.. ذئاب بشريه ..


انحدرت القيم الاجتماعية في زمن الفوضى إلى قاع أودية الغاية فهي أضحت من يبرر الوسيلة فحتى أمثلتنا الشعبية تعبر عن ذلك السوء الذي اجتاح كيان المجتمع وكأنه سرطان أسرع لتمزيق خلايا الأخلاق في غفلة من الزمن ..

أنقلب الهرم رغم عن الإرادة الإنسانية لمجتمعات افتقرت لأبسط الاختيارات لممارسة حقوقها في السيطرة على ما تريد و ما لا يناسبها وكأنها ولدت للتو فلم يعد لها سوء سلوك ذلك المنزلق متناسية أو تناست ذلك الإرث الثقافي لها كأمة كانت في زمن لها السيادة المعرفية و الخلقية ..

نعم هذه الأمة تولت زمام الأمور و ما إن نقول ذلك حتى ترتد ذاكرتنا لزمان الهيمنة التي من خلالها كنا في هذا العالم منبع المعرفة و العلم فنحن من أكتشف الدورة الدموية و كانت بداية و اكتشاف علم الاجتماع و من أوجد الصفر في الإعداد و من راودته فكرت التحليق و البوصلة والساعة الشمسية و طرق الريء و من أضاف لعلوم الفلسفة لدى الإغريق الشيء الكثير ناهيك عن الطب و الفلك .. إلخ .

كيف يكون لهذه الأمة تلك الأمجاد و تتغنى بأمثلة هي أسوء من لغة الحيوان لا عجب فنحن فعلا تناسينا أن نكون بشر ما جعل هذا المقال أن يرى النور مثال مزعج يتردد كثيرا في مجالسنا و قصصنا و هو " إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب " فهل نحن حيوانات بشرية..!! و نعيش في زمن الكهوف و الغاب أم أن رجل الغاب قد وجد طريقه إلينا ..!! لا أعلم أي قيمة اجتماعية انبثقت عن هذا المثال السيئ في الصياغة و الأسلوب و المعنى في آن واحد و المشكلة إنه أصبح معيار لقياس الشخصية و المكانة و لا عجب ففي هذا الزمن يترنم الكثير بمقولة أخرى إن البقاء للأقوى ...

هذه الأمثلة يا سادتي لا تصلح أن تكون سوء لمجتمع الحيوان أو إنسان نراه على شاشة التلفاز يجر أنثى من شعرها ملقيتا على الأرض واضعا على جسده العاري المنتصف جلد ثور كلباس له و ممسكا باليد الأخرى شعار القوة جذع شجرة ...

أبهذا نربي الجيل و نقول بأنه جيل انحرف عن جواد الطريق لا و أقسم على ذلك نحن من و ضعنا هذا الطريق لهذه الجيل وزرعنا تلك القيمة لديه وكانت تلك النتائج المحزنة تلك التي تنخر في كياننا الاجتماعي فأصبحنا نعيش في ممالك أشبه ما تكون كبيوت العنكبوت
الفريسة و الصياد ..

نعم كن قويا نعم كن شجاعا قاسي القلب فليس للطيبة من مكان أنها معضلة وبصمة عار لا تكن متسامحا عادل و لا ترى الصحيح إلا ما تراهُ صحيحا أنت لا ما يراه غيرك قف الأول سوءً كنت أول من يقف في الصف أو آخر من يأتي و لا تعر اهتمام لمن هم قبلك فأنت ذئب لا تدع فرصة وتناول الفرصة أتت لك أم متحايلا عليها و لا تلتفت فأنت ذئب مزق النعجة مستطعت فأنت ذئب و لك الحق أن تفاخر بما أنجزت أنثر الدم إن لم تكن قادر فأنت ذئب دع يدك تمتد إلى حيث مستطعت فأنت ذئب فقد لا تصل يديك الماء و أنت غير ذئب ...

إلى هذه تقودنا تلك الأمثلة البائسة فأصبحنا نربي ذئاب بشرية في بيوتا بشرية وبهذا نكون قد عارضنا " داروين " في نظريته و قد أثبتنا له عكس ما يدعي فنحن لسنا أحفاد قردة بل نحن أبناء ذئابه و أحفاد ذئابه ..

ملاحظة :
هذه المشاركة تعبر عن عودتي لهذه المنتدى متمنيا أن يجد لديكم الهارف متسع له كما كان في السابق ...


الهارف