مصارع ثيران يسرق الأضواء من قطبي كرة القدم في اسبانيا
برشلونة (اسبانيا) (رويترز) - غالبا ما يدور حديث عن دولتين مختلفتين في اسبانيا.. اليمينية واليسارية أو القديمة والحديثة وسيظل هذا الجدل دائرا الى الأبد.
ولكن ثمة أمرا محسوما منذ زمن طويل.. كرة القدم أكثر شعبية من مصارعة الثيران.
كانت هذه الحال لعدة عقود. ولكن رغم العدد الضخم من الاستادات وصفقات انتقال اللاعبين بملايين اليورو والتغطية الاعلامية المكثفة وجدت كرة القدم صعوبة بالغة في منافسة الدراما والضجة التي أحدثتها عودة مصارع الثيران خوسيه توماس يوم الاحد الماضي.
ففي نفس الليلة التي جرت فيها آخر مباريات دوري الدرجة الاولى في اسبانيا بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة ازدحمت حلقة مصارعة الثيران في برشلونة بعدد 19 الف من مشجعي هذا النوع من المصارعة وهي المرة الاولى التي تباع فيها جميع تذاكر الحلبة منذ 22 عاما.
ولكن لم يكن الأمر من قبيل المصادفة فقد حقق توماس بعضا من أعظم انتصاراته في حلبة برشلونة قبل اعتزاله منذ خمسة اعوام وهو في أوج قوته.
وقال مانيول الذي لم يذكر سوى اسمه الأول والذي شاهد عودة توماس لحلبة المصارعة "إنه (بطل) استثنائي. لست أعظم خبير في مصارعة الثيران في العالم ولكن خوسيه توماس يتمتع بسمة خاصة. بالنسبة لي إنه مصارع فريد."
وواجهت مصارعة الثيران صعوبات في إقليم قطالونيا في السنوات الأخيرة مع محاولة حركة نشطة لحماية حقوق الحيوان وساسة مناهضين لمصارعة الثيران حظرها في برشلونة عاصمة الإقليم.
ولم يحدث ذلك قط ولكن تراجع عدد المتفرجين أضر برياضة مصارعة الثيران لدرجة هددت باختفائها.
لذا فإن اختيار توماس برشلونة للعودة لممارسة المصارعة كان قرارا سياسيا وعاطفيا في نفس الوقت وأفاد الجميع.
ويقول انطونيو ماتيا الذي أسعده حظه بتنظيم مباراة المصارعة مع امتلاء الحلبة عن آخرها "لم أكن أصدق من يقول لي انني سأفعل ذلك."
وأسفرت المناسبة عن دعاية هائلة لمصارعة الثيران في اسبانيا وفي الخارج واهتمت صحيفتا وول ستريت جورنال وفاينانشال تايمز بظاهرة توماس.
كما أنها أعطت مناهضي مصارعة الثيران هدفا يهاجمونه.
ويوم الاحد الماضي تجمع آلاف من نشطاء حقوق الحيوان خارج الحلبة وهتفوا "قتلة" أثناء دخول هواة المصارعة للحلبة.
وحملوا لافتات كتب عليها "كفى" بل واعتزموا محاولة منع دخول المتفرجين للحلبة ولكن بمساعدة الشرطة فشلت استراتيجيتهم ولم تحدث مواجهات خطيرة رغم تبادل كم هائل من الإهانات.
وتعالت اصوات المتفرجين لإسكات نشط مناهض لمصارعة الثيران تكبد مشقة شراء تذكرة للاحتجاج داخل الحلبة وأخرجته الشرطة من الحلبة.
وربما كانت التذكرة باهظة جدا.
فقد بلغ سعر التذكرة في السوق السوداء في الأسبوع السابق على إقامة المصارعة ثلاثة آلاف يورو (أربعة الاف دولار) وتبلغ القيمة الأصلية للتذكرة 150 يورو وعرضت بضع مئات من التذاكر للبيع في نفس اليوم الذي جرت فيه المصارعة وتخاطفها الجمهور في 25 دقيقة فقط.
ولكن ماذا عن توماس.
لقد انتصر بالطبع رغم أن الثور الاول نجح في طرحه أرضا واستعصى عليه السيف نوعا. ولكنه أظهر رشاقة كبيرة في الحركات البطيئة وشجاعة هائلة ولقي استقبالا حافلا حتى ان المتفرجين صفقوا له وقوفا ثلاث مرات على الاقل حتى قبل ظهور الثور الاول.
وفي اليوم التالي حفلت الصحف بالمديح وكان العنوان الرئيسي لصحيفة ايه.بي.سي "تحولت الاسطورة الى حقيقة في برشلونة."
وفيما توافد هواة مصارعة الثيران على مطار برشلونة للعودة من حيت أتوا لخص بيبي وهو مشجع من مدريد شعوره قائلا "لن يروي لي أحد أحداث اليوم. كنا هناك وشاهدنا كل شيء."
ولكن من فاز في مباراة كرة القدم في اسبانيا الأخرى .. حسنا. تلك قصة اخرى...