
10/05/2004, 01:03 AM
|
نائب رئيس مجلس الجمهور الهلالي في الشرقية | | تاريخ التسجيل: 13/01/2002 المكان: في اي مكان يتواجد به الهلال
مشاركات: 6,045
| |
سجن "أبوغريب" مرة أخرى [ALIGN=CENTER]حسبنااللهونعمالوكيل[/ALIGN] [ALIGN=CENTER] أسرف الرئيس الأمريكي جورج بوش في استخدام كلمة “آسف”، وهو يسعى الى “الاعتذار” عن جرائم التعذيب التي كُشف عن حقيقة ان جنوداً أمريكيين مارسوها ضد معتقلين عراقيين في سجن “أبوغريب” العراقي. قيل انه كرر كلمة “آسف” نحو ست أو سبع مرات. في وقت لاحق اعتذر وزير حربيته دونالد رامسفيلد أيضاً، وأقر بـ “خطأ” ما جرى. كأن الإدارة الأمريكية تظن أن هذا الإسراف في ترداد كلمة “آسف” يجنبها الحرج ويعفيها من مسؤولية هول ما حدث، بل ان هذا الترداد المسرف للكلمة أفقدها الشحنة التي تنطوي عليها في الأصل وحولها الى ما يشبه الكاريكاتير أو حتى الابتذال.
هناك أمر يبدو في الظاهر رمزياً لكنه يعبر عن جوهر ما حدث، هو ان عمليات التعذيب موضوع الفضيحة الدائر الآن قد جرت بالذات في سجن “أبوغريب” وهو سجن سيئ الصيت في ذاكرة المواطنين العراقيين الذين عانوا ويلات النظام العراقي المنهار. كانت الفرائص ترتعد بمجرد ذكر اسم هذا السجن الذي كان يعني التعذيب والقتل والتغييب الأبدي، وربما انطبق عليه من دون كبير مبالغة القول ان الداخل اليه مفقود والخارج منه مولود. وكان المنتظر من إدارة بوش ان تمحو هذه الذكرى السوداء من ذاكرة العراقيين حين يرد اسم هذا السجن، لا ثقة منا في عدالة أو استقامة رجال هذه الإدارة وقادة جيشها الميدانيين الذين احتلوا العراق، وإنما لأن صلب الخطاب الايديولوجي الذي شنت الحرب على العراق تحت رايته كان انقاذ العراقيين من هول وجور النظام السابق، وتحطيم مملكة الخوف والرعب والقتل التي رزح فيها العراقيون نحو ثلاثة عقود قليل عليها ان توصف بأنها عقود دامية.
وإذا بني هذا الخطاب الايديولوجي على هذا المرتكز فإنه حُمّل أيضاً بوعود لا تعد ولا تحصى عن جنة الديمقراطية الموعودة التي سيتفيأ العراقيون، وغير العراقيين في المنطقة كلها، ظلالها، فإذا بالفظائع التي جرت على أيدي الجنود الأمريكيين في السجن المذكور تصيب في مقتل صلب هذا الخطاب الايديولوجي أو على أقل تقدير تعرضه لهزة كبرى لن يقدر له بعدها ان يكتسب أي صدقية لدى أحد، بمن فيهم أولئك الذين يحملون أوهاماً حول رسالة “الدمقرطة” التي يبشر بها الأمريكيون شعوب المنطقة، بعد ان اتضح انها أوهام من هواء، سريعة التبدد كما الهواء نفسه.
هناك من يقع في خطأ قاتل حين يعقد مقارنة على هيئة السؤال التالي: “هل كانت الفظائع التي ارتكبها صدام أقل من هذه التي اتضح ان الأمريكيين ارتكبوها؟”، وهو سؤال لا يستقيم طرحه ليس فقط لأن الولايات المتحدة موجودة في العراق بوصفها قوة احتلال، وإنما أيضاً لأن كل مقدمات الاحتلال بنيت على أساس إنهاء هذه الممارسات في العراق، وتدشين مرحلة جديدة يصار فيها الى تكريس ثقافة حقوق الانسان. وبالمناسبة فإن حقوق الانسان هي واحدة لا تتجزأ، فليس مشرفاً لأحد ان يدين انتهاك هذه الحقوق على أيدي جلادي نظام صدام حسين، ثم يأتي ليلتمس التبريرات لقوات الاحتلال وهي تعذب خصومها، مهما قيل في وصف ما جرى بأنه ممارسات فردية، فهذه ممارسات تغذت من الخطاب العنصري الرجعي لليمين الجديد الحاكم في البيت الأبيض اليوم، ولم تنشأ من فراغ أو تنحصر في نوازع سادية فردية لدى هذا المجند الأمريكي أو ذاك[/ALIGN] |