[align=center]ثقل لساني من الصراخ .. وتعب قلبي من الخفقان .. واغرورقت عيناي بالدموع ..

عندما فقدت رفيق دربي فجأة.

فحلَّق صديقي الحميم في عالم المجهول دون استئذان أو علم مني.

انتظرته طويلاً فمللت الانتظار، كأنه مسافرٌ إلى مكانٍ بعيد وهو قريب مني، ولكنّي لم أعد أحسُّ

به؛ لأن فقده جعلني لا أحسُّ بما حولي.

جعلني في غابةٍ كبيرةٍ وحوشها الهموم والذكريات والأحزان التي أحاول الهرب أو اللجوء إلى أي

مكان يحميني منها. بحثت في كلِّ مكانٍ من غرفتي الصغيرة فإذا بي أجده برونقه وروعته على

طاولتي إنه صديقي العزيز "القلم". تقدمت إليه لأشكو له صعوبة الموقف.

لملمت أوراقي المبعثرة واحتضنته بين إصبعيَّ فسكب حبره على أوراقي، وتبللت الأسطر بكلماته

الجميلة. قلمي كان كل وجداني يغوص في أعماقي ويبعثر أحزاني و أفراحي وكلماتي على

طاولة المحسوس ليريح قلبي.

[grade="000000 FFFFFF FFFFFF 000000"]ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[/grade]

سألت نفسي: لماذا دفنت قلمي بين الأوراق؟!

وهو الذي يترجم لي كل معاني الشوق، وكل عبارات الحزن والفرح وكل بحور التعجّب.. قلمي

الحبيب مع قليل من الأوراق يجعلني وكأني مسافر عاد إلى وطنه، أو مولود يولد من جديد لينعم

بأحضان أمه الدافئة أو سجين فكَّ سجنه..

فأنا شكوت همّي لأفضل جليس حافظ منذ سنين على منابع أسراري ومكامن أفكاري. قلمي الذي

مهما قلت عنه لا أوفي حقه، ويعجز لساني عن شكره. ولكن احتضان يدي له قد ترجمت له عبارات

شكري ومدى حنيني إليه.

[grade="000000 FFFFFF FFFFFF 000000"]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[/grade]

أخي القارئ الكريم :

القلم ليس بيده شيء لعامة الناس .. أما بالنسبة للكتَّاب فهو خير صديق ليس لتسطير

مشاعرهم وأحاسيسهم للآخرين فحسب؛ بل للترجمة والاختراع والابتكار ويوصل للآخرين ما توصل

إليه المخترعون.

[grade="000000 FFFFFF FFFFFF 000000"]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[/grade]


قد نرى هذا القلم الرخيص بكل سخرية ولكنَّ الكاتب يراه أثمن ما في الوجود، ويحترمه لأنه ليس

فقط صنع منه كاتبا مرموقا - بعد فضل الله عز وجل -؛ بل جعل الآخرين يعترفون بإنسانيته

ويفهمون آرائه وشخصيته ويحترمون أفكاره دون التواصل معه.

[grade="000000 FFFFFF FFFFFF 000000"]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[/grade]

بنظرةٍ أخرى.. صحيح أنَّ القلم جماد ضعيف ليس بيده حولٌ ولا قوةٍ للشكوى ورفع الهموم، ولكن

هناك من لا يغفلْ عن عباده ويسمع ندائهم ويعلم ما في قلوب المهمومين منهم.. فهو العزيز العليم.


أخيراً

لَيْسَ كُلُّ مَنْ مَسَكَ قَلَماً أَصْبَحَ كَاتِباً.[/align]


[align=center][grade="000000 FFFFFF FFFFFF 000000"]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[/grade][/align]