اسمه الأصلي كاسيوس مرسيليوس كلاي، وهو الاسم الذي اختاره له جده لأبيه، يوم ميلاده في 17 أكتوبر سنة 1942 في لويز فيل في ولاية كونتكي الأمريكية، تيمنا بالرجل الأبيض الذي أعتقه ذات يوم، أما محمد علي كلاي فهو الاسم الذي اختاره لنفسه عندما اعتنق الإسلام يوم 27 فبراير 1964.

وكان محمد علي كلاي منذ صباه الأول يحمل نبوءة ما تحت جلده الأسود، فتعلم المشي وهو دون العشرة أشهر، وكان أكولا إلى حد الشراهة، وخفيف الحركة إلى حد النزق.

أما وهو يلتحق بالمدرسة فقد بدت قوته عندما تصدى لطفل قوي كان دائم الاعتداء على أقرانه. وبدا تهوره وهو ينضم إلى واحدة من عصابات المراهقين ليسجل اسمه عند الشرطة بعد أن اتهم بالسرقة. و سيكون لقاء محمد علي كلاي المراهق النزق برجل الأمن جوزيف مارتن المنعطف الحقيقي في حياة كلاي، إذ أن مارتن سيقترح عليه أن يلقنه فن الملاكمة وهو يرى فيه القوة البدنية والروح القتالية وغزيرة المقاومة، حيث سيصبح أحسن تلامذته في مدة ستة أشهر فقط. ولأنه فشل في تحقيق أمنياته عبر الدراسة، كان الطريق واضحا أمامه وهو يصر على الوصول عبر الملاكمة التي أخلص لتداريبها الشاقة وأحبها فنا ورياضة.

ورغم أن أي من المختصين لم يتنبأ له بالظهور في أولمبياد روما 1960، فإن محمد علي كلاي، الذي ربح 106 مباريات وهو دون الثامنة عشرة، سيكون أشهر رياضي في الدورة الأولمبية الإيطالية بخفة روحه وبتندره بخصومه وبوعوده المتكررة بالفوز، ثم وهو على الحلبة بحركاته الخاصة الأقرب إلى الرقص، وبلكماته القوية النافذة، وأخيرا بضربات فوزه القاضية، وفي نهاية المطاف بفوزه بالذهبية الأولمبية.

" أنا أقوى رجل في العالم، أنا أجمل ملاكم، أنا مبك الملاكمة".

هكذا تردد صوته حين فاز بالذهبية الأولمبية، وسيتردد بصدى أقوى وأكبر عندما سيصبح بطل العالم للوزن الثقيل وهو يزيح صوني ليستون الملقب بالأسود الشرير في مباراة أنهاها بالضربة القاضية الفنية مساء 24 فبراير 1964.

وبعد ثلاثة أيام من ذلك اليوم سيعتنق كاسيوس الإسلام، بفضل أخيه الصغير الذي اسلم قبله، وسيغير اسمه ليصبح محمد علي كلاي.

وستذيع شهرة محمد علي كلاي عندما سيشك الناس بانتصاره إذ صارت مبارياته سريعة الانتهاء، ثم وهو يرفض التجنيد سنة 1966، للمشاركة في حرب الفيتنام، حيث سيصدر في حقه حكم قضائي بخمس سنوات سجنا وعشرة آلاف دولار غرامة، وسيخلعه الإتحاد العالمي للملاكمة من عرش الوزن الثقيل. ليقضي فترة النضال، من أجل حكم المحكمة العليا لصالحه سنة 1970، في إلقاء المحاضرات والتمثيل وكتابة الشعر والمذكرات والإعلان.

وسيكون أكبر تحد لمحمد علي كلاي هو عودته إلى الحلبة للرد على الشائعات التي قالت إن الملاكم الزنجي المسلم انتهى. إذ سيحتاج إلى الكثير من الصبر للتخفيف من وزنه والتعود على قساوة التدريب من جديد واستعادة رشاقته المفتقدة. كما سيحتاج إلى الكثير من الجلد ومن الوقت كي ينتصر بالضربة القاضية على جيري كواري يوم السادس والعشرين من أكتوبر 1970. وفي الثامن من مارس 1970 سينهزم محمد علي كلاي لأول مرة، بعد سنوات من الانتصار بالضربة القاضية والسخرية من المنافسين، وهو يسقط في الجولة الأخيرة من مباراته ضد جو فرايزر صاحب القبضة المروعة. ليرد له الدين وهو ينتصر عليه بعد ذلك بالنقط في مباراتهما ليوم الثامن والعشرين من يناير 1974.

وسينهي محمد علي كلاي مسيرته الرياضية بالانتصار على مواطنه جورج فورمان بالعاصمة الزاييرية كنشاسا ( عاصمة الكونغو الديموقراطية حاليا) في مباراة القرن التي أرادها رسالة إنسانية عميقة يتوج بها نضاله من أجل حرية أكبرللسود الأمريكيين وإخراجهم من ظلمات العنصرية التي يعانونها بالولايات المتحدة الأمريكية. كان محمد علي كلاي ملاكما متميزا بحق إذ لاكم، عكس ملاكمين مشهورين دونه، بفكره قبل قبضتي يديه. ورفض العبودية حتى صارت مبارياته حروبا لأجل المستعبدين. ورفض الخضوع لمنطق الحرب الأمريكية على الفيتنام حد الحكم عليه بالسجن.

أما اليوم فعجزت قبضتاه عن أن تسعفاه بحمل الجائزة التي خصصت له باعتباره أفضل رياضي في القرن العشرين بالولايات المتحدة الأمريكية وهو يعاني مرض الشلل الرعاشي (باركنسون)، صار محمد علي كلاي مجرد ذكرى جميلة لرجل كان يرقص فوق حلبات الملاكمة مثل نحلة ويضرب خصومه مثل صاعقة وينتصر قبل حتى أن يستريح الجمهور على المقاعد.