مصلح جميل - مصور وكاتب سعودي

شدني خبر طرحته شركة فوجي عن احد منتجاتها وهو CD لحفظ الأقراص بمواصفات عالية ! ورغم أنني قرأت وسمعت عن ما قد يواجه الأقراص من مشاكل مستقبلية تكنولوجية فأنني أصبحت لا أومن كثيرا بالتقنية، بل اشعر بأنني ومنذ دخلت عالم التصوير الرقمي وقبل ذلك بسنوات عندما اقتنيت أول حاسب شخصي أنني الهث وراء المنتجات الالكترونية الجديدة وبرامجها علما بأنني شخصيا لست من هواة الأجهزة الرقمية رغم تقديري لها!
منذ بدأت استعمل الكاميرا الرقمية قبل أكثر من سنة وثلاثة اشهر بدأت اشعر بأنني افقد السيطرة على أرشفة الصور والتحكم بها، عكس ما كنت أقوم به مع أفلام السلايد! لذا بدأت اطرح السؤال على كل من يقوم بالتصوير بكاميرا رقمية! وأحاول أن اقرأ عن كل ما هو جديد حول هذا الأمر وفي مقال لرئيس تحرير مجلة Popular Photography & Imaging جون أوين عنوانه (The EX Files ) بدأه بطرح السؤال الذي قد طرحه الكثيرين على أنفسهم والبعض لم يسبق له أن فكر فيه مجرد تفكير: "أين ستكون صورك الرقمية بعد 20 سنة أو 10 سنوات أو حتى خمس سنوات؟"

انه السؤال الممل والمخيف، وهو مخيف لأننا لسنا بأمان مع كل هذا التقدم في التقنية وممل لأننا نعرف إجابات قد لا تكون الحل ( الحفظ على C D). والبعض يقول ويعتقد أن ذاكرة الكمبيوتر هي مكان أمن وجيد لحفظ الصور.
شخصيا أومن بأن ذاكرة الكمبيوتر مكان رائع لحفظ الصور لأنني أجد الصورة بسهولة عندما ارغب بتحريرها أو لمجرد الإطلاع عليها ولأنني كسول في حفظ الصور على الأقراص، ومع ذلك ينتابني خوف عندما تظهر لي أي إشارة قد تذهب بذاكرة الكمبيوتر إلى غياهب "الرقمية"! بل إنني أصبحت أخاف من أي ملف يصلني عبر البريد أو المسنجر خوفا من أن يكون موبوءا بفيروس يقضي على ملفاتي!
مع كل هذا أبدو كسولا وغير مباليا خاصة وان عدد الأقراص التي تحتوي على صور بدأ يزيد وأصبح مزعجا فضلاً عن عدم تمكني من التطور في آلية الأرشفة لدي!
وبقاء الصور على ذاكرة الكمبيوتر يعتبر مجازفة، بل هي كأن تضع كوب زجاجي على سطح سيارتك وأنت تقودها! واذكر أن صديقا "شاعر وروائي" فقد ذاكرة كمبيوتره التي تحتوي مشروعا أدبيا يعمل عليه منذ سنة ونصف، فأصيب باكتئاب ولزم بيته لمدة ثلاثة أيام يندب حظه!
الكثير من الأصدقاء يقوم بحفظ صوره عن طريق حفظها على الـ CD. ولكن هل هي أمنة؟
سالت ذات مرة الفنان السعودي علي المبارك كيف يحفظ ملفاته فقال لي بأنه يحفظها بذات الطريقة وقال بأنها – أي CDs – ربما تصبح غير أمنة بعد سنتين، خاصة وان الكثير من شركات الكمبيوتر تنتج أقراص بدون الطبقة الذهبية التي كانت تحمي الأقراص وتوفر لها عمر أطول!

شخصيا لم أكن اعلم بأن الأقراص لها عمر محدد أو أنها ستأتي في يوم وتقول لك Over.
سألت مصورة استرالية (سمانثا افيرتون) تعمل على ملفات الصور الرقمية كيف تحفظ ملفاتها والتي تبلغ الصورة الواحدة بحدود 150 ميغابات فقالت : "احفظ صوري في ثلاثة وسائط: ذاكرة الكمبيوتر الماكنتوش وأقراص C Dوهارد ديسك خارجي! "
قد تبدو هذه الحلول معقولة ومقبولة جدا، وقد نضغط على أنفسنا ونقوم بكل تلك الأرشفة والحفظ ولكن دعونا نعود لما قاله جون اوين: "المشكلة تأتي مع الوقت، فربما بعد فترة من الزمن لا نجد كمبيوترات تشغل لنا أقراصنا التي حفظنا ملفاتنا عليها أسوة بما حدث لأقراص الموسيقى!"
وهنا يطرح (اوين) نكتة وهي "كيف سيتعامل أحفادك مع أقراصك المليئة بالغبار بالمقارنة مع ملف يحتوي على سلايدات يمكن تصفحها في ملف أو علبة"!

مشكلة أخرى اعتقد بأنها ستواجهنا في المستقبل وهي أن الصيغ التي نحفظ عليها ملفاتنا قد تتغير وتتطور ونواجه مشكلة بأننا بحاجة إلى التحديث بين فترة وأخرى.
مجموعة من الأصدقاء (أكثر من سبعة عشر) لا علاقة لهم بالتصوير إلا بحمل كاميرات لتسجيل الذكريات والتصوير في الرحلات يستعملون آلات تصوير رقمية، سألتهم ونحن في رحلة خارجية: (كيف تحفظون ملفاتكم)؟
أجابوا بأنهم يحفظونها على أقراص! أعدت عليهم السؤال بطريقة أخرى على أي صيغة تحفظونها! لم يعرف احد ماذا تعني الـ (tif و jpg ) فإذا كنا نحن المصورين نتعامل بحرفية مع مثل هذه الأمور فأن العامة سيقعون في مشاكل كبيرة مع صورهم في المستقبل! وهذا في ظل تطور برامج الكمبيوتر وابتكار صيغ واساليب كثيرة للتعامل مع الصورة.

المضحك هو أن احد الحلول المطروحة وبقوة لتكون الوسيلة الأكثر أمانا لحفظ الصور من الضياع بسبب التقنية هي أن نقوم بطباعة كل صورة رقمية! أي الحصول على Hard copy أما لماذا ؟؟ فهذه توصيات شركة فوجي التي تقول بأننا نواجه
( a generation of lost images )
والحل كما ورد من فوجي حسب ما ذكره جون اوين : get prints وذلك حسب ما تقول الشركة أن الصورة المطبوعة لن تواجه مشاكل تقنية، وستعيش فترة طويلة في حالة حفظت بشكل جيد!
ولعلني اذكر أنني طرحت سؤالا على المصورة الاسترالية كيف تحتفظ بالصور المطبوعة والسلايدات؟ وهل تخاف عليها من التلف؟ فقالت بأنها تحرص على حفظها في كراتين وملفات خالية من الاسد acid free وقالت إنها تخطط لبناء غرفة خاصة بالأرشفة عندما تمتلك بيتا في المستقبل بعد أن تحصل على دخل جيد من مشاريعها المقبلة! وستكون هذه الغرفة مزودة بأجهزة لقياس وموازنة الحرارة والرطوبة

إنني اشعر بمجرد التفكير في هذه الحلول انه في كل مرة أصور ارتكب فعلا سيكلفني الكثير مستقبلا! لذا بدأت الآن أتزود بـ external hard disk واحفظ الصور على ذاكرة الكمبيوتر المحمول أيضا بالإضافة إلى أقراص أصبحت تشكل عبئا علي في تخزينها وأرشفتها ومراجعتها!

ماذا عنكم وعن صوركم !! هل ستعودون خطوة إلى الوراء بطباعة صوركم الرقمية والاحتفاظ بها خوفا من لعنة التقنية؟ أم ستثقون في الشركات التي تسعى لتطوير وسائل الأرشفة الرقمية وزيادة أرباحها!

كاتب وفوتوغرافي سعودي
[email protected]