أغلب الأسماء مستعارة..

..،

في صيف 1999 كان لقائي الأول مع عبد الله..


كان عمري وقتها 15 وكان عمره مثل عمري..



كان حظنا غريبا..

كنت أسمع اسم والده العم عادل كثيرا.. فهو من معارف والدي..



واسم أمه الخالة منيرة.. فهي صديقة عزيزة لأمي..



أما أخواله فكلهم أصحاب أبي من أيام الدراسة..



..،

وتقابلنا صدفة دون تخطيط..

في تلك المدرسة في الخارج..

لم يخطط أهلنا لأن نجتمع فيها لندرس..

لكنها صدفة أسعدت أهلينا كثيرا..

..،

- تدخن يا فيصل؟

- من جدك؟ تبي ابوي يذبحني؟

- والله أنا ادخن من عمري 9 سنوات..



- أوف.. والله انك مجنون..



- أول كنت ادخن كم سيجارة في اليوم.. والحين ادخن بكت

كامل في اليوم.. لا ودافيدوف أسود..

(دافيدوف أسود؟! أها.. نوع من الدخان الثقيل..)



..،

- انتبه يا فيصل.. لا عمرك تماشي أحد يدخن..



- يمه.. تراني زهقت من كثر ما تنبهيني لهالشي.. تراني

صرت رجال.. واعرف من اماشي ومن ما اماشي.. وما عمري اماشي احد يدخن!



- والله عيال الحرام كثروا يا حبيبي.. وانا اخاف عليك..



..،

عبد الله.. عمره 15..

يدخن بكت كاملا في اليوم..

ليس جديدا على السجائر.. ولكنها علاقة مدتها ست سنوات.. من

الصعب قطعها بكلمة حسنة ولا بزجر سيئ..!

والأمر بلا شك غريب علي..

الولد طيب جدا.. ولكنه يدخن..

سامح الله أهله.. شدوا عليه كثيرا في أمور تافهة..


أدت به للوقوع في الدخان..


فقد كان أبوه يرسله للدراسة في بريطانيا..


ولا يعطيه إلا 10 باوندات في الأسبوع..


على الرغم من أن الله أنعم عليه من فضله..



تخيلوا أن يرسل أب ابنه للشرقية ويعطيه راتب 10 ريالات في الأسبوع ولا

مصدر دخل غيرها؟ هذا يكافئ ذاك!

أدى هذا لمرور الفتى بحالات نفسية صعبة..



فكيف يروح عن نفسه؟

..،

أما أهلي فكانوا محافظين باتزان..

كان أبي لا يحب سماع الأغاني وكان كثيرا ما يعاتبني عندما يجد في السيارة

شريط أغاني..

وأمي كانت السبب الأول في التزامي على صلاة الجماعة..



وأعتقد أنني حصنت جيدا.. من أن أقع في التدخين أو غيره..



..،

- يا عبد الله.. والله الدخان موب زين..



- ابوي كان يدخن وهذا هو ما فيه شي..



- ياخي والله يجيب السرطان والقلب..



- ما عليك أنا إن شاء الله أكبر شوي وأتركه..



..،

قال لي عبد الله في الصيف الماضي عن أحد البلاوي:



مشوار!



يعني..

لا تقل (مسكة) وافكها.. لأنها سـ(ـتمسكك) معك ولن

تفكك!!..

..،

بقي عبد الله من أعز أصدقائي..

فعدت للرياض في نهاية الصيف وعاد إلى مدينته..



وكان لا بد من اتصال بيننا كل أسبوع..

وفي الإجازات أزوره ويزورني..

كثيرا ما نشتاق لبعضنا..

حب أخوي.. على رغم الاختلافات والفوارق..



لم يزحزه عن مكانه اختلاف في الرأي ولا في السلوك..



..،

ومرت بنا السنون وهو يزداد تعلقا بالدخان..



وأنا أنصح مرة ومرة أنكر بقلبي..

حتى جاء صيف 2003..

وزن عبد الله الآن فقو الـ 90 تقريبا..
وطوله 180 تقريبا..
يعني مصحصح..

وقد كان مر على تخرجنا من المدرسة سنة..



فأنا مشيت في الجامعة ولله الحمد وهو عاد أدراجه من الخارج بعد مشاكل في

تأشيرة السفر..

كان والده قد توفي قبل الإجازة بأسابيع..



وكان جدي مريضا على فراش الموت أيامها..



فسافرت إلى مدينته لأبقى مع جدي..

واتصلت بعبد الله علنا نلتقي..

وحقا.. التقينا..

وركبت معه سيارته..

- ها بطلت الدخان يا عبد الله؟
كنت أعرف أنه لن يتركه ولكنني قلتها ممازحا..



ضحك..
- والله طحنا في شي أقوى شوي..



- وش قصدك؟!
(يا رب يطلع يمزح وما يقول حشيش! يا رب يا رب)



أخرج عبد الله ورقة بيضاء صغيرة..
وفتفت فيها سيجارة أو سيجارتين مخلوطتان بشيء يشبه الصلصال..

بني!



أجل..

حشيش!!

..،

- فهد.. وش سالفة عبد الله..



- وشو؟ شفته يحشش؟

- ايه..

- يا فيصل.. كلنا قلنا له لا يماشي عمر.. بس هو الله يهديه

ماشاه وذاك طيحه بذي البلوى..

- ياخوي نصحته.. وقام يقول مسكة وإن شاء الله

بيفكها..!

- والله كل الناس قالوا مسكة ولا فكوها!



..،

قد زرته وسيوف الهند مغمدة
وقد نظرت إليه والسيوف دم ُ
أبو الطيب

..،

ٍانقطعت عن عبد الله فترة من الزمن..

ولأكون صريحا.. كنت لا أحب أن أراه وحيدا حتى لا يحشش.. فيعكر

جوي..

فكم مرة زرته في بيته وكان ملحقه أشبه ما يكون بغرفة بخار..


اللهم.. غرفة دخان حشيش..

..،

2006

- يا عبد الله طولت وانت طايح بذي البلوى.. ما عاد لك نية

تتركها؟

- والله يا فيصل.. الحين ما في شي.. في المستقبل

يمكن!

- يا خوي خايف على راسك وصحتك..



- هو بقى شي؟

..،

كان جنديا
ولكن شظية
طحنت ركبته اليسرى
فأعطوه هدية
رتبة أخرى
ورجلا خشبية!
درويش

..،

سافر عبد الله مرة أخرى للدراسة في الخارج..



كنت كثيرا ما أدعوا له بالتوفيق..

وأقول: يا رب أعده بشهادة ليسعد

أمة.. تلك المرأة الطيبة.. وخلصه من البلاوي التي سممت جسده..



..،

زار عبد الله مدينته عندما حصل على إجازة..



وقابل الكثير من الأصدقاء..

..،

- ها فهد.. بشر كيف عبد الله؟



- والله يا فيصل شكله بطل الحشيش..



- من جدك؟

- والله ما صرنا نشوفه يحشش أبد..



- يا رب إنه تركه من جد..

..،

- ألو.. هلا عبد الله..

- هلا والله فيصل..

- كيفك؟ بشر كيف دراستك؟

- والله الحمد لله أول سنة نجحت بكل المواد..



- ما شاء الله.. يلا.. الله يوفقك.. شكلي بازورك

برا..

- والله تعال.. الوضع هنا وناسة وفلة..



..،

كلمني عبد الله قبل سفري بيومين..

ووعدني باستقبالي في المطار لبعد مدينته عن المطار..



فسافرت..

ووصلت لمطار تلك الدولة لأتفاجأ بعدم وجود عبد الله..



فاتصلت على جواله فإذا هو مغلق..

فما كان مني إلا أن ركبت القطار وتوجهت لمدينته مباشرة..



وكلمني لحظة وصولي للمدينة..

- والله معلييييش راحت علي نومة..



- لا عادي.. متوقع..

- خلاص تعال شقتي..

وضعت أغراضي في الفندق وتوجهت لشقته..



..،

- وش صار بك؟ وش ذا النحف ما شاء الله..


أصبح وزن عبد الله تقريبا 70
تذكير: كان وزنه سنة 2003 فوق الـ 90



- أبد والله.. بس تعرف مع العيشة هنا.. المطاعم بعيدة..

واخوك في الله ما في أمل يطبخ.. صرت ما آكل ونحفت..

- يبو ترى منظرك مرعب!

..،

حزنني كثيرا..

(تركيزه صار صفر)..

أمامه الريموت وهو ينظر إليه ويقول: يا خي نسيت وش اللي يغير القناة!



نركب السيارة وأنواع الحوادث اللي الله ستر منها!



يهذي ويسيء للناس ويضارب هذا وذاك!

..،

- عبد الله وش فيك كذا منت طبيعي..



- ياخوي انا طبيعي وما فيني شي..



- والله شكل الحشيش اللي كنت تدخنه حاس مخك.. جربت

تروح مستشفى شي بعد ما تركته؟!

..،

كانت الليلة قبل الأخيرة لي قبل العودة للوطن..



كنا أنا وفهد في السيارة..

عائدين من عند عبد الله..

وكانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل..



- يا فهد.. والله حالة عبد الله مزرية..



- لاحظت انت؟

- ياخي اقسم بالله شي يضيق الصدر.. شف وشلون لعب

الحشيش براسه.. صار ما يركز ابد..

- حشيش؟!






- وش قصدك؟!!!





- يا فيصل..


.. الوضع مزري

.. الرجال طاح بالكوك




(كوك؟! هذي اختصار لكوكاكولا؟ هذي اختصار لكوكايين!!!!)



..،

كنت أقول في نفسي بين كل كلمة وكلمة يقولها فهد:

"يا الله استر.. يا الله استر"



ولكن..

كان لا بد من أن أعرف الحقيقة المرة!

فكانت ليلة بلا نوم..

أسقيت فيها وسادتي.. وظمئت أنا..

لماذا يا عبد الله؟

بدأتها بسيجارة في التاسعة..

فهل كان يجب عليك أن تكمل الطريق لتصل للكوكايين؟!



ظلمت كل من يحبك!

ما هي الخطوة التالية يا عبد الله؟!


الموت مسموما؟!!

وهل تسمعني عبد الله؟!




..،

(كنت) رساما
ولكن الصور
عادة لا تفتح الأبواب
لا تكسرها!
لا ترد الحوت عن وجه القمر
درويش (وفيصل!)

فيا رب
يا رب
يا رب
اغفر لي..
وأنقذ صديقي من طريق الهاوية..

..،

أخطأت كثيرا عندما لم أتخذ خطوة من البداية..


واليوم لا نصح ينفع..
ولا بكاء..

..،
عذرا على تقصيري في هذا الموضوع..


خلله كبير وبنيته ضعيفة..

فقد كنت أجهز لموضوع آخر.. ولكنني فضلت أن أنزل هذا

الموضوع..

لأننا في ليال فضيلة وليلة القدر حتما على عتباتنا..



وعل أحدا يقرأ الموضوع فيدعو بدعوة صادقة لصديقي..



عجلت بكتابته..

وكذلك ألهمني موضوع العضو العزيز جرح (محمد) لإنزال هذا

الموضوع..




..،

أفيدوني في أمري..




دمتم في رعاية المولى