
29/07/2006, 03:20 PM
|
زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 03/07/2005
مشاركات: 199
| |
المال والفساد للدكتور حافظ المدلج المال والفساد!
د. حافظ المدلج
«الفلوس تعمي النفوس» مثل شعبي نحفظه ونحفظ أمثلة كثيرة تؤكد صدقه في واقع الإنسان الجشع، فالمال يشكل الخطر الأكبر على الأخلاق حيث تضعف قدرة الإنسان على مقاومة إغراء المادة، فيدخل الفساد من باب المال للنفس الضعيفة وتنسف المبادئ والقيم وتزداد الحاجة إلى القانون الرادع للفساد الذي ينتشر كالنار في الهشيم إذا لم يجد يداً من حديد تضرب أيدي الفساد مهما كان مصدره.
في ايطاليا لم يكن «جوفنتوس» بحاجة لرشوة حكم لكي يحصل على بطولة الدوري، ولكن هناك من راهن على النتائج فأصبح التأثير على الحكام هو الوسيلة الأمثل لضمان النتائج التي تكسب المراهنات فكان ما كان. وجاءت نتيجة التحقيق لترفع راية الاتحاد الايطالي عالياً ليحصل على إشادة من أعلى هيئة كروية «الفيفا». ورغم أن اليوفي هو النادي المفضل لي ولثاني أهم شخص في حياتي «مشعل»، إلا أنني صفقت لقرار تهبيط «جوفنتوس» وتجريد الفريق من لقبي بطولة الموسمين الماضي وقبل الماضي، واقنعت ولدي بقبول القرار وتأييده لأن الرياضة أخلاق لا تقبل الفساد.
في السعودية لسنا بمعزل عن العالم ولا وجود للمدينة الفاضلة، ولكنا نعلق آمالنا على الأخلاق الإسلامية لتحد من انتشار الفساد، الذي نعلم بوجوده في كثير من الدوائر الحكومية والقطاع الخاص حتى أصبحت «الرشوة» بديلاً مقبولاً لفزعة «الواسطة». والواسطة بحد ذاتها تعتبر نوعاً من الفساد إذا قام المسؤول بإرساء مشروع على من لا يستحق لأنه قريب أو نسيب أو شريك في المصالح.
ولاستشراء الفساد في دنيا المال والأعمال بدأت الشركات العالمية الاهتمام بالسمعة الحسنة لاسم الشركة أو المنتج أو ما يُعرف ب «good-well» ولذلك تربط الشركات اسمها بالمشروعات الخيرية كرعاية الطفولة وحماية البيئة ومساعدة المحتاجين. ولذلك أصبحت الأندية الرياضية ونجومها تبذل الجهد لخدمة المجتمع من خلال البرامج والمباريات الخيرية التي تعمق الارتباط بين الرياضة والخير، وبالتالي تبتعد بالرياضة عن الفساد الإداري والمالي قدر المستطاع. والرياضة السعودية أمام منعطف خطير بسبب قضية «نور» التي تشغل الإعلام الرياضي بمختلف أطيافه، وعند هذه الأطياف سأتوقف قليلاً للتأكيد على ضرورة التعامل مع أبعاد القضية. فالمتابع لإعلامنا الرياضي يمكن أن يقسمه إلى ثلاثة أقسام هي المع والضد والمحايد. فهناك من سارع بتبرئة ساحة اللاعب والنادي وأصدر القرار بإقفال القضية على طريقة «كل واحد يصلح سيارته». وعلى النقيض تماماً هناك من طالب برأس جميع الأطراف وأصدر العقوبات المالية والإدارية قبل بدء التحقيق في القضية. ليبقى الفريق الإعلامي المحايد الذي يطالب بالتروي وإعطاء لجنة التحقيق كل الوقت والدعم المعنوي لتقصي الحقيقة والوصول إلى القرارات الصحيحة التي ستشكل مستقبل الرياضة السعودية دون أدنى شك.
إن أملي كبير في الإعلام المحايد ليكون الأعلى صوتاً وتأثيراً على المتلقي، فنحن بأمس الحاجة لحسم هذه القضية بالشكل الذي يحقق العدالة، ولكي يتحقق ذلك يجب أن نكثف الطرح العقلاني حول جميع القضايا التي تمس أخلاق الرياضة، فالموسم القادم سيشهد ضخ مال وفير في الرياضة بسبب عقود الاستثمار التي بدأت تدرك أهمية الرياضة، وحين يدخل المال من الباب يطل الفساد برأسه القميء من النوافذ، وإعلامنا مطالب بوضع يده في يد القيادة الرياضية للتصدي للفساد وقطع أياديه السوداء قبل أن تلطخ رياضة الوطن، المسألة جد خطيرة والحديث عنها يحتاج إلى مقالات أكثر، وتضافر الجهود مطلب مصيري للخروج من شرنقة «الفلوس تغير النفوس»، وستشهد الفترة القادمة عدداً من قضايا المال والفساد، وهي قضايا وطن ورأي عام، ونحن تحت المجهر، والكل يراقب تعاملنا مع الأحداث، فهل ننجح؟ الأمل كبير.. وعلى دروب الوطنية نلتقي. |