
13/03/2004, 11:59 AM
|
 | زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 07/12/2002 المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
| |
هيئة كبار العلماء عدم جواز التحاكم إلى أعراف وقوانين القبائل
حيث إنه ما زال كثير من أهل البادية خاصة يتحاكمون إلى الأعراف القبلية التي ورثوها عن الآباء والأجداد، ومن أجل بيان حكم ذلك رأيت إضافة هذا الموضوع إلى الرسالة للأهمية، راجياً من الله أن ينفع به القارئ الكريم.
لقد ورد سؤال عن التحاكم إلى الأعراف القبلية والقوانين المعروفة لدى القبائل، لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، فأجأبت عنه بالفتوى رقم 6216 وتاريخ 20/ 10/1403 هـ، وفيما يلي نص السؤال والجواب:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد..
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد على السؤال المقدم من محمد بن عبطان القثامي إلى سماحة الرئيس العام والمحال إليها برقم1141 في 9/8/1403 هـ ونصه:
س: ما الحكم إذا تخاصم اثنان مثلاً وتحاكما إلى الأحكام العرفية. فمثلاً يضع كل منهما معدالاً كما يسمونه ويرضون من مشايخ القبائل من يحكم بينهما، ويجلسان بين يديه، ويبث كل منهما دعواه ضد الآخر، فإذا كانت القضية بسيطة حكم فيها بذبيحة على المخطئ يذبحها لخصمه .
وإذا كانت القضية كبيرة حكم فيها "بجنبية" أي كانوا في القدم يضربون على رأسه بآلة حادة حتى يسيل دمه، ولكن اليوم تقدر "الجنبية" بالدراهم، ويسمون هذا صلحاً، وهذا الشيء منتشر بين القبائل ويسمونه مذهباً، بمعنى إذا لم ترض بفعلهم هذا فيقولون عنك "قاطع المذهب "، فما الحكم في هذا يا فضيلة الشيخ؟
وأجابت بما يلي:
يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية لا إلى الأحكام العرفية، ولا إلى القوانين الوضعية، وما ذكرته ليس صلحاً في الحقيقة وإنما هو تحاكم إلى مبادئ وقواعد عرفية، ولذلك يسمونها مذهباً ويقولون لمن لم يرض بالحكم بمقتضاها أنه قاطع المذهب. وتسميته صلحاً لا يخرجه عن حقيقته من أنه تحاكم إلى الطاغوت. ثم الحكم الذي عينوه من الذبح أو الضرب بآلة حادة على الرأس حتى يسيل منه الدم ليس حكماً شرعياً.
وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بهذه الطريقة، ويجب على المسلمين ألا يتحاكموا إليهم إذا لم يعدلوا عنها إلى الحكم بالشرع. واليوم- ولله الحمد- قد نصب ولي الأمر قضاة يحكمون بين الناس ويفصلون في خصوماتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويحلون مشاكلهم بما لا يتنافى مع شرع الله تعالى، فلا عذر لأحد في التحاكم إلى الطاغوت بعد إقامة من يتحاكم إليه من علماء الإسلام ويحكم بحكم الله سبحانه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
أخي الكريم:
إليك ما قاله العلامة المحدث مفتي الديار السعودية سابقاً سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ - يرحمه الله- عن التحاكم إلى هذه القوانين الموجود عند القبائل.
لقد أورد سماحته- يرحمه الله- الأدلة من القرآن الكريم على أنه يجب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ (65) سورة النساء . وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ (59) سورة النساء
وغير ذلك كثير من الآيات الدالة دلالة قطعية على عدم جواز التحاكم إلى غير الله من القوانين أياً كانت.
لقد نفى الله عز وجل الإيمان عن من أراد التحاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من المنافقين كما قال تعالى:﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ (60) سورة النساء
يقول سماحته، يرحمه الله:
فإن قوله عز وجل (يزعمون) تكذيب لهم فيما ادعوه من الإيمان، فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع الإيمان في قلب عبد أصلاً، بل أحدهما ينافي الآخر، والطاغوت مشتق من الطغيان، وهو تجاوز الحد. فكل من حكم بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو حاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه؛ وذلك أنه من حق كل أحد أن يكون حاكماً بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقط لايخالفه. كما أنه من حق كل أحد أن يحاكم إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فمن حكم بخلافه أو حاكم إلى خلافه فقد طغى، وجاوز حده حكماً
وتحكيماً، فصار بذلك طاغوتاً لتجاوزه حد .
ثم يقول سماحته بعد أن استعرض الأدلة من الآيات وأقوال العلماء ما يدل على أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر إما كفر اعتقاد ناقل عن الملة، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملة.
وقد قسم سماحته الكفر الأول، وهو كفر الاعتقاد، وهو المخرج من الإسلام، قسمه إلى ستة أنواع، السادس منها: هو ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها "سلومهم " يتوارثون ذلك منهم ويحكمون به ويحصلون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاءاً على أحكام الجاهلية وإعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
أخي الكريم.. بعد هذا البيان الواضح في حكم التحاكم إلى قوانين القبائل والحكم بها، لم يعد قول القبائل حجة لمحتج في البقاء على هذه الأحكام أو التحاكم إليها والحكم بها، فعلى المشايخ الذين كانوا يحكمون بها أن يتقوا الله ويتوبوا مما كانوا فيه وأن يقلعوا عن الحكم بهذه القوانين ولا يحكموا بها للناس، وعلى الناس من غيرهم عدم التحاكم عند هؤلاء الذين يحكمون بغير ما أنزل الله بعد أن تبين لهم الحق، وليس بعد الحق إلا الضلال.
جعلنا الله وإياكم- أخي القارئ الكريم أو من يسمع هذا الأمر- هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.. إنه على ذلك قدير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. |