بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاه والسلام على محمد – المبعوث رحمه للعالمين.

لظروف السفر غداً إن شاء الله .. اعتذر عن التواجد في الفتره القادمه ، واعتذر ايضا عن تواجد موضوعين بيوم واحد.







-1-

في أحد الصباحات الشتويه البارده في العاصمه الرياض -- أثناء زيارتي لها مؤخراً ، كنت مرتبطاً بمقابله وظيفيه .. وكما حال الكثيرين منكم أوقات البرد .. فقد قمت متأخراً بعض الشيء.


--

وعلى عجاله .. تناولت ( ثوبي وليس إفطاري ) وارتديته ، وأسدلت ( شماغي وليس شعري ) على طرف كتفي .. وخرجت مسرعاً بحثاً عن { حلاّق } في هذا الوقت الباكر.!

--


فالموعد هام بلا شك ويحدّد كثيراً من ملامح المستقبل .. ومابين شارع وآخر لم أجد سوى محلات – الفوّالين ومحلات السوبر ماركت تفتح أبوابها بشكل " متثائب " بعض الشيء .. ولا شيء سواها.


--



لربما مثل كثيرين منكم .. تعوّدنا أن نكون زبائن دائمين لحلاقي – الخمس نجوم ، فالأتراك والمغاربه والفلبينيين وحتى اللبنانيين ( ماكلين الجو ) على غيرهم من الغلابه.


--


ومابين التدقيق وسط بعض المحلات وجدت في احد زوايا البنايات المتواضعه " محلاً صغيراً " .. لم اعرف ماهيته سوى من اللوحه المهترئه فوقه والتي تشير إلى انه " حلاق "..!

--


ومكرهاً أخاك لا بطل ( لا اعلم عن مناسبه ومطابقه المثل للموقف ) .. لكني على الفور وبالنظر لتأخري .. فقد ركنت سيارتي على إستعجال وتوقفت.


--


يبدو المحل متواضعاً لأبعد الامكانيات .. دخلت ورحّب بي الحلاق – هندي الجنسيه بإبتسامه لا تحمل ابعاداً أكثر من / بساطه الحياة وتفاصيلها اليوميه والتي تكاد تشعر بها منذ لحظه دخولك.

--


طلبت منه على عجاله أن يسرع من حركته قدر الإمكان .. وبادر بذلك ، ماهي الا لحظات حتى دخل المحل أحد العمال الآخرين.

--

بادر العامل الآخر بصوت خافت بإلقاء السلام .. رددت عليه ولم أعره اهتماماً ، وظننت انه قد جاء كحالي للحلاقه لكن إتضح لي فيما بعد بأنه يعمل بنفس المحل .. وأخذ يقوم بتنظيف الزجاج ومسح الأرضيه وترتيب المكان.

--


ما إن انتهى من ذلك بدقائق بسيطه .. حتى بادر لتشغيل المسجـل القديم المركون بطرف الطاوله .. ظننت بأنه سيزعجنا – على هالصبح ، بالأغاني الهنديه السريعه ، لكني تفاجأت بكل ماتحمله الكلمه من أبعاد .. بصوت الشيـخ / عبد الرحمن السديس – العذب وهو يتلو تلاوات مباركه من القرآن الكريم.


--


ثم عاد وجلس على كراسي الانتظار بكل هدوء وإنصات ، كل ذلك ولازلت مندهشاً من الموقف بصراحه .. ومن باب ( إحسان الظن بأخيك المسلم ) ، فلم افكّر ابداً ويشهد الله .. على أن مافعله هذا العامل البسيط الآن / مجرد لفت انتباهي او أن احد السعوديين موجوداً بالمحل أو غيره من التفسيرات سيئه النيه.


--


خرجت بعد ان دفعت قيمه الضعف لما ندفعه – لحلاقي الخمس نجوم .. وانتقلت الدهشه بعد ان كانت تتملكني إلى ذاك العامل البسيط الذي بادر بشكري على خجل.


--


لا أعلم لماذا – جال في ذهني وقتها عديد الأفكار /


فعند دخولك غالبيه محلات الحلاقه الفارهه .. ليس غريباً أن تستمع بالداخل " لموسيقى عربيه وغربيه صارخه " .. و ليس غريباً عند دخولك لمثل هذه المحلات من مشاهده " قنوات أجنبيه واحياناً قنوات أفلام " ذات المشاهد الغير مشفره .. عند كراسي الإنتظار.


--


أقول ذلك وأنا اجزم بأن هناك من سيقول :: ياخي عادي .. لا تكبّر السالفه!


--


-2-


أحياناً تجمعني حوارات شيقه مع اخوه واخوات عبر الماسنجر ممّن تشرفت بزمالتهم وصداقتهم عبر عديد المنتديات والمواقع .. فأحياناً يجمعنا نقاش حول مواضيع اجتماعيه وادبيه ورياضيه واحيانا اخرى يصل النقاش لذروته ان تحدثنا بمواضيع سياسيه!


--


وكانت احدى زميلات مهنه الكتابه وبالتحديد " الكتابه الشعريه " دائمه الدخول للماسنجر .. فكانت تحكي لي بين يوم وآخر .. عن قصائدها الجديده ومسيرتها الشعريه ،


--


احياناً – تضطر للمجاملة .. خصوصاً إذا ماعرفتم أن علاقتي بالشعر { سطحيه جداً جداً }. ولا تتعدّى التذوق فقط.


--


في أحد المرات .. وبينما نحن في نقاش حول أحد المواضيع ، قامت بتغيير صورة العرض بماسنجرها إلى صوره فتاه تبدو من ملامحها انها خليجيه ولكنها ( محجبه على الطريقه المصريه )... !!


--

قلت من هذه .؟ أجابت بكل فخر / أنا ..!

ورغم اني شخصياً قد عايشت وتحادثت مع عديد النماذج المتفتحه .. والمتحفظه وغيرها .. إلا أني لم اجد تفسيراً للموقف ولهذا التصرف بالذات.


--


فلماذا تضع صورتها وهي بكامل ماكياجها عبر خدمه الماسنجر .. ؟ هكذا كان تساؤلي البريء لها مضافاً إليه ::: التنبيه والنصيحه والإرشاد /


انتبهي من الهاكرز والمخربين .. يمكن تنسرق الصوره وتنتشر ووو .. قاطعتني


--


وقالت : بأن الامر عادي جداً .. وبأنها شاعره على بداية طريق النجوميه وسبق وأن نشرت قصائدها في بعض المجلات ، ولا تجد حرجاً في الظهور الاعلامي والشهره حتى وإن كانت " شهره نتيه ".


--


أقول ذلك وأنا اجزم بأن هناك من سيقول :: ياخي عادي .. لا تكبّر السالفه!


--


-3-



قبل شهر تقريباً .. وايضاً أثناء تواجدي بالعاصمه الرياض ، تم إقرار عمليه جراحيه عاجله لأخي الاكبر .. وبقيت ملازماً له تقريباً طوال أسبوعين " كمرافق للمريض ".


--


وخلال الاسبوعين .. تُصادف عديد النماذج لكافه اطياف الناس ، الصغير الكبير .. الشاب والفتاه .. والمقيم .. وحتى حراس الأمن.


--


وهنا سأتحدث عن موقفين :

أولاً /


كنت في احد الايام وبعد ان – اعتراني الملل بكل أبعاده جرّاء فترات الجلوس الطويله .. اذهب كالعاده لكسر الروتين والمشي حيث ( د. كيف ) للترويق بكوب قهوه او كابتشينو يعيد النشاط والحيويه للجسد.


--


حملت بيدي كوباً من القهوه الساخنه .. وبالاخرى مجلـة شعبيـه كنت قد اخذتها معي – للضحك على التخلّف العقلي و القبلي الذي وصلنا له ( وسأتحدث عن هذا في موضوع آخر ).


--


وفي احد الممرات او الاسياب الطويله في المستشفى .. استمعت أثناء سيري عائداً للجناح المنوّم فيه أخي الاكبر لأصوات نسائيه خافته من خلفي ..!


--


لم أعر الأمر اهتماماً في البدايه .. إلى أن تعالت الاصوات واقتربت مني أكثر إلتفت لأجد فتاتين تعملان في المستشفى ( وعرفت ذلك من خلال لبسهما ).


--


أدرت ناظري مره اخرى للأمام .. حتى اقتربتا أكثر لتجاوزي وحينها قامت احداهن بدفع الأخرى على مقربة مني بشكل غريب ووسط ضحكات ماجنه !!


--


والله وعزته وجلاله هذا ماحصل حرفياً .. وقفت ونظرت إليهما بإبتسامه سخريه وإستهزاء على هكذا تصرّف " طفولي " ، تمتمت بصوت مسموع / الحمد لله والشكر.


--


لربما كان تصرفي هذا بسبب أني اولاً ولله الحمد والمنه - شخص متربّي وليس كمثل الفتاتين .. ! وثانيهما أني لست { إبن مدينه كبرى } فنشأتي وغالب حياتي كانت في مدن عاديه ومتحفظه.

--


والأهم من ذلك .. أن كثيراً من الفتيات يجعلن من انفسهن اضحوكه – عبر رمي أنفسهن على الشـاب بطريقه ( مشفقه ومحزنه ) بنفس الوقت .. لكن الحمد لله غالبيه بناتنا فيهم الخير والبركه وتصرفات مثل هاتين الصعلوكتين لا تمثلان الا نفسيهما.


--


ثانياً /


وليس ببعيد عن الموقف الاول .. نرى احياناً بعض المناظر المقززه لشبابنا الذكور ، من حيث اللباس الفاضح البعيد كل البعد عن الخصوصيه والتربيه والأخلاق قبل كل شيء.!


--


فمن موضه الثياب المخصره .. الى موضه البرمودا .. وصولاً إلى نكبه النكبات ..! وهو ماجعلني اضرب اخماساً بأسداس على حال – شباب المستقبل.


--



فبينما كنت – منهمكاً في قراءه إحدى النشرات باستراحه المشفى ، فإذا بأحد الشباب يدخل بخطوات هادئه .. ويبدو ممّن هم في بدايه العشرينيات من العمر .. وذو شكل مقبول نوعاً ما.

--

المصيبه ليست في عمره ولا شكله .. بل في لبسـه ، فهو يرتدي بنطالاً من الجينز الذي يوشك على السقـوط في أية لحظه كانت! بل ويظهر شيئاً من لباسه الداخلي.


--


كنت اعتقد بأنه لا يعرف ما أصاب بنطاله من وضع يكاد أن يكون لا اخلاقياً ..! حتى أنني هممت بالنهوض لمساعدته وتنبيهه على هذا الوضع العصيب .. فالمستشفى يمتلئ بالنسوان أكثر من الرجال .. ووضع كهذا مخجل جداً.


--

لكن ما جعلني أوقن بمعرفته بالامر .. هو التقاطه للجوال وتحادثه مع شخص ما ، وإنزال رأسه للأرض أكثر من مره .. فمن غيرالمعقول ألا يلاحظ ذلك وأعني تدلّي البنطال ..!


--


بعدها بيوم تقريباً حادثت احد اقاربي من أهل الرياض عن الموضوع وضحك وقال لي أن الوضع عادي .. !



قلت كيف .. ؟ وشرح لي بأن هذه موضه ( ليو ويست ) او شيئاً كهذا .. وهي دارجه بين الشباب بشكل كبير .. خصوصاً في المناطق الساحليه وجده على وجه الخصوص .. واخذ يشرح لي ( بإسهاب كبير ) حتى ظننت أني قادم من كوكب آخر .. ولا اكاد اعرف من الموضه إلا إسمها.


--


أقول ذلك وأنا اجزم بأن هناك من سيقول :: ياخي عادي .. لا تكبّر السالفه!



--

عموما / وأن كانت الفقره الاخيره بالذات " تنبع من مبادئ كالحريه الشخصيه " وغيرها من المسميات ..


--

فإني أقول كما سمعت يوماً / إن الحريه .. تُسلب منها قيمتها الذهبيه .. متى ماتعدّت على حرية الآخرين.

--


و مثلما جزمت في كل الفقرات بأن هناك من سيتقبل الوضع .. أجزم أكثر بأن هناك من سينكرونه.


دعوه للمشاركه من الجميع لمواقف مماثله.