السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
صباح الخير / مساء الخير
على حسب القارئ
في صغري كنت أشاهد منتج إعلاني يظهر فيه عدد من الأطفال هم أعضاء في فريق لكرة القدم ، فيقدم لكل عضو كأساً من الحليب المجفف ، وبلحظة قد لا تتعدى الثانية تكبر الأجساد وربما تخط الشوارب ، يصاحبها تعليق صوتي ينتهي بتكرار لكلمة ( يكبروا – يكبروا ).
لا أخفيكم بأن الفكرة أعجبتني فسرعة التغير بالتكوين الجسماني والوصول إلى مرحلة معينة بالسن ستغير معها نظره الناس لي ( هذه نظريتي سابقاً ) ، فهممت لعمل التركيبة السحرية المغيرة للجينات بصورة سريعة ، فما إن إنتهيت من عملها وشربها حتى وقفت أمام المرءاة بإنتظار بدء المفعول وحدوث التغيرات.... النتيجة ( لم يتغير شئ ). *لست هنا بصدد الحديث عن مدى تأثير الإعلان على الفرد وإنما عن هاجس العمر وما يدور بالذهن من تساؤلات عديدة لدى الكثير من صغار السن ربما يكون أهمها :
متى أكبر ؟ لماذا أعامل كالطفل ؟
أسئلة عديدة تتعلق بالأماني للقفز بالزمن للوصول إلى مرحلة من مراحل العمر يظن متمنيها أنه سيصل إلى الراحة بعد الإنفكاك من القيود الموضوعه عليه.
بيوم عيد الفطر الماضي كنت مجتمعاً بأقارب لي لم أرهم منذ سنوات نظراً لعدم إستقراري ، وكلما دخل شاب مألوف الملامح بالنسبة لي أبادر من كان بجانبي بسؤال تكرر لمدة ساعة :
من هذا ؟ .... ( الغريب بالأمر أن كل من سألت عنه تجمعني به صلة القرابة !!!! ).
وعند سؤالي عن أحوالهم تفآجأت بما سمعت :
فهذا قد أكمل تعليمه وتخرج وذاك قد كون أسرةً بعد أن تزوج ... !!!
أصبت بالدهشة ولم يدر بخلدي حينها إلا سؤال واحد حتى أني نطقت به :
متى كبر هؤلاء ؟ ... أنا أتذكرهم صغاراً بالسن !!!1 متى كبروا ؟
فالتفت إلي من كان بجانبي باسماً وقال : نحن نكبر دون أن نشعر بأنفسنا.
إستوقفني رده لدقائق ، أحسست بصمت غريب على كثره المتواجدين حولي وتعالي الأصوات من الداخل والخارج لشرود ذهني للبحث عن إجابات لأسئلتي :
أين كنت أنا عندما كبروا !!!! ؟ وهل كبرت بالعمر أنا أيضاً؟
كنت أتنقل بعيناي بين الحضور بنظره إستغراب :
فتارةً أنظر إلى الحضور ممن هم بسن الرشد وأتسائل :
هل ينظرون إلي الآن بنفس النظره التي نظرت بها إلى من هم أصغر مني بالسن ؟
وتارة أخرى أنظر إلى والدي وأسأل نفسي :
هل أنا بنظره ذالك الطفل الذي لا يستطيع أن يدبر أمره بنفسه ويحتاج للمساعدة دائما !!!!. وهل يشعرون بأنفسهم بأنهم كبروا ؟
قد يستغرب البعض منكم كتابتي لهذا الموضوع فلست أنا من أقيم ويعتد برأيي ، فأنا ما زلت على مشارف الثلاثين من العمر ، وعلى حملي أعباء رجل بسن الخامسة والخمسين وأنا بسن العشرين ، إلا أني أشعر بداخلي بأن الزمن متوقف ولم يتغير منذ تخرجي من الدراسة ( لا أقصد سن المراهقة ، ربما يكون عدم البدء بحياة جديدة من أهم الأسباب لشعوري بذلك ).
فعند التفكر بمراحل العمر ( الطفولة – المراهقة – الشباب – الرشد – الشيخوخة ) ، نظن أن الإنتقال من مرحلة إلى مرحلة فترة طويلة يكون التسويف بجميع الأمور حاضراً لدى الغالبية ( ويأتي الدين على رأس القائمة ) وأن الحال سيتغير للأفضل ، إلا أنه يتفآجأ بصعوبة الحياة لكثرة المنغصات ، فكلما كبر الإنسان بالسن تزداد لديه المسؤوليات ويشعر بأن مامضى من حياته ماهي إلا ساعات قد مرت عليه كلمح البصر ، فيتمنى أن يعود بالعمر صغيراً كما كان.
فالصغير بالسن يتمنى أن يكبر ، والشيخ يتمنى أن يعود به الزمن إلى الوراء فيكون أكبر همه الدراسة.
ختاماً : هذه أحاسيس من توسط بالعمر وأرهقته الحياة قبل أن تبدأ بالنسبة له ، فالأيام والشهور والسنين تمر علينا دون أن نشعر بها ، ولا أدري كم تبقى لي بهذه الحياة ( عشر سنوات – خمس – سنه – شهر – ساعة – ربما أموت الآن وأنا أكتب هذا المقال )
المصيبة أننا نعلم بهذا ولا نعمل وأنا أولكم ، فتمتعوا بأعماركم ( بضوابط ) فهنالك الكثير ممن يتمنى أن يعودوا لأعماركم بدون مسؤوليات بعد أن أرهقتهم متاعب الحياة.
تنويه وشكر
تنويه : ربما أتأخر بالرد على الأعضاء لسفري
شكر : للأخ العزيز خالي من الهم وهامور البورصة ومستر قول على مساعدتهم لي