» سياسياً بكافة المقاييس، إذ سيضعف ذلك كثيراً من هيبة الولايات المتحدة في العالم، كما أنه سيعيد أفغانستان إلى أيدي الإرهابيين لجعلها منطلقاً لعملياتهم في مناطق أخرى.
المصدر جريدة الشرق القطرية
منتدى الحزم |