
06/08/2004, 05:45 PM
|
زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 24/03/2004 المكان: وطن الهلال
مشاركات: 460
| |
نلتقي في جنات عدن [ALIGN=CENTER]
حكا الجاحظ قال : أخبرني فتى من أصحاب الحديث قال : دخلت ديراً في بعض المنازل
لما ذكر لي أن به راهباً حسن المعرفة بأخبار الناس وأيامهم فسرت إليه لأسمع كلامه
فوجدته في حجره معتزله بالدير وهو على أحسن هيئة في زي المسلمين فكلمته
فوجدت عنده من المعرفة أكثر مما وصفوا فسألته عن سبب إسلامه فحدثني أن جاريه
من بنات الروم كانت في هذا الدير نصرانيه كثيرة المال بارعة الجمال عدية الشكل
والمثال فأحبت غلاماً مسلماً خياطاً وكانت تبذل له مالها ونفسها والغلام يعرض عن
ذلك ولا يلتفت إليها وامتنع عن المرور بالدير فلما أعيتها الحيلة فيه طلبت رجلاً ماهراً
في التصوير وأعطته مائة دينار على أن يصور لها صورة الغلام في دائرة على شكله
وهيئته ففعل المصور فلم تخطئ الصورة شيئاً منه غير النطق وأتى بها إلى الجارية
فلما أبصرتها أُغمي عليها فلما أفاقت أعطت المصور مائة دينار أخرى وأخرج الراهب
لي الصورة فرأيتها فكاد أن يزول عقلي فلما خلت الجارية بالصورة رفعتها إلى حائط
حجرتها وما زالت كل يوم تأتي الصورة وتقبلها وتلثم ما تحب منها ثم تجلس بين يديها
وتبكي فمازالت على تلك الحال شهراً فمرض الغلام ومات فعملت الجارية مأتماً وعزاء
سار ذكره في الآفاق وصارت مثلاً بين الناس ثم رجعت إلى الصورة وصارت تلثمها وتقبلها
إلى أن أمست فماتت إلى جانبها فلما أصبحنا دخلنا عليها لنأخذ من خاطرها فوجدناها ميتة
ويدها ممدودة إلى الحائط نحو الصورة وقد كُتب عليه هذه الأبيات :
يا موتُ حسبك نفسي بعد سيدها
خذها إليك فقد أودت بما فيها
أسلمت وجهي إلى الرحمن مسلمةً
ومتُ موت حبيبٍ كان يعصيها
لعلها في جنات الخلد يجمعها
بمن تحبُ غداً في البعث باريها
مات الحبيب وماتت بعده كمداً
محبةً لم تزل تُشقي محبيها
قال الراهب : فشاع الخبر وحملها المسلمون ودفنت إلى جانب قبر الغلام فلما أصبحنا دخلنا حجرتها فرأينا تحت شعرها مكتوباً :
أصبحت في راحةٍ مما جنته يدي
وصرت جارة ربٍ واحد ٍ صمد
لما قدمت إلى الرحمن مسلمةً
وقلت : إنك لم تولد ولم تلد
أثابني رحمة ً منه ومغفرةً
وأنعماً باقياتٍ آخر الأبد
اسال الله ان ينفع بها في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن
المصدر : الموعد جنات النعيم للحازمي[/ALIGN] |