نطلق بعد ظهر اليوم سباق السرعة كسر الكيلو تمهيداً لبدء الجولة الخامسة من بطولة الجائزة الكبرى لسباق الفورمولا 1 التي تستضيفها مدينة كامبيون الايطالية مساء غد الأحد بمشاركة 25 متسابقاً يمثلون 16 دولة·
يذكر ان الجولة السادسة ستستضيفها مدينة كالياري الايطالية في الأول من الشهر المقبل مما يعني ان متصدر الترتيب العام للمتسابق الايطالي جيدو كابلليني سيشارك في جولتين متتاليتين على أرضه، مما يعزز فرصه القوية أصلاً لانتزاع اللقب من ممثل الإمارات السائق الأميركي سكوت جيلمان·
إلى ذلك، في الوقت الذي تعمل فيه ماكينة الإعلام الإيطالية الجبارة على إظهار الفتى المدلل جيدو كابلليني على أنه رجل القرن الذي لا يأتي الزمان بمثله في سباقات الفورمولا 1 لحشد أكبر قدر من الدعم الجماهيري له، فقد أنزل أبطال الإمارات زوارقهم إلى الماء لبدء تجاربهم الحرة والتأهيلية وهم يستعدون لمنازلة أسطورة الطليان داخل عربته، ذلك هو التحدي الأكبر الذي سيحول سكون مياه بحيرة لوجانو الوديعة إلى ضجيج صاخب، وهي تئن تحت ضربات محركات الزوارق المندفعة في قوة ورشاقة نحو خط النهاية المزدحم·
ممثل الإمارات وقائد الزورق رقم 1 الأميركي سكوت جيلمان القادم من مدينة لوس انجلوس الساحرة مايزال يحتل المقدمة بفارق خمس نقاط عن السائق الايطالي ماسيمو روجيرو· فقد استطاع جيلمان أن يحصد 65 نقطة له من 4 جولات حيث جمع العلامة الكاملة وهي 20 نقطة في جولة ماليزيا، ثم حصل على 15 نقطة في كل من البرتغال والمجر ولاتفيا، بينما يقبع متصدر الترتيب العام جيدو كابلليني في المرتبة الثالثة برصيد 52 نقطة فقط·
بينما ان جيلمان معني تماماً بالمحافظة على تفوقه في سباق السرعة حتى يضمن على الأقل الفوز بأحد ألقاب الموسم في حال، لا قدر الله، لم يستطع اللحاق بكابلليني والدفاع عن لقبه، فإنه مهتم أيضاً بتحقيق مركز متقدم في سباق اليوم، يضمن له موقعاً مريحاً في انطلاق السباق الرئيسي غداً حيث ان مواضع انطلاق الزوارق يتم تحديدها على ضوء نتيجة سباق كسر الكيلو أو السرعة·
ويمكن لأي شخص أن يتخيّل من نظرة سريعة لمسار السباق الكورس كيف يمكن أن تساعد المراكز الخمسة الأولى على الانطلاق القوي والدوران من أقرب نقطة· وهذه هي التي يسمونها المواقع الاستراتيجية في بوابات الانطلاق خاصة في وجود 25 متسابقاً عتاة يسعى كل واحد منهم لتصدّر السباق منذ بداياته الأولى·
المظهر العام لمسار السباق- كما يشير مخططه- يبدو أنه كثير التعقيد مقارنة بالجولة الثالثة التي استضافتها المجر، ويبدأ من ضلع عرضي مستقيم بطول 90 متراً، ينتهي إلى دورة بزاوية قائمة تقريباً تفضي إلى خط مستقيم لمسافة 150 متراً يتجه يساراً (إلى الداخل) مع دورة إلى الخارج من زاوية حادة لمسافة 95 متراً ثم الخط المستقيم بطول 315 متراً فدورة في زاوية حادة تمتد لمسافة 140 متراً إلى اليسار وانحناءة إلى اليمين لمسافة 235 متراً قبل الدورة الأخيرة لدخول المستقيم الخلفي الذي يبلغ طوله 750 متراً·

جهود تنظيمية كبيرة

المنظمون بقدر ما هم مشغولون بالتركيز على المسائل الفنية والإدارية ذات العلاقة المباشرة بالحدث نفسه، إلا أنهم يسعون سعياً حثيثاً بين السياحة والرياضة في عبقرية تستمد عمقها من عبقرية المكان نفسه·
وهنا يتجلى الإعجاز التنظيمي في أبلغ صوره من خلال إبراز مفاتن منطقة كامبيون التي يحيط بها الجمال من جميع أنحائها·
وبالإضافة إلى الترتيب الصحيح للأمور، ووضع كل شيء في محله ابتداءً من كل شيء وانتهاءً بكل شيء فقد عمل المنظمون أول ما عملوا على توفير كل ما من شأنه إضافة لمسة جمالية لهذا المكان الساحر·
الاهتمام بتوفير مساحة من الهدوء والراحة إلى كل قادم مسألة تكاد تراها بل وتكاد تمسك بها منذ أول لحظة تطأ فيها قدماك منطقة السباق·
وفوق هذا وذاك، هناك اهتمام واضح بترتيب الأمور بحيث انها أعطت إحساساً قوياً للمشاركين في السباق انه لا يوجد ما يدعوهم للقلق في حال حدوث مكروه لهم، لا قدر الله، أثناء السباق·
سيارات الإسعاف وأجهزة ومعدات السلامة والإنقاذ تأخذ مواقعها في انضباط عجيب· رجال الإطفاء وأفراد الأمن والإسعافات الأولية ينشرون الطمأنينة في نفوس الجميع، كما تنشر الحسناوات قدراً لامتناهياً من الشعور بالبهجة، والراحة والجمال، وهن يتنقلن برشاقة، وسط تلك اللوحة الإبداعية الممتدة على مد البصر في إقليم كامبيون العريق الذي تحيط به الأراضي السويسرية إحاطة السوار بالمعصم دون أن تمنع السيادة الايطالية عليه·

كابلليني·· كابلليني

يعتقد الإيطاليون أن سكوت جيلمان لم يعد يشكل تهديداً حقيقياً لبطلهم الأسطوري بعد أن تراجع أمامه أربع مرات دون أن ينال حتى شرف المواجهة المباشرة معه·
الكثيرون يرون في البطل الشاب فرانسيسكو كانتاندو المرتقب لكابلليني رغم أنهم يستبعدون أن يكون منافساً خطيراً له·
كانتاندو استطاع أن يجمع 32 نقطة من 4 مشاركات، وسبق له أن فاز بجولتي الشارقة وأبوظبي في ختام الموسم السابق، واستطاع أن يصعد إلى منصة التتويج، كما تمكن الآن من تحقيق موطىء قدم فتح أمامه فرصة الحصول على مركز متقدم في هذا الموسم الذي انقضى ثلثه الأول ايطالياً·
غير أن المراقبين يتوجسون من الدخول القوي والمفاجىء للسائق الفرنسي فيليب ديسرتين الذي يحتل المركز الثاني في الترتيب العام خلف كابلليني برصيد 45 نقطة، وهذا يعني في تقدير المراقبين أن المحرك الجديد الذي يستخدمه الفرنسي البالغ من العمر 39 عاماً، وهو من طراز ميركوري 2,5 لتر ضمن له على الأقل الأداء المنتظم بحيث استطاع أن يكمّل جميع السباقات التي شارك فيها دون انسحاب واحد· وهذه في حد ذاتها محمدة في عالم سباقات الفورمولا، كما انها تضع ضغوطاً قوية على كابلليني في حال تعرضه لأية أعطال ميكانيكية·
أما المتسابق السعودي ليث فرعون الذي تحوّل من سباقات الأوفشور إلى الفورمولا 1، لم يقدّم حتى الآن ما يجعل الآخرين يعملون له حساباً بعد أن اكتفى بفوزه الوحيد في الجولة الأولى، ولم يكمّل بعد ذلك سباقاً واحداً آخر·

ولكن·· ماذا عن القبيسي والقمزي؟

من المعروف أن عالم الكبار هو دائماً هكذا، يظل تائهاً في غيه إلى أن تأتيه الصرخة من حيث لا يحتسب· وهذه أيضاً هي الآلة الإعلامية في الغرب التي تصنع آلهتها بيدها قبل أن تنقلب عليها فتأكلها·
فعلى الرغم من الأداء الرجولي والقوي لفتى الإمارات عوض القبيسي في جولة لاتفيا الذي يبشر بميلاد نجم وُلد عملاقاً، فإنه لم يجد ما يستحقه من النبوءة الإعلامية التي تملك النظرة الثاقبة فتبشّر بمقدمه قبل غيرها·
إن الإنجاز الكبير الذي حققه القبيسي في لاتفيا لم يكن وليد الصدفة أو ضربة حظ، بل نتيجة عمل شاق ودؤوب يسجل لنادي أبوظبي الدولي للرياضات البحرية، وهذا الشاب الطموح سيكون له القول الفصل مع زميله وشقيقه ثاني القمزي في عالم سباقات الجائزة الكبرى في وقت قريب إن شاء الله، نتمنى ونأمل أن يبدأ من هنا، من ايطاليا، من عرين الأسطورة جيدو كابلليني·
أبناء الإمارات متفائلون بشروق شمسهم التي سيحتلون تحت دفء أشعتها مواقعهم الطبيعية على خريطة الأحداث التي بدأت ملامحها في الظهور