المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى المجلس العام
   

منتدى المجلس العام لمناقشة المواضيع العامه التي لا تتعلق بالرياضة

 
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 05/07/2007, 10:27 AM
قلم مثقف بالمجلس العام
تاريخ التسجيل: 21/01/2004
المكان: الظهران
مشاركات: 1,453
Post المسلم .. المقاتل.. المفكر ... رجل لن ينساه التاريخ

بسم الله الرحمن الرحيم





قليل من القادة المعاصرون سيغادرون هذه الدنيا بالكرامة، والمودة، والتشريف اللذين نالهم علي عزت بيغوفيتش، الرئيس السابق للبوسنة والهرسك، والذي توفي في يوم 19 أكتوبر، 2003.

عشرات الآلاف من المعزين الذين حضروا جنازته في سراييفو، تشاركوا مع الملايين في العالم الاسلامي بالدعاء لهذا القائد الاسلامي الأوروبي الذي احترموه وأحبوه. رسائل العزاء التي انهالت على البوسنة من قادة أكثر من 80 دولة كانت مشهدا آخر لعلامات الحب والاحترام. اتفقت مختلف الأطياف على مكانة هذا الرجل والذي سيسجل له التاريخ بأنه أب الدولة البوسنية الحديثة.

ولد بيغوفيتش في الثامن من أغسطس، 1925 لعائلة مسلمة شمال البوسنة، والتي كانت حينها مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين تحت حكم العائلة المالكة الصربية. في منتصف القرن التاسع عشر، منع أسلافه من مدينة بلغراد ذات الأغلبية الصربية بعد تشريع دستوري يقضي بحظر معيشة المسلمين، اليهود، والغجر فيها.



انتقل بيغوفيتش الى سراييفو في ريعان عمره. شهد خلال الحرب العالمية الثانية مذابح الصرب ضد المسلمين والتي قارنها بعد ذلك بتعامل الألمان الذين رغم احتلالهم للمدينة ومراكزها المهمة فإنهم تركوا المدنيين لحالهم.

في عام 1940 عندما كان في السادسة عشرة، شارك في تأسيس "الشباب المسلمون"، وهي جمعية دينية اجتماعية سياسية اقتداء بجماعة الاخوان الاسلامية في مصر. في البداية، كانت نشاطاته تنحصر في النشاطات الانسانية كمساعدة اللاجئين من شرق البوسنة على الاستقرار قبل أن يصبح المنظّر الرئيسي للجمعية.

وفي عام 1946 وفي الحادية والعشرين من عمره، بدأ بيغوفيتش بتأليف كتاب أسماه "الاعلان الاسلامي". قال فيه:
"انه ليس من الممكن أن يكون هنالك تعايش بين العقيدة الاسلامية وبين المجتمعات والمؤسسات السياسية الغير اسلامية."
لكنه قبل أن يتمكن من طباعة كتابه، قامت الحكومة الشيوعية التي يقودها جوزيف تيتو باعتقاله مع صديق مقرب له والحكم عليه بالسجن لثلاث سنين لنشاطاته مع جمعية الشباب المسلمين التي تعتبر الحكومة أعضائها بأنهم منشقون يدعون للأسلام المحظور.



لكن أخيرا، تمت طباعة كتاب "الاعلان الاسلامي" في عام 1974 في بلغراد، وطبع ثانية في سراييفو عام 1990. ناقش بيغوفيتش من خلاله كيف أن الاسلام لا يتوافق مع الانظمة الغير اسلامية ودعا الى ثورة دينية وسياسية. تم استخدام هذا الكتاب لاحقا من قبل أعداءه لاتهامه بتوجهاته "الاسلامية الأصولية". لكن المتعاطفين أشاروا بأن الكتاب لا يشير الى البوسنة تحديدا، بل كان أكثر اهتماما بوضع الاسلام عموما في عالمنا المعاصر، ويعكس الأزمة التي يمر بها مفكر اسلامي يعيش في ظل حكومة نظام شيوعي.

بعد اطلاق سراحه، قام بيغوفيتش بالتعويض عن وقته في السجن بالحصول على شهادة القانون، كما أنه تزوج وأنجب ثلاثة أبناء، كما بدأ حياته المهنية بالعمل كمستشار قانوني لعدد من الشركات في سراييفو.

لكنه لم يتوقف أبدا عن الكتابة عن الاسلام وعن وضع البوسنة في يوغسلافيا، حيث كتب لبعض المجلات في يوغسلافيا وبعض الدول العربية، وكان يذيل كتاباته بتوقيع "س.ب.ل"، الحروف الاولى لاسماء أبنائه: سابينا، بكر، وليلى.

كان من ضمن هؤلاء الذين شعروا بالتهديد والانذار من كتاباته الرئيس المصري جمال عبدالناصر. يحكى أنّ عبدالناصر (والذي كان مقربا لتيتو -رئيس حكومة يوغسلافيا- وكانا سويا من مؤسسي حركة عدم الانحياز) قد حذر قائد يوغسلافيا من بيغوفيتش ومن أعضاء "الشباب المسلمين". سأله تيتو: "وماذا من الممكن أن أفعل حيال ذلك؟". رد عليه عبدالناصر: "لا شيء، سوا أن تجمعهم تحت سقف واحد ثم تهدمه عليهم."

كتاب بيغوفيتش "الاسلام بين الشرق والغرب" الذي نشره عام 1980 كان عملا أصيلا حاول فيه أن يعرّف وضع وحالة المسلمين البوسنيين وأن يبحث عن نقاط التقاء بين الديمقراطية الاوربية والتعاليم الاسلامية، لكنه احتوى على ما كان كفيلا يأن يثير غضب الحكومة الشيوعية عليه مرة أخرى. أحس تيتو بأن بيغوفيتش يثير المشاعر الوطنية. وتم الحكم على بيغوفيتش و 12 من رفقائه في جمعية الشباب الاسلامي بالسجن. وباعتباره القائد الروحي للجماعة، فقد
لقي النصيب الاكبر من العقوبة بالسجن 14 عاما. وبعد عدة استئنافات تم اطلاق سراحه بعد خمس سنين وذلك في عام1988.



عندما تم اطلاق سراحه، كانت يوغسلافيا والشيوعية في حالة تفكك. وفي عام 1990، أنشأ حزب العمل الديمقراطي ذا الصبغة الاسلامية، والذي فاز بأغلبية المقاعد في أول انتخابات برلمانية حرة في الجمهورية في نوفمبر من عام 1990. وبعدها بأشهر قليلة أصبح رئيسا. خلال بضعة أسابيع من استلامه الرئاسة، كانت يوغسلافيا تتفكك ونذائر الحرب بدأت تلوح في كرواتيا. خلال الأزمة، تم ثني بيغوفيتش من اللجوء لأي جانب رغبة في الحفاظ على تقاليد التعايش المشترك للبوسنة والهرسك. صور فكرة الاختيار بين الساسة العدائيين في زغرب وبلجراد كالاختيار بين اللوكيميا او ورم الدماغ!

لكن تفكك يوغسلافيا أقنعه بأن قدر البوسنة بأن تكون دولة ديموقراطية مستقلة، حيث يقول: "بيتنا موجود في أوروبا وليس في دولة أصولية، هدفي هو الحصول على دولة ديمقراطية مستقلة تخضع للمعايير الأوربية."
لكن في بدايات العام 1991، حذر صرب البوسنة بيغوفيتش من أنهم سيرفضون القبول بدولة بوسنية مستقلة ذات غالبية مسلمة. وفي فبراير 1992 قاطع الصرب استفتاء عاما للأستقلال.

لم يوفق في قراءته للأوضاع ورؤية غيوم الحرب الاخذه في التراكم وأصر بأن السلام سينتصر في النهاية. لكن الحرب الأهلية اندلعت في شهر أبريل من عام 1992 في مواجهات بين الثلاث جماعات عرقية الرئيسية. سارع بيغوفيتش بطلب مساعدة الامم المتحدة وأمر بالتعبئة الكاملة لاحتياطي الشرطة والمقاطعات.

في الشهر الأول للحرب، سقط مئات القتلى وفقد قرابة النصف مليون منازلهم، حيث أن قوات الصرب، مدعومة من صربيا ومسلحة من الجيش الفدرالي، شنت هجماتها لاقامة دولة صربية في البوسنة. بينما ردت جماعات مسلحة كرواتية بمحاولة تأمين المناطق ذات الأغلبية الكرواتية في غرب البلاد. وخلال الخريف، توترت العلاقات بين المسلمين وزغرب، الحلفاء اسميا. ثم أعلن القائد الكرواتي المختار من قبل رئيس كرواتيا الاستقلال الذاتي لمناطق الكروات. وفي طليعة عام 1993، حاول الكروات الأستيلاء على جيب موستار المسلم، وقتل آلاف المدنيين المسلمين.



في فيينا، طالب بيغوفيتش بتخفيف الحصار العسكري للسماح بالبوسنيين بمواجهة خصومهم بنوع من التكافؤ. لكن على النقيض، قام وزراء خارجية الاتحاد الاوربي بالضغط عليه للرضا بصفقة تقوم على القبول بالامر الواقع واعتماد التقسيم الحالي للدولة. في فبراير 1993، تحدث بيغوفيتش لجمع غاضب من مدينة زيبا المحاصرة والمنهكة شرق البوسنة قائلا: "لا أستطيع مساعدتكم. لا أملك الوسيلة لمساعدتكم. لقد وجدنا نحن البوسنيين أنفسنا بين عدو متوحش وصديق منافق". حتى حلفاء بيغوفيتش نصحوه بأن يصنع سلاما من الارض المقطوعة. قال له ياسر عرفات: "خذ قطعة الارض تلك وأعد شعبك الى أرض الدولة، والا سينتهي الحال بهم الى الذوبان كما يذوب التلج في الربيع".

وفي يوليو 1993 وتحت ضغط عناصر متمردة في الرئاسة الاتحادية البوسنية، قبل بيغوفيتش لاول مرة بامكانية اقامة دولة فدرالية عرقية اذا أصر الكروات والصرب. لكن التقدم نحو اتفاق واصل تعثره باختلافات حول الخريطة. ووجد بيغوفيتش نفسه تحت ضغوط متزايدة شديدة خصوصا من الاتحاد الأوربي الذي ألقى باللوم عليه بسبب ما وصفوه "بالمطالب الغير منطقية".



بدأت الامور بالتحسن في مارس 1994، عندما قام رئيس كرواتيا بضغط امريكي بالتعهد بالالتزام بفدرالية مسلمة-
كرواتيه. السلام مع الكروات أتاح الفرصه للقوات المسلمة بالمزيد من التسلح ومن ثم الوقوف في وجه المكاسب الصربية.

في عام 1995 واصلت القوات المسلمة والكرواتية باحراز المزيد من التقدم على حساب صرب البوسنة، وفي شهر مايو، كان بيغوفيتش على بالثقة بانهاء حصار سراييفو قبل نهاية العام. لكن ازدياد حدة القتال وتزايد فرص القوات المسلمة بتحقيق النصر دفعت الامريكان الى الوصول الى اتفاقية انهاء العداء توجت بمعاهدة دايتون للسلام منهية بذلك اربعة سنين من الحرب.

ليس للمؤرخين الا أن يقروا بأن معاهدة دايتون هي أظلم خطة سلام في التاريخ. ينسب هذا الرأي لبيغوفيتش. هذه الخطة التي اعدتها وفرضتها أمريكا ويتم تنفذيها من خلال قوات الناتو تكافيء الصرب بمنحنهم 50% من الاراضي البوسنية، بينما ينال الكروات على 25%، ويبقى المسلمون والذين يشكلون تقريبا نصف عدد السكان محصورين في ربع أرض دولتهم من دون منافذ. تفرض معاهدة دايتون نظام حكم في البوسنة يؤدي الى ركود اقتصادي وسياسي دائمين واضعاف السلطة السياسية للمسلمين. بهذا انتهت أي أحلام باقامة دولة اسلامية حيوية وفعالة في وسط أوروبا.




رغم ان الكثير من مشكلات العالم الاسلامي نلقي باللوم فيها على الاخرين بينما هي أساسا من أخطاءنا، الا انها لم تكن كذلك في البوسنة. في مواجهة هذا المستنقع الدولي المنظم والذي هدف الا شل وتحجيم المد الاسلامي في الدولة، قرر بيغوفيتش بأنه لا يملك القوة على الاستمرار، حيث يقول "يجب أن يأتي شخص ما قادر على التعامل مع مثل هذه المشاكل "

في عام 2000، قرر الرجل الذي يسميه العديد من البوسنيين بالجد حبا له التنحي عن الرئاسة. عزا بيغوفيتش الامر لمشاكل صحية، لكنه أيضا قال: " المجتمع الدولي يدفع الامور للأمام في البوسنة، ولكنه يفعل ذلك على حساب المسلمين. أشعر بأن هذا ظلم. لا أستطيع التعايش مع مثل هذه الأمور."

وفاة بيغوفيتش هي أحد المحطات التي ينبغي على المسلمين التوقف عندها. انه واحد من قلة من قادة السياسة الاسلاميين في وقتنا المعاصر الذي أظهر حبا وفهما صادقين للأسلام. تتضمن سيرة حياته المهنية دروسا حول الطريقة التي ينظر بها الغرب الى المسلمين في أوروبا، وكيف يتعاملون مع القادة الاسلاميين الناشطون.

يقول بيغوفيتش: "هل نريد للعالم الاسلامي ان يخرج من الدوران في دوائره المغلقه: اتكاليتهم، تأخرهم، وفقرهم؟ اذا، فإن علينا أن نبين بوضوح أي طريق سيوصلنا الى هدفنا: اقامة الاسلام في كل المجالات، في الحياة الشخصية للفرد، في العائلة وفي المجتمع ... واقامة مجتمع اسلامي فريد يمتد من المغرب الى اندونيسيا". بالنسبة لبيغوفيتش، لم تكن هذه مجرد كلمات، بل كانت خطة عمل اتبعها طيلة حياته.

لمن السخرية ان القائد -ربما الاكثر معارضة للحرب- في أوروبا لم يكن له خيار الا قيادة جيش استطاع الرد على قوات أقوى وأكبر من جيشه بمراحل. لكن بيغوفيتش، المسلم المخلص، يترك ذكرى أخرى هامة لاتنسى. لقد أزال الحرج عن أن يكونوا مسلمين.



في يوغسلافيا، كانت الزيارة المتكررة للمسجد تعني نبذك من الوظائف في بلد يقوده اقتصاديا الحزب الشيوعي. الاسلام يقدم بأنه شر محض في كتب التاريخ.،الطلاب المسلمون عرضة للدرجات المنخفضة دوما بغض النظر عن مستوى اجتهادهم وتفوقهم. وحتى الكلمات العربية والتركية التي تملأ اللغة البوسنية كانت تحذف بعملية منظمة وتوصف بأنها دخيلة على الثقافة.

اليوم، والفضل بعد الله لهذا المقاتل الملتزم بدينه، فإن النهضة الثقافية في البوسنة والهرسك تستمر دون انقطاع. الأطفال يدرسون دينهم في المدارس العامة. يستطيع موظفو الحكومة، رجال الأعمال، الجنود، وطلبة الجامعات، أن يمارسوا شعائرهم الدينية باعتزاز وافتخار. ان تصلي في أحد مساجد سراييفو اليوم قد تجد عامل النظافة على يمينك وأمين المدينة على يسارك.

أن مأساة البوسنة ليست مجرد أن 350,000 رجل، امرأة، وطفل ماتوا لان جيرانهم عادوهم بسبب دينهم، أو لأن آلاف النساء تم الاعتداء عليهم، او لأن مئات المساجد هدمت، بل ولما تقوله لنا عن "الحضارة المدنية" الحديثة.

هل كان ايمان بيغوفيتش بأن العالم كان سيمنع ما حصل في البوسنة خطأ في شخصيته أم خيانة لثقته في القيم الانسانية المشتركة؟ هذا السؤال بالتأكيد من الأسئلة التى حاول اجابتها كمفكر مرات عدة .




وأيا كانت اجابته، فقد انهى بيغوفيتش حياته منتصرا. لقد قاد شعبه العزيز عليه الى التحرر من الهيمنة اليوغسلافيه. أنشأ جيشا يدافع عن شعبه. قادة حركة نهضة اسلامية في البوسنة والهرسك، مع الحفاظ على حقوق النصارى في المناطق التي تحت ادارته.

مع أن مهنته كانت المحاماة، قضى بيغوفيتش حكمين بالسجن لما مجموعه تسع سنوات في يوغسلافيا الشيوعية بسبب ايمانه ومعتقداته. لم يكن أبدا عضوا في الحزب الشيوعي المسيطر على البلاد، بل قضى عمره في محاربته فكريا.



في عام 1997 تحدث لمؤتمر اسلامي في طهران قائلا: "الغرب ليس متعفنا. الاسلام هو الافضل، هذا صحيح، ولكننا لسنا الافضل. بدل أن نكره الغرب، دعونا ننافسه. دعونا نتحاور معه."

علي عزت بيغوفيتش،
تحدث كمحارب، قاتل كمسلم، وعاش حياته كمفكر حقيقي.

نسأل الله له الرحمة والمغفرة.





(ترجمة شخصية عن مقال نشر
بمجلة Q الاسلامية البريطانية
العدد 351

الصور من مواقع متفرقة على الانترنت)
اضافة رد مع اقتباس
   

 


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:08 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube