الملف السري الأسود للسلطة الفلسطينية



حين نقرأ التاريخ الفلسطيني نقف حائرين أمام مدى الإخفاقات التي سجلها القادة الفلسطينيون خلال النصف الثاني للقرن الماضي , وإذا كان الحاج أمين الحسيني هو آخر العمالقة من الجيل القديم , فإن الجيل التالي مثَّل النكسة الحقيقية لقضية شعب فلسطين ، على أنه من المهم أن يتجه البحث التاريخي إلى دراسة كيفية وصول هؤلاء القادة إلى مراكزهم دون توكيل أو انتخاب أو ترشيح من الشعب الفلسطيني نفسه . ومن هي تلك الجهات التي قامت بترشيحهم إلى تلك المراكز القيادية.

وربما أنه كما جاء في الحديث "كما تكونوا يولى عليكم" فقد كان غالبية من الشعب الفلسطيني في المخيمات التي بنيت في الدول العربية المجاورة قد ابتعدت عن المنهج الديني الصحيح , وتعرضت هذه الغالبية إلى امتحان حقيقي خلال الأربعين سنة الأخيرة من القرن العشرين . تمثلت في توجهات نحو العلمانية و الاشتراكية والشيوعية والقومية وغيرها , ومن خلال دعم مالي مجهول تشكلت هذه المنظمات التي أطلق عليها الثورية , وحسبت على الشعب الفلسطيني .

منذ عام 1964م برز على ساحة النضال الفلسطيني رجل غير معروف لا من حيث اللهجة ولا من حيث العائلة ولا حتى القرية التي يفترض أن أهله ينتسبون إليها, اسمه الثوري أو "الكودي" ياسر عرفات .

هو شاب ولد في مصر في حي خليط من العرب واليهود, امتلك والده ذو الأصول اليهودية المغربية عدة عمارات في حي القبة بالقاهرة . الاسم الحقيقي لياسر هو عبدالرؤوف القدوة , راج مؤخرا أن الأسرة اليهودية التي ينتمي لها تدعى القدوة , بينما يرى العارفين ببواطن الأمور أن ذلك لم يصب كبد الحقيقة , ذلك أن والد ياسر أو (عبدالرؤوف) هو فعلا يهودي مغربي , هاجر إلى مصر أثناء الحرب العالمية الأولى , ثم زار فلسطين حين وقعت بحبه فتاة فلسطينية من أسرة القدوة , وحين رفض أهلها تزويجها له كونها مسلمة يحرم عليها الزواج من يهودي , هربت معه إلى مصر وهناك أنجبت ياسر وأخوته .

ياسر أسمه مشتق من اليسر والرأفة (عبدالرؤوف) وهو اسم حركي , ولأن اليهودي يكتسب يهوديته من لبن الأم وليس من صلب الأب , ولأن أمه عربية فإنه رغم أنه يهودي الأب إلا أنه غير مسموح حسب تعاليم الديانة اليهودية أن يعتنق الديانة اليهودية . لذا فقد اعتنق ديانة والدته, وظل شفيق ببني جلدة والده اليهود متزوج من نصرانية , هذا ما يقولونه حول ياسر عرفات الذي أخذ حتى نسب أخواله القدوة الذين كانوا قد أهدروا دم ابنتهم الهاربة فيما مضى , و تبرؤوا من انتساب ياسر لهم في السابق وصمتوا في الوقت الحاضر حيث ماتت والدة ياسر في الإمارات العربية المتحدة دون أن تفكر في العودة إلى فلسطين . ومن هنا برز ياسر عرفات الذي لا يعرف الفلسطينيون إلى أي أسرة ينتمي , حنى قال شاعرهم :



يا من رفعت الإصبعين نسيت أن تطلي الأظافر

هـلاَّ رفعت سواهما أم أن عهرك صار سافر

كوهين يا كوهين من سمــاك يا كوهين ياسر

وأبو إيــــاد نائبــــاً يا عاهرا وكلت داعـــــر



من هنا تدور شبهات كبيرة حول مدى الدور الذي لعبه ياسر عرفات بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية من أجل تصفية معظم القادة الفلسطينيين بداية من الثلاثي كمال عدوان وزملاءه في بيروت بعد خروج ياسر عرفات من اجتماع معهم بخمس دقائق فقط , وحنى تصفية الكثير من القادة العسكريين الميدانيين أثناء حصار بيروت عام 1982م ,حيث يذكر أبو الطيب قائد قوات الـ17 الفلسطينية التي تم تشكيلها بعد رحيل قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان , في كتابه عن حصار بيروت ,إن لدى ياسر عرفات حاسة سادسة حيث كانت الطائرات الإسرائيلية تلاحقه لاغتياله في كل اجتماع يعقده مع القادة العسكريين الميدانيين ,فكان ينسحب من الاجتماع قبل خمس دقائق فقط من ضرب الطائرات الإسرائيلية لأولئك القادة ولكن أبو الطيب لم يذكر لماذا لم يستخدم ياسر عرفات حاسته السادسة لعشرات القادة الميدانيين الذين قتلت الطائرات الإسرائيلية العشرات منهم بعد انسحاب عرفات بدقائق من تلك الاجتماعات ؟ لماذا لم يأمرهم بالانسحاب بناء على معلومات حاسته السادسة؟. إلا إذا كان أبو الطيب غير قادر بحكم عمله الرسمي على الإيضاح ويريد الأذكياء يفهمون ما يعني . كان يجدر به أن يقول أن الدور المناط بعرفات من قبل إسرائيل هو تجميع هؤلاء القادة في مكان واحد لقتلهم جماعياً .

القائد الثاني صلاح خلف وهو وإن كان والده عربي فإن جدته لأمه يهودية فلسطينية , وهو مثل ياسر عرفات يتمتع بحصانة وحماية إسرائيلية حتى تمكن أبو نضال من زرع أحد رجاله بالقرب من صلاح خلف حيث تمكن من قتله بتونس .

واحتل محمود عباس مكانة الرجل الثاني بمنظمة التحرير الفلسطينية بدلا من صلاح خلف , وهو من عكا ولا يدين بالإسلام وإنما هو من رؤوس البهائية , ومن المعروف أن البهائيين يعتبرون عكا قبلتهم والتي بها مركز البهائية بالعالم , ومن أهم معتقداتهم هي العمل على قيام دولة إسرائيل والحفاظ عليها .

وهكذا نرى كيف يتم اختيار ما يمكن وصفهم بالزعماء الفلسطينيين , والذين هم ليسوا أكثر من مفروضين على الشعب الفلسطيني , ومن هنا يمكن فهم أسباب الإخفاقات الفلسطينية على أنها مخططة من قبلهم أكثر منها فشل في الأداء .

وإذا كان الكثير من الأسماء لهؤلاء الزعماء يمكن وضع دوائر حمراء عليها أمثال أبو العلاء أحمد قريع رئيس الوزراء الحالي , ونبيل شعث الذي سقط كل الوزراء الفلسطينيون وهو في حصانة تامة رغم ما يشاع عن الفساد المالي بوزارته, وياسر عبد ربه وزير الأعلام الأسبق ومبادرته المعروفة بإسقاط حق الـعودة للاجئين الفلسطينيين , وهؤلاء من جيل الوسط من ( الزعماء) .

في الفترة الأخيرة بدأ تلميع العديد من الأسماء وهم من الجيل الثالث , أشهرهم على الإطلاق جبريل رجوب ومحمد دحلان رئيسا الأمن الوقائي الفلسطيني السابقين , وزياد أبي زياد مستشار الرئيس عرفات الأسبق . ودحلان والرجوب هما رجلا الاستخبارات الإسرائيلية للمرحلة الحالية والمقبلة .

محمد دحلان يعرفه أبناء غزة ويقولون عنه زملاء الدراسة أنه أنقطع عن الدراسة بعد الثانوية , ثم ظهر كزعيم لعصابة لترويج المخدرات بغزة , ثم اختفى لمدة ليظهر بعد ذلك في تونس ثم ليعود مع السلطة على رأس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني بغزة .

أما جبريل رجوب فقد حاولت إسرائيل تلميعه في أوائل التسعينيات , وطالبت السلطة بتسليمه لها لمحاكمته فقال تصريحاته المشهورة بأن على إسرائيل أن تشرب البحر أو تبلط البحر , وانطلت اللعبة على البعض , حتى قام شارون بتدمير البنى التحتية للسلطة الفلسطينية في حربه الأخيرة وتدميره لمدينة جنين ومدن الضفة الغربية حيث انكشف دحلان والرجوب في أبشع صورهم للشعب الفلسطيني بتعاونهم مع القوات الإسرائيلية الغازية .

وإذا كان هؤلاء هم القيادات فإن هناك جيشاً من العملاء الصغار كطابور خامس من أتباعهم المندسين بين الشعب لخدمة أهداف إسرائيل , والتي تحاول المنظمات الفلسطينية ككتائب الأقصى وحماس والجهاد بتصفيتهم بمجرد التأكد من عمالتهم للمخابرات الإسرائيلية , ولعل ما سبق يعطي تفسيرا واضحا وكافيا لمسلسل سقوط الزعماء الفلسطينيين الشرفاء .


منقوووووول
كتبه / بن تاشفين
www.almawa.net