السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،


صبحكم / مساكم الله بالخير.


تشكل سعة ثقافة أفراد المجتمع ونوعية اهتماماتهم وطريقة تعاطيهم مع قضاياهم واحتياجاتهم عنصراً هاماً ومؤثراً يعمل على خلق حافز لدى ولاة الأمر وكبار المسئولين عن خدمة هذا المجتمع لتوفير مقومات العيش الهنيء لأفراده، وقد يكون هو العنصر الأهم –من وجهة نظر شخصية-في التحقق من الفعالية والجدوى من مشاريع الإصلاح التي يتبناها قادتنا وفقهم الله لما يحبه ويرضاه ..


وبين أخبار ارتفاع سعر برميل البترول وارتفاع قيمة العائدات الوطنية وتدني المستوى المعيشي للمواطن ، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشتى أنواعها، وبين عبث واستهتار المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية بأرواح المواطنين، وبين تدني مستوى التعليم بشتى مراحله، وبين عشوائية وتداخل العمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وبين العشرات من المآسي والمئات من الأوجاع والآلاف من الشكاوى التي تعترض طريق أفراد المجتمع بكافة مستوياتهم، تغيب هذه القضايا عن المواطن بطريقةٍ لا تتطلب سوى الرجوع بمستوى ثقافته واهتماماته إلى زمن الجاهلية والعنصرية ليتحول حديث المجالس بين عشيةً وضحاها إلى هموم الشعر والشعراء ولتوجه أنظارهم إلى تلك الناقة الحسناء، ولينحصر تركيز وتفكير فئة من المجتمع في أمور لا تتعدى أمنيات بفوز الفراعنه أو غيره بلقب شاعر المليون، وليصبح هاجس تلك القبيلة هو كيف نبرز شهامتنا وجودنا وكرمنا وعلو شأننا من خلال مهرجانات لمزاين الإبل!!..


ولأن فئة الشباب تشكل النسبة الأكبر في كثير من المجتمعات وبالذات المجتمعات العربية فإن أي خطط اجتماعية سواء كان هدفها مصلحاً أو وضعت بغرض الإفساد، فإنها تركز على هذه الفئة كمدخل لتوجيه أفكار واهتمامات وسلوكيات أفراد المجتمع بشكل عام..


شخصياً وبشكل عام لا أشك إطلاقاً بأن هناك غزو يأتي من أطراف عديدة لكل منها هدفه الخاص وقد يشترك بعضها في هدف معين، إلا أن ما أراه ويراه غيري بشكل واضح لا يحتمل الشك بأن مثل هذا النوع من الأعداء لم يكلفوا أنفسهم عناء اقتناء مدرعات حربية أو صواريخ تقذف من آلاف الأميال أو ألغامٍ تزرع داخل مساكننا، بل إن أقصى ما استخدموه لا يتعدى أجهزة البث المباشر والكمبيوتر وأقلام معبأة بحبر لا ينضب ..


وسيكون من المخجل جداً أن أطلب من أفراد مجتمعنا مقاومة هذا الغزو فيما لو كان غزواً عسكرياً لإدراكي بحقيقة ضعفنا في هذا الجانب ولو في الوقت الحالي، ولكن ليس من المنطق أن نكون كالشاة التي ترعى ورأسها للأسفل وتتناول كل ما يمر عليها وتتغذى عليه!!..


لقد ميزنا رب العالمين بنعمة العقل وهي النعمة التي جعلت من الإنسان إنساناً ومن الشاة شاةً ، واستغرب حين نتلقى ونستمتع ونبالغ في المتعة في كل ما تقدمه لنا وسائل الأعلام، وكأننا بهائم لا نفرق بين الصواب الخطأ، وبدرجة أفضل أصبحنا وكأننا أطفال صغار يوجهنا الأب اللدود إلى أي طريقٍ شاء ويطعمنا ما يراه مناسباً وفعالاً لمستوى عقولنا !! ..


قد يقول قائل بأني أكتب على طريقة المبالغة، أو أني أستقصد برنامجاً لا يشدني أو مهرجانات لا ترتقي لمستوى تفكيري ، وفي الحقيقة أنا على عكس ذلك، فلا أحب لي من الشعر ومواطنه، ولا أرى في الإبل إلا أجمل معاني الصبر بل إني أقدّر لحم الحاشي .


كل ما أريد الوصول إليه هو ضرورة أن يكونا تركيزنا واهتمامنا وجل أطروحاتنا حول مواضيع تسهم في الارتقاء بأوضاعنا الحالية نحو الأفضل ومواضيع تهم مستقبلنا وأخرى تُبرز حقيقة سعة مداركنا ونضج عقولنا كشباب يُبنى المستقبل على أكتافه، وبعدها نخصص جزءاً من اهتماماتنا لجوانب التسلية والمتعة..


وكمثال على ما أقصده المغثه التي اعترتني يوم الثلاثاء الماضي حين أصبحت على رسالة تخص مسابقة شاعر المليون ، وبعد الظهيرة زارني أحد زملاء العمل ليحدثني عن هموم المشتركين ومشاكل لجنة التحكيم في المسابقة، ثم بعد العشاء أنقلع لزيارة زملاء قدامى وبعضهم لم أره منذ سنة وبعد 2 فنجال قهوه وواحد بيالة شاهي تركز الحديث حول المسابقة ومن يستحق لقبها، وحين تطرق أحدهم لسالفة الرضيع الذي اختطف من أحد مستشفيات الجوف ومن المسئول عن ذلك، لم يجد من يرد عليه الصوت ولسان حالهم يقول" فكنا ما فيه شي جديد"، وفجأةً يسكت وينطم الجميع وكأنهم رأوا الشمس تشرق من المغرب لأن الحلقة بدت !!


ساعات للحديث عن مسابقة شعرية وساعات للحديث عن أملح وأطلق الإبل وأكرم الضيافات وساعات للحديث كرة القدم وساعات للحديث عن الأفلام الجديدة وأبطالها، ودقيقة للحديث عن مشكلة اجتماعية، وفي الأخير يتذمرون ويطالبون بتحسين الأوضاع!!!


وما دام هذا هو مستوى أغلب العقول فلا نأمل بمستقبلٍ أفضل!


الله يصلح الحال ويرحمنا برحمته..


______________________



- خارج الحدود


* تصر دمجتي وتضغط على أناملي بأن تكتب بأنَّ هذا الموضوع موجه للنقاش والحوار مع عامة الشعب واعتذر عن الترحيب بأصحاب المعالي فمكانهم أسمى من الوجود هنا..


* ماجد مقبل، خالي من الهم، ابوريمان ، صدى الأمس، فياض، فرصه ضايعه ، الهنوف

البعض منكم ذكر لي كلاماً مقنعاً بخصوص العلاقة بين الأعضاء ، والبعض الآخر يسأل عني بكلماتٍ لا أستحق نصفها، فشكراً لكم من القلب ..




عذراً على الاطالة


كُتب وحرر أمس بالليل،،


في أمان الكريم،،