نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي

نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي (http://vb.alhilal.com/)
-   منتدى الثقافة الإسلامية (http://vb.alhilal.com/f55/)
-   -   من حقوق الأبناء على الآباء (http://vb.alhilal.com/t394030.html)

طليان 06/04/2007 07:09 PM

من حقوق الأبناء على الآباء
 
من حقوق الأبناء على الآباء : التعليم والإعداد لسنالتكليف
اتقوا الله ربكم، اتقوا الله حقالتقوى، واعلموا أن الله افترض على المسلمين واجبات مفروضة على العباد؛ لتستقيمالحياة، وتصلح الشعوب، وتبنى الحضارات، وتحيى الأمم.
هذه المفروضات تتعلق بكلمسلم، والمسلم هو المكلف، وهو الذي ترجح عقله، ببلوغه سن التكليف.
أيهاالمؤمنون: إن الأبناء هم حديث اليوم وحديث كل يوم، بهم تقر عيون الآباء والأمهات،وبهم يزدان الكون والحياة، وقد علمنا القرآن الكريم في الدعاء أن نقول: [ربنا هبلنا من أزواجنا وذري قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً] سورة الفرقان آية 74.
نعم، إن هؤلاء الأبناء والشباب أمانة ومسؤولية في أعناق الآباء والأمهات، وفيأعناق المربين والمربيات، فماذا قدَّمنا لهم، وإلى أي مدى وإلى أي عمر وسن نقدِّملهم من العطاء؟!!.
إذا بدأنا بالشباب نبدأهم بهم من طفولتهم، فالطفل نبتة صغيرةتنمو وتترعرع، فتصير شجرة نافعة؛ مثمرة أو وارفة الظلال، أو قد تصير ضارة غيرنافعة؛ شجرة شائكة أو سامَّة والعياذ بالله.
وكل يتمنى أن يكون ولده شاباًقوياً نافعاً، يحمل رسالة ويبني حضارة، فتعالوا نتعرف كيف يكون بناء هذاالإنسان؟!!.
إنه حتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة، أو وارفة الظلال؛ فإنهعلينا أن نعتني بهم منذ البداية، مع حسن التوكل على الله تعالى والاستعانة به فيصلاحهم.
فمن واجبك تجاه ولدك أن ترعاه وتحسن إليه، وتكرمه وتعطف عليه.
ولاشك أنّ كل أب يتمنى لابنه النجاح في دراسته، فهو دائماً يدعو الله بتوفيقه وتسديدهوتثبيته، يَعِده ويُمنّيه إن نجح في دراسته، ويتوعّده ويهدده إن رسب في دراسته،ولكن أي نجاح تريده لابنك؟!!، وأي استمرار وبناء تبغيه من ولدك؟!!.
المسألةأيها الأب الحنون ليست مسألة نجاح أو رسوب في الدراسة فحسب، بقدر ما هي مسألة نجاحأو رسوب في الحياة.

أيها الأخوة والأحبة:
ما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبنائنا، وننشئ جيلاً قويالإيمان يثبت على الحق، ويحمل لواء الإسلام، ويدافع عنه بكل طاقته.
كلنا يرددبأن الإسلام دين العلم، وقد جاء القرآن ثورة ضد الجهل والتخلف، ولكن الواقع يشيرإلى أن المسلمين في قمة الجهل والتخلف.
فهل العيب في المصدر أم في المتلقي؟
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمانِ بغير ذنبولو نطق الزمان بنا هجانا
هذا، وإن بداية أي إصلاح تبدأ من إصلاح التعليم وحسنالتربية.
وليس المقصود بالتربية: الدينية والأخلاقية فقط، أو التربية الوطنيةفحسب، بل يضاف إلى ذلك: التربية العقلية والنفسية، فهي التربية الكاملة الشاملة.
فمن ذا الذي يقوم بذلك؟، إنه أنت أيها الأب الكريم، يا تهتم بولدك لتعده ليصبحشاباً، يا من تقدم لولدك من الطعام أطيبه، ومن الثياب أجملها، وتشتري له منالسيارات أحدثها، وتحاول أن تبني له من البيوت أفخمها، فهلا تأملت وتوقفت مع ذاتك: ماذا قدّمت له ليتعلم الحياة، ماذا أعطيته ليكون نافعاً في دنياه ناجحاً فيآخرته؟!!.
لذا كان اهتمامك بولدك، وقيامك بهذا الدور من أوجب الواجبات، وأعلىالقربان، وأجلِّ المهمات، وأشرف المقامات، بل يقول علماء التربية: إنه شرط ضرورة،ويقول علماء الشريعة: إنه فرض عين على الجميع.
فرض العين هو الذي لا يجوزللمسلم أن يتركه أو يتخلى عنه.
أليس الصلاة مفروضة عليك فرض عين؟!!، بلى.
أليس الصيام مفروضاً عليك فرض عين؟!!، بلى.
فلا يصلي أحد عن أحد، ولا يصومأحد عن أحد.
وبالتالي: فإن إعداد ولدك للحياة هو فريضة بعد الفريضة، وتعليمابنك فريضة عين كما فريضة الصلاة، فلا تمهلها.
ألا واعلم أخي المسلم أن اهتمامكبتربية أبنائك هو فرض عين كفرض الصلاة المكتوبة، وأداء الزكاة المفروضة.
وعندمانسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، والخطابيتوجه إلى المكلفين بأعيانهم، وإلى الآباء والمربين إذا كان الإنسان قبل سنالتكليف، مَن الذي يسمع الخطاب وينفذه؟!!، أنت أيها المسلم المكلف، فما دمت قادراًعلى أداء الصلاة لأنك مكلفاً بها، فيجب أن تكون قادراً على التعلم لأنك مكلف به.
أما قبل بلوغ سن البلوغ والتكليف، فمهمة التربية والتعليم على الآباء، فقدوجَّهنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهمعليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" [خرَّجه جماعة من أهل الحديث وهذا لفظ أبيداود].

لقد توجَّه الخطاب إلى صاحب التكليف، لِمَن ترجَّح عقله لأن يؤديواجبات ربه، واعلم أيها الأخ الكريم، والأب الرءوف، أن مستقبل أبنائك مرهون بحسنإعدادك لهم.
أخي المسلم يوصيك الله في ولدك، والآية وإن كان بدءً لآيات الميراثإلا أن معناها عام في كل شأن من شؤون الحياة، يقول تعالى: { يوصيكم الله في أولادكم }.
يوصيكم الله في أولادكم؛ إعداداً وتربية وتهيئة حتى يصبحوا في سن التكليفوالبلوغ قادرين على تحمل المسؤولية.
أما اليوم، وللأسف الشديد، ماذا نرى فيحياتنا، نرى أن المسؤولية على الآباء في الطعام والشراب والتعليم تستمر إلى ما بعدسن التكليف سن البلوغ، وهذه المسؤولية ليست دينية، بل اجتماعية تعود للعاداتالبالية والتقاليد الواردة إليها من شرق وغرب، ولم تنبع من ديننا.
انظروا إلىتاريخنا واقرؤوا فيه يوم سادت حضارة الإسلام، وكان المسلمون قادة وسادة الدنيا،وتأملوا في الوسائل التي امتلكوها، والطرق التي سلكوها.
إن المتأمل الناظر: يلحظ أن الاهتمام كان بالإعداد السليم والتهيئة الصحيحة، لتقديم الأجيال وإعدادهملسن التكليف.
اسألوا: هل كان الواحد منهم يبحث عن علم ليحصل به على شهادة؟!!،هل كان الواحد منهم يتابع دراسته ليحصل على وظيفة؟!!.
كانوا يتعلمون شؤونالحياة، كانوا يتربون تربية صالحة، كان الأب ينشئ ولده تنشئة إيمانية، حتى إذا ماوصل إلى سن التكليف كان الحد الفاصل بين مسؤوليته وواجبه تجاه ولده، وبين أنه قدانتقلت المسؤولية الآن من الولد تجاه أبيه.
إن سن التكليف هو الحد الفاصل بينعطاءك وعطاء ولدك، فإذا كنت ممن يحسن لولده ويرعاه، ويعطف عليه ويكرمه؛ فإن هذا فيالمراحل المتقدمة من عمر ولدك، لعدم اكتماله ونضجه، أما أن ننظر إلى أبنائنا بأنهمما زالوا صغاراً يحتاجون إلينا وإلى عطائنا، وهم تحت رعايتنا وفي كنفنا، فماذابعد؟، والشاب الذي يستمر في علمه التقليدي يتزاحم مع زملائه ليجد فرصة عمل.
أيها المؤمنون: راجعوا أنفسكم واعلموا أن التعليم الذي يحتاجه الأبناء ليسبتحصيل الشهادات فقط، ولا بالانضمام إلى الجامعات فحسب، وإنما التعليم تعلم الحياة.
هذا وإن من أكبر الأخطاء أن يصل الولد إلى سن البلوغ (التكليف) ولم يتعلمالحياة بعد.
يمضي ثلث عمره منفقاً مستهلكاً، متكأ على مساعدة أبويه أو مجتمعهمن أجل التحصيل العلمي.
لاحظوا معي شباب اليوم وقد امتلأ عقولهم بمعلومات لايستخدمون منها إلا النـزر اليسير، وهو عالة على آبائهم ينفقون عليهم ويصرفونالأموال الطارئة في سبيل الحصول على شهادات، ثم ماذا بعد؟.
انتظار فرصة عمل وقدلا يجدونها إلا بشق الأنفس.
وإذا وجدوها قد لا يحسنون القيام بها، لأن دراستهمفي واد والعمل في واد آخر.
لذا؛ ومع وجود الملل وقلة فرص العمل اتجه الشباب فيملأ أوقات فراغهم إلى اتباع شهواتهم وتعويض نقصهم بالأغاني الماجنة والأفلامالخادعة تعبيراً عن تمردهم على واقعهم المأسوي.
وكما تعلمون أحبتي أن المجتمعيُغالبنا على أبنائنا بمغرياته البراقة، ووسائله اللامعة؛ لملء فراغهم، بما لا ينفعولا يغني عنهم من الجدِّ شيئاً، ولا يحبب إليهم العلم، ولا يبني لهم مستقبلاً، ولايشدهم إلى عزائم الأمور، ومطامح ذوي الرشاد.
وللأسف فإن أنظمة التعليمالمستوردة ممسوخة؛ لم تستطع أن تنشئ جيل الحداثة والتطور الموجود في بلاد المصدر،ولم تستطع أن تجعل التعليم في خدمة المجتمع.
وليت القائمين على أمر التعليمأدركوا حاجات الطلبة النفسية والعلمية، ولكن الهدف يبدو أنه غير واضح في الأذهان،وأنه غائب عن الأعيان، أو مغيب عن الواقع دون حجة أو برهان، ولو علموا الهدف،وتوضحن الغاية لسهلت عليهم الوسائل، عندها قدموا لهم ما ينفعهم وما يفيدهم.
فكما تحرص على طعامهم وشرابهم وثيابهم ومسكنهم فاحرص على إعدادهم الإعداد الجيدالمفروض عليك وتربيتهم الأخلاقية وتنشئتهم الإيمانية.
واهتمامك هذا له زمنمحدد، وإعداد الأبناء لا يكون طوال أعمارهم، بل له سن محددة، ألا وهي سن التكليفالشرعي، سن البلوغ.
لأن الولد بعدهذا السن مسؤول عن نفسه شرعاً، فإن تركالصلاة حوسب، وإن ترك الزكاة عوقب، ولا ينفعه التجاؤه بأبيه أو أمه، قال تعالى: { يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه }.
لأن الوالد علّم ولده الأحكام الشرعية المفروضة وهو في سن السابعة، وأدبَّهعليها في سن العاشرة، وهيأه لتحمَّل مسؤولية التكليف الشرعي في سن البلوغ.
فإذاكان الأمر كذلك في شأن الخطابات الربانية، فما بالنا نرهق أجسادنا وأجساد أبنائنا،ونجهد أنفسنا ونهدر أموالنا زيادة عن الحاجة والضرورة، بإطالة زمن التعليموالدراسة؟!!!.
هل تحاسب عن ولدك إن ترك الصلاة بعد سن التكليف، هل تعاقب عوضاًعن ولدك إن أخطأ بحق المجتمع، أم إن المسؤولية الدينية والمدنية يتحملها كل بنفسه، { ولا تزر وازرة وزر أخرى }.
إن الشريعة لم تجعل محلاًّ للمسئولية إلا الإنسانالمكلف.
وهو من ترجح اكتمال عقله ببلوغه سن النكاح، قال تعالى: { وإذَا بَلَغَالأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنقَبْلِهِمْ }.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْثَلاَثٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّىيَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ" رواه أحمد أبو داود والنسائيوابن ماجه وابن حبان والحاكم.
أخوتي وأحبتي: يا مَن ترعون أبنائكم، ويا مَنترومون منهم الخير والصلاح لكم ولمجتمعاتهم، احرصوا على خيرهم بدفعهم إلى ما يحققمصالحهم في الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الواجب الشرعي: إعداد الطفل لحياة علميةعملية يستشعر بها مسؤوليته في المجتمع الصالح النافع.
ألا ولنعلم أيها الأحبةفي الله: أن للولد حقاً على الوالد قبل حق الوالد على الولد..! فمن أهمل تعليم ولدهما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبلالآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسنته، فأضاعوهم صغاراً، فلمينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً.
واسمع إلى هذا الطفل يجيب والدهالذي عاتبه على العقوق، قال: يا أبت!، إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً؛ و أضعتنيوليداً؛ فأضعتك شيخاً.
أيها المؤمنون: لنـتأمل فيما يريده منَّا القرآن، ولنعملما يطلبه منَّا الإسلام، بتنشئة الأجيال والأبناء تنشئة صالحة، إعدادهم لسن التكليفوالبلوغ، تربية وعلماً وعملاً؛ فالخطاب يتوجه إلينا جميعاً، { وقل اعملوا فسيرىالله عملكم ورسوله والمؤمنون }.
فسيرى الله عملك أيها الأب.
سيرى الله عملكأيها الشاب المكلف.
سيرى الله علمك يا مَن تتولى مسؤولية التربية والتعليم.
وسيحاسب الله عزَّ وجلَّ المجتمعات المقصرة إذا لم تعطِ المجال لأبنائها فيالحياة.
فيا عباد الله: هذه وصايا الله إليكم ـ في أبنائكم ـ لترعوها، هذهتوجيهات نبيكم إليكم لتحسنوا التصرف بها.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذينيستمعون القول فيتبعون أحسنه.
تعليم الأجيال العلمالنافع

الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان.
وعنزيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إنيأعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجابلها"( ).
{
اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد، واتقوا الله إن خبير بما تعملون }.
واعلموا أن الله يسر أسباب العلم لعباده ليتعرفوا عليه ويهتدوا إليه.
فجعل لهم وسائل للتعلم، وأبواباً للتفقه، ووعاءً للتأمل، قال تعالى: { ولا تقفما ليس لك به علم؛ إن السمع والبصر والفؤاد؛ كل أولئك كان عنه مسئول }.
وقدعَلِمْنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب على كل مكلف أن يطلب العلم، وجعلذلك فريضة، فماذا نتعلم، ولماذا نتعلم؟.
تعالوا نجيب على الأسئلة الآتية:
أيود أحدكم أن تكون له أرض بورٌ لا نفع منها ولا شجر فيها، قاحلة لا ماء فيهاولا نبع؟، طبعاً: لا.
أيود أحدكم أن يكون له هيكل سيارة وشكلها الخارجي الذي لايستفاد منه ولا حركة فيه؟، طبعاً: لا.
أيود أحدكم أن يمتلك صندوقاً كبيراً فيهمن النقود وأنواع من العملات الأجنبية والمحلية ولكنها مزورة؟، طبعاً: لا.
أيودأحدكم أن تكون عنده مجموعة كبيرة من الشيكات السياحية المزركشة، وبطاقات الائتمانالملونة ، ولكن لا رصيد لها؟، طبعاً: لا.
أيود أحدكم أن يكون له مجرد مخطط بيتلا وجود له في أرض الواقع، وهو يدعي أنه يسكنه؟، طبعاً، لا.
كذلك هو شأن مَنيرضي من حياته أن يأكل ويشرب وينام، ويلهو ويلعب، دون أن يكون له هدف يسعى إليه، أومقصد يرومه.
لم يخلقنا الله عبثاً، ولم يتركنا هملاً، خلقنا لنتعرف عليه، وأنزلإلينا كتبه وأرسل إلينا رسله ليرشدونا الطريق.
حتى أولئك الذين سلكوا دروبالتعلم، وأخذوا بأسباب الحصول على العلم، إذا لم يكن لهم هدف أو غاية من تعلمهم فلاقيمة لسعيهم.
يقول تعالى: { والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكروالأنثى؛ إن سعيكم لشتى }.
فاجعل لنفسك مقصداً، فقد خلقك الله لتتعرف عليه، قالتعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }.
ولا تكن كمن يرضي من العلومصورها، ومن المعارف أشكالها، ومن التربية ظاهرها.
هذا معه شهادة، وهذا تعلم (الأتكيت) ويتصرف به.
ولعل هذا هو الغالب في مَن يشغل نفسه بحشو ذاكرتهبالمعلومات النظرية، وقل ما يكون هناك مجال للتطبيق العملي.
ومن المؤسف أن يكونتقييم الإنسان واختباره بقدر ما يحمل عقله من معلومات مفيدة وغير مفيدة، معلوماتقريبة وأخرى بعيدة.
مع أن المدنية المعاصرة قد طالعتنا بوسائل أكثر قدرة علىحفظ المعلومات، وتخزين الملفات، وسرعة الوصول إلى المراد، فهل يقال عن تلكمالوسائل: إنها عالمة؟!!، قطعاً، لا.
القرآن الكريم جزء مما تحمله في جيبك عبر (الموبايل) الهاتف المحمول، فهل يقال: إن الجهاز حافظ للقرآن، لا يقول بهذا عاقل،ولا ذو لب سليم.
لأن الحافظ للقرآن: العامل به المطبق لأحكامه المتبع أوامره،المجتنب نواهيه، الذي يحمل العلم النافع.
فدققوا في الأهداف والمقاصد، والمآلاتوالنتائج:
إذ الهدف من تنشئة الأبناء: تربية إيمانية وبعادية ونفسية شاملة.
والهدف من التعليم: إعداده ليكون إنساناً صالحاً يقوم بحق الله، وحق نفسه،وحقوق أسرته، وحقوق المجتمع كله.
تعده ليؤمنه الناس على أنفسهم ودمائهموأموالهم وأعراضهم.
فالعلم في الإسلام هو العلم النافع الذي يخدم الإنسان فيدنياه وآخرته، ويحقق الخير والصلاح لأبناء مجتمعه.
والعلم والتعلم إنما هوطريقة تفكير، وحسن أداء، وليس حفظ معلومات فحسب.
ولقد رغب الشارع الحكيم بالعلمالنافع، واعتبر ما عداه زيادة لا قيمة لها، ومضيعة وقت لا فائدة منه، عن عبد اللهبن عمرو رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العلم ثلاثة، وماسوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة"( ).
الإحكاموالإتقان، والعمل الواقعي، للوصول إلى العدل، ومن هنا كان العلم النافع يشمل كل علميكون للأمة فيه خير وصلاح في معاشها، ومعادها، وليس العلم الشرعي فحسب.
ومن حرمالعلم النافع فقد حُرِم خيراً كثيراً، ومن رزق العلم النافع فقد رزق أسباب السعادة.
به يعرف الهدى من الضلال، والحق من الباطل، والحلال من الحرام، والعلم النافعيدعو إلى العمل والتكاتف والتناصح والتعاون على الخير.
إنه يحقق سعادة دنيوية،ويورث في صاحبه خشية الله، قال تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلماء }.
كلنا يحفظ قول الله تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِالْعُلَمَاءُ }، وأغلبنا ينصرف نظره إلى أن المقصود منها هو علماء الشريعة أوالفقهاء أو المشايخ (المطاوعة)، مع أن سياق الآية يشير إلى غير ذلك تماماً.
تعالوا نتأمل الآيات الكريمة، يقول تعالى: { أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًاأَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَاوغرابين سُودٌ * وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌأَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّاللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }
لذا فإن من الحكمة: الحرصُ على طلب العلم، واغتنامُالوقت، والاستفادةُ من كل لحظة من لحظات الحياة في تحصيل ما ينفع.
وأجملْ بهامن كلمةٍ قالها أمير المؤمنين‌ علي رضي الله عنه : العِلْمُ كَثِيرٌ فَخُذُوا مِنْكُلِّ شَي‌ع أَحْسَنَهُ، ويقول‌ كذلك‌: العِلْمُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْوَي‌،فَخُذُوا مِنْ كُلِّ شَي‌ع أَحْسَنَهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَهُعَنْهُمَا: العِلْمُ كَثِيرٌ فَارْعَوْا أَحْسَنَهُ؛ أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَاللَهِ تَعَالَى‌: { فَبَشّـِرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَفَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }؟.
ومن‌ العجب‌ أنّ هذا المطلب‌ نفسَه قد نُقِْل‌عن‌ (أينشتَين‌)، وما أدري أكان‌ ذلك‌ مجرّد تواردِ خواطر، أم‌ أنّ (أينشتَين‌) قدنقل‌ الفكرة عن‌ المسلمين؟.
يقول‌ أينشتَين‌: إنّ الإفراط‌ في‌ القراءة‌ (كثرةالمعلومات وحفظ الكلمات) يسلب‌ قوّة‌ الابتكار من‌ العقل‌ بعد بلوغ‌ سنّ معيّنة‌؛فمن‌ أفرط‌ في‌ القراءة‌ وأقلّ من‌ اعتماده‌ على‌ فكره (تأمله)‌، فإنّ فكره‌ سيصاب‌بالخمول‌ والعجز.
العُمْرُ أَقْصَرُ مِنْ أَنْ تَعَلَّمَ كُلَّ مَا يَحْسُنُبِكَ عِلْمُهُ: فَتَعَلَّمِ الأَهَمَّ فَالأَهَمَّ.
إنه قول العباقرة عبرالتاريخ والجهابذة عبر السنين، وهذا شأن العلماء الأفذاذ والصحابة والتابعين رضيالله عنهم وأرضاهم.
جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه قال إنَّه كانله جار من الأنصار هو عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه وكان هو وإيَّاه يتناوبانالنـزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا يحضر يوماً، وهذا يحضر يوماً،فإذا حضر صاحب النوبة سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع في ذلك اليوم،فإذا رجع إلى بيته التقى بجاره الأنصاري فأبلغه ما كان سمعه من رسول الله صلى اللهعليه وسلم وهكذا الأنصاري إذا نزل في نوبته وسمع من رسول الله صلى الله عليهوسلم ما سمع من الحق والهدى ثمَّ رجع إلى منـزله أخبر جاره عمر بن الخطاب رضيالله عنه بما حصَّله وبما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من العلم في هذااليوم.
لم يشغلهم التفرغ للعلم عن ممارسة العمل، ولم تشغلهم أعمالهم الدنيويةعن طلب العلم النافع، بل كانوا يقرنون العلم مع العمل، يقول عبد الله ابن مسعودرضي الله عنه : كنَّا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتجاوزهنَّ حتى نتعلَّممعانيهنَّ والعمل بهنَّ فتعلَّمنا العلم والعمل جميعاً.
وأما عن طرق الاستفادةمن العلم:
بالحرص على اقتناء الكتب النافعة التي تحتوي العلم الذي نحتاجه.
ثم تخصيص أوقات، لمطالعة الكتب النافعة.
يقول بعض العلماء يوصي ابنه فيالمحافظة على العلم وفي تحصيله:
وكنـز لا تخشى عليه لصاً خفيف الحمل يوجد حيثكنت
فالجاه قد يأتي ويزول، والمال قد يضيع أو يُسرق ويذهب، ولكن العلم الذييحفظه الإنسان لا يُخشى عليه ولا يذهب إلا بذهاب الإنسان، كما جاء عن النبي صلىالله عليه وسلم : "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه، ولكن يقبض العلم بموتالعلماء".
يقول الشاعر:
يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إذا عليه شددنا
فأكسبوا أبنائكم فضيلة المطالعة النافعة والرغبة في الازدياد من العلم النافعوالعمل الصالح، واستغلال أوقات الفراغ على وجه مفيد تزدهر به شخصية الفرد وأحوالالمجتمع.
وتجنبوا العلوم التي انقضى زمانها، أو التي لا طائل منها، أو التي تضرالمسلم في دينه، أو توقعه في الشك والإلحاد، قال تعالى: { وَمَا تَفَرَّقُواإِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ }[ الشورى: 14].


الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 04:46 AM.

Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd