الاجزاء الستة الاولى من ذكريات سعودي في امريكا

التعلم والدراسة... متفوقون ومتوقفون!




الدراســـــــــــــــة

جل شبابنا المغتربين في هذه الديار جاءوا بهدف معلن رئيس هو التحصيل العلمي.

وعندما أقول معلن فأنا اعني ان هناك اهداف اخرى غير معلنة يعلمها الشباب ويعونها او يكتنزونها في عقولهم الباطنة دون ان يستطيعوا التعبير عنها نظرياً وبالتالي اعلانها.

وللحقيقة فالتعلم في كل مكان وفي هذه البلاد بخاصة لا يقتصر على قاعات المحاضرات وفصول الدرس، ولا زلت اذكر مقولتين قالهما لي صديقين عزيزين؛ الأولى عندما أنك في اميركا لا تتعلم من الجامعة فحسب، بل الأهم هو تعلمك من طريقة المعيشة، وهي ما يصطلح على تسميته
Style of life!

أما المقولة الثانية فقد قالها صديق يقضي فترة علاجه في احد المستشفيات الاميركية، عندما أشار اليً انه لا يفتأ يتعلم في هذه البلاد... في الشارع... في السوبرماركت... وفي عيادة العلاج ايضاً!


وعند استعراض اوضاع شبابنا مع الدراسة هنا نجد انها لا تبعد عن ما حققوه في كل شأن حياتي آخر، فمقلٌ ومستكثر، ولكل وجهةٌ هو موليها...

اعرف في مدينتي الصغيرة شاباً سعودياً يدعى طلال، وهو قال لي عن نفسه انه كان يحصل على علامات متوسطة في ما قبل الاكاديمية من مراحله الدراسية.
ولما قدم الى اميركا انهى دراسة اللغة في ثلاثة اشهر ليس لقوة الخلفية اللغوية المسبقة، بل لأنه قرر أن يتفوق على نفسه، وعندما أنهى المستوى الأول من اللغة (وهو مستوى عادة ما يصنف اختبار تحديد المستوى فيه أضعف الفئات لغوياً) لم يقض اجازته القصيرة في الترويح عن نفسه بل عمد الى مكتبة الجامعة وعكف فيها على كتبٍ ذات مستويات عالية وانكب عليها تحصيلاً حتى صنفه الاختبار بداية الفصل في المستوى الخامس، وما هو الا شهر واحد قضاه فيه، ثم لم يحتج الة مزيد جهد او عناء في اختبار التوفل Toefal ففتحت الجامعة ابوابها على له على مصراعيها.

وما فعله طلال في دراسة اللغة لم يبعد ابدا عما فعله في دراسته الجامعية.

قال لي: " لا أدري ما الذي غيرني، لكني أعشق التحدي، وقد صممت ألا يتفوق علي اميركيٌّ قط. اذ لا ارى فيهم ما يستحق التميز علي شخصياً أو على اي عربي، وكان هذا كفيلاً بالحصول على درجات نهائية في معظم المواد، والبقية قاب قوسين او ادنى من احراز اعلى العلامات"!


زوجين دون العشرين!

ولم يمض طلال اكثر من عامين في اميركا بعد تخرجه من الثانوي حتى عاد الى المملكة صيفاً وتزوج وعاد بزوجته وهما الآن يتعاونان في بناء حياتهما رغم انهما لم يتجاوزا العشرين من العمر!



كلمات تحدد المصروف!
ولا زلت اذكر بدر الذي جاء وهو لا يزال يافعاً بعد ان انهى الثانوية في الرياض وكان يختلس الوقت من زملاءه ليذهب الى معمل الكمبيوتر ليوافي والده عبر الاي ميل بعشرين كلمة جديدة يتعلمها كل يوم كي لا يحسم الاب من المصروف الشهري الذي يقتات منه في الغربة هذا الشاب!

هذا النموذج المتفوق علمياً ليس بدعاً بين شبابنا، بل ان كثيراً منهم يحصل على تمويل من الجامعة لمصاريف دراسته Scholarship من قبل الجامعة التي يدرس فيها نظير تفوقه.

وليس سراً أن الصديق وجه الخير المراقب العام في منتدى جسد الثقافة www.jasd.net هو أحد هؤلاء (قولوا ما شاء الله)؟

ويؤكد ذلك ان هناك من يحصل على ذات الفرص في جامعات عريقة أكاديمياً مثل جورج تاون أ, هارفرد او كولومبيا او غيرها.


نموذج مختلف!
أما النموذج المضاد فليس صعباً اكتشافهم ولا الحديث عنهم بطبيعة الحال، ولا يحتاج احدنا لتلتمس هذه الفئة الى اكثر من نظرة يلقيها احدنا على الدارسين هنا، ولو كانت هذه النظرة غير متأنية!


ما لقيت احد يفهمني!
أعرف زميلاً في نفس الولاية التي اسكن فيها مر خلال سنوات دراسته الثلاث في اميركا بأربع جامعات في ثلاث مدن وغير تخصصه ثلاث مرات أيضاً!

وعندما تسأله عن السبب عرضاً يجيبك بثقة أنه لم يجد في هذه الجامعات من يفهمه!

وعليك ان تقر بمسلمته تلك واو انك تعلم يقيناً أن احدث هذه الجامعات عمراً يبلغ 125 عاماً يتقاطر عليها الطلاب من كل حدب وصوب، لكنهم لا يشتكون من ازمة عدم الفهم هذه!


ان تصور الطرفين في النموذجين السابقين يؤكد لك ان هناك متفوقين وهناك متوقفين، أما عن ماذا؟ فلا احد بهم هم يدري. ربما... عن اقتناص الفرص!
ربما!




الوسط هم الغالبية!

الفئة التي تقع في الوسط من النموذجين السابقين المتفوق والمتوقف، هم الاغلب الاعم.
وهم الذين يحملون على الاقل حداً أدنى من الاهتمام بالدراسة ومتابعتها، ويحوزون درجات تؤهلهم للاستمرار ف يتحصيلهم بمعدلات طبيعية حتى مقارنة بين كل الجنسيات التي تدرس في الولايات المتحدة.