مدخل..
تحية جميلة بجمال نفحات شهر الرحمة والصيام أبعثها لكم أحبتي محملة بروح الأمل ومفعمة بأريج التفاؤل..
فلنبقى جميعا على موعد مع الأمل والسعادة والتفاؤل..
قبل أن تخوضوا لجج أفكاري أود أن أوضح أمرين مهمين..
أولاً:
ما ستجدونه هنا لا يمثل سوى أفكار فتاة وشاب عشريني!!
أخبرتكم بعمري وعمره من أجل أن يكون((العتب مرفوع))!!
ثانياً:
اختلاف القلوب حرام واختلاف الأراء حكمة اقتضت رحمة الله وجودها لذا أقول للجميع((البيت بيتكم))ومن يريد أن يخالف ويطرح وجهة نظره فله كامل الحق وأنا((عازمته)) على حسابي!!
انتهى المدخل بفضل الله وتوفيقه..
*************************
كثر المتكلمون في مسألة نقد التعليم و مناهجه ، و ( صجونا ) بنقد ( التلقين ) كوسيلة قديمة للتعليم ...
و المشكلة لا تقتصر على التلقين فقط...
المشكلة في أن المعلم مفروض على التلاميذ - غالبا - في حين كان في الأزمنة الغابرة التلاميذ هم - غالبا - من يختار المعلم .
إذ كان الشيوخ متعددين و التلاميذ هم من يأتون إليهم ...
و نتيجة لشغف التلميذ بالمادة و قناعته بقدرات معلمه و تمكنه منها فإنها تسهل عليه و ربما أصبح من البارزين فيها ...
زد على ذلك أن الشهادة التي تمنح للتلميذ هي من نفس هذا الأستاذ نتيجة لقناعة الأستاذ بتمكن التلميذ فيها تمكنا جيدا
و ليست الشهادة الحالية التي تمنح بناء على اختبارات لا تدل - في الغالب -على مدى قدرة التلميذ العلمية .
********************************
أثناء الصيف سألني أحد الأعضاء عن رأيي أيهما أفضل الكتب المترجمة أم الكتب العربية؟؟
قلت له يوماً سأجيبك وكتبت ردي عليه من ذلك الحين لكنني((كسوله))فتأخرت عن وضعه ثم عدت لأضعه هنا فلعله يقرأه وكأنني أسمعه يقول((بدري يا وخيتي))!!
وخير جليس في الزمان كتاب..
هكذا حكى المتنبي منذ مئات السنين وسار بشعره لنا الدهر منشداً ,,
كنت أقرأ مساء أمس في تفصيدات الشيخ عائض القرني لمفاصل شعر ذلك العملاق في كتابة الشيق " امبراطور الشعراء"
ثمة انحياز لذائقة ذلك الخطير منذ تداعت أمام عيني " وأسمعت كلماتي من به صمم"
والكلمات المكتوبة التي تسمع الصم مالم يسمعوا أشك ان تجدها في هذا الزمن على (سرج) كاتب أدبي (سابح) ما أو في أحضان دفتي كتاب موصوم بتهمة (الأدب) ,,
في كثير من الأحيان لا تحمل تلك الكتب والروايات (أدباً) خلقياً فضلاَ عن (الأدب) الفني.
منذ زمن وانا أقتنع –بالرغم أني لا أزال أمارس هذه الأخطاء بأنه لا يوجد ( أدب) عربي يستحق القراءة إلا فيما ندر..
الكتب الدينية بالرغم من أنها في أحيان كثيرا تفتقد إلى جانب التشويق والسرد السلس الزلال
إلا أنها لا تزال مرتبعة على عرش الفوائد التي يحصدها القارئ وما ذاك إلا لاحتضانها لمنهاج الله جل جلالة و عطر قول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن الكثير من الكتاب –المعاصرين- لا يزالون يقدمون كتبهم وكأنها أوراق علمية تطرح للمناقشة في مؤتمر ما وإذا استثنيت كتب المراجع العلمية
فإنه لاشيء يشدك كـ(قارئ مجرد) لا (باحث) أن تقتني الكثير من تلك الكتب,,
ربما قد تجد الإستثناءات هنا وهناك..
الكتب المترجمة والتي قدمتها لنا مكتبة جرير –لا المتنبي هذه المرة- تلك الكتب الجريرية لاسيما في الجانب الإداري ككتب سبنسر جونسون, بلانكشارد, ستيفن كوفي, وشيء من كتب وان داير و جيفري ماير و غيرهم الكثير من منظري الفكر الإداري أثرت كثيرا الساحة القرائية لدى القارىء العربي.
ربما يا أخي الكريم سأعود يوماً لأخبرك عن بعض هذه الكتب..
فقط أخبرني مبكراً((لأنني كسولة))..
***************************
قبل رمضان ذهبت في مهمة عمل مع الوالد إلى المدينة المنورة ومن ثم إلى جيزان وما أدراك ما جيزان!!
سأنقل لكم شيئا مما رأيت..
في المدينة..
لاشيء جديد في ذاك الصباح
الوجوه التي تعبر طرقات المدينة تلك التي تخالها تحمل شيئا من همك اليومي عجيبة هي لقمة العيش الطلاب هنا يكبرون ليدرسوا ... يدرسون ليتخرجوا.. يتخرجوا..ليوظفوا..يتوظفون
لتبدأ رحلة جديدة من رحلة الشقاء في عالم مطحون..بحثاً عن (لقمة العيش) ,,
وينطلق الانتشار مجددا كل صباح في طرقات المدينة
رأيت أطفالاً بثياب ممزقة ,, مررت بالقرب منهم ..
تُرى هل يملكون أحلاماً ورؤى أجمل للحياة؟؟
أم أن الفقر مدقع حتى في رصيد الأحلام؟؟!!
أمس تحدثت مع أحد الشباب يتقاضى راتب مروع/ مدقع ..
أخبرني أنه سيهاجر إلى أوروباإذا لم يتحسن الوضع ..
سألته ماهو الراتب الذي يعتبره اساساً لـ( تحسن) الوضع؟؟
صمت فالرقم الذي وضعه لا يخرجه بأي حال من دائرة الفقر/ الإدقاع
بالأمس قرأت تقريراً للمرصد الحضري في المدينة
الوضع مروع في جوانب الفقر/الطلاق/الصحة/الخدمات الحكومية
المضحك المبكي أن العينة التي شملها الاستبيان لم يجرؤ على انتقاد الخدمات الحكومية بل قال أكثر من 80 بالمئة انهم راضين عن الخدمات المقدمة لهم.
أعلم ان هناك بركة في الرزق في المدينة ..
شاهدت أشخاصاً لا يملكون قوت يومهم ومع هذا فهم يعيشون - كما يصفون- في راحة نفسية
أحيانا أشعر أنهم يفقدون الطموح
أحيانا ربما يدفعون ثمن اخطاء طائشة في فترة الشباب
ولكن الحقيقة الاكثر إيلاما ان الفقراء يزدادون فقراً وبؤساً والاثرياء يزدادون ثراء و بخلاً ...
وفي جازان وما أدراك ما جازان!!!
يتكأ الجميع هناك على بركة المكان بعد توكلهم على رب المكان . .
وكلما أتجهت جنوباً أزداد الوضع تأزماً وشحوباً حتى آخر نقطة في خريطة هذا الوطن . .
والسبب في ذلك قالها أحد المارة بكل حرقه بعد انفجار لـ "ماصورة صرف صحي"
لأنها جازان ! . .
الناس هنا سمعوا بالعيش ولم يروهـ . . ولذا فهم لا يبحثون عن لقمة العيش . .
ألأنهم يعلمون أين سيأخذهم هذا الطريق . .
أم أنهم علموا أن لقمة العيش تحسدهم على العيش . .
ودعوني أنفض قليلاً عن موضوع البطالة
فقد وجدت أناس تعمل وهي على أتم الإستعداد للقيام بعمل الزميل الآخر على أن يقتطع هذا الآخر من مرتبه الشيء اليسير . .
يتداول الناس هنا حكاية رجل قتل رجلاً بعد أن رأهـ يضع في جيبه الأمامي مالاً
وسـ ترسمون بأيديكم فوق رؤوسكم علامات تعجب وحيرة وحزن وبكاء إذا علمتوا أن مجموع المبلغ لا يتجاوز "سبعون ريالاً فقط لا غير"
يبدو أن الزمن يأخذنا إلى الوراء قليلاً حيث الغزوة والقتل والنهب والإجرام بشتى صورة وأشكاله من أجل أن يوفر لنفسه ما يقتات منه .
سألت أحدهم لماذا تكثر قضايا الإدمان في هذه المنطقة . .
فأجابني وبكل برودة أعصاب : لكي ينسوا !
وألا يكفي بأن أخبركم بأمر عجيب حصل لوالدي أثناء زيارتنا . .
ذهب الوالد حفظه الله برفقة زميل له يعمل هناك لجولة إستكشافية فوقفا بجانب محل كتب عليه بخط اليد "بوفيه"
يقول والدي:
وأشك في ذلك((أنها بوفيه))!!
فقال هذا الزميل لوالدي بهذا النطق : أنزل لا تفوتك اللحظة هاذي لن تجدها في الكون كله إلا في هالبوفيه نزل معه
ووجد أن صاحب "البوفية" وعمرهـ يتجاوز الخمسين وأسمه أبو محمد يبيع((الساندوتشين)) بريال ولا يبيع الببسي
يقول والدي رأيت زميلي بأم عيني يشتريها بـ عشرة ويعطيها صغير لا يفارق باب البوفية!!
وأخبره هذا الزميل أنه على هذا المنوال منذ أربع سنوات تقريباً . .
هناك فقر هناك بؤس هناك ظلم هناك بكاء هناك حزن
هناك جرائم ترتكب من أجل أدنى مستويات المعيشة
هناك بدل أن يرفعوا شعار لا للإرهاب رفعوا شعار لا للخدمات
هناك أناس يشحذون في كل مكان. .
وإذا جن عليهم الليل . .
تعاطوا ما يقال له القات . . لكي ينسوا !!
*****************************
حال المعلمين هنا على لسان أحدهم عندما سئلت عن حالهم!!
لقد سئلت عن عظيم وعن ماتصنع به الأمم مستقبلها
...التعليم ...
الذي لا نعرف في حقيقته إلا الروتين فقد سيطر الملل والاحباط على العالم والمتعلم ...
فإن سئلت عن العالم فهو المحسود على هوانه عند المجتمع الذي ينظر إليه بمرآة مقعرة فهو الحاضن للصبية ....
ويزداد الهوان بصفعات ساخنة يتلقاها ممن يعلوه في هرمه المبجل من إزدراء واتهام بتقصير دائم وكيف لا ويصبحك بين الفينة والأخرى ذلك المدرس على صفحات الصحف وقد تعدى عليه من عطف عليهم وكان لطيفاً معهم
ولكن لابد للتعليم من هذا الحزم والشدة فهي بطبيعة الحال أمرٌ طبعي فرضته مجريات الأمور وتعاميم أحد من وكلوا بوزارتها عفا الله عنه!!
غفر الله لك يا عمي العزيز
جميل حينما قلت
مهنة التدريس بؤس قاتم ..
وأما المتعلم فقد تعلم وأصبح على قدر كبير من الثقافة المتنوعة قبل أن يأتي إلى ذلك المكان المسمى بالمدرسة
فقد تغذى بستار أكاديمي
والياهو(قروبات)
والتفنن في كسر البروكسي
فهل ترى أنه بحاجة لتلك المسماة بالفيزياء وذلك المدعو النحو أم ذلك المسلوب المدرس وقد تجاوز حدود الأدب وطلب واجباً وبعد هذا الضغط النفسي.... لاجامعة ولا وظيفة ..
ردد ياليل مـــــــــا اطولك
هل رأيت تلك الدولة (اليابان )التي كانت مثلاً لنا فنحن سنبقى نسير على خطاها بل وسيأتي يوماًً ونتفوق عليها بذلك المعلم والمتعلم المحترم .....
ابشر بطول سلامة يا مربع .
**************
هنا انتهت فلسفتي وفلسفة عمي العزيز..
كأنني أسمع بعضاً منكم يقول((هذا وأنتم بالعشرين أجل لو وصلتم الأربعين وش بتقولون))؟؟
أقول لكم
بحق أنا وهو نخشى أن ندرك يوماً يجعل الولدان شيبا..
أنقل لكم شيئا من مواجعنا لعلنا نجد من بين كبرائكم من يمدنا بتجاربه لعل وعسى ألا ندرك ذاك اليوم!!!
قبل الختام..
هذه الفلسفة والتي تمثل أفكاري وبعض مواجعي وآلامي كتبتها هنا بعد إلحاح عضوٍ كريم لذا في حال لم يعجبكم ما كتبت ورأيت سيوف النقد قد سلت(((بأسحبه من كشته وبأحطه بوجه المدفع))!!!
ختاماً..
للجميع محبتي وتحيتي..
فلسفــــــــــــــة عشرينيــــــــــه وعمــــــها!!!!!! 
الوضع الشجري
