السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام والجميع بخير
أهنئكم بمناسبة حلول العام الدراسي الجديد وأسرد لكم هذه القصة التي أخبرتني بها قريبتي وهي معلمة في مدارس محو الأمية .
وهي قصة فتاة باكستانية تبلغ إحدى عشرة سنة لاحظت معلمة فصلها تأخرها المتكرر عن حضور الحصة الأولى ساعدها في ذلك بعد مكتب الإدارة عن بوابة المدرسة و كانت المعلمة تكتفي بالإنذار الشفوي بداية ،ثم بإيقافها جوار الباب داخل الفصل حرصاً على استماعها للدرس بدلاً من إيقاف الإدارة لها داخل مكتبها ، خاصةً أن مستوى الطالبة ممتاز من حيث المشاركة وسرعة الاستيعاب وأداء الواجبات .ثم حدث أن تغيبت تلك الطالبة عن المدرسة لمدة يومين وبسؤال المعلمة لزميلاتها عمن يعرف سبب غيابها أخبرتها إحداهن أنها تتصل بها يومياً لمعرفة الدروس والواجبات وان تغيبها ماهو إلا بسبب مرض أخيها الذي يحضرها إلى المدرسة ، لكن المفاجأة التي صعقت تفكير المعلمة أن ذلك الأخ يبلغ الخامسة عشر من عمره تكفل بتوصيل شقيقته إلى المدرسة يومياً عند الساعة الثالثة ظهراً ـ أي بعد تناوله الغداء فور عودته من المدرسة ـ على ظهر دراجته ( سيكل ) مع العلم أن المسافة ُتقطع بواسطة سيارة خلال ربع ساعة! وفي المساء يقوم بإعادتها إلى المنزل.
ومنذ ذلك الحين تعاطفت المعلمة مع تلك الطالبة ولم تعد تعاقبها بل أصبحت تعيد لها شرح مافاتها من الدرس خاصة حين علمت أن أسرة الطالبة ترفض مرافقة ابنتهم لزميلاتها من الجارات للحضور إلى المدرسة وأنها أمام خيارين إما الوضع الراهن أو ترك الدراسة معرضين بذلك اثنين من أبنائهم لخطر المرض وخطر الشارع ! وفي النهاية حصلت تلك الطالبة على المركز الخامس بين زميلاتها في نتيجة آخر العام !!
روعة تلك القصة تكمن في رغبة الفتاة القوية في أن تتعلم وفي حنان الأخ الذي يلبي رغبة مشروعة لشقيقته ويتحمل المسؤولية .
فليقارن القارئ لتلك القصة بين عزيمة تلك الفتاة وبين حال معظم أبنائنا وهم يستقبلون عاماً دراسياً جديداً بنفوس ضجرة متأففة بالرغم من توفر وسائل الرفاهية لهم ! وليقارن أيضاً بين ذلك الأخ وبين من يتنحى عن تحمل المسؤولية ! وبين المعلم الذي ينفر الأبناء من الدراسة بأسلوبه القاسي الخالي من العطف وبين تلك المعلمة التي بتفهمها للظروف ساهمت في محو أمية الفتاة !
لكل قارئ أقدم امتناني