(( المارد الصيني )) خرج من القمقم.. وقدراته على التطور اعلى بكثير من اليابان
منتخبات تغفو كهولندا وربما المانيا.. ومنتخبات تستيقظ كالصين.. وتصفيات مونديال 2002 اليابان وكوريا الجنوبيه دخلت الخط النهائي المستقيم.
وما يهم عرب اسيا تحديدا هو معرفة بطل المجموعه الاولى (( السعوديه ام ايران ))، وصاحب المركز الثالث (( من حيث المبدأ ستلعب السعوديه وايران ضد الامارات ))، وقدرة ثالث اسيا على مقارعة جمهورية ايرلندا ثانيه المجموعه الاوروبيه الثانيه.
عندما تصحو الصين
ضيف جديد ولا كل الضيوف سيطل على المونديال هو المنتخب الصيني. وصباح الثلاثاء الماضي وللمره الاولى في تاريخها، خثثت مجلة (( فرانس فوتبول )) الفرنسيه الاسبوعيه الشهيره غلافها باللون الاحمر لتنين اسود فوق عنوان عريض يقول: (( عندما تصحو الصين )).
وتحت هذا العنوان جمله تقول: (( الصين تاهلت يوم الاحد الماضي لنهائيات كاس العالم، وهذه المشاركه الاولى لا تشكل اغلب الظن الا مرحله في مسيرة كرة القدم الصينيه الطويله )).
وقبل ان نعرض ما قالته المجله بالتفصيل، نشير الى ان الصين شاركت في التصفيات للمره الاولى عام 1958 واخفقت امام اندونيسيا، ثم غابت طويلا وظهرت مجددا عام 1982 فلم توفق الى ان الان شذت عن القاعده في التصفيات الحاليه وضمنت المركز الاولى في المجموعه الثانيه.
عشاق الكره الحلوه استمتعوا قليلا بمستوى المنتخي الذي يمثل اكثر دول العالم تعدادا سكانيا (( 1.3 مليار نسمه يعيشون ضمن مساحة 9.57.900 كلم مربع )). خيل اليهم في لحظات عابره انه ممتاز في كل شئ: سرعه وقوه وانضباط.
لكن مستوى المنتخب انكشف لحظات اخرى وكان في حال لا يرثى لها فعلا، ومن مختلف الزوايا، في الشوط الثاني من مباراة الامارات مثلا في ابوظبي وعلى مدى مباراته امام عمان الاسبوع الماضي في شن يانج: اللياقه منعدمه، المهارات الاساسيه الفنيه والخططيه غائبه.
وهنا تساءل الجميع باستثناء الصينيين: هل يستحق هذا المنتخب ان يشارك في نهائيات المونديال؟ والى متى يستمر المستوى الاسيوي في الانحدار او البون الشاسع بين مستوى اسيا ومستوى القارات الاخرى؟
بل ان هناك من تساءل: كيف يعقل ان يبدو الصينيون بوجهين من مباراه الى اخرى؟ وهل في الامر لغز اسمه المنشطات؟
اسئله كثيره تفرض نفسها. والمهم ان الاعلام الاوروبي راح يخصص (( اخيرا )) مساحات واسعه عن الكره الصينيه التي انتظرت طويلا الى ان اطلت في المونديال.
100 صحيفه همها الكره
وتشير صحيفة (( ليكيب )) في عددها الصادر يوم الاثنين: (( اهتم البعض بفوز الصين بشرف تنظيم اولمبياد 2008. اما بلوغها المونديال فله وقع اخر. ذلك انه يندر ان يقف صيني واحد امام كرة القدم موقف اللامبالي )).
وفي الصين نحو 100 صحيفه. ومعظمها بخصص نصف عدد صفحاتها لكرة القدم المحليه والاوروبيه وينشر مواعيد نقل المباريات الايطاليه والالمانيه والاسبانيه والانجليزيه تلفزيونيا.
واذا قلت لسائق التاكسي انك فرنسي يسالك عن زيدان قبل ان يحدثك مثلا عن برج ايفل. وامام الصين الكثير حتى ترتقي بمستواها الكروي. وبلوغها نهائيات المونديال المقبل قد يكون نقطة البدايه. كل شئ سيتغير، بما في ذلك مسيرات اندية المحترفين وانظمة المسابقات المحليه. ونشير هنا الى ان متوسط راتب اللاعب المحترف شهريا هو الفي دولار في اندية الدرجه الاولى، لكنه ينخفض كليا في الدرجه الثانيه واندية الاقاليم ليصل الى نحو 70 دولارا.
60 مليار مشاهد تلفزيوني
وتحدثت (( ليكيب )) مع الكوري الجنوبي الشهير تشونغ مونغ جون نائب رئيس الاتحاد الدولي ورئيس اللجنه الكوريه المنظمه لمونديال 2002 وصاحب شركة هيونداي، فاشار الى ان تاهل الصين سيعزز من اوضاع اللعبه فيها.
واوضح: (( شاهد 37 مليار شخص مباريات كاس العالم 1998، توقعنا ان يصل العدد الى 42 مليارا في مونديال 2002، كلن مع تاهل الصين فانه قد يرتفع الى نحو 60 مليارا.. لكن بالنسبه الى عدد البطاقات المخصصله لكل دوله فان الوضع لن يتغير سواء بوجود الصين او من دونها. وعدد الطلبات عموما هو 10 اضعاف ما هو ممكن.
ويعتبر المدرب اليوغسلافي بورا ميلوتينوفيتش من علامات المونديال على مر التاريخ. لعب للاده ثم في فرنسيا والمكسيك. ثم درب في المكسيك وتسل منتخبها فبلغ به ربع نهائي مونديال 1986، ثم قاد كوستريكا والولايات المتحده ونيجيريا الى الدور الثاني في مونديالات 90 و 94 و 98، وهو المدرب الوحيد الذي سيقوده منتخبات مختلفه في خمس مونديالات، ولا يستبعد ان يبلغ الدور الثاني في المونديال المقبل: (( وكل شئ جائز في الدور الاول )).
وطلبت الصين بورا قبل 21 شهرا عبر سفير يوغسلافيا في بكين: (( وافقت على المغامره، وسواء بقيت في منصبي او لم ابق فانني حققت حلما من احلامي )).
تاقلمت مع العادات والتقاليد والتفكير. والصينيون منضبطون ويستمعون جيدا لتعليمات قادتهم ورؤسائهم. وعلمتهم التنظيم داخل الملعب لكن لا يزال امامهم الكثير حتى يتعلموا الابتكار والمبادره )).
مشكلة الكره الاسيويه هو قلة الاحتكاك بمستويات اعلى كالمنتخبات الاوروبيه، لذك اكثرت من المباريات التجريبيه حتى ينمو اللاعبون ذهنيا.
اعتقد بان تطور الصينيين فاق توقعاتي، واحلى ما قدموه حتى الان هو مباراتهم امام اليابان في نصف نهائي امم اسيا التي خسروها 2-3 في بيروت، وكذلك مباراتهم في الدور الاول من التصفيات الحاليه عندما تاخروا بهدف امام اندونيسيا في الشوط الاول قبل ان يفوزوا 5-1 مع نهاية اللقاء.
ومن بوادر الامل بالنسبه الى الصينيين انهم يبنون القاعده وهم خسروا امام الارجنتين 1-2 فقط في مونديال الشباب قبل اسابيع قليله قبل ان تفوز الارجنتين باللقب.
عليكم بالتنظيم
وما راي مدرب فرنسا السابق ايميه جاكيه؟
سالته (( فرانس فوتبول )) فاجاب: (( فيروس كرة القدم موجود في الصين. اشعر بان العمل موجود، لكن كل يعمل بطريقته الخاصه. حققت الصين الحلم لكن عليها ان تستثمر ذلك من خلال تنظيم جديد لا يعرف خباياه غيرها ومن خلال هيكل جديد وتقنيين. وعلى الصينيين ان يتعلموا من الدرس الياباني. ظهرت اليابان لسنوات ثم اختفت لانه لم تكن هناك متابعه، ثم عادت مجددا. من واجب الصينيين الا يعتمدوا فقط على النجمه الموجوده على علمهم خصوصا انهم سينظمون مونديال 2003 للسيدات واولمبياد 2008. شاهدت خلال وجودي في الصين مباراه بين المنتخبين الاولمبيين الصيني والكوري. هناك نواقص خصوصا على الصعيد البدني خصوصا. التاخر عن الركب العالمي واضح وعلى جميع الصعد. عليهم ان يبداوا من الصفر وان يوحدوا مناهج العمل. ما فعله ميلوتينوفيتش انه وفق في جمع عدد من اللاعبين، لكن ما فعله لا ينسي احدا المشكلات الجذريه التي تعانهيا الكره الصينيه )).
الهدف هو كأس العالم
يذكر ان الصين انضمت الى (( الفيفا )) عام 1931 ثم تركته عام 1954 احتجاجا على قبول تايون في عضويته. وحلت الصين ثالثة في كاس امم اسيا 1976 في ظهورها الاول وعادت بعد وفاة الزعيم مو تسي تونغ عام 1979، واعتبر احلاق بطولة المحترفين لديها عام 1994 على اثر الاصلاحات الاقتصاديه التي قام بها دنغ شياو بينغ علامة فارقه، وذلك بعد عام واحد فقط من الخطوه ذاتها التي اعتمدها اتحاد الكره الياباني.
وعندما اقيمت المباراه الاولى في دوري المحترفين في 17 ابريل 1994 بين فريقي سي شوان ولياو نينغ القي رئيس الاتحاد الكروي وانغ جون شينغ كلمه لم يخف خلالها السبب في اطلاق بطوله للمحترفين (( وهدفنا منها هو بلوغ نهائيات كاس العالم قبل نهائية القرن العشرين )).
وقبل بطولة المحترفين كانت هناك بطولة هواه منذ 1963 بمشاركة 22 فريقا تمولها المناطق التي تمثلها. وفي بطولة المحترفين 21 فريقا فان الشركات التجاريه الخاصه هي الراعيه، ومن حق كل ناد ان يضم 5 اجانب باستثناء الجيش.
ومع ذلك، لم يشارك احد من المشاهير في البطوله لان متوسط قيمة الراتب الشهري هي 1000 دولار، ومع الوقت ازداد عدد رواد الملاعب (( من 18 الفا عام 1994 الى 23 الفا عام 1995 )) والمشاهدين التلفزيونيين (( من 2.17 مليون عام 1994 الى 3.14 مليون عام 1995 )) وبدأ عدد من الاجانب الدوليين في تجربة حظهم كالتشيكش نيميتشيك (( مع نادي داليان )) والروسي كيرياكوف (( يون نان )) والبولندي جوزفياك (( شن يانغ )) والجنوب افريقي مارك وليامس (( تشونغ كينغ )).... وفي الايام الاخيره انضم البرازيلي الدولي جونيور بايانو الى فريق شنغهاي شن هوا لمدة 6 اشهر في مقابل 1.4 مليون دولار الذي تملكه شركة الكهرباء وتموله شركة شارب اليابانيه، وقد بلغت ايراداته عام 1999 نحو 5 ملايين دولار. وهناك عربي واحد جرب حظه هو لاعب الوسط السعودي الدولي المعروف فؤاد انور قبل نحو ثلاثة اعوام مع نادي سي شوان. ومنذ 1999 تضاعفات الارقام خصوصا بعدما دخلت الشركات الامريكيه على رعاية بطولة الدوري. وهكذا، فوتت بيبسي كولا الفرصه على كوكا كولا لرعاية بطولة الدوري الصيني لخمسة مواسم اي حتى 2004. واذا كان ثمن نادي داليان 5 ملايين دولار عام 1999 فان شركه جديده اشترته اخيرا بنحو 16 مليون دولار.
وتعتني الانديه بمدارس الناشئين. وفي نادي شن يانج الذي تقام عليه مباريات منتخب الصين في تصفيات المونديال هناك 400 لاعب من سن السابعه الى سن الثامنه عشرن، ينعمون بالماكل والمشرب والاقامه مع التدريب اليومي، ويعتقد ان العدد سيرتفع قريبا جدا الى 4 الاف بسبب طفرة كاس العالم. ومن ابرز المدربين الذين استعانت بهم اندية الصين هناك البرازيلي لازاروني والبولندي الفرنسي كاسبرجاك.
ماذا يقول تروسييه؟
ومنذ 1998 بدأ الصينيون يجربون حظهم في الخارج، وتحديدا عندما انضم قلب الدفاع الدولي الحالي فان جي يي الى كريستال بالاس اللندني. وفير ان الموجه انحسرت بعد ذلك وعاد عدد من اللاعبين الى بلادهم. الى ذلك رفض المسؤولون السماح لاي لاعب جديد بالتوجه الى اوروبا تنفيذ لتعليمات ميلوتينوفيتش وعلى شوء تصفيات مونديال 2002.
وهل سيتمكن الصينيون من العوده بكثر الى اوروبا مع تاهلهم لكاس العالم؟ يجيب الفرنسي فيليب تروسييه، مدرب اليابان: (( اعتقد ذلك، لكن الامر يحتاج الى بعض الوقت، لان قدراتهم تفوق قدرات اليابانيين وعددهك اكبر وقادرون على العيش في الخارج والتاقلم لان ذهنيتهم هي ذهنية الغزاه، وانظروا كيف انهم منتشرون في كل مكان.. الياباني يمارس اللعبه كمهنه، كلن الصيني يحبها كهاوي ويمارسها كمحترف. الصغار يلعبون في الشوارع والسهول ويكافحون من اجل دخول مدارس التدريب. والتطور متاح في بطولة الدوري الصيني في حين وصلت الى حد الاشباع في الدوري الياباني.
ومع التطور المتوقع، والقدر الكبيره التي تتمتع بها كرة القدم النسائيه في اليابان (( 15 مليون لاعبه، والمركز الثاني في بطولة العالم 1999 ))، وتنظيم نهائيات امم اسيا 2004 واولمبياد 2008، تستطيع الصين ان تحلم باستضافة نهائيات كاس العالم يوما ما.
وختمت فرانس فوتبول (( صحوة التنين الصيني بدأت ))