بين رحلة من هنا وأخبار من هناك وبين القبول وآخر بالرفض وبين كل أحتمالات التعاقد عاد الينا الكابتن ياسر القحطاني يلقي بأحلامه وتطلعاته بين أخوانه وأهل بيته نادي الهلال وجماهيره ...
كثير من الأحيان يحدث ان تقوم باصدار قرار وكل مشاعرك تأبى صدوره !!! وكثير من الأحيان تتخذ من المواقف التي تمنيت دوما ان لا تضع فيها صانعا للقرار !!! هكذا تلقيت الأمر وانا أطالع الأخبار التي تفيد رحيل الكابتن ياسر القحطاني ...
بين مشاعر ترفض الوداع وبين عقل يرى الرحيل واجب كنا نتلمس طرقاتنا ونحن نفكر ماذا سيكون حال الهلال بدون القحطاني وماذا سيكون حال القحطاني وهو في المانشستر وماذا سيكون حال الهلال والقحطاني اذا ما تعثرت المفاوضات ؟؟؟
ليس هنالك من لا يطمح للمزيد ... وفطرة الانسان جبلت على الطموح ... وغاية اي لاعب حتى اولئك في مدرسة الابداع البرازيلية تهفو نفوسهم الى اوروبا !!! تلك القارة التي تحتضن أكبر الأندية وأغناها واقوى البطولات واعظم النجوم وافضل المدربين واعرق المدارس الكروية كل ذلك يجعلنا نقول من حق الكابتن ياسر القحطاني او غيره ان يحلم ان تلامس قدماه تلك القارة العجوز !!!
لا نعرف ما سبب تعثر المفاوضات وهي قاب قوسين او أدنى من توقيع العقود !!! هل ياسر القحطاني ؟؟! هل الأدارة ؟؟! هل اعضاء الشرف ؟؟! هل النادي الإنجليزي ؟؟! هل هناك ايادي تعمل في الخفاء ؟؟! ربما يكون محمد بن همام!!!
في المرحلة المقبلة سوف تكثر التصاريح والتأويلات وسوف تمطرنا نظريات من هنا وفرضيات من هناك وسنعيش المرحلة المقبلة في دوامات وصراعات وستباشر الخصوم كل منها ينصب مشنقا ويحد سكينا ... كل ذلك وأكثر ولكن ماذا عن الكابتن ياسر القحطاني ؟؟؟
لا أدري يا صديقي ماذا اقول لك ولا ادري كيف انتقي عبارات الاعتذار ولا ادري كيف اقول لك يا ياسر نريدك كما عهدناك دائما القناص كابتن ياسر القحطاني ...
كثير من الأحيان نواجه نحن البشر عثرات امام تطلعاتنا وكثير من الأحيان ما تصطدم احلامنا وتطلعاتنا امام عوائق كثيرة منها ما يكون مبررا ومنها من لا تستطيع ان تجد له تبرير !!! يتشابه في ذلك كل البشرية مثلما هو الحال معي ومعك ومع الأمير محمد بن فيصل ومع الرئيس الامريكي بوش الأبن " لا بارك الله فيه " !!!
ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ... هكذا قال الشاعر ولكن بعيدا عن الشعر والشعراء وكلام الليل الذي يمحوه ضوء النهار !!! اتذكر عندما اواجه مثل هذه الأخفاق في مشروع مقبل عليه او واجهتني عقبة حالت دون طموحاتي ووجدت نفسي أتألم على الفرصة والعوائد المتوقعه والمتميزة التي يمكن ان تعود علي لو تم ما أطمح اليه ... أتذكر وانا في مثل هذه المعمه والصراع بين العقل والروح وحالة الفصام بين الأنا !!! اتذكر قصة عظيمة لسيدنا موسى عليه السلام وسيدنا الخضر عليه السلام واتذكر على وجه الخصوص تلك الحادثة التي اقدم فيها سيدنا الخضر عليه السلام وقتل طفلا وحيدا لوالديه !!!
تخيل معي يا ياسر والدين وليس لديهما سوى طفل واحد ويتم قتله !!! يا للكارثة وياللطامة الكبرى واي مصيبة اعظم من ذلك ؟؟؟ طفلهما الوحيد أملهم في ان يكون عونا لهم ونصيرا لهم وسندا لهم والقائم عليهم ناهيك انه وحيدهم وناهيك انه فلذة كبدهم وناهيك انه مات مقتولا مصابين بالفاجعه على روحهم التي ازهقت وكل ذلك من غير وجه حق !!! فماهي الجريمة التي ارتكبها طفل يستحق لأجلها ان يرهق دمه !!!
سيدنا موسى عليه السلام فجع من هذه الجريمة ومع علمه بمكانة وحكمة سيدنا الخضر عليه السلام الا انه لم يتمالك نفسه وهو يقول له : لقد فعلت ذنبا عظيم فبأي حق تزهق روح بريئه دون ذنب !!!
تدور احداث القصة الى ان يأتي الوقت الذي يخبر سيدنا الخضر عليه السلام الحكمة من افعاله ومنها مقتل الطفل الصغير ... حيث وضح ان هذا الطفل سيكون وبالا على والديه وقد يؤدي بهما الى الكفر فأراد الله ان يرحمهما بقتله وان يبدلهما بطفل آخر أكثر رحمة ومودة بهما ويكون على الأيمان ...
عندما تطالع هذه القصة يا ياسر تذكر ان الوالدين الذين قتل ولدهم لم يكونا على علم بما دفع الله عنهما من بلاء لم يشاهدانه من طفلهما الصغير ولم يتوقعانه ولم يكونا ايضا على علم بما اعد الله لهما من خير قادم ... لذلك يا صديقي ما اتاك فهو خير وما انصرف عنك فهو خيرا ايضا وكما قال العرب قديما " رب ضارة نافعة " ...
نتمنى يا ياسر ان تكون على قدر المسؤولية وقدر المواجهة وقدر الثقة بالله ولا اتمنى ان تجد نفسك وانت تجري خلف من كان السبب ولماذا كان ما كان !!! لا تقف مكتوف اليدين وعندما تتحرك يكون تحركك سلبيا غير ذي نفع حول مهاترات واقاصيص !!! انت رجل ميداني وقيمتك تزيد وتنقص وفق عطائك ومجهودك في داخل المستطيل الأخضر ... صدقا واقولها لك صادقا ان انت اهمل نفسك وترك للاحباط مكان في نفسك وتركت نفسك للأماني وعشت على الأحلام الراحلة فالخاسر الأول والأخير هو أنت ...
نرحب بعودتك بين محبيك وعشاقك واعتني بنفسك جيدا وامنح نفسك مزيدا من الجهد والقتالية والأداء المأمول منك دائما حيث ان النجاح هو القدرة على تجاوز الأزمات وما يدريك يا قحطاني لعل هنالك ما قد تجده مستقبلا يجعلك تحمد الله ان مانشستر سيتي لم يكن الا محطة عاثرة ... من يدري ؟؟؟
ودمتـم فـي خيـر | 
الوضع العادي
