
28/02/2004, 12:25 AM
|
 | زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 07/12/2002 المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
| |
حكم الغناء واستماعه ؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فالغناء والاستماع إليه حرام ومنكر ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها، وقد ذكر بعض العلماء الإجماع على تحريمه.
أدلة التحريم :
الأدلة على تحريمه كثيرة جداً نذكر منها :
1- الدليل الأول : ]ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه آيتنا ولّى مستكبراً كأن لم يسمعها كأنّ في أذنيه وقراً فبشّره بعذاب أليم[ سورة لقمان آية 6، 7.
قال الواحدي وغيره: أكثر المفسرين على أن لهو الحديث في الآية المراد به الغناء قاله ابن عباس وابن مسعود، وهو قول مجاهد وعكرمة،وروي عن ابن مسود أنه قال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء يعني لهو الحديث.
2- الدليل الثاني : من السنة : قول الرسول r " ليكوننّ من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" أخرجه البخاري.
وجه الدلالة منه أن المعازف هي آلات اللهو كلها لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك([1]) وقوله: "يستحلون" أي أنها كانت حراماً فاستحلوها.
3- الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r أنه قال: "يمسخ قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير" قالوا يا رسول الله: أليسوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ قال: "بلى، ويصومون ويصلون ويحجون" قيل فما بالهم؟ قال: "اتخذوا المعازف والدفوف والقينات فباتوا على شربهم ولهوهم فأًصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير". (إغاثة اللهفان لابن القيم 1/261.)
4- الدليل الرابع: قوله تعالى ]وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءّ وتصدية[ سورة الأنفال آية: 35، قال ابن عباس وابن عمر وعطية ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة: المكاء، هو الصفير، والتصدية: هي التصفيق.
بعض أقوال العلماء:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ومن أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغناء والملاهي وهو سماع المشركين قال الله تعالى(]وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصدية[) قال ابن عباس وابن عمر وغيرهما: التصدية: التصفيق باليد، ([1] ) انظر كتاب إغاثة اللهفان لابن القيم 1/260.
والمكاء: التصفير، فكان المشركون يتخذون هذا عبادة، وأما النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعبادتـهم ما أمر الله به من الصلاة والقراءة والذكر ونحو ذلك، ولم يجتمع النبي r وأصحابه على استماع غناء قط لا بكف ولا بدف .." ثم قال عن مستمع الغناء:-
"وحالة خوارقه تنقص عند سماع القرآن وتقوى عند مزامير الشيطان فيرقص ليلاً، فإذا جاءت الصلاة صلى قاعداً أو ينقر الصلاة نقر الديك، وهو يبغض سماع القرآن وينفر منه ويتكلفه، ليس له فيه محبة ولا ذوق ولا لذة عند وجده، ويحب سماع المكاء والتصدية ويجد عنده مواجيد … فهذه أحوال شيطانية وهو ممن يتناوله قوله تعالى ]ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطناً فهو له قرين[.([1])
وقال ابن القيم رحمه الله:
"ومن مكايد عدو الله ومصايده التي كاد بها من قل نصيبه من العقل والعلم والدين وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان .. فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنا، وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى، كاد به الشيطان النفوس المبطلة وحسنه لها مكراً وغروراً وأوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه فقلبت وحيه واتخذت من أجله القرآن مهجوراً، فلو رأيتهم عند ذياك السماع وقد خشعت منهم الأصوات وهدأت منهم الحركات وعكفت قلوبهم بكليتها عليه وانصبت انصبابة واحدة إليه، فتمايلوا كتمايل النشوان وتكسروا في حركاتهم ورقصهم ، أرأيت تكسر المخانيث والنسوان؟ ويحق لهم ذلك وقد خالط خماره النفوس، ففعل فيها أعظم ما يفعله حميا الكؤوس، فلغير الله بل للشيطان قلوب هناك تمزق، وأموال في غير طاعة الله تنفق، قضوا حياتهم لذة وطرباً واتخذوا دينهم لهواً ولعباً، مزامير الشيطان أحب إليهم من استماع القرآن، لو سمع أحدهم القرآن من أوله إلى آخره لما حرك له ساكناً ولا أزعج له قاطناً، حتى إذا تلي عليه قرآن الشيطان وولج مزموره سمعه تفجرت ينابيع الوجد عن قلبه، على عينيه فجرت، وعلى أقدامه فرقصت، وعلى يديه فصفقت، وعلى سائر أعضائه فاهتزت وطربت، وعلى أنفاسه فتصاعدت، فيا أيها الفاتن المفتون والبائع حظه من الله بنصيبه من الشيطان صفقة خاسر مغبون .. هلا كانت هذه الأشجان عند سماع القرآن وهذه الأذواق والمواجيد عند قراءة القرآن المجيد .. ولكن كل امرئ يصبوا إلى ما يناسبه ويميل إلى ما يشكاله". ([2])
--------------------------------------------------------------------------------
([1] ) من كتاب: "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان".
([2] ) باختصار من إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان.
وأخيراً: فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله : يقول السائل:
ما حكم الأغاني، هل هي حرام أم لا؟ رغم أنني أسمعها بقصد التسلية فقط وما حم العزف على الربابة والأغاني القديمة؟ وما حكم الطبل في الزواج؟ ..
فأجاب الشيخ رحمه الله:
"الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، وقد فسر أكثر أهل العلم قوله تعالى: ]ومن الناس من يشتري لهو الحديث[: بالغناء، وكان عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل رضي الله عنه يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء، وإذا كان مع الغناء آلة كالربابة والعود والكمان والطبل صار التحريم أشد، وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعاً، فالواجب الحذر من ذلك، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليكنن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" والمعازف: هي آلات الطرب. وأوصيك وغيرك بالإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله عز وجل كما أوصيك وغيرك بسماع إذاعة القرآن وبرنامج نور على الدرب، ففيهما فوائد عظيمة وشغل شاغل من سماع الأغاني وآلات الطرب.
وأما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ولا مدح محرم في وقت من الليل للنساء خاصة لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السفاح كما صحت السنة بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس ولا في غيره بل يكتفي بالدف خاصة في العرس فقط وللنساء دون الرجل. ([1])
وبعد هذا كله فإن كثيراً من المسلمين اليوم يستحلون الغناء إما جهلاً منهم –وهو الغالب- أو عناداً. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هما أولو الألباب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
--------------------------------------------------------------------------------
([1] ) مجلة الدعوة العدد 902 في 15 شوال 1403ه. |