09/06/2006, 08:30 AM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 24/06/2005 المكان: باريس نجد ( عنيزة)
مشاركات: 3,926
| |
خبير: التدفقات الاستثمارية إلى السعودية شهدت نمواً قياسياً في السنوات الأخيرة
الفريان لـ الشرق الاوسط : تصنيف الرياض كبيئة ملائمة للاستثمار سجل ارتفاعا في جميع التقارير الدولية
الرياض: زيد بن كمي
أكد خالد الفريان، الباحث السعودي في مجال الاستثمار، تحسن تصنيف المملكة كبيئة ملائمة للاستثمار في جميع التقارير الدولية، وأن المتابع المنصف يلمس بوضوح العديد من التطورات المشجعة في مجال تحسين البيئة الاستثمارية في المملكة.
وذكر الفريان لـ«الشرق الأوسط» أن نقاط القوة في الاقتصاد السعودي أدت إلى نمو النشاط الاقتصادي في المملكة بصورة عالية، حتى أصبح يصدر سجل تجاري في المملكة كل ربع ساعة، كما نمت تدفقات الاستثمار الأجنبي والمشترك في المملكة بنسب قياسية خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت المملكة أكثر الدول العربية استقطاباً للاستثمارات الأجنبية والبينية.
كما ساهمت عوامل القوة في تحقيق معظم الشركات السعودية الكبرى معدلات ربحية قياسية تنمو كل سنة بمعدلات قياسية على المستوى العالمي، موضحاً أن العديد من المستثمرين الأجانب الذين استثمروا في المملكة وعدة دول، يؤكدون أن بيئة الأعمال في المملكة توفر فرصا استثمارية بأرباح مجزية لا تتحقق في معظم الدول الأخرى.
وأوضح الفريان أن هذا التحسن في بيئة الاستثمار لا يعني عدم وجود العديد من السلبيات. وأكد أن المهم هو طرح الإيجابيات والسلبيات بتوازن وموضوعية.
ويقوم الفريان بإعداد دراسة حول أهم العوامل السلبية والإيجابية ونقاط الضعف والقوة المؤثرة على بيئة الاستثمار في المملكة، بالاستفادة من مؤشرات تنافسية المملكة مقارنة بدول العالم والمنطقة في جذب الاستثمار الواردة في التقارير الدولية المحايدة، والدراسات المتخصصة التي ترصد وتحلل العوامل المؤثرة على المناخ الاقتصادي والاستثماري في دول العالم المختلفة، إضافة إلى الاستعانة بتجارب واقعية وحية لعدد من المستثمرين السعوديين والأجانب، مع الاستفادة من مسوحات شاملة قامت بها عدة جهات لمعرفة مرئيات المستثمرين حول بيئة الاستثمار في المملكة.
وذكر الفريان أنه بالنسبة للعوامل السلبية فإن أبرزها والتي يتكرر تذمر رجال الأعمال منها، ما يتعلق بالقضاء في المملكة على الرغم أنه يتسم بالنزاهة (حصلت المملكة على المركز الثاني بين الدول العربية من حيث نزاهة النظام القانوني وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، تقرير (The Arab world Competitiveness ) لعام 2005.
كما يتمتع القضاء بثقة المجتمع في أحكامه باعتبارها تنطلق من التشريع الإسلامي، إلا أن جوانب الضعف ذات الطابع التنظيمي تجعل البيئة القضائية في المملكة من أهم العوامل السلبية الطاردة للاستثمار ومنها ما يتعلق بتأخير البت في القضايا والصعوبات المتعلقة بتنفيذ بعض الأحكام وعدم تدوين الأحكام القضائية والبطء في تنفيذ الترتيبات الإصلاحية في مجال القضاء.
وأشار الفريان إلى احتلال المملكة مركزاً متأخراً مقارنة بدول المنطقة ودول العالم من حيث تكلفة حل المنازعات ومن حيث عدد الإجراءات لحل قضايا الشيكات المرتجعة، ومن حيث ضمان الحقوق فيما يتعلق بالتمويل (وفقاً لمؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي في تقريرها السنوي حول تنافسية دول العالم في مدى ملائمة بيئة الاستثمار لتنفيذ الأعمال التجارية المختلفة 2006 Doing Business in ).
وذكر الفريان أن إحدى الدراسات أشارت إلى أن معدل القضاة في المملكة هو 3.9 قاض لكل مائة ألف مواطن، في مقابل 28.2 في الكويت، و 41.8 في مصر، و41.77 في فرنسا، و43.5 في ألمانيا، و 55.2 في بريطانيا، و 22.8 في أميركا.
وبين الفريان أن الإسراع في تنفيذ الترتيبات لتنظيم القضاء التي أقرها مجلس الوزراء أخيرا وزيادة عدد القضاة مع إيجاد آليات فعالة للمحاسبة والمراقبة وإضفاء الشفافية ومزيد من الاستقلالية على القضاء في المملكة، سوف تحسن كثيرا من مناخ الاستثمار في المملكة وستكون محكا جوهريا لمدى نجاح جهود الإصلاح بشكل عام، إذ أنه لا يوجد إصلاح فعال دون قضاء فاعل.
وبين الفريان أن العامل السلبي الثاني يكمن في ثقافة «سد الذرائع»، مشيراً إلى أن «سد الذرائع» مصطلح في غاية العمق ويستهدف في جوهره وقاية المجتمع من الآثار السلبية المستقبلية الناجمة عن خطوة معينة ليست هناك مشكله فيها بحد ذاتها، ولكنها تقود إلى مفاسد معينة، فدرء المفاسد في التشريع الإسلامي مقدم على جلب المصالح.
وبين الفريان أن الآفة التي أصابت المجتمع هي التوسع المبالغ فيه في باب «سد الذرائع» ومزايدة المنتفعين على هذا المصطلح حتى تم تشويهه وتفريغه من أهدافه السامية، فأصبح كل شيء قد يقود إلى أي شيء، مشيراً إلى تأثر الجهات الحكومية بتلك الثقافة، إذ أنها لا تتردد في منع أمر معين حتى لو كان المنع غير منطقي أو غير قانوني، بينما تلك الجهات تفكر ألف مرة قبل السماح «رسمياً» بأمر جديد، حتى لو كان الجميع يعلم أنه ممارس على أرض الواقع، ومن ذلك على سبيل المثال ممارسة موظفي الحكومة للتجارة، وهو قرار غير منطقي صدر منذ عدة عقود ولم يطبق عملياً، والطريف أن مجلس الشورى يدرس حالياً إمكانية إلغائه! وقال الفريان «إنه في ظل تلك الثقافة كان من الطبيعي أن لا يكون هناك التزام بالكثير من الأنظمة والقرارات، لأن كثيرا منها كأنما وضعت لتتم مخالفتها، ويصبح من الصعب أحياناً المطالبة بالحزم مع مخالفي بعض الأنظمة والقرارات، إما لعدم منطقيتها وإما لعدم تطبيقها على بعض الفئات «مشيراً الى أن ضوابط الاستثمار في بعض القطاعات الحيوية والمهمة تتسم بتحفظ مبالغ فيه، حيث أن المنع في الغالب هو الأساس والسماح هو الاستثناء، كما أن الضوابط تصاغ بطريقة تجعلها أشبه بالمنع، وذلك نتيجة لعجز بعض تلك الجهات عن وضع ضوابط مرنة تفعل القرارات، وفي هذا السياق تبرز ظاهرة صدور أنظمة وقرارات معينة، لكنها لا تطبق أو تؤجل بسبب العجز عن إصدار اللوائح التنفيذية الملائمة للتطبيق».
وبين الفريان أن العامل السلبي الثالث يكمن في الإجراءات الروتينية لدى بعض الجهات الحكومية، وتعدد الموافقات التي يحتاجها الاستثمار في بعض القطاعات وطول فترة بعضها بلا مبرر، وبخاصة إذا كانت تتعلق بوزارات ذات أنشطة متعددة ومتشعبة، وتحتل المملكة وفقاً لتقارير دولية محايدة مركزاً متدنياً فيما يتعلق بإجراءات تنفيذ المشاريع مقارنة بدول العالم ومقارنة ببعض الدول العربية.
إلا أن الباحث أكد أن الوضع الآن أصبح أفضل من السابق وأن هناك جهودا حقيقية تبذل من قبل العديد من الجهات لتقليص وتسهيل الإجراءات، وقد تحققت عدد من النتائج الإيجابية لتلك الجهود على أرض الواقع.
وأضاف الفريان أن العامل السلبي الرابع ضعف الشفافية، مشيراً إلى ان السعودية تحتل مركزا متدنيا على المستوى الدولي فيما يتعلق بالشفافية لأسباب عديدة؛ منها عدم وضوح العديد من الأنظمة، وكسرها أحياناً من قبل أصحاب النفوذ وأصحاب الشفاعة! والمعوقات المرتبطة بتنفيذ الأحكام، والمشاكل المرتبطة بالشيكات، دون تطبيق إجراءات رادعة بحق المتلاعبين بحقوق الآخرين.
وسبق للباحث الفريان إعداد استطلاع لمعرفة مرئيات عينة عشوائية من المجتمع شملت 460 فرداً حول مدى قبول الشيك غير المصدق، وأتضح أن 90 في المائه من أفراد العينة لا يقبلون الشيك غير المصدق لعدم ثقتهم به ولشعورهم بصعوبة الحصول على حقهم في حال عدم وجود رصيد في حساب مانح الشيك.
وبين الفريان أنه في ظل ضعف الشفافية من الطبيعي أن تنشر ظواهر في غاية السلبية في مجال أداء الأعمال ومنها التستر بأضراره الاجتماعية والأمنية والاقتصادية.
وحول العوامل الإيجابية، ذكر الفريان أن العامل الأبرز في المملكة غير الموجود في اغلب دول العالم الأخرى، هو عدم وجود أشكال متعددة من الرسوم والضرائب (باستثناء الضرائب على الأرباح بالنسبة للمستثمر الأجنبي ومقدارها 20 في المائه من الأرباح مع السماح بترحيل الخسائر لعدد غير محدد من السنوات). وتعتبر المملكة ضمن الدول الأقل في العالم في ضرائب الشركات، وفقا لتقارير محايدة، فيما العامل الثاني في الأهمية هو تقديم الدولة للأراضي مجاناً للمشاريع في عدد من القطاعات (الصحة والتعليم والزراعة والصناعة)، ومن ذلك تقديم الأراضي في المناطق الصناعية بأسعار رمزية قدرها 8 هللات للمتر المربع، مع ملاحظة أن هناك اختناقاً في المدن الصناعية في الرياض وجدة، وهناك قوائم طويلة من المنتظرين، بينما هناك عدد من المدن الصناعية في المدن غير الرئيسية يوجد بها مساحات شاغرة ويجب توجيه المستثمرين لها مع تشجيع القطاع الخاص على تطوير المدن الصناعية (أسوة بما هو معمول به في الدول الأخرى). والعامل الثالث هو ضخامة التمويل المقدم من صناديق الإقراض الحكومية المتخصصة، حيث يعتبر تأسيس ودعم هذه الصناديق أحد أبرز ملامح التجربة التنموية للمملكة، وأهم هذه الصناديق هو الصندوق الصناعي، ويمول الصندوق المشاريع الصناعية حتى 50 في المائه من رأسمال المشروع، وبحد أعلى يصل إلى 600 مليون ريال على أن يدفع المستثمر 2.5 في المائة من إجمالي تمويل المشروع (تسمى مصاريف إدارية) مع أتعاب متابعة سنوية، ويتم التسديد خلال فترة 10 سنوات بعد فترة (سماح) لمدة سنتين، علماً أن الصناديق المشابهة في الدول المجاورة تعمل على أسس تجارية 100 في المائه، وتتراوح نسبة الفوائد المفروضة بين 5-7 في المائه.
وأشار الفريان الى أن العامل الرابع هو انخفاض أسعار الوقود، وتقديم الخدمات للمشاريع الاستثمارية بأسعار تقل أحيانا عن أسعار التكلفة، مع ملاحظة أن هناك عقبة إجرائية مرتبطة بهذا الحافز، وهي عدم ثبات أسعار الخدمات على المدى الطويل، ولكن مستوى الأسعار بحد ذاته يبقى معقولاً ومنافساً على المستوى الدولي، وذلك إذا ما استثنينا أسعار الاتصالات التي تعتبر مرتفعة في المملكة قياساً بالدول الأخرى، مما يوجب تخفيض أسعار الاتصالات وبخاصة مع الانتقال من مرحلة الاحتكار إلى مرحلة المنافسة.
وأكد الفريان أن هناك عاملا مؤثرا بقوة عن مناخ الاستثمار في المملكة ويمكن تصنيفه كعامل إيجابي، كما يمكن تصنيفه كعامل سلبي، وذلك وفقاً للزاوية التي ينظر منها له وهذا العامل، هي أنظمة العمل، حيث أن المستثمرين في المملكة يستفيدون من عدة مزايا فيما يتعلق باستقدام عمالة لا وجود لمثلها في معظم دول العالم الغنية، ومنها عدم وجود حد أدني للأجور، وعدم وجود إضرابات في العمل، مع السماح باستقدام أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية دون قيود شبيهة بالقيود المعمول بها في أغلب دول العالم. ونتيجة لذلك فإن نسبة العمالة الأجنبية في سوق العمل بالمملكة هي 88 في المائه، وهي إحدى أعلى النسب في العالم (إذا ما استثنينا بعض دول الخليج الصغيرة التي لا تعاني من البطالة). تأكيدا لذلك فإن تقرير «Doing Businese 2005» (وهو تقرير محايد انتقد العديد من الجوانب في المملكة) صنف المملكة ضمن الخمس دول الأولى في العالم من حيث سهولة توظيف العمالة ومرونة ساعات العمل.
ورغم ذلك، فإن هناك صورة ذهنية سلبية حول أنظمة العمل في المملكة باعتبارها معوقاً يقف حائلا يصعب معه الاستثمار في المملكة، والمبالغة في ذلك أحياناً إلى درجة تصوير المملكة وكأنها هي الدولة الوحيدة في العالم التي تلزم قطاع الأعمال بتوظيف المواطنين! وبين الفريان أن هذا التناقض يعود لعدة أسباب، منها ما يتعلق بالإجراءات ومنها ما يتعلق بغياب الشفافية والانطباع العام حول أن الأنظمة تطبق على الصغار والضعفاء ولا تطبق على الكبار والأقوياء.
وأشار إلى أن تلك العوامل تحصر بشكل أو بأخر أهم المؤثرات الرئيسية على مناخ الاستثمار في المملكة، وأن تطويرها يعتمد على مظلتين رئيسيتين هما مظلة برامج الإصلاح وتحسين البيئة الاستثمارية التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين، وبرامج التنظيم الإداري وإعادة هيكلة أجهزة الدولة التي يشرف عليها ولي العهد الأمين، وقد حققت هذه البرامج برعايتهما حفظهما الله المستمرة وحرصهما على تنفيذها بما يخدم المواطن العديد من النجاحات، وكان لها تأثير إيجابي من العديد من الجوانب، وقد أدى ذلك إلى تحسن مركز المملكة التنافسي خلال السنتين الأخيرتين في جميع التقارير التي تقيس الجاذبية الاستثمارية لدول العالم. |