
03/05/2001, 11:28 AM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 17/12/2000 المكان: الرياض
مشاركات: 737
| |
حين احتشدت الجموع بمقبرة بريدة
وفاة الشيخ العجاجي تثير ذكرى محاسنه ومآثره بالعلم وعمل البر
في عصر يوم الأربعاء الثاني من شهر صفر شيع العلم وطلابه وأهل الخير ومحبوه رجلاً من الصالحين الأخيار بإذن الله هو الشيخ الفاضل/ عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالعزيز العجاجي.
ويوم احتشد أهل بريدة في جامعها الكبير ثم في المقبرة ثارت في النفس ذكريات وشجون كان أولها ما سطرته كتب التاريخ المعاصر لحركة العلم في بريدة والتي كان والد الشيخ عبدالله الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن سليمان العجاجي من روادها. حيث كان من أبرز طلاب علامة القصيم عمر بن محمد بن سليم حتى فاق أقرانه وحاز الإكرام والتقدير من مشايخه وزملائه، فبعثه الملك عبدالعزيز رحمه الله معلماً ومرشداً في بلدة الأرطاوية فجلس فيها للتدريس والإفتاء وتوفي رحمه الله وهو ابن خمس وثلاثين سنة وعبدالله طفل صغير لما يشب عن الطوق، فلقي الشيخ عبدالله من شيخ والده الشيخ عمر بن سليم الحنان والأبوة حتى كان يصحبه معه في أسفاره ويرعاه رعاية الأب لابنه فتتلمذ عليه الشيخ عبدالله وقرأ عليه القرآن الكريم، وكثيراً من متون العلم فلازم الشيخ عمر بن سليم حتى توفي الشيخ عمر رحمه الله.
وكان من الذكريات التي أثارها الحدث البدايات الأولى لحلق تحفيظ القرآن الكريم المنظمة في بريدة حيث قام الشيخ عبدالله العجاجي في بدايات الثمانينات من القرن الماضي بتضامن مع الشيخ عبدالله بن سليمان الحميد بحمل هم تحفيظ القرآن الكريم لأبناء المنطقة فرحلا إلى مكة المكرمة واستفادا من تجربة إخوانهم فيها وأحضرا حوالي عشرة من المحفظين للقرآن من دولة الباكستان جلسوا في الجامع الكبير في بريدة وفي غيره من المساجد فحفظ القرآن عن طريقهم فئام كثير من طلاب العلم والذين هم اليوم من أهل العلم والفضل.
وموت الشيخ عبدالله العجاجي رحمه الله يثير ذكرياتنا الجميلة في إنشاء جمعية تحفيظ القرآن الكريم في بريدة كثالث جمعية في المملكة بعد مكة المكرمة والرياض حيث قامت رسمياً في بداية هذا القرن على يد الشيخين الجليلين عبدالله العجاجي وصالح بن إبراهيم البليهي وكانت بداية قوية متميزة فاقت بها على مستوى المملكة ونجحا من خلالها باستقطاب شباب المدينة للمسجد ليحفظوا كتاب الله ويتربوا من خلاله. حتى أضحت هذه الجمعية المباركة شامخة البنيان ومثالاً يحتذى وكان يرأسها الشيخ الجليل صالح بن إبراهيم البليهي، والشيخ عبدالله العجاجي نائبه حتى توفي الشيخ البليهي عام 1410ه فتولى رئاستها الشيخ العجاجي حتى اعتذر من رئاستها لظروفه الصحية ومازال داعماً لها ومؤازراً حتى بعد اعتذاره من رئاستها حيث أوقف لمناشطها رحمه الله.
وموت الشيخ عبدالله العجاجي يذكرنا بنشأة جمعية البر الخيرية ببريدة عام ثمان وتسعين وثلاثمائة وألف حيث كان من المؤسسين والداعمين لها إذ هي من أول جمعيات البر بالمملكة ومن أنشطها فكان عضواً فاعلاً في مجلس إدارتها وداعماً بماله وقد أوقف لها عدة أوقاف آخرها المقر الإداري للجمعية وبناؤه.
وموت الشيخ عبدالله العجاجي رحمه الله يذكرنا بالخطوات الأولى لأول مركز توعية للجاليات بالمملكة وهو مركز بريدة حيث كان رحمه الله ممن أشار وشجع ودعم صاحب الخطوة المباركة الشيخ عبدالعزيز التويجري فكان له أباً حانياً ومشجعاً وداعماً.
أما المستودع الخيري ببريدة فمازال منذ إنشائه عام ثلاث عشرة وأربعمائه وألف في هاجس الشيخ عبدالله يسأل عنه فضيلة المشرف عليه الدكتور صالح الونيان ويثني عليه ويدعمه بماله وصلاته،حتى رُشح رحمه الله من أبرز المكرمين من الداعمين للمستودع الخيري في افتتاح مقره الجديد في الرابع عشر من شهر الله المحرم لهذا العام.
لقد كان الشيخ عبدالله العجاجي محباً للبذل يهتبل كل فرصة لمد يد العون والمساعدة مشجعاً لكل العاملين بماله وكلماته.
وقبل أشهر صليت معه في مسجده مسلماً ومبشراً له بفكرة تبناها بعض أهل العلم وطلابه في مدينة بريدة وهو مشروع مكتبة ابن باز الخيرية فتفاعل مع المشروع وباركه وشجع عليه وسأل عن احتياجاته فكان بعدها كلما رأيته سألني عن ما تم من خطوات رسمية للتصريح وخطوات عمليه للتنفيذ ولم تسعفه بعد ذلك صحته وحسبه عزمه ونيته.
لقد عُرف الشيخ عبدالله العجاجي رحمه الله بالخصال الحميدة والخصال الجميلة ولعل من أظهر ما يذكر منها كثرة التعبد والنوافل وسلامة القلب وحب بذل الخير، والخلق الحسن والأدب الجم فكل من حدثه يتصور أنه لا يحب إلا هو لحسن ملاطفته وجميل معشره وكان محباً لطلبة العلم يقدرهم ويحبهم ويسعد بزيارتهم له وإكرامهم ويسأل عنهم إذا غابوا.
والشيخ عبدالله العجاجي رحمه الله من أهل القرآن فهو يحفظ القرآن وممن سهل عليه قراءاته فكان يختمه في ثلاث ليال على مدار العام ولا يجلس في المسجد أو في البيت إلا قارئاً أو مستمعاً للقرآن من خلال إذاعة القرآن الكريم. حتى في مرضه الشديد كانت ترد عليه أوقات لا يعرف من حوله ومع ذلك يقرأ القرآن ويرد على المخطئ فيه وإن كان لا يعرفه لمرضه كما عرف بكثرة الذكر والتسبيح والتهليل.
وإن مما وفق الله له الشيخ عبدالله أن أوقف لأمور إحسانية كثيرة في حياته رآها وسعد بها فقد بنى مساجد وجامعاً كبيراً وأوقف لطلاب العلم وبعض الجمعيات الخيرية صدقة سبقته إلى ربه وتعجل بها لمرضاته نسأل الله أن يتقبلها منه.
وحين أذكر هذا عن الشيخ عبدالله فليس للنعي والتحزن فقد قدم على رب هو أرحم منا به ولكنها دروس تقتدى ومآثر تسطر للأجيال للأسوة والقدوة.
فالشيخ عبدالله العجاجي رحمه الله مدرسة في جد طالب العلم في العلم والتعلم وحفظ كتاب الله تعالى.
وهو مدرسة في حمل هم العمل الدعوي وإشغال نفسه به حتى أنتج أعمالاً ابتكارية لنفع المجتمع سيدرك بإذن الله أجرها وأجر من عمل بها وهو مدرسة في بذل الجهد والوقت لنفع عباد الله تعالى.
وهو مدرسة أيضاً لأهل الغنى والسعة في أن يبذلوا في سبيل الخير وأن يكون لهم مساهمة ومشاركة في طرقة المتعددة وأن يبادروا إلى الإيقاف في حياتهم ليروا خيرهم وبذلهم قبل مماتهم ولتسعد به قلوبهم في حياتهم.
وإني لأعلم أن الشيخ عبدالله العجاجي رحمه الله ممن يكره الثناء والإطراء فكثيراً ما تذكر أعماله فيعزف عن سماع هذا القول ولربما نهر المتحدث بقوله: أنا لست بحاجة لهذا أنا بحاجة للدعاء بحسن الخاتمة، غير أن موجب هذا القول بعد موته الاعتراف لأهل الفضل بفضلهم وليرسم للجيل رموز العمل للخير ليكون فيهم أنموذجا ومثالا رائعا وقدوة صالحة.
رحم الله الشيخ عبدالله العجاجي ورفع درجاته في المهديين وجعل منازله في عليين وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وجزاه الله عن امته خير الجزاء وأوفره وجمعنا به مستقر رحمته وتقبل منه أعماله وطاعته.
كما نسأله سبحانه أن يجبر قلوب أحبابه ومن نالهم إحسانه وأن يبارك في عقبه وذريته.
والحمد لله رب العالمين،،،
د. عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم العويد
المحاضر بكلية الشريعة وأصول الدين في القصيم
المصدر : جريدة الجزيره , الخميس 9 صفر 1422. |