[align=center]الطعام الذي تحبه.. هو الذي يناسبك أكثر![/align]
فهد عامر الأحمدي
هل سألت نفسك عن سر كرهنا لأطعمة يحبها أقرب الناس إلينا أو ميلنا لأخرى لا يأكلها غيرنا في المنزل!؟
٭ ولماذا يميل بعض الناس لتناول المعجنات أكثر من الحلويات، أو المقليات أكثر من المشويات، أو البروتينات أكثر من الكربوهيدرات!؟
.. هذه الأسئلة برزت في رأسي بعد أن أخذت حساماً وفيصلاً إلى أحد المطاعم السريعة.. كنا ثلاثتنا فقط فطلب الأول «هبرجر سمك» والثاني «همبرجر لحم» في حين طلبت أنا «همبرجر دجاج».. لم يكن في الأمر شيء جديد فهذه الأصناف هي التي اعتدنا طلبها دائماً.. الجديد أنني لأول مرة أتوقف عن المضغ وأسأل نفسي: لماذا طلب كل منا صنفاً مختلفاً (!؟) ولماذا يكره كل منا النوع الذي يحبه الآخر!؟
هذا الموقف ذكرني بتجربة مدهشة قرأت عنها قبل فترة طويلة، فقد تمت مراقبة مجموعتين من الأطفال لدراسة ميولهم الغذائية.. المجموعة الأولى ترك لها أكل ما تريد - وفي أي وقت تشعر فيه بالجوع -.. أما المجموعة الأخرى فأخضعت لنظام غذائي صارم وفي مواعيد ثابتة ومحددة.. وأمام دهشة الجميع اتضح أن المجموعة الأولى مالت تلقائياً إلى الغذاء الذي حقق لها أفضل توازن ممكن (بل عوض كل طفل العناصر الناقصة لديه). وفي المقابل لم تكن النتيجة بنفس المستوى المرضي لدى أطفال المجموعة الثانية الذين أخضعوا لنظام غذائي مثالي موحد (وضعه خبراء في التغذية)!
.. أما في السويد فقد اكتشف العلماء أن أجسادنا تمتص كمية أكبر من المعادن (من الطعام الذي تحبه وتميل إليه). فقد عمدوا لتقديم أطباق تايلندية لعشرين امرأة حاملاً (عشرمنهن سويديات وعشر تايلنديات). وبعد قياس نسبة المعادن اتضح أن السويديات - ممن لم يستسغن الطعام التايلندي - لم تمتص أجسادهن إلا «نصف» المعادن التي امتصتها أجساد التايلنديات.. وحين عكست التجربة وقُدمت أطباق سويدية للفريقين انعكس الوضع وامتصت السويديات كمية من المعادن تفوق التايلنديات بنسبة 50٪ على الأقل.
.. هاتان التجربتان تثبتان أن أجسادنا تستفيد من الطعام الذي تحبه وتعرفه أكثر من الطعام الذي تستهجنه وتنفر منه (حتى لو التهمنا الطبق عن آخره). فجسم الإنسان يميل - بطريقة غامضة - إلى الأطعمة التي يحتاجها أو يعاني نقصاً تجاهها.. ولعل معظمنا لاحظ أن الصائم أو مريض السكر يميل لالتهام السكريات لتعويض سكر الجليكوجين الذي استهلك خلال فترة الصيام أو انخفاض الأنسولين. وجميعنا عرف أطفالاً أدمنوا أكل التراب في شهورهم الأولى كدليل على نقص الأملاح والمعادن في طعامهم المعتاد.. أما ما يُعرف ب (وحام الحامل) فما هو إلا «طلبية مستعجلة» يرسلها الجسم لتعويض نقص غذائي خطير تتعرض له المرأة في تلك المرحلة بالذات!
كل هذه الشواهد تثبت قدرة الجسم على الربط بين نوع الطعام والعناصر الموجودة فيه.. فأجسامنا مثلاً تربط بين أكل السمك وفيتامين A، وبين الكبد ووجود الحديد، وبين الحليب ووفرة الكالسيوم.. وحين تتملكنا فجأة رغبة قوية ومستمرة لطعام معين فهذه إشارة لوجود نقص في العنصر الغذائي المتوفر فيه أكثر من غيره.
الجميل في الموضوع أن كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية يضم ثلاثة فصول تدور حول هذه الفكرة: الأول علاج الأبدان بما اعتادته من الأغذية، والثاني تغذية المريض بألطف ما اعتاده من الطعام، والثالث في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب».. وجميعها تصب في مبدأ غذائي مهم: دع الجسم يقرر طعامه بنفسه!!
[email protected]
المصدر:
http://www.alriyadh.com/2005/10/29/article104195.html