▓ العصبية القبلية ..... دول داخل دولة !!!! ▓
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
صباح الخير / مساء الخير
عاد على حسب القارئ
بالبداية أحببت أن أبارك لكم إخواني وأخواتي أعضاء المنتدى الغالي بالشهر الكريم ، شهر رمضان المبارك ، جعلني الله وإياكم من صوامه وقوامه.
___________________________
قال تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكركم عند الله أتقاكم ) ، لا تخفى المعاني بهذه الآيه الكريمة على أدنى المتعلمين بأقل المستويات التعليمية ، وحتى من لم تسعفه الظروف لطلب العلم ، فكيف بأناسٍ قد حملوا أعلى الشهادات بجميع المجالات ، ولازالت العصبية القبلية تعشعش في نفوسهم ، والجاهلية بقلوبهم ، أولئك الذين ينظرون إلى أنفسهم نظره الكمال ، لأنهم من قبيلة فلان ، كأنهم شعب الله المختار ، وأن الحياة الدنيا قد خلقت لأجلهم.
ليس من الخطأ أن نفاخر بقبائلنا وماضينا ، ولكن الخطأ أن ننظر للغير نظره إستنقاص وتعالي على إحدى القبائل العربية الأصيلة على كثرتها ، أو إحدى الجنسيات الأخرى إن لم تكن جميعها ، نقاش حاد ما زلت ولا أزال أخوض فيه مع القريب والبعيد ، لإتباعي قوله تعالى أعلاه ، أو بما قاله عليه الصلاه والسلام عن القبلية حين قال ( دعوها فإنها منتنه ) ، ولقناعاتي الشخصية بأننا عند الله سواء.
سؤالُ لطالما سئلته ، ولغالبيتكم إن لم يكن لجميعكم قد تم سؤاله عنه وهو ( من أي القبائل أنت ؟ ).
فعند سماعي لهذا السؤال أصاب بالحزن والأسى ، على إستمرار هذه العصبية من جيل متعلم ، ومعظمهم قد وصل للمرحلة الجامعية أو تخرج منها.
فيكون ردي دائماً ( لماذا تسأل عن أي القبائل أنا ، هل تريد مصاهرتي ؟ ).
فيقول : ( لا )
فأسأله من جديد ( وإذا لم أكن أنتمي لإحدى القبائل العربية ، فهل تستطيع الجلوس معي ومحادثتي ؟ ).
فيقول : ( نعم أستطيع ).
فأرد عليه : ( فلماذا تسأل عن إسم قبيلتي إذاً ) فيسكت.
فلو تمعنا قليلاً بالآيه الكريمة أعلاه ، لما وصل بنا الحال إلى هذا الحد من النعرات القبلية ، وأنها لا تسمن ولا تغني من جوع بيوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
وخير مثال على ذلك : أبوطالب عم النبي عليه الصلاه والسلام ، فإن بحثت عن القبيلة ، فهي أشرف القبائل العربية ، وإن بحثت عن الجاه والمنصب والمال ، فستجدها بأبي طالب ، وإن بحثت عن القرابه ، فهو عم النبي عليه الصلاه والسلام ، وأبو علي رضي الله عنه ، وجد الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنه رضي الله عنهم وأرضاهم ، وجد المهدي المنتظر ، ومع ذلك لم يغنه من الله شيئا ، وسيدخل النار كما قال عليه الصلاه والسلام لإتباعه ماكان عليه آبائه وأجداده.
قبل أسابيع قليلة ، كنت مع والدي وهو رجل بسن السبعين حفظه الله وأطال عمره ، بإحدى المستشفيات لإجراء عملية في إحدى عينيه ، فلما رأى أحد الموظفين بسن الشباب وهو يحمل بطاقه عمله على صدره وقد كُتب عليها إسمه وإسم قبيلته ، ذهب إليه والدي وعرفه بنفسه ، ثم ناداني والدي وعرفني على الموظف ، وأننا ننتمي لنفس القبيلة التي ينتمي إليها هذا الموظف ، فقام هذا الموظف وأكمل عمله المطلوب منه ، وأرسل أوراق والدي إلى الطبيب ، مثله كمثل أيه مريض يريد المراجعة ، ولما خرج والدي من المستشفى بعد إنتهائه من العملية بنجاح ولله الحمد.
قال لي : ( إذا كنت بأيه مكان وتحتاج لمساعدة أحد ، فحاول أن تعرّف بإسم قبيلتك على أحد الموظفين ، فإن وجدت أحداً منهم فسيقوم بمساعدتك )
قلت لوالدي : ( أنا لا أحب أن أفاخر بإسم قبيلتي ، وإن كان على الموظف فهو مجبر على خدمتي ، سواء رضي أم لم يرضى ).
فغضب علي والدي ، ونهرني ، وأنا مستمر بحديثي ولم أنته ، وبينت له أن العصبية القبلية لن تفيدني بشئ يوم القيامة.
فسألت والدي عن الأجانب ( هل نحن سواسيه وإياهم ؟ ).
فقال والدي : ( لا ، لسنا بسواسيه ).
قلت له : ( إذا فلن يدخل الجنة إلا من كان منتميا لإحدى القبائل ، ومن لم يكن منتميا فلا يستطيع دخول الجنة ).
فغضب علي حفظه الله وقام من مكانه وتركني.
مصيبتنا بآبآئنا حينما يزرعون هذه العصبية القبلية في نفوس أبنائهم ، فالغالبية العظمى قد أخذوا من الدين ما يرضى هوى أنفسهم ، مهما وصل بهم من درجات بالعلم وتركوا الباقي لعل الله يغفر ويرحم.
ما دعاني لكتابة هذا الموضوع إلا لتغيير المفاهيم وما تم زرعه من قبل الكثير من الآباء ، لعلنا نترك هذه النعرات القبلية ، ونحاول ألا نزرعها بنفوس آبنائنا بالجيل القادم ونحاول أن لا ننقل لهم أخطاء من سبقونا ، هذا بخلاف التعالي الحاصل ما بين المناطق ( فتجد أهل نجد يرون أنفسهم أفضل من أهل الحجاز والجنوب ، كمثال ) ، ولن أتطرق لهذا الموضوع لأنه سيتشعب كثيراً.
وسأختم الموضوع بهذه القصيدة التي تعبر عن هذه القضية خير تعبير وهي للشاعر العراقي .. محمد مهدي الجواهري .. بعنوان " يوم الشهيد " وقد تحدث فيها عن بعض أوضاع العراق المأساوية في تلك الفترة العصيبة من تاريخه ,, ملقيا اللوم على زعمائه والمتاجرين بكرامته على حساب الشعب والأرض ...
وأنقل منها مايخص موضوعنا وهو عن العصبية القبلية ,,
لجأوا إلى الأنساب لو جلّـى لهم ** "نسب" ولو صدقت لهم أرحام
وتنابزوا بالجاهلية شجّــهـــــا ** من قبل نور الفكر والإســـلام
فأولاء " أعراب " فكل محـــرم ** حــلّ لهم ..وأولئكم أعجــام
وأولاء " أغمار " فلا رأس ولا ** كعبٌ , ولاخلفٌ , ولاقُـــدّام
وأولاء " أشرار " لأن شعارهم ** بين الشعوب محبــة وسلام
وكأن " أرحاما " ترصّ ! فريضة ** وكأن " أفـخاذا " تـلــزّ لــــزام
وكأن من لم يحـــو تلك وهذه ** وإن استقام ..بهيـمة وسَوام
نُــكر لو استعلى لما استعلت يد ** بالعروة الوثقى لها استعصام
ولما تمايــزت النفوس بخيــــرها ** وبشــرها , ولما استتب نظــام
لــزكــا " أبو لهب " وكان مرجّــمــا ** ودنا " صهيبُ " وإنه لإمـــام
قبليـــّــةٌ يلجـــا إليها مُــقعــــــــدٌ ** لا الحــزم ينجده ولا الإعـــزام
وبهـــا تستّـــر عن صغــارة نفــســه ** خــزيــان يأكل زاده وينـــــام
بل قد تفيــّــأ ظلهــا من حـطّـــه ** نسبٌ يســـــوم رخيصــه المستام
من كل مُــعد في الصّغــار كأنـــه ** جَــرَب تُــخَــاف شـذاته وجــذام
سلمان " أشرف من أبيكم " كعبــُه ** و" عصام " ماعرف الجدودَ عصــام
و" محمدٌ " رفعتْ رسالةَ ربــــه ** كفّــاه ... لا الأخــوال والأعـمــام
ولقد يُــذِلّ مُـــسوّدا أعقــــابُــــه ** ولقد يســـــود عشيرة حجـّــام
[FONT=" border="0" alt="" />][/font]دمتم بخير وعذراً على الإطاله