في مغرب يوم جمعة كنت اسير في شارع التخصصي بالرياض فرأيت طفلا صغيراً ما كنت احسب أنني ألقى طفلا في حالته لقد كان حافي القدمين رث الملابس أشعث الشعر أغبر الوجه في الثانية أو الثالثة عشر من العمريمشي في الطريق بلا هدى ويسير بلا وعي يكلم نفسه تارة ويعض على يديه تارة

نظراتها مصوبة إلى السماء كأنه يشتكي إلى الله عز وجل ما حل به من المصائب وما دهاه من الأحزان وكان يحرك رأسه ذات اليمين وذات الشمال فخيل لي انه يقول يارب ليس لي أحد سواك ما عاد بين الناس من يرحمني ولا بين الأهل من يعطف علي

لقد ظللت ارقب هذا الطفل طويلا حتى اهتز كياني لحاله ورق قلبي لمصابه فاقتربت منه مسلماً عليه واستوقفته أسأله عن اسمه وعن بيته وأهله فإذا بي أفاجئ بأنه لا يستطيع الكلام ولا يجيد النطق لقد وفقت محتاراً أمامه لا ادري ما افعل وطلبت منه بلغة الإشارة أن يرافقني إلى السوق كي اشتري له بعض الحلوى أو الطعام لكنه لم يفهمني ولم يستوعب ما أريد بل كان يضحك باستغراب وبلاهة وينظر إلى بطرفي عينيه ورأسه مائل إلى السماء إنا لله وإنا إليه راجعون احترت في أمره ماذا افعل معه بل كيف أساعده وهو لا يعقل وكيف اكلمه وهو لا يفهم

مددت إليه ببعض المال عسى أن ينتفع به ويشترى ما شاء فإذا به لا يعرف المال ونظر إلى الريالات كأنها أوراق غريبة ثم رمى بهاعلى الأرض رحماك يا رباه ماذا يمكنني إن افعل ...

استعجم الطفل يارباه لم يكلمني * والطفل إن نطق حتماً له خبرُ ؟؟

وقفت حائراً أتأمل إلى براءة الطفولة في عينيه مشوبة بألم الحرمان ملونة بأحزان الفقر وسألت نفسي ما ذنب هذا الطفل وما مصيره

وتركته يسير في دربه المجهول ونفسي تكاد تنفطر من الألم إشفاقاً وحزناً عليه وأنا اردد سر يا صغيري حيث شئت فإن لك رب رحيم يعلم حالك لن يضيعك ابداً اذا ضيعك بني البشرفكن في كنفه فهو بك ارحم وأرأف ......