موضوع رائع ،، ويستحق المشاركة ،،
فلا شك أن الإنسان إذا عمل عملاً، أو زار مكاناً، أو اجتمع إلى شخص، واستشعر أثناء ذلك أنه لن يعود إليه مرة أخرى، فإن هذا الشعور يضاعف في نفسه شعوراً آخر بضرورة اغتنام تلك الفرصة التي قد لا تتكرر؛ تعالوا نتصور... رجلاً مخلصاً يصلي ركعات يعلم أنه يودع بها الدنيا.. كيف ستكون في تمامها.. في خشوعها... في شدة إخلاصها وصدق دعائها؟!
فلماذا لا نستحضر روح الوداع في عباداتنا كلها... خاصة وأننا إلى وداع في كل حال..؟
إن رمضان حل علينا ضيفاً مضيافاً، يكرمنا إذا أكرمناه، فتحل بحلوله البركات والخيرات، يُقدم علينا، فيقدّم هو إلينا أصنافاً من الإتحافات والنفحات..
ضيف لكنه مضيف، وربما يكون الواحد منا في ضيافته للمرة الأخيرة..! أو ربما ينزل هو في ضيافة غيرنا بعد أعمار قصيرة.. فهلاّ أكرمنا ضيفنا!
وهلاّ تعرضنا لنفحات مضيفنا!
لقداستقبلنا ضيفاً عزيزاً، وهو يستضيفك، وتعلم أنك بعد أيام قلائل ستودعه فلا تراه أبداً..! كيف ستستقبله؟ وكيف ستحسن صحبته، وتكرم مثواه؟
دعونا نستحضر أحاسيس الوداع، لعلنا ندع بها دَعة تتلف أيامنا، وعدة من الأماني تضعف إيماننا. تعال نخص هذا الشهر الكريم بمزيد اعتناء وكأننا نصومه صيام مودع!
وها هي أيام رمضان تمر مسرعة .. بالأمس القريب كنا ننتظره والآن يستعد الضيف الكريم للرحيل .. نودعك يا رمضان وقلوبنا تعتصر ألماً وحسرةً لرحيلك .. وهل يكون في العمر رمضان آخر ..
فيا شهر الصيام ترفق .. فدموع المحبين تدفق
قلوبهم من ألم الفراق تشفق .. بين الجوانح في الأعماق سكناه
فكيف أنسي .. ومن في الناس ينساه
فيا أيها المقبول هنيئاً لك بثواب الله عز وجل ورضوانه ورحمته .. ويا أيها المطرود بإصراره وطغيانه وغفلته وخسرانه وتماديه في عصيانه .. فيا لها من خسارة فادحة !!
لله در أقوام حرسوا بالتقوى أوقاتهم ، وتدرعوا دروع المراقبة في صبرهم وجمعوا بين الصدق والإخلاص في ذكرهم ، وعملوا ليوم فيه القلوب لدى الحناجر ..
صاموه قاموه إيماناً ومحتسباً ..
أحيوه طوعاً وما في الخير إكراه ..
فالأذن سامعة والعين دامعة ..
والروح خاشعة والقلب أوّاه ..
وكلهم بات بالقرآن مندمجاً ..
كأن الدم يسري في خلاياه ..