هذه الأيام وبعد عودة منتخبنا وإعلاميينا من ألمانيا ، بدأت تصدر همهمات في الأوساط الصحفية ، وبالأخص الوسط الرياضي مفادها "إن أحد المسئولين قدم لكبار الإعلام الرياضي شيكا بقيمة خمسين ألفا لكل مسئول عن قسم رياضي" ، فراح البعض وكالعادة يتهكم بالصحافة ويرى أنها تزور الحقائق أو كما يصفها البعض "الصحفيون العرب أشبه بفوطة المطعم ينظف بها المسئول يديه" .
ما إن خرجت هذه الهمهمات ، حتى بدأ البعض يضيف لها معلومات ليحولها إلى حقيقة ، تقول آخر الهمهمات : "إن الشيكات صادرة عن طريق بنك الأهلي وبأسماء كبار الصحفيين" .
هل هي إشاعة ، هل هي حقيقة ؟
لا يمكن لأحد أن يثبتها وبالتأكيد لا يمكن نفيها إن لجأت الصحافة للصمت ، وستظل هذه الشائعة تردد إلى أن تصبح ومع تقادم الزمن عليها حقيقة وإن لم تكن كذلك ، وهذه ميزة الشائعات ، إن لم يتم نفيها وبشكل صريح ، ستتحول مع الوقت إلى حقيقة دامغة يتهم بها أي صحفي أو كاتب ، ويمكن لأي شخص حين يختلف مع صحفي أو كاتب أن يصفه بأشنع الأوصاف معتمدا على تلك الشائعة التي أصبحت حقيقة .
ولأن الأمر يهم الصحافة ، ولأن التهمة تمسهم ، ولأن تقبل الهدايا أو الشرهات أمر يسيء للصحافة ويضعف قيمتها ومصداقيتها ، أرى أنه من المفترض أن تتحرك هيئة الصحفيين لتحمي سمعتها ، وسمعة منسوبيها ، وأن تطالب الجهات الأمنية بالتحقيق في هذه القضية .
فمن حق الذين طالتهم هذه الشائعة أن تدافع عنهم هيئة الصحفيين ، وتثبت أن تلك الشائعة لا صحة لها ، أما إن كانت تلك الهمهمات صحيحة ، وهذا ما لا أظنه وما لا أتمناه ، لأنه لا يمكن لأشخاص كافحوا طوال هذه السنين لصنع اسم لهم ، أن يبيعوه بهذه السهولة وبثمن زهيد .
ومع هذا إن اثبت التحقيق أن أحدهم استلم هذه "الهدية/الشرهة" ، يجب أن يحاسب وأن يبعد عن الصحافة ، لأن الصحافة لا يمكن لها أن تؤثر والمجتمع يعرف أنها تذهب مع من يدفع لها ، لا يمكن لها أن تمارس علم التوجيه وهي تحتاج إلى من يوجهها بأن تقبل الهدايا يضعفها ، لا يمكن لها إصلاح مجتمع فيما هي تحتاج لإصلاح .
فهل تتحرك هيئة الصحفيين ، وتحقق في هذه الشائعة لتدافع عن سمعتها ، أم أن الأمر لا يعنيها من قريب ولا من بعيد ، ومهمتها الأولى والأخيرة أن تنتظر جهة ما تفجر بصحفي لبناني ؛ لتشجب وتستنكر هذه الوحشية ؟

نقلا عن صحيفة شمس