في ذاكرتي شخصين من كبار رجال الأعمال بالبلد ..كلاهما أسس شركته بعرقه وجهده حتى وصلتا الى القمة ...ولكن بإسلوبين مختلفين ..فالأول عندما إنتهى من مرحلة التأسيس وبدأ بجني الأرباح قام بطرح أسهم الشركة لمختلف فئات الشعب ..الذين بدورهم أسهموا بتطوير هذه الشركة وزيادة نجاحاتها ..وتعاقبت عليها أجيال من الإدارات التي كانت تستفيد من خبرات السابقين وتضيف حيوية الشباب الى هذه الشركة مما رفع أسهم هذه الشركة ونجحت نجاحاً منقطع النظير ..كل ذلك ومؤسسها يراقب هذه النجاحات بسعادة وحبور ..بعد أن رأى نتيجة العمل المؤسساتي الذي بناه بيديه ..صرحاً شامخا ..الكل يفتخر بالإنتساب اليه ..

أما صاحب الشركة الأخرى فقد واصل الليل بالنهار لبناء شركته وكان يقوم بكل الأدوار بهذه الشركة ..فهو المدير ..وهو الفراش ..وهو المعقب ..وهو السائق ..وهو كل شيء بالشركة ..وباقي الموجودين موظفين لديه ..لايتصرفون إلا برأيه ..حتى أولاده الذين كانوا يحضرون معه للشركة كان الكل يعاملهم بمجاملة واحترام لأنهم أبناء صاحب الشركة ..فلم يستفيدوا شيئاَ من وجودهم المستمر بالشركة ...بالعكس كان وجودهم سبباً لتسرب بعض المخلصين من موظفي هذه الشركه ..وذلك لتدخلهم المستمر بالعمل ...وكان والدهم يغض النظر عن ذلك لأنهم أولاده ..والشركه لهم ..ونظراً لخبرة صاحب الشركة وذكاءه وقدرته على تحقيق النجاح ..فقد سارت الشركة بنجاح يتراوح بين الجيد والمقبول ..! وفجأة مات صاحب هذه الشركة رحمه الله ..واستلم العمل بها أولاده من بعده ..وبدأت الشركة تتوالى عليها الإخفاقات بسبب الصراعات الداخلية بين الأبناء ..كل يرغب بإدارة هذه الشركة ويرى نفسه أحق من غيره بذلك ..وماهي الا فترة غير طويلة حتى بدأت نذر انهيار هذه الشركة ..وأصبحت الآن بالصفوف الخلفية من الشركات الكبرى ..ولم تحقق أرباحا منذ فترة طويله ..

زبدة الكلام ..أن العمل المؤسساتي الذي لايقوم على أشخاص بعينهم ..وإنما يقوم على أسس ثابتة ينفذها من يتواجد في هذه المراحل بكل سلاسة وإخلاص لإنه يعرف أنه بعد فترة سيغادر ويأتي غيره ويريد أن يحقق نجاحاً يحسب له ..هو الذي ينجح ويستمر ..بينما العمل الفردي مهما كانت قدرات من يباشره لن يستمر بالنجاح ..وسيسقط حتما لأي سبب ..!
أقول لا أدري لماذا أتذكر الشيخ عبدالرحمن بن سعيد حفظه الله ..في صورة رجل الأعمال الأول فهو عندما أسس نادي الهلال ودفع وصرف عليه من ماله وصحته ووقته حتى بدأ يحقق البطولات ..لم يجعله ملكية خاصة له.. بل عمل على تدعيم مسيرته بجلب كل من يستطيع خدمة النادي ..وفي انكار نادر للذات... كان يترك الرئاسة لأشخاص يرى فيهم القدرة على دعم مسيرة النادي ومن مختلف فئات المجتمع ..ولايتدخل ..وهذا ماحقق النجاح للنادي بكل فرقه وأصبحت له الشعبية الأولى بالمملكة قاطبة وبدون منازع ..والسبب الأساسي هو شعور كل من ينتمي لهذا النادي بأن النادي ملك للجميع ..سواءً كان مشجعا عادياً ..أو رئيساً له ..!! وعلى النقيض من ذلك نرى حال بعض الأندية ...فهي عندما فقدت من يسيطر على النادي ولايسمح لأحد بمشاركته (فضلاً عن الحلول محله ) في إدارة النادي ..أقول إن تلك الأندية أصبحت تتخبط ويتنازع عليها كل من يعتقد أن له حق ملكيتها ..وهي في طريقها للسقوط ...!! وختاماً ...ندعوا الله أن يحفظ شيخنا المؤسس ويمده بالصحة والعافية ،،،،