المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 06/03/2004, 08:39 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
اثر الذنوب و المعاصي؟؟؟

لها أثر كبير في حدوث الأضرار والشرور والعقوبات السماوية ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة وقد قال تعالى: ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)) والمصيبة يدخل فيها المصائب البدنية كالأمراض والعاهات والحوادث السيئة والموت والفتن وتسليط الأعداء كما في الأثر القدسي "إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني" كما يدخل في المصيبة العقوبات السماوية كالقحط والجدب وغور المياه ويبس الأشجار وقلة الثمار أو فسادها ومثل الغرق والصواعق والرجفة والآفات السماوية كعقوبة قوم هود بالريح العقم وقوم صالح بالصيحة الطاغية وقوم نوح بالغرق وفرعون وقومه بالغرق ونحوهم ومن آثار الذنوب أيضاً قسوة القلوب وعدم تأثرها بالمواعظ والآيات والأدلة والتخويف والتحذير والإنذار بحيث تسمع ولا تفقه ولا تقبل وتزل عنها الموعظة وهي في غفلة ولأجل مناعة الذنوب عظمت عقوبتها في الدنيا بالقتل للمرتد والزاني المحصن والقطع للسارق وقاطع الطريق والحبس للمحاربين والجلد لأهل المسكرات ونحو ذلك تفادياً للآثار السيئة التي يعم ضررها للمجتمعات حيث أن المعصية إذا أعلنت تعدت عقوبتها لقوله تعالى ((واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)) أي أنها تعم العاصي وغيرها وكذا في الحديث أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أو شك أن يعمهم الله بعقاب منه وقد عدد ابن القيم عقوبات الذنوب في الجواب الكافي إلى نحو الخمسين فليراجع.

الشيخ عبد الله بن جبرين
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13/03/2004, 10:53 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
خطورة الكبائر(1)

إن مما ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي تضر ولا بد أن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟.فما الذي أخرج الأبوين (آدم وحواء) من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟.
وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وبدل بالقُرب بعداً وبالرحمة لعنه وبالجنة ناراً تلظى وبالإيمان كفراً؟
وما الذي أغرق قوم نوح حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال؟
وما الذي سلط الريح على قوم عاد حتى ألفتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية؟
وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟
وما الذي رفع قرى قوم لوط حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم فجمع عليهم من العقوبة مالم يجمعه على أمة غيرهم؟
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر؟
وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟
وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمرها تدميراً؟
وما الذي سلط على بني إسرائيل أنواع العقوبات مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد ومرة بجور الملوك ومرة بمسخهم قردة وخنازير؟ وآخر ذلك أقسم الرب تبارك وتعالى "ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" وللكبائر خاصة والمعاصي عامة من الآثار القبيحة المذمومة، المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة مالا يعلمها إلا لله. فمنها:
1. حرمان العلم، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور.
وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال: اعلم بأن العلم نــور ونور الله لا يؤتاه عاصي
2. حرمان الرزق: وفي مسند أحمد "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" وكما أن المعصية مجلبة للفقر فإن التقوى مجلبة للرزق "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب".
3. وحشة يجدها العاصي في قلبه وبينه وبين الله لا توازنها ولا تقارنها لذة أصلاً ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة.
وقد قال تعالى ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا﴾.
وشكا رجل إلى بعض العارفين وحشه يجدها في نفسه فقال له:
إذا كنت قد أوحشتك الذنوب فدعها إذا شئت واستأنس
4. ومنها: الوحشة التي تحصل بين العاصي وبين الناس، ولا سيما أهل الخير منهم فإنه يجد وحشة بينه وبينهم، وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالسهم وحرم بركة الإنتفاع بهم، وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن.
5. ومنها: تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه كما أن من اتقى الله جعل الله له من أمره يسراً.
6. ومنها أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد فإن البر يزيد في العمر والفجور يقصر العمر.
7. ومنها أن المعاصي تزرع أمثالها،ويولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة: السيئة بعدها وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.
8. ومنها أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه ﴿ومن يهن الله فما له من مكرم﴾.
9. ومنها أن المعصية تورث الذل ولا بد فإن العز كل العز في طاعة الله تعالى ﴿من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً﴾وكان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك . وقال الحسن البصري: "إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه.
وقال عبدالله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانهـا
10. ومنها أن الذنوب إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها فكان من الغافلين كما قال بعض السلف في قوله تعالى ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ قال: هو الذنب بعد الذنب.
11. ومن آثار الذنوب والمعاصي: أنها تحدث في الأرض أنواعاً من الفساد في المياه والهواء والزرع والثمار والمساكن قال تعالى ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾.
12. ومن عقوبات المعاصي أنها تطفي نار الغيرة من القلب، وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أغير الخلق على الأمة والله سبحانه أشد غيرة منه كما ثبت في الصحيح عنه r أنه قال: "أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أ غير منه والله أغير مني".
والمقصود أنه كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس وقد تضعف في القلب جداً حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره بل قد يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له ويدعوه إليه ويحثه عليه ويسعى في تحصيله ولهذا كان الديوث أخبت خلق الله والجنة عليه حرام.
13. ومن عقوبات ارتكاب المعاصي : ذهاب الحياء الذي هو أصل كل خير وذهابه ذهاب الخير أجمعه. وفي الصحيح عنه r أنه قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
14. ومنها أن المعاصي تزيل النعم وتحل النقم فما زالت عن العبد نعمة وإلا بذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب. وقد قال تعالى ﴿ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ وقال تعالى﴿وما أصابكم من مصيبة فما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير﴾ ولقد أحسن القائل:
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله فإن الإله سريع النقـم
15. ومن عقوباتها:
سقوط الجاه والمنزله والكرامة عند الله وعند خلقه فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم وأقربهم منه منزله أطوعهم له. فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه فأسقطه من قلوب عباده، وإذا لم يبق له جاه عند الخلق وهان عليهم عاملوه على حسب ذلك فعاش بينهم أسوأ عيش خامل الذكر ساقط القدر، زري الحال، لا حرمة له ولا فرح ولا سرور. وأين هذا الألم من لذة المعصية لولا سكر الشهوة؟
16. ومن عقوباتها أن تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذل والصغار فتسلبه اسم المؤمن والبر والمحسن والصالح والطيب. وتكسوه اسم الفاسق والفاجر والمسيئ والمفسد والخبيث والزاني والسارق والقاتل والكاذب والخائن واللوطي وأمثالها. وهذه أسماء الفسوق و ﴿بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان﴾.
17. المعاصي تقود صاحبها إلى سوء الخاتمة فقد يموت على معصية ومن مات على شيء بعث عليه يوم القيامة فكم من شخص مات سكران أو زانياً أو سارقاً.. الخ. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
18. وهناك ما هو أدهى وأمر وهو أن يخون العاصي قلبه ولسانه عند الاحتضار والانتقال إلى الله سبحانه وتعالى، فربما تعذر عليه النطق بالشهادة وقد شوهد كثير من المحتضرين أصابهم ذلك. حتى قيل لبعضهم قل "لا إله إلا الله" فقال "آه آه لا أستطيع أن أقولها . وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله" فقال:
يا رب قائلة يوماً وقد تعبت أين الطريق إلى حمام منجاب
ثم قضى
19. اقتراف المعاصي والكبائر يفني الحسنات ولو كانت مثل الجبال. ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة. ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
20. ومنها: أن المعاصي توهن القلب وبالتالي توهن البدن فيصاب العاصي بأمراض نفسية وعصبية وأمراض عضوية والواقع خير شاهد على ذلك فمستشفيات الأمراض النفسية والعصبية قد انتشرت بشكل ملفت للنظر وهي تزداد يوماً بعد يوم وكذلك المستشفيات العامة وفي كل مرة تظهر أمراض جديدة لم تكن معهودة من قبل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ونختم بقول ابن عباس رضي الله عنه إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق وبغضة في قلوب الخلق".


--------------------------------------------------------------------------------

(1) هذا البحث ملخص من الداء والدواء لابن القيم.
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13/03/2004, 07:53 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 13/09/2003
المكان: !! KSA !!
مشاركات: 9,868
جزاك الله خير اخوي

ماتقصر
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14/03/2004, 12:19 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
شكرا لك على مشاركاتك

التي تدل على حرصك الدائم في متابعة مايكتب
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14/03/2004, 12:36 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
رحلة إلى دار القرار

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى .. أما بعد :

فإنه مهما عاش الإنسان في هذه الحياة ومهما طال به البقاء بها، ومهما استمتع بشهواتها وملذاتها، فإن المصير واحد والنهاية محتومة، ولابد لكل إنسان من نهاية، وهذه النهاية هي الموت الذي لا مفر منه، قال تعالى: ﴿كل نفس ذائقة الموت﴾ آل عمران: 185

وقال الشاعر :

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوما على آله حدباء محمول


إنه لابد من يوم ترجع فيه الخلائق إلى الله جل وعلا ليحاسبهم على ما عملوا في هذه الدنيا، قال تعالى: ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله﴾ البقرة، 281 يوم طالما نسيناه، يوم هو آخر الأيام، يوم تغص فيه الحناجر، فلا يوم بعده ولا يوم مثله، إنه اليوم العظيم يوم كتبه الله على كل صغير وكبير، وكل جليل وحقير، إنه اليوم المشهود واللقاء الموعود.

ثم إنه قبل هذا اليوم لحظة ينتقل فيها الإنسان من دار الغرور إلى دار السرور، كل بحسب عمله، تلك اللحظة التي يلقي فيها الإنسان آخر النظرات على الأبناء والبنات والإخوان، يلقي فيها آخر النظرات على هذه الدنيا، وتبدو على وجهه معالم السكرات، وتخرج من صميم قلبه الآهات والزفرات.

إنها اللحظة التي يعرف الإنسان فيها حقارة هذه الدنيا، إنها اللحظة التي يحس الإنسان فيها بالحسرة والألم على كل لحظة فرط فيها في جنب الله تعالى، فهو يناديه: رباه، رباه: ﴿رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت﴾ المؤمنون: 99،100

إنها اللحظة الحاسمة والساعة القاصمة التي يدنو فيها ملك الموت لكي ينادي، فيا ليت شعري هل ينادي نداء النعيم أو نداء الجحيم ؟!!

إن الغربة الحقيقة إنما هي غربة اللحد والكفن، فهل تذكرت انظرا حك على الفراش، وإذا بأيدي الأهل تقلبك، فأشتد نزعك وصار الموت يجذبك من كل عرق، ثم أسلمت الروح إلى بارئها، والتفت الساق بالساق، ثم قدموك بعد ذلك ليصلي عليك، ثم أنزلوك في القبر وحيدا فريدا، لا أم تقيم معك، ولا أب يرافقك، ولا أخ يؤنسك.

وهناك يحس المرء بدار غريبة ومنازل رهيبة عجيبة، وفي لحظة واحدة ينتقل العبد من دار الهوان إلى دار النعيم المقيم إن كان ممن تاب وأمن وعمل صالحا، أو ينتقل إلى دار الجحيم والعذاب الأليم إن كان ممن أساء العمل وعصى المولى جل وعلا.

لقد طويت صفحات الغرور، وبدا للعبد هول البعث والنشور، مضت الملهيات والمغريات وبقيت التبعات .. فلا إله إلا الله من ساعة تطوى فيها صحيفة المرء إما على الحسنات أو على السيئات، ويحس بقلب متقطع من الألم والحسرة على أيام غفل فيها كثيرا عن الله واليوم الآخر ، فها هي الدنيا بما فيها قد انتهت وانقضت أيامها سريعا، وها هو الآن يستقبل معالم الجد أمام عينيه، ويسلم روحه لباريها، وينتقل إلى الدار الآخرة بما فيها من الأهوال العظيمة. في لحظة واحدة أصبح كأنه لم يك شيئا مذكورا … فلا إله إلا الله من ساعة ينزل فيها الإنسان أول منازل الآخرة ويستقبل الحياة الجديدة، فإما عيشة سعيدة، أو عيشة نكيدة والعياذ بالله.

ولا إله إلا الله من دار تقارب سكانها، وتفاوت عمارها، فقبر يتقلب في النعيم والرضوان المقيم، وقبر في دركات الجحيم والعذاب الأليم، فهو ينادي ولكن لا مجيب، وهو يستعطف ولكن لا مستجيب.

ثم يأتي بعد ذلك اللقاء الموعد واليوم المشهود، اليوم الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون، وصاح الصائح بصيحته فخرج الموتى من تلك الأجداث وتلك القبور إلى ربهم حفاة عراة غرلا، فلا أنساب، ولا أحساب، ولا جاه ولا مال، ﴿فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون﴾ المؤمنون: 101-104

إنه اليوم الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين، إنه اليوم الذي تتبدد عنده الأوهام والأحلام، إنه اليوم الذي تنشر فيه الدواوين وتنصب فيه الموزاين، إنه اليوم الذي يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، واليوم الذي يود المجرد لو يفتدي فيه من العذاب ببنيه وصحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه.

فيا أخي الحبيب :

يا من تعصي الله تصور نفسك وأنت واقف بين الخلائق ثم نودي باسمك: أين فلان ابن فلان؟ هلم إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك، وتضطرب قدمك وجميع جوارحك من شدة الخوف، قد تغير لونك، وتحل بك من الهم والغم والقلق ما الله به عليم.

وتصور وقوفك بين يدي بديع السموات والأرض، وقلبك مملوء من الرعب، وطرفك خائف، وأنت خاشع ذليل. قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر، وداخلك الخجل والحياء من الله الذي لم يزل إليك محسنا وعليك ساتراً . فبالله عليك، بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فلعلك وعظيم جرمك؟ وبأي قدم تقف عدا بين يديه؟ وبأي طرف تنظر إليه؟ وبأي قلب تحتمل كلامه العظيم الجليل، ومسائلته وتوبيخه؟

وكيف بك إذا ذكرّك مخالفتك له، وركوبك معاصيه، وقلة اهتمامك بنهيه ونظره إليك، وقلة اكتراثك في الدنيا بطاعته؟!

ماذا تقول إذا قال لك: يا عبدي، ما أجللتني، أما استحييت مني؟! استخففت بنظري إليك؟! ألم أحسن إليك؟! ألم أنعم عليك؟! ما غرك بي؟

أخي الحبيب :

تذكر أهل الصالحات حين يخرجون من قبورهم وقد ابيضت وجوههم بآثار الحسنات، خرجوا بذلك الأثر العظيم من الله الكريم، وما عظم المقام عليهم، تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون … تذكر عندما يقول الرب تبارك وتعالى بحقهم : يا ملائكتي، خذوا بعبادي إلى جنات النعيم، خذوهم إلى الرضوان العظيم، فأصبحوا بحمد الله في عيشة راضية، وفتحت لهم الجنان، وطاف حولهم الحور والولدان، وذهب عنهم النكد والنصب، وزال العناء والتعب.

وتذكر في المقابل تلك النفس الظالمة المعرضة عن منهج الله تعالى العاصية له، عندما يقول الله تبارك وتعالى بحقها: يا ملائكتي، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني، فوقفت تلك النفس الآثمة الظالمة على نار تلظى وجحيم تغيظ وتزفر، وقد تمنت تلك النفس أن لو رجعت إلى الدنيا لتتوب إلى الله وتعمل صالحاً، لكن هيهات هيهات أن ترجع، فكبكبت على رأسها وجبينها، وهوت في تلك المهاوي المظلمة، وتقلبت بين الدركات والجحيم، والحسرات والزفرات… فلا إله إلا الله ما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك بين من كان ف النعيم ومن كان في الجحيم . وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم﴾ الأنفطار: 13،14

فيا أخي الحبيب :

يا من تقرأ هذه الرسالة : قف قليلا وحاسب نفسك كثيراً :

فإن كنت ممن يسارع في الطاعات والقربات ويتجنب المعاصي والمخالفات فاحمد الله على ذلك، واسأله الثبات حتى الممات، وهنيئا والله لك ما أنت مقدم عليه بإذن الله.

وإن كنت غير ذلك فتب إلى الله وارجع إلى الهدى، ولا داعي للعناد والإصرار على المعاصي التي ستعرضك لعذاب الله ، فإنك والله لأعجز من أن تطيق شيئا من هذا العذاب، إن الجبال الشم الراسيات لو سيرت بالنار لذابت من شدة حرها! فأين أنت أيها الإنسان الضعيف من تلك الجبال؟ إنك تصبر على الجوع والعطش، وتصبر على الضر وعلى التكاليف، لكن والله الذي لا إله إلا هو لا صبر لك على النار … ألا فأنقذ نفسك من النار ما دمت في زمن الإمهال قبل أن تندم ولات ساعة مندم، واعلم أن الصبر عن محارم الله في هذه الدنيا أيسر والله بكثير من الصبر على عذابه يوم القيامة.

ثم اعلم أخي أن طريق الاستقامة والالتزام ليس فيه تعقيد وكبت حرية كما يظنه البعض، بل إن طريق الاستقامة والالتزام كله سعادة، كله لذة، كله راحة، كله طمأنينة، وماذا يريد الإنسان في هذه الحياة غير ذلك؟! أما حياة المعصية والآثام فكلها قلق ونكد وحسرة في الدنيا، ثم عذاب وهوان في الآخرة.

فجرب يا أخي هذا الطريق من الآن ولا تتردد، فإني والله لك من الناصحين، وعليك من المشفقين.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22/03/2004, 12:45 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
السؤال:


ما هي أفضل الأعمال الصالحة بعد الواجبات ؟.

الجواب:

الحمد لله

سئل الأمام ابن تيمية السؤال التالي :

يتفضل الشيخ الإمام , بقية السلف , وقدوة الخلف , أعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب , تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية بأن ينبهني على أفضل الأعمال الصالحة بعد الواجبات

فأجاب رحمه الله تعالى :

وأما ما سألت عنه من أفضل الأعمال بعد الفرائض فإنه يختلف باختلاف الناس فيما يقدرون عليه وما يناسب أوقاتهم , فلا يمكن فيه جواب جامع مفصل لكل أحد , لكن ما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره : أن ملازمة ذكر الله دائماً هو أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة , وعلى ذلك دل حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم : ( سبق المفردون , قالوا يا رسول الله : ومن المفردون ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ) . وفيما رواه أبو داوود عن أبي الدرداء رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم , وأرفعها في درجاتكم , وخير لكم من إعطاء الذهب والورق , ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله , قال ذكر الله ) والدلائل القرآنية والإيمانية بصراً وخبراً ونظراً على ذلك كثيرة . وأقل ذلك أن يلازم العبد الأذكار المأثورة عن معلم الخير وإمام المتقين صلى الله عليه وسلم كالأذكار المؤقتة في أول النهار وآخره , وعند أخذ المضجع وعند الاستيقاظ من المنام , وأدبار الصلوات , والأذكار المقيدة , مثل ما يقال عند الأكل والشرب واللباس والجماع , ودخول المنزل و المسجد والخلاء والخروج من ذلك , وعند المطر والرعد , إلى غير ذلك , وقد صنفت له الكتب المسماة بعمل يوم وليلة - ومن أحسن ما صنف في هذا الباب كتاب من الحجم الصغير ( صحيح الكلم الطيب ) وهو مستقي من كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية ( الكلم الطيب ) وهو من تحقيق العلامة الألباني - .

ثم ملازمة الذكر مطلقاً , وأفضله لا إله إلا الله .

وقد تعرض أحوال يكون بقية الذكر مثل سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله أفضل منه .

ثم يعلم أن كل ما تكلم به اللسان وتصوره القلب مما يقرب إلى الله من تعلم علم وتعليمه , وأمر بمعروف ونهي عن منكر فهو من ذكر الله . ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع بعد أداء الفرائض , أوجلس مجلساً يتفقه أو يفقهه فيه الفقه الذي سماه الله ورسوله ( فقهاً ) , فهذا أيضاً من أفضل ذكر الله .

وعلى ذلك إذا تدبرت لم تجد من الأولين في كلماتهم في أفضل الأعمال كبير اختلاف . وما اشتبه أمره على العبد فعليه بالاستخارة المشروعة , فما ندم من استخار الله تعالى . وليكثر من ذلك ومن الدعاء , فإنه مفتاح كل خير , ولا يعجل فيقول : قد دعوت فلم يستجب لي , وليتحرَّ الأوقات الفاضلة , كآخر الليل , وأدبار الصلوات , وعند الأذان , ووقت نزول المطر , ونحو ذلك .
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 07:16 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube