|
اغتصابُ حـــلـــم!!!
[frame="7 80"][align=center]
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يوم ولادتي توفيت أمي ,, لم أرها إلا في صورتها التي احتفظ بها والدي,, و عندما أنظر إلى تلك المرآة,, كنت صورة طبق الأصل منها- على حسب كلامهم- فقدت والدتي و لم أعلم ما يخفيه لي الدهر,, و ما لم تختزنه لي الدنيا,, أبي لم يبخل عليّ بحنانه و عطفه و حبه عوضني عن فقدها و لكن هناك أشياء أحتاج بها والدتي ,,أولها عند ذهابي في اليوم الأول لمدرستي ذهبت وحيدة جميع من هن في سني من بنات العم و الجيران كن مع أمهاتهن أما أنا فلا!! كنت أرى خوف الأمهات على بناتهن و تعلق البنات بهن و هن يبكين لا يردن ترك أمهاتهن أما أنا فدمعت عيني عندها أحسست بفقد أمي الذي حاول أبي ملأه,, عشت يتيمة الأم عوضني أبي عن ذلك اليتم,,
كشرت الدنيا عن أنيابها ففي سن الثامنة توفي أبي ,, ما أقساه من قدر!! أم ما أسوأه من ميلاد,, فأنا حظ سيء في هذه الدنيا فيوم ميلادي توفيت أمي ,, و بعدها بسنوات فقدت الأب,, و للأسف لم يكن لدي إخوة,, أحسست بفراغٍ كبير بعد رحيل أبي !! مازلت أتذكر ذلك اليوم كلمات جدتي و بكائها!! من تبقى لتك اليتيمة؟؟ كيف ستعيش بدون أبٍ و أم و أخ,,؟؟ عشت بحرمان من بعدهـ,, لم يكن لي سوى عم واحد كان ولياً لأمري ,, لأن أهل أمي في مدينة أخرى ,, و ذلك العم أبى أن أعيش بعيدةً عنه,, انتقلت للعيش في بيت العم السعيد الذي كانت تسكنه جدتي و زوجته و أبناؤهــ,,
كان عمي يزعم بأنه سيكون الأب و زوجته الأم و أن الله عوضني بأبنائه إخوةً لي ,, كانت مزاعم هدأت من روع الطفلة المسكينة,, كانت زوجة عمي تعاملني أسوء معاملة فكانت تعتبرني خادمة لها و لأبنائها,, كانت تتودد إليّ بقدوم العم ,, و تذيقني أصناف العذاب في غيابه,, وُكِّل عمي على أموال والدي و احتل هو و أبناؤه منزلنا الذي كنا نسكنه,, غرفتي التي كانت لي أصبحت لابنة العم ,, و غرفة السائق أصبحت لي ,, فمن قصرٍ أسكنه,,إلى غرفة في ذلك الملحق في أقصى الفناء,,و من خدمٍ و أناس يخدمونني إلى إنسانة خادمة,, و من أغلى الثياب و أفخرها إلى ارتداء ثيابٍ ممزقة بالية ملتها ابنة العم ,, فهي أخذت ثيابي و كل ممتلكاتي بمباركة أمها,, أصبحت خادمة للكبير و الصغير بعد أن كنت مخدومة ,, جدتي كانت مقعدة لا تستطيع الحراك,, عندما كانت تسأل عمي لم لا تأتي بخادمة ؟؟ كان يجيبها بأن الخادمة لابد لها من ميزانية خاصة من راتب و أكل و غيرها,,
ياللطمع يتنعم بمال والدي و يبخل عليّ به,, و على نفسه,,!!
ما أقساها من دنيا !!!
أخذ أموال والدي بحجة التجارة,, وتناسى ذلك العم أن ما هو فيه من خيرٍ و نعمة بسبب والدي بعد مشيئة الله,,
كانت جدتي هي من ألجأ إليها في آخر الليل كي أشكي لها همومي و أبث لها أحزاني ,, فكانت تصبرني و تصبر نفسها فهي لا تستطيع فعل شيء,, كانت الصدر الحنون لتلك اليتيمة,, كانت تحتويني بحبها بحنانها بقلبها الكبير,, كانت هي من تشد من أزري و تبرر أفعال تلك العجوز الشمطاء – زوجة العم – يا لها من عجوز أكل الحقد قلبها ,, و يا له من عمٍ مغفل يسير منقاداً خلفها كالأعمى,, عرفت سبب ذلك الحقد الدفين الذي تضمره تلك العجوز فهي كانت تريد الزواج من أبي و كادت تصيب بجنون عندما تركها أبي و أخذ تلك الغريبة- على حد زعمها- التي هي أمي ,, حطم أبي حلمها و خذل أملها,, صبت جام غضبها على والدتي ,, و جام قسوتها عليّ,, أذاقتني صنوف العذاب ,, فكنت أرتدي ملابس بالية ممزقة في الزمهرير و الهجير,,كنت أنظف المنزل جميعاً بأكمله يومياً ,, أنظف أدوات الطبخ ,, و أنظف أثاث المنزل في كل يوم ,, كانت تأمرني بتنظيف السجاد في ظهر الصيف,, و في ليل الشتاء,, حاولت الوقوف في طريق إكمال دراستي استيقظ ذلك العم و لم يذعن لأمرها هذا ياللعجب!!!
ذهب ما تبقى من عقل تلك العجوز- إن كان لها عقل أصلاً – عندما تقدم ابن عمي لخطبتي و فضلني على ابنتها ,, كيف يترك فهد ابنتها و يأخذ ابنة الغريبة- على حد قولها- حاولت إيقاف في ذلك الموضوع بشتى الطرق,, و لكن عمي رضخ لأمر جدتي ,, اعتقد أنه كان يريد التخلص مني ليس إلا !! انتشر الخبر في العائلة فها هي مها ستصبح زوجة لفهد,, ازداد حقدها و كراهيتها ,,ذات ليلة عندما كنت أنهي بعض أعمال المنزل التي اعتدت على عملها ,, سمعتها تقول لعمي أنني أريد أن يتقدم خالد لخطبة مها و تقول لفهد أن ابني خالد يريدها ,, عندئذٍ سيتقدم فهد لخطبة ابنتنا ندى ,, قاطعها عمي قائلاً و لكنك لا تريدينها أجابته بكل ثقة: ستكون خادمة لنا بدلاً من استقدام أخرى,, و أنا لن أرضى أن يرتبط ابني بابنة تلك الغريبة ,, فهي مجرد فكرة ليبتدع فهد عن تلك المها و يرتبط بابنتي و تبقى مها خادمة لنا ,, فلن يتقدم لها أحد بعد أن يعلم الجميع بأن ابن عمها تركها و أخذ أخرى ,,, يا لها من عجوزٍ شمطاء كانت منبع الشر,, لا أعلم لماذا ارتبط عمي بها ؟؟ فما الذي يدعوه لذلك؟؟!! أكاد أجن عندما أفكر لو لحظة واحدة أنها كانت ستصبح أمي ,,تلك العجوز حتى بعد ارتباطها بعمي العزيز لم تنسَ والدي!!
بعد فترة توفيت جدتي ,, الصدر الحنون و القلب الكبير الذي ألجأ إليه عند ازدياد همومي ,, و تفجر آلامي,,كانت تعزيني في وحدتي ,, و تصبرني بمستقبل مع فهد,, كنت من كلامها أشعر بأنني سأكون سعيدة بقربه,,
كان دمث الأخلاق فالكل معجب به,, و زاد من ارتياحي بأن تلك العجوز تريده لابنتها ,,,
فقدت جدتي و تجددت آلامي و أحزاني ,, فكانت وسادتي هي من أشكو إليها آلامي,, تشبعت بدموعي ,, و اكتفت منها,, زادت العمة صنوف التعذيب وفنونه,, و تفننت في إتقانها,, كانت حالتي النفسية سيئة بعد وفاتها ,,
ازداد سوءها بعدما علمت برغبة فهد للدراسة في الخارج!! لماذا تركتني يا فهد في وقت كنت في أمس الحاجة لوجودك بقربي,, فقربك يشعرني بالأمان,, حتى لو كنت بعيداً عني,, كنت أتمنى العيش في منزل عمي أبو فهد,, فزوجة عمي كانت منبعاً للطيب,, و كان بناتها إخوتي ,, كنت أأمل في العيش في حياة سعيدة بقربهم,,
و لكن لأن عمي كان متوفياً فلا بد من العيش عند تلك العجوز الشمطاء و ذلك العم المغفل,,
ازدادت تلك الآلام و الأحزان فغياب فهد قد طال ,, و تلك العمة كانت تبث سمومها بأن فهد لا يريدني بل امتثل لأمر جدتي ,, و أنه كان يريد ابنتها,, و أنه يريدني خادمةً لأمه و أخواته – و كأنني لست خادمةً لديها –
كانت تقول بأن فهد لم يسافر إلا للهروب مني ,, كنت أسمع كلامها و أتجرع المر و الذل و الهوان على أمل مستقبل سعيد بصحبة فهد,,
آآآآآه أيها الفهد خوف من المستقبل يرافقني ,, لا أعلم هل سأعيش السعادة و الحياة و الأمل بقربك,, أم تكون حياتي كتلك الحياة التي عشتها,, هل ستبتسم لي الدنيا أم ستستمر على ما هي عليه في إبراز أنيابها,,
هل ستتبدل حياتي بقربك للأحسن أم للأسوأ؟؟ تلك تساؤلات تقلق مضجعي كل حين,,, تتبعثر الإجابة و أركن للصمت !!!
هاتفتني ابنة عمي أخت فهد تخبرني بأن فهد سيعود الأسبوع القادم,, كاد قلبي أن يتوقف بسبب فرحتي ,, ها هو خطيبي و زوج المستقبل سيعود و ستلتئم معه جراحاً أم ستكبر,, شعور غريب راودني لمجرد التفكير بقربي من فهد,, ست سنوات مضت بآلامها و أحزانها و غيابه,, ها هو سيعود لأهله و لمن أحبته,,
قدِم فهد من السفر أقامت عمتي دعوة عشاء بمناسبة عودته من السفر بشهادة الدكتوراه,, جاءت عمتي إليّ لتخبرني بتلك الدعوة و أهمية حضوري لها فأنا بعد ثلاثة أشهر سأكون زوجةً لابنها و لابد من حضوري,,كانت تعلم أن تلك العجوز الشمطاء ستمنعني من الذهاب لتلك الحفلة ,, أخبرت عمي برغبتها في مجيئي لم يمانع عمي و لكن تلك الشمطاء أبت ذلك!! و لم تخبرني كيلا أخبر ابنة عمي التي ستأتي غداً و أذهب معها إلى السوق لشراء فستان يليق بخطيبة أخيها و زوجة المستقبل للدكتور,,
ذهبت السوق بصحبتها ,,كان آخر مرة ذهبت إلى السوق عندما كنت بصحبة والدي رحمه الله,, شعرت بالخجل من ابنة عمي فهي لم تبخل عليّ بشيء,,
كان فهد هو من سيعيدنا إلى المنزل ,, ركبت السيارة خلف مقعد أخته,, أراقب تحركاته و كلامه لأطمئن على مستقبلي ,, شعرت بارتياح كبير بعد مشاهدة فهد و مراقبة تصرفاته,,
حان اليوم الموعود لحفلة فهد أبت تلك الشمطاء ذهابي و أجبرت عمي على ذلك ,, أذعن عمي وانصاع لأوامرها ,, أما أنا فحاولت الذهاب بشتى الطرق ,, توسلت إلى عمي و ارتميت تحت أقدامه,, أبى ذلك ,, أتوسل إليه و ابنة العم ترمقني بنظرات الحقد و الازدراء,, أجبرت نفسي على الذل و الهوان لأشارك الجميع فرحة زوج المستقبل و لأشارك فهد قبل ذلك,, كانت وسادتي هي ملجأي الوحيد لأطلق لدموعي العنان ,و أسمح لها بالانهمار
قدمت عمتي و ابنتها في الصباح الباكر للاطمئنان على صحتي,, أخبرتهم الشمطاء بأنني متعبة فلم أستطع الحضور,, أخبرتها بما فعله عمي الذي كان المفروض أن يكون بمثابة أبي و زوجته,, نقل الخبر لفهد ثارت ثائرته وجن جنونه فما هذا العذاب الذي تتعرض له ابنة عمه قبل أن تكون خطيبته و على يد عمها و زوجها,,
أخبر عمي برغبته في تقديم موعد الزواج فهو يريده في الشهر القادم وافق عمي على ذلك دون الرجوع لي ,,- تلك هي المرة الثانية التي يفعل فيها خيراً لي – كانت عمتي بمثابة أمي تصطحبني يومياً للسوق لشراء ما احتاج إليه,, و لم أسلم و لم تسلم هي من سلطة لسان الشمطاء,,
توالت الأيام و قرب موعد الزفاف ,, غداً سأودع المنزل الذي عشت فيه أجمل أيام حياتي و أسوأها ,, غدا سأفارق الذل و الحرمان و سأعيش بسعادة كما أخبرني فهد قبل أسبوع في يوم عقد القران,, غداً سأودع المنزل الذي احتضن الآلام و الأحزان ,, و احتضن الفرح و السعادة,, غداً سأودع منزلي غير مأسوفاً عليه مادامت تلك الشمطاء سكنته بعد أمي,, غداً ستزول آلامي برؤية فهد,, لم أذق طعم النوم لشدة فرحي و لهفتي للعيش غداً,,غداً سأعيش مع أناس آخرون تمنيت العيش معهم منذ أن كنت طفلة,, غداً ستبتسم الدنيا لطفلة تجرعت المر و الهوان,, و لفتاة كانت منبع الأحزان,, أخاف أن يكون ذلك مجرد حلم ,, أفيق منه على وجه تلك الشمطاء,, لذلك لن أنام,,!!!!
خيالات و تصورات أمني بها نفسي مع فهد كانت تلك حالتي حتى أفقت منها على صوت طارق الباب الذي كاد أن يكسره كانت تلك الشمطاء تريد مني أن أجهز لها الإفطار و لأبنائها... ألم أقل لكم أنها شمطاء؟؟؟!!!
جاءت ابنة عمي لاصطحابي إلى أحد المشاغل النسائية لأظهر بأبهى منظر,,, لم تستطع تلك الشمطاء الاعتراض لأنها لا تستطيع ذلك فأنا زوجة فهد و هو ولي أمري,, ذهبت مع ابنة عمي تحررت من السجن و قيوده شعرت بأنني كطائر مسجون في قفص لعدة سنوات و ها هو الآن يخرج من قفصه,,
لم يتبقى شيءٌ على ذهابي لمكان الاحتفال رن هاتف ابنة عمي فأجابت الرنين و بعدها سقطت مغشياً عليها ازداد هلعي و خوفي ماذا يحدث التقطت الهاتف و إذا بالمتحدث يزلزل كياني و يطعن قلبي بتلك الكلمة " لقد توفي فهد في حادث الانفجار الذي نفذه الإرهابيون بينما كان متوجهاً لمكان الاحتفال" دارت بي الدنيا و غالبت الدموع ,, أتأمل في حالي و ذاتي ,, أنظر لنفسي المحطمة فقد قمنا بدعوة الناس على زفافنا و لم نكن نعلم أننا ندعوهم لموعدٍ آخر,, موعد يشهد الجميع على آخر دنياي,, موعد دخولي في عالم الأرامل,, فمن سعادة و هناء إلى أحزانٍ و أفراح,,
رحل فهد و رحل معه ما تبقى من مها ,, أريد زوجي,, أريد أن أستيقظ من ذلك الكابوس المرعب على ابتسامة فهد,, على صوته,, على همسه,, عد إليّ أيها الفهد,, أعيدوه إلى بقايا مها,, أعيدوه إلى زوجته,, أمه و إخوته,, من لي بعدك يا فهد؟؟ ,, كنت أنت أملي في الحياة و ضاع ذلك الأمل بغير ذنب,, هل سأعود إلى تلك الشمطاء و زوجها الذي يدعى عمي,,, لتتفنن بفنون التعذيب و تمارسها على بقايا مها!!!
عد إليّ يافهد فأنا لن أستطيع العيش بدونك !!!
فأنا شؤمٌ على الجميع فقدت والدتي يوم ميلادي ,, و ها أنا أفقد زوجي يوم زواجي,,كنت يتيمة الأم بعد دقائق من ميلادي,, و يتيمة الأب في طفولتي,, و اليوم أصبحت أرملة في عز شبابي ,, في العشرين من عمري,,,
فيوم وفاة والدتي كان يوم احتضاري!!!
و يوم وفاة أبي كان يوم وفاتي !!!
و يوم وفاة جدتي كان يوم تشييع جثماني!!!
و يوم وفاة زوجي كان يوم دفني بين حجراتي!!!
ما كتبته في الأعلى ما هو إلا نتاج لما أشاهده في الرائي ,, و ما أسمعه من حوادث راح ضحيتها أبرياء,, و ما أقرأه هنا و في الصحف و المجلات,,
عن أطفال تيتموا و نساء ترملن,, و أمهاتٍ و آباء فقدوا أبنائهم ,, بسبب ما يحدث في مملكتنا الغالية من أحداثٍ إرهابية ,, كان ضحاياها الكثير من مواطنين و غيرهم و من رجال الأمن ,, لا أعلم هل أصنفه من فن القصة أم فن الخاطرة أم من فن الهذيان ,, هي مشاعر كتبتها لوطني بقلمي ,,!!!
دمتم في حفظ الله و رعايته
أختكم
مجـــــــــــد[/align][/frame] |
الوضع العادي
