القصيدة النبطية في ظل غياب الوزن من كبار الشعراء..

رؤية .. وليد العبد الله
كثيراً ما تختلف الأذن السماعية لسماع الجرس الموسيقي عند قراءة أي قصيدة على لسان القارئ من خلال الصحف اليومية أو المجلات الشعبية المهتمة بالأدب الشعبي وذلك بالتباس سلامة وزن أبياتها بوجود كسر واضح ومع العلم أن الشعر الشعبي سماعي أكثر من كونه مقروء فتكمن الكارثة عندما تسمع صاحب القصيدة يلقيها بنفسه ليتأكد بذلك هذا الالتباس ولم يعد هناك مبرر بأنه ربما يوجد خطأ في نطق القارئ لأبيات القصيدة.
فهل إلى هذا الحد أصبحت الأسماء الشعرية أكثر من القصائد من ناحية الاهتمام ؟ وهل المجاملات والمحسوبية من أجل ما وصل إليه الشاعر من شهره تجعلنا لا نقول له حتى وإن كسر بيت من الشعر أن هذا البيت مكسور؟ كل هذه التساؤلات جعلت قلمي يخرج عن إطار الصمت والذي تقنعه كثير من مشرفي ملفات وصفحات الشعر والذين هم على دراية بهذه الأمور المتعلقة بالوزن والقافية أكثر مني وما قد يطرأ على القصيدة من خلل في الوزن والقافية.
فهل الشهرة التي وصل إليها الشاعر صعودا ً على سلم الواسطة هي من جعلت قصيدته خارج دائرة النقد ؟ ونشرها دون أن يكلف على نفسه حتى مراجعة أبياتها وزناً فقط لكي يتم نشرها وتُفرد لها الصفحات دون تدقيق فيها لا لشيء إنما لأن شاعرها بالأصح ( معروف ) لدى المجلة الناشرة له ، في الوقت الذي تعيش فيه الكثير من القصائد الجميلة لأسماء جديرة بالاهتمام تحت ظل الإجحاف الواضح في حق القصيدة الشعبية وإهمالها أو الاعتذار بأن القادم أجمل .!!
فعندما يصل الشاعر إلى هذا المستوى من النجومية عليه أن يحترم ذائقة ووعي المتابعين له وأن لا يقع في مطب فادح كهذا ، فالسنوات الطويلة التي قضاها في كتابة الشعر تنقلب عقباً عليه طالما أنه حتى هذه اللحظة لم يستطع أن يتجاوز عقبة الوزن.
فأجيال الغد سوف يقعون في نفس ما وقع فيه هذا الشاعر وخصوصاً بأنهم بحاجة إلى الاستفادة ممن سبقوهم في هذا المجال.
ففي هذه القضية أحببت أن أطرح ما تطالب به القصيدة النبطية من إنصاف، وكذلك القارئ والمتابع والمهتم وفي يدهم أكبر دليل على صحة دعواهم. وهذه فقط إحدى القصائد التي قد مُجّدت وأُفردت لها الصفحات بإحدى المجلات والتي تعد صاحبة حضور قوي بين المجلات ، القصيدة قد تغنّى بها أحد الفنانين المشهورين والذي هو كذلك شاعر، كما قد تم عمل لقاء مطول مع شاعر القصيدة فيه استهلكت الصفحات والألوان بنفس المجلة المطبلة لهذا الشاعر بإسهابه في كيفية التعاون الذي تم بينه وبين الفنان على ضوء هذه الأغنية، وعلى الرغم من عاطفة القصيدة وإحساسها الجميل إلا أنه يجب أن ننظر بالدرجة الأولى إلى مقومات القصيدة النبطية فالقصيدة للأسف خرجت عن كونها قصيدة سليمة الوزن والقافية، كيف لا وقد فقدت أهم ركن من أركانها وهو الوزن، وإليكم ما استطعت أن أستنتجه من خلال القصيدة المنشورة والتي ألقاها شاعرها بنفسه من ناحية الكسر في أكثر من بيت :
( " وجهك الباقي وعبدك ينتظر منك المكتوب
........ ماله إلا ما كتبت وما يطول إلا المقسوم " )

وكذلك في بيت آخر من نفس القصيدة :

( " أدري الجنة تحت رجليك ولله الوجوب
........ اسأل الله الرضى والفوز يا الحي القيوم " )

كما أن الشاعر وقع أيضاً في عيب موجود في قوافي القصيدة من ناحية استخدام نفس نوع المد في شطر البيت وعجزه ( مكتوب / مقسوم )

وهذا ما تطرق له مؤلف كتاب طوريق النبط إبراهيم الخالدي بأن " استخدام نفس نوع المد في قافيتي الصدر والعجز مع اختلاف القافية يعتبر عيباً من عيوب القافية، وذلك كأن تكون قافية الصدر ( سلام ) وقافية العجز ( كتاب ) لتشابههما في مد الألف وهذا مستقبح لاختلال الجرس الموسيقي في أذن المستمع ويصبح لا يفرق بين صدر القصيدة وعجزها "
هذا فقط طرح أول من بين الكثير من القصائد وليس الغرض منه انتقاد شاعر بعينه أو التقليل من حجم شاعر القصيدة ولكن عندما ننظر إلى شاعر وصل إلى ما وصل إليه من الشهرة والخبرة الطويلة في كتابة القصيدة النبطية، فإننا يجب أن نحاسبه على خطأ كهذا فعندما تخرج القصيدة للناس فإنها لم تعد حكراً على صاحبها وللجميع الأحقية في انتقادها في كل ما يتعلق بالقصيدة من ناحية الوزن والقافية وحتى لا نغمض أعيننا عن كل نص مكسور أو فيه من العيوب ما فيه من أجل اسم صاحبه فقط .


___
تم نشر هذا المقال في جريده البلاد
يوم السبت 19/12/1425هـ
___