كنت في رحلة إلى محافظة القريات في شمال المملكة. . و بعدما انتهيت من المحاضرات
سافرت جنوباً إلى جهة محافظة سكاكا الجوف. . و كانت محاضرة سكاكا بعنوان
ألحان و أشجان حول الغناء. . و بعدها جاءني شخص متأثراً. . و معه ولد له عمره 11
سنة . . قال لي : يا شيخ. . في طريق مجيئي من القريات معي ولدي
هذا. . مررت أثناء الطريق بحادث مروّع. . سيارة جيب. . كان فيها اثنان من
الشباب . . قادمان من. . ! ! . . انقلبت السيارة بهم عدة مرات. . حتى تطايروا
. من خلال النوافذ. . وتبعثر عفشهم و تمزقت ملابسهم. . كنت أول من وقف عليهم
. . اتصلت بالإسعاف فوراً. . في الحقيقة لم تكن أول مرة أرى فيها حادث سيارة
. . بل ولا موتى. . تعودت على رؤية هذه المناظر منذ زمن. . أقبلت أنظر إليهم
. من أول وهلة تنظر فيها إلى ملابسهم. . وقصات شعورهم . . تعرف يقيناً لماذا
. كانوا هناك. . لا حول ولا قوة إلا بالله. . عفا الله عنا وعنهم. . المهم
. توجهت مسرعاً إليهما. . أحاول إنقاذ ما أستطيع إنقاذه. . أما الأول فكان
منكباً على الأرض. . قد تمرغ وجهه بالتراب. . لايزال جسمه حاراً. . لا أدري
هل مات أم لا. . تمزق بنطاله وقميصه. . والغبار قد اختلط بالدماء التي صبغت
ثيابه. . حتى أصابع يديه لم تسلم من جروح و دماء. . قلبته على ظهره. . فإذا
. لحم وجهه تمزق حتى لا تكاد ترى شيئاً من ملامحه. . إلا شعرات يسيرة من شاربه
. . ناديته. . فإذا هو قد قضى. . أسرعت إلى الثاني . . فإذا هو على وجهه أيضاً
. و الأرض حوله مليئة بالدماء. . وثيابه حمراء. . وعظامه بارزة. . ويبدو
. أن الضربة الكبرى كانت على رأسه . . فقد انشقت جمجمته. . وخرج مخه من خلالها
. لم أتحمل المنظر. . انتبهت أن ولدي معي التفت أنظر إليه فإذا هو يبحلق
. بعينيه مشدوهاً. . حاولت الوقوف بينه وبين الجثة لئلا يرى.
نظرت إلى الأغراض المبعثرة حول جثته. . فإذا جواز سفره و محفظة نقوده وعلبة
دخان. . كل هذا لم يشدني فلم أكن أنتظر أن أرى مصحفاً و سواكاً. . التفت
. جهة رأسه. . فإذا شريط واقع على الأرض ليس بينه وبين رأسه إلا شبر واحد
. خفضت رأسي أنظر إلى اسم الشريط فإذا قطعة من المخ قد وقعت على الشريط و
غطت اسمه. . تحاملت على نفسي. . و رفعت الشريط بيدي أنظر إليه. . ثم تناولت
حجراً من الأرض مسحت به المخ المتلطخ على الشريط. . فإذا هو شريط غناء بعنوان
أغني في حبك. . لاحظت أن بكرة الشريط مسحوبة إلى خارجه. . و إذا خيط الشريط
منطلق إلى الخارج. . و كأنه لا يزال متصلاً بشيء. . التفت أنظر إلى أين
يصل ؟ فإذا بي أرى مسجل السيارة واقعاً على الأرض. . و قد خرج من مكان في
السيارة مع قوة الحادث. . وبعدما ضرب الأرض بقوة انطلق منه الشريط و وقع
عند رأس هذا الفتى ليقع عليه مخه. . نعم ليقع على : أغني في حبك. . إي و
الله مشكلة حبه. . ويبعث أحدكم على ما مات عليه. . ما علينا. . بدأ الناس
. يكثرون حولنا. . و صار كل من مر بنا يوقف سيارته و يقبل ينظر إلى الحادث
. وصل الإسعاف. . كشف الطبيب عليهما في عجل. . غطاهما بملاءة بيضاء أيقنت
. عندها أن أرواحهما قد صعدت إلى السماء. . لا أدري هل تفتح لها أبواب السماء
. و تبشر بروح و ريحان. . أم تخر من السماء فتخطفها الطير. . أو تهوى بها
. الريح في مكان سحيق. . بدأ سائق الإسعاف و أصحابه في حمل الجثتين.
. و بدأت أجمع أغراضهما المبعثرة. . هذه محفظة. . وهذه ساعة. . وتلك كاميرا
. أخذت أجمع في كيس معي . . في أثناء ذلك وقع في يدي ظرف مغلق. . قد انشق
طرفه مع وقوعه على الأرض. . مكتوب عليه: يصل إلى يد أبي محمد! ! . . و
بعدها كلمات مكتوبة لا أرغب في ذكرها. . نظرت إلى داخله فإذا مجموعة كبيرة
من الصور. . أخرجتها فإذا هي أكثر من خمسين صورة لنساء عرايا. . حاولت أن
أخفيها عن الناس. . لئلا بفتضح الشابان. . دافعت عبراتي. . قلت . . هذه
. فضيحة الدنيا بين عدد قليل لا يعرفهما. . فكيف بهما في فضيحة الآخرة.
عند الأولين و الآخرين. . مع اشتداد الرعب. . وكثرة الفزع. . وتطاير
. الصحف. . اللهم استرنا بسترك
. ما ضرهما لو أطاعا الله فما كلفهما شططاً. . إقامة خمس صلوات. . و فعل الواجبات
. . وترك المحرمات. . وليس في ذلك مشقة. . فالمحرمات أشياء معدودات.
. ما ضر العبد لو تركها طاعة للملك ليحبه و يدخله جنته.
هنا انتهت تلك القصة التي بعنوان أغني في حبك نقلتها من كتيب ( رحلة إلى
السماء ) للدكتور محمد العريفي ,,
ما شعوركم بعد قراءة تلك القصة ؟؟ و ما ردت فعلك بعد قراءتها؟؟
ألم يحن الوقت للعودة إلى الله ؟؟ ماذا ننتظر؟؟ ألم يحن الوقت للقلوب القاسية
و العقول المظلمة و الأذن التي أدمنت سماع الأغاني أن تتوب؟؟
ماذا ننتظر لم يتبقى من العمر كثيراً قد يباغتنا الموت على غفلة منا و نحن
لا نعلم ؟؟
ألم تشاهد كثرة من فارقونا و هم في عز الشباب؟؟ ألم تشاهد كثرة المصائب في
هذه الدنيا؟؟
إن لم يكن حان وقت التوبة متى أخبرني؟؟ و هل تستطيع أن تضمن أن يطول عمرك
! لذلك الوقت !
كثير منا يقول إذا كبرت سأتوب ,, و هل تعلم أنك ستكبر أم لا ؟؟
أخواني الكرام و أخواتي الكريمات
أنا أعلم أن الكثير منا فيه من الخير الكثير ,, و لكن انساق وراء ملذات الدنيا
و شهواتها,,
هذه قصتي
أدمنت سماع الأغاني حتى خلت أنني لا أستطيع العيش بدونها,, كنت مرجع العائلة
في معرفة الأغاني و المطربين,, كنت أشعر بالفخر فالجميع يقول أنني أعرف كل
مطرب و كل أغاني ذلك المطرب,,
كنت في المرحلة الثانوية أدخل في جدال حاد مع صديقاتي . . فهن على قولهن
لا يستمعن إلى من أستمع إليه من الفنانين ,, و أنه لا توجد فتاة تستمع لهؤلاء
الفنانين الشعبيين سواي,, كنت أحرص على شراء أشرطة خالد ,, وأبحث عن قديم
فهد بن سعيد رحمه الله و أدخله فسيح جناته ,, و أستمع لـ عزازي ,, وغيرهم
كثير,,
و بعدما دخلت الجامعة قل استماعي لتلك الأغاني ولله الحمد و لم يكن هناك
سبب محدد,, قل اهتمامي ولكن مازلت في ذلك الظلام ,, وقبل ما يقارب السنتين
ذهبت مع أخي الذي كان في الصف الثاني متوسط إلى السوق و كان فرح أخي غداً
انشغل أخي بالأشرطة فكان يدخل شريطاً و يخرج آخر,, و لم ينتبه إلى أن الإشارة
حمراء ,,
فاصتدمت سيارتنا بالسيارة التي قبلها,, كان حادثاً بسيطاً لم يتضرر من السيارة
إلا أنوارها الأمامية ,, ولكن مازال أثره عالقاً في ذهني ,, في تلك اللحظات
استرجعت شريط حياتي لم أجد ما يشفع لي أقدمه في آخرتي ,,
حفظت الكثير من الأغاني و القليل من القرآن,, ماذا لو مت أنا و أخي و نحن
على هذا الحال ,, أول حادث يحدث لي و مع أخ لا يتجاوز الخامسةعشر من العمر,,
هل سيتحول فرح أخي غداً إلى عزاء,,؟؟ هل المدعويين سيكونون معزيين ,, كل
تلك الأفكار جاءت في عقلي في مدة لا تتجاوز الثواني,,
هل سينفعني خالد أم عزازي أم فهد رحمه الله
كم سنة ضاعت من عمري في هذا الغي ؟؟ ماذا استفدت من هؤلاء و من غيرهم؟؟
إخوتي أنا لا أدعي المثالية ,, فسيئاتي غطت على حسناتي
و لكن أرى هناك الكثير ممن يجاهر بحبه لهؤلاء الفنانين و هؤلاء الفنانات !!
ألم يسأل نفسه هل يستحق هؤلاء أن يحبهم من أجل فنهم ؟؟
أيعلم شيئاً عن حياتهم الشخصية حتى يحبهم ؟؟
إن كنت تحفظ الأغاني فكم جزءاً من القرآن تحفظ؟؟
هل هناك أحد يستحق أن نكسب ذنوباً من أجله ؟؟
و رب السماء لا يوجد في الكون بأكمله من يستحق ذلك
إخوتي من كان لديه العزم فإن الله سيسهل له ذلك و أسأل الله له التوفيق ,,
و من لم يرد – و إن كنت أشك أن لا أحد يريد ذلك – فأقول له إلى متى الغفلة؟؟
إخوتي و أخواتي أتمنى منكم استغلال هذه العشر في التوبة
و ختاماً
تذكروا قوله صلى الله عليه وسلم لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من
حمر النعم
و قوله الدال على الخير كفاعله
و حديث فيما معناه من دعا إلى هدى كان له أجر ذلك و أجر من عمل به و من دعا
إلى بدعة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها
وقول الرسول صلى الله عليه و سلم فيما معناه( يحشر المرء مع من أحب يوم القيامة)
إخوتي و أخواتي
أنا لا أريد أن تكون ردودكم قولية بل أتمنى أن تكون فعلية
فأتمنى منكم عدم الرد إن كنتم من هؤلاء الذين يستمعون إلى الأغاني و لم يتوبوا
فإذا غلبتك نفسك و لم تستطع التوبة,, فلا تكسب ذنوب الآخرين بدعوتهم إليها أو إسماعهم لها
فغايتي الأولى هي الدعوة و الرجوع إلى الله و أسأل الله لي ولكم ذلك,,
و فقنا الله لما يحبه و يرضاه و رزقنا فردوسه الأعلى و هداني و إياكم إلى
الطريق الصحيح
همسة أخيرة
الإخوة الكرام و الأخوات الكريمات
" فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين "
إخوتي إن لم نترك سماع الأغاني من أجل أنفسنا
ألا يوجد من يستحق أن نترك الغناء من أجله ؟؟!!
ألا يستحق من نحمل اسمه و من كابد المشاق و المتاعب من أجل توفير لقمة العيش لنا
ألا تستحق من تعبت و سهرت و ذاقت الأمرين و صبرت من أجلنا
ألا يستحق هؤلاء أن نترك الغناء من أجلهم؟؟
إن آبائنا و أمهاتنا لم يربوننا على تلك المنكرات بل نحن انسقنا لها عندما كبرنا
أنا ولله الحمد و المنة والديّ – أطال الله في عمرهما – مازالا على قيد الحياة فها أنا أحاول قدر المستطاع أن أكسب برهما
و لكن من وارى التراب جثمان أحد والديه ألا يستطيع برهما بترك تلك الأغاني ,, ألا يستحق والديه أن يطيعهما حتى بعد مماتهما ,, أليس من أبسط حقوقهما عليك أن يريا ثمرة تعبهم لم تذهب سدى ؟؟
أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت
شكراً لأخي الكريم سهل888
و جزاه الله عني و عن الجميع خير الجزاء و أسعده دنيا و أخرى و رزقه رؤية
و جهه الكريم و صحبة نبيه عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم
أختي مجــــــد
جزاك الله خير
وأكثر الله من أمثالك..
إقتباس
[COLOR=Black]هذه قصتي
أدمنت سماع الأغاني حتى خلت أنني لا أستطيع العيش بدونها,, كنت مرجع العائلة
في معرفة الأغاني و المطربين,, كنت أشعر بالفخر فالجميع يقول أنني أعرف كل
مطرب و كل أغاني ذلك المطرب,,
كنت في المرحلة الثانوية أدخل في جدال حاد مع صديقاتي . . فهن على قولهن
لا يستمعن إلى من أستمع إليه من الفنانين ,, و أنه لا توجد فتاة تستمع لهؤلاء
الفنانين الشعبيين سواي,, كنت أحرص على شراء أشرطة خالد ,, وأبحث عن قديم
فهد بن سعيد رحمه الله و أدخله فسيح جناته ,, و أستمع لـ عزازي ,, وغيرهم
كثير,,
و بعدما دخلت الجامعة قل استماعي لتلك الأغاني ولله الحمد و لم يكن هناك
سبب محدد,, قل اهتمامي ولكن مازلت في ذلك الظلام
سبحان الله ,,وأنا أقرأ القصة شعرت بأنني أقرأ قصتي!!!!!!
لكن فعلاً قصة مؤثرة أتمنى أننا نتعض جميعاً,,
فالذي يعيش اليوم قد لا يعيش غداً..