قيل ان الارض تتكلم ..فلو انها تكلمت بما رحبت ..وما وسعت وما كان فيها وسيكون عليها لهاجت وماجت.. وازبدت وارعدت وارعبت.. واقلعت وابتلعت ساكنيها بمّأسيها.. ولكن انى للارض ان تفوح منها رائحة الدماء الطاهرة التي روتها واسقتها فنمت شجرة اللغة بحروفها الأبجدية ..ولكنها شجرة خرساء..فلو استطاعت لنطقت وحكت للريح حكايا الناس ولتغيرت النفوس وتبدلت الطقوس..ويبقى كل شي محروس ولا منفوس.
الارض ان تكلمت يتغير التاريخ ويبتعد عنها كوكب المريخ.. وتبزغ شمس غير الشمس وينبلج نهار ليس كالنهار..ويشرق ضوء ويندثر ظلام..وينفتح قلب ليدخل فيه قلب.
ولكن هيهات فشجرة الكلمات لم تعد لها لغة ولا حروف نفهمها ونترجم لها ..فلم تعد ابجديتها تهز العواطف والوجدان..فالكلمة تباع وتشترى اكثر الكلمات تبرجا وتملقا وزيفا .. فلو تستطيع الكلمة ان تصرخ لمزقت بصراخها الخوف كل الخوف..ولاختصرت الزمان وغيرت المكان ..وتنفست الصدور في اعماق البحور.
الكلمات الحلوة الشفافة التي تكتب بعفوية وعذوبة تختنق قبل ان تولد ..يخنقها الهلع و الترقب ولاللتفات يمينا وشمالا..يخنقها الشك فيها في نقائها وصفائها ..فلم يعد للحرف والكلمات قلم واضح وصريح وسط كل هذا الغمام ..وفي ارض ممحلة جدباء ..لا تخصب ولا تغضب..فمتى يا ترى ستتكلم الارض ؟؟!!
ومتى النفس والروح تتكلم ومتى يتكلم القلم ليبعد عذابات الروح المتكررة ؟؟!!
وهل سيجيء يوم تصرخ فيه هذه الكلمات بوجه الكلمات المريرةالمسمومة؟؟!!
وهل ستعود ثمار الاشجار مديدة الاعمار بكل كبريائهاو فرحها؟؟!! اننا نرتقب...
انني اخشى على كلماتي من كلماتي وسط ضباب الافكار الفارغة ..انتظر بكل رغبة وبدون رهبة ..ان تصرخ بكل حرية دون تبرج او زيف او رياء ..اريد لها ان تخرج من القلب لتدخل في القلب ..ولا تخرج من اللسان لتجرح الاذان..
وستبقى الدموع تتساقط لتمتزج مع حبات المطر لتسقي ارضا بلا كلمات..
--------------------