نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي

من المستفيد من العبادات؟

د. ميسرة طاهر

المتتبع لهذا الكون يجد أن هناك خيطا يربط مكوناته جميعا ، وكل المخلوقات سواء كانت حية أم جامدة تخضع لقوانين صارمة عرفنا القليل منها ولا نزال نجهل الكثير. وحين ندقق النظر أكثر نجد أن الزوجية تمثل قانونا عاما يحكم موجودات هذا الكون فالليل يقابله النهار ، والنور يقابله الظلام والحر يقابله البرد واليقظة يقابلها النوم. وبين كل قطبين أو ثنائية درجات بينية عديدة، وإذا تناولنا سلوك البشر نجد أن الفرح يقابله الحزن والهدوء يقابله الغضب والطمأنينة يقابلها الخوف والتسامح يقابله الضغينة والكراهية. ولا نحتاج لكثير من الجهد حتى نضع أيدينا على أهمية أن تكون نفوسنا مطمئنة هادئة فرحة سعيدة وإن كانت هذه الصفات عزيزة على المنال في بعض الظروف والأحيان إلا أنها ليست مستحيلة. وكأني أرى في منظومة العبادات صمامات أمان للفرد منا حتى يعاود استعادة ما يمكن أن يفقده من طمأنينة وفرح وسعادة بسبب ضغوط الحياة ومشاكلها، إلا أننا مع منظومة العبادات بين ما ينبغي أن نفعله وما نفعله فعلا في إشكالية تحتاج إلى توضيح أحيانا وتصحيح أحيانا أخرى.
وكثيرا ما أسمع من أمي المثل القائل «إلي ما يزعل إن جالو الزعل حيوان وإلي ما يرضى إن جالو الرضى شيطان» وإذا ترجمت هذا المثل العامي للعربية لقلت إن من تواجهه مسببات الغضب ولا يغضب هو شخص لا يفهم ومن غضب وجاءته مسببات الرضا والتسامح فهو شيطان.
ولكن وعودة إلى منظومة العبادات يتطلب الأمر منا الوقوف عندها فهي منظومة لو مارسناها جميعا وكنا كما يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام على قلب أتقى رجل فينا لما زاد في ملك الله شيء ولو كنا على قلب أفجر رجل منا لما نقص ذلك من ملك الله في شيء.
إذا من المستفيد من العبادات ؟
نحن بلا شك المستفيدون، فهذه الصلاة فرصة للوقوف بين يدي الرحمن خمس مرات كل يوم نبث له شجوننا وشكوانا ونطلب منه العون ونستغفره عما اقترفته أيدينا وأعيننا وجوارحنا من زلل وخطأ، وهذه الجمعة صلاة يجتمع فيها الناس ليتعلموا مما يسمعون وليوطدوا أواصر علاقاتهم ويطمئنوا على بعضهم بعضاً وفي الوقت ذاته جعلها الله فرصة لغفران ما بينها وبين الجمعة التي سبقتها.
وهذا رمضان الذي نعيشه مرة كل سنة جعله البارئ عز وجل فرصة لكفارة زلات السنة وأخطائها فهو لمن صامه إيمانا واحتسابا فرصة لمغفرة ما تقدم من ذنبه.
رمضان الذي نعيش أيامه الأولى إذا فرصة ذهبية لمن يريد أن تمسح ذنوبه وزلاته وخطاياه.