المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 25/02/2004, 12:57 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
لاحياء في الدين؟

مرحلة التكليف الشرعي :

والدي العزيز لقد اتفقنا بالأمس على أن يدور بيننا هذا الحوار حول مرحلة التكليف الشرعي والبلوغ، فأرى أن أول نقطة مهمة هي أن نحدد بوضوح متى تبدأ هذه المرحلة، فمتى يصير الإنسان بالغاً ومكلفاً شرعاً؟

نعم يا بني، إن الإجابة على هذا السؤال هي أول خطوة في هذا الموضوع، فقبل الحديث عن أي قضية متعلقة بالتكليف والبلوغ لابد من تحديد هذه المرحلة تحديداً دقيقاً.

ولما كانت هذه المرحلة هي بداية التكليف الشرعي، ومرحلة فاصلة بين الصغير والكبير في الشرع، جعل الشرع لها علامات واضحة محددة بحيث لا تختلط بما قبلها.

فأول علامات البلوغ إنزال المني، سواء كان ذلك يقظة أو مناماً.

والعلامة الثانية إنبات شعر العانة، وهو الشعر الذي ينبت حول ذكر الرجل، وفرج المرأة.

والعلامة الثالثة بلوغ سن الخامسة عشرة بالسنين القمرية، ويخطئ بعض الذين تسجل أعمارهم بالسنوات الميلادية فيعتبرون البلوغ على أساسها.

وتزيد الفتاة على الشاب بعلامتين الأولى الحيض، والثانية الحمل.

فإذا وجد لدى الشاب أو الفتاة واحدة من هذه العلامات فقد بلغ، ولا يشترط بعد ذلك وجود سائر العلامات.

حبذا يا أبي لو ذكرتني ببعض الأحكام المتعلقة بالإنزال ؟

إنه سؤال يابني له أهميته، فكثير من الشباب حين يبلغ تفاجئه هذه الحالات وهو يجهل أحكامها، أو بعض التفاصيل في ذلك، فيمنعه الحياء من السؤال، مما يوقعه في أخطاء شرعية وهو غير معذور في ذلك مادام يجد من يسأله ويستفتيه من أساتذته ومعلميه.

اعلم يا بني أن ما يخرج بسبب الشهوة قسمان

1 - المذي وهو سائل رقيق يخرج عقيب الشهوة بدون دفق ولا إحساس بخروجه، وهذا السائل نجس يجب أن يغسل ذكره منه ويتوضأ، ولايجب فيه الغسل.
2 - المني وهو سائل أبيض غليظ، يخرج بدفق ولذة، وهو طاهر على الصحيح، ويجب بخروجه الغسل سواء خرج في النوم أو اليقظة، وإذا خرج عمداً بفعل من الصائم بطل صومه، أما إذا خرج من الصائم في النوم، أو بغير عمد فصومه صحيح.

بعض الشباب يا أبي تدركه صلاة الظهر في المدرسة وقد وجب عليه الغسل، فيصلي دون أن يغتسل.

هذا أمر خطير يابني، فلا يجوز للمسلم أن يصلي وعليه جنابة حتى يغتسل، وإذا أصابته جنابة فلا ينبغي أن يمنعه الحياء من طلب الإذن، وإذا لم يؤذن له فإن كان سيصل إلى منـزله قبل خروج الوقت -وهو الغالب- فيؤخر الصلاة إلى أن يصل إلى منـزله فيغتسل ويصلي.

هذه المرحلة هي بداية التكليف فماذا يعني التكليف ياأبي؟

لقد كان القلم مرفوعاً عنك فيما مضى، والآن حين بلغت دخلت مرحلة التكليف الشرعي، فتجب عليك كل الفرائض التي تجب على الرجال، تجب عليك الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، وتجب عليك الصلاة، ويجب عليك الصيام، ويجب عليك الحج، ويجب عليك الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وتسجل وتدون عليك الخطايا والسيئات، فالكذب والغيبة والنميمة والعقوق والنظر الحرام...وغير ذلك مما حرمه الله كل هذا حين يقع منك تكتب عليك سيئته وتستحق عليها الجزاء يوم القيامة، أما قبل ذلك فلم يكن شيء من هذا، بل كان أمرك بالتزام الأوامر واجتناب النواهي لتدريبك وتهيئتك لهذه المرحلة المهمة.

أدركت ذلك جيداً، لكن حين يبتلى الشاب بأب غير مطيع لله تبارك وتعالى فيربيه على مالايرضي ربه فهل يكون ذلك عذراً له؟

لايمكن أن يكون ذلك عذراً له يابني فهو الآن يتحمل المسؤولية الكاملة عن نفسه، فلا والده أو غيره سيحمل شيئاً من وزره، ولو كان والدك يأمرك بالمعصية وينهاك عن الطاعة فلا تجوز لك طاعته، وإن أطعته أو اقتديت بعمل سوء رأيته عليه، فستحمل أنت الوزر والذنب كاملاً ولن يحمل عنك هو شيئاً من وزرك، نعم قد يحمل وزر دعوتك للمعصية لكن ذلك كما قال صلى الله عليه وسلم :" وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا"( ) .

أفهم من ذلك أن الشاب الذي لايوقظه أبوه أو أمه لصلاة الفجر لايكون معذوراً في ذلك؟

نعم يابني، إنه يجب أن يتحمل المسؤولية عن نفسه، فيطلب من والده أو والدته أو غيرهم إيقاظه، وإن لم يحصل له ذلك فليفعل الأسباب، لاسيما في هذا العصر الذي تيسرت فيه، فيستطيع مثلاً اقتناء ساعة منبهة، أو أن يطلب من أحد زملائه الاتصال عليه بالهاتف، أو غير ذلك من الوسائل.

لكن بعض الشباب يا أبي يحتج بأن الله رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ، فما مدى صحة هذا الاحتجاج؟

هذا إنما يصدق يابني على من بذل الأسباب لأجل الاستيقاظ، فنام في وقت مناسب، وكان لديه مايوقظه ولم يستيقظ فهو حينئذ معذور، وهذا إنما يحصل في حالات محدودة، أما حين يكون شأن الإنسان هكذا كل يوم، أو أن يكون عدم استيقاظه هو الأغلب فهذا دليل على تفريطه وإهماله.

لقد وعيت ماقُلتَه. ولكن بعض الشباب يرى أنه غير قادر على القيام ببعض التكاليف الشرعية، وأنه لازال صغيراً؟

إنك تعلم علم اليقين أن الله تبارك وتعالى هو الذي خلقك، وهو عز وجل أعلم بك وبقدراتك ونوازعك وشهواتك { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللّطِيفُ الْخَبِيرُ } (الملك:14)، وهو سبحانه وتعالى قد اختار هذه المرحلة لتكون بداية التكليف، فهذا يعني أنك قادر على القيام بحقوق هذا التكليف، وبأداء ما افترض الله عليك، وأنك قادر على اجتناب كل ما حرم عليك ونهاك عنه.

التكليف والأحكام الشرعية وبناء على هذا فهل رتب الشرع على بلوغ سن التكليف أحكاماً تنقل الشاب إلى مصاف الرجال وأحوالهم غير ما سبق؟ نعم، فالشاب حين يبلغ سن التكليف فله جميع أحكام الرجال بلا فرق، ومما نص الشرع فيه على ذلك-
1 - استحقاق الشاب لماله وزوال حكم اليتم عنه وذلك أنه حين يرث مالاً من غيره فإنه لا يعطى إياه وهو صغير، فحين يبلغ سن التكليف، يختبر فإن كان يحسن التصرف في المال أعطي هذا المال، قال تعالى ((وَابْتَلُواْ الْيَتَامَىَ حَتّىَ إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)) (النساء6).
2 - أنه لو فعل جريمة توجب الحد كالسرقة والقتل والزنا ونحو ذلك، فإنه يقام عليه الحد بخلاف الصغير.
3 - قبول شهادته في الحقوق والحدود وإجراء الأحكام بناء عليها، شأنه شأن سائر الرجال، ولو شهد برؤية هلال رمضان أو شوال عمل بشهادته، فصام المسلمون وأفطروا. وكيف كان صلى الله عليه وسلم يتعامل مع البالغين؟ نعم يابني، إنه سؤال وجيه، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو خير الناس تعليماً وتربية، وقد كان يعامل الشباب البالغين كما يعامل سائر الرجال، ففي الجهاد الذي يكون فيه القتل وإراقة الدماء، والذي لا يحتمله إلا الأشداء من الرجال كان صلى الله عليه وسلم يأذن للشباب الذين تأهلوا له بالمشاركة فيه مع المسلمين شأنهم شأن سائر الرجال، فقد كان صلى الله عليه وسلم حين يخرج للغزو يتفقد الجيش فمن رآه صغيراً أعاده، ومن كان غير ذلك أذن له. والمقياس الذي يفرق فيه بين الصغير والكبير هو البلوغ، فقد أخبر ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عن ذلك فقَالَ عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي…. وقال الشافعي رد النبي صلى الله عليه وسلم سبعة عشر من الصحابة، وهم أبناء أربع عشرة سنة، لأنه لم يرهم بلغوا، ثم عرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة فأجازهم، منهم زيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وابن عمر. وهل لسن التكليف أثر في التعامل مع الكفار؟ أعني هل هناك فرق بين البالغ وغيره من الكفار؟ نعم فحين يقاتل المسلمون الكفار فينتصرون عليهم ويأسرون أحداً منهم فإذا كان الشاب بالغاً صار له حكم الرجال بمعنى أنه يجوز أن يقتل، أو يكون رقيقاً للمسلمين، أو يطلق سراحه، أما من لم يبلغ فلا يجوز قتله. لكن ما مصير من يُقتل من أسرى الكفار وهو شاب؟ مصيره مصير سائر قتلى الكفار ويستحق النار، وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك بيهود بني قريظة، فحين قاتلهم وأعلنوا خضوعهم لحكمه، حكَّم فيهم صلى الله عليه وسلم أحدَ أصحابه وهو سعد بن معاذ فحكم أن يقتل المقاتلون منهم، فقال صلى الله عليه وسلم عن هذا الحكم«لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل». أرأيت يا بني كيف أن هؤلاء عاشوا مع آبائهم وأمهاتهم اليهود، وتربوا على أيديهم وفي أحضانهم، ولم يكن ذلك عذراً لهم عند الله عز وجل لأنهم قد بلغوا مبلغ الرجال وصاروا هم المسؤولين عن أنفسهم. وهل هناك أمر آخر أيضاً في التعامل مع الكفار يختص به البالغون دون غيرهم من الصغار؟ نعم، فحين يقاتل المسلمون أهل الكتاب فإنهم يخيرونهم بين الإسلام أو الجزية أو القتال ((قَاتِلُواْ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلاَ يُحَرّمُونَ مَا حَرّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقّ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتّىَ يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)) (التوبة29) وهذه الجزية إنما تؤخذ من البالغين المكلفين، فعن معاذٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ، وَمِنَ الْبَقَرِ مِنْ ثَلاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً»(رواه النسائي والترمذي وأحمد) .

أعد النظر في حياتك وما أول وصية توصي بها من بلغ هذا السن؟ إن الانتقال إلى هذه المرحلة يستوجب منك أن تفكر كثيراً في نفسك، وأن تراجع حياتك كلها، فلم يعد يقبل منك اليوم ما كان يقبل فيما سبق. وابدأ بعبادة الله تعالى وأهم شيء في ذلك الصلاة فهي كما أخبر صلى الله عليه وسلم«إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ»(رواه أحمد والترمذي والنسائي). وحين أوصيك بالعناية بشأن الصلاة فهذا لا يعني أني أتهمك بأنك تترك الصلاة بالكلية، لكن ما شأنك مع صلاة الجماعة؟ وهل أنت تعتني بالخشوع في الصلاة؟ وهل تؤديها بطمأنينة؟ وهل ترعى سائر آدابها؟ ثم انظر في حالك مع والديك ومدى عنايتك ببرهما؛ فقد قرن الله حقهما بحقه تبارك وتعالى، وعد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر فعن أنس -رضي الله عنه- قال سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَبَائِرِ فقَالَ«الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْن،ِ وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ». وتفقد لسانك ونظرك وسائر جوارحك، ثم انظر في أصدقائك واعلم أن المرء يوم القيامة يحشره الله تبارك وتعالى مع من يحب، وأنه على دين خليله. ثم ما شأن اهتماماتك؟ هل أنت لا تزال تعيش آمال الأطفال وتفكر تفكيرهم؟ فقد ودعت مرحلة الطفولة ودخلت عالم الرجال بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ما أمنياتك وطموحاتك فالمؤمل فيك ألا تقف طموحاتك وأمنياتك عند الحياة الدنيا، بل تتجاوز ذلك. إنك بحاجة إلى أن تقف مع نفسك وتفكر كثيراً في حالك، ثم تصلح لا يرضي ربك ومولاك. لكن بعض الشباب يا أبي يقول متع نفسك في شبابك وتستطيع تدارك ما فات حين يتقدم بك السن. هذا المنطق يا بني بعيد عن الحقيقة لأمور الأول أن المتعة الحقيقية هي في طاعة الله والاستقامة على شرعه، لكن المعرضين لا يدركون ذلك. الثاني الشباب فرصة لا تعوض، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يوم القيامة حين تشتد الأهوال بالناس وتدنو منهم الشمس حتى تكون كقدر ميل، في ذلك اليوم يكرم الله طائفة من عباده فيظلهم في ظله ومنهم «شاب نشأ في طاعة الله»، فهل يمكن أن يقارن متاع الدنيا وشهواتها العاجلة بهذا النعيم والتكريم الرباني؟ الثالث أن المرء سيسأل يوم القيامة عن أمور منها عمره، ثم يسأل عن شبابه، فيسأل عن مرحلة الشباب مرتين، فبالله عليك ماذا يقول اللاهون العابثون؟ الرابع أن مرحلة الشباب مرحلة طاقة وحيوية ونشاط، ما أن تنتهي حتى يبدأ العد التنازلي بعد ذلك، ويعود الإنسان كما أخبر عز وجل ((اللّهُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوّةٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)) (الروم54). فهل يسوغ لعاقل أن يقول سوف أؤخر الاجتهاد في الطاعة والعبادة إلى أن تنقضي مرحلة الشباب، مرحلة الحيوية والنشاط والفتوة، وتأتي مرحلة الشيخوخة والعجز والضعف؟ الخامس وهو أهم الأمور، من يضمن للشاب أن يمتد به العمر حتى يبلغ مبلغ الكهول والشيوخ، فقد يدركه الموت وهو لما يزل شاباً؟ بل ولو ضمن له البقاء فهل يضمن أن يوفق للاستقامة والتوبة؟

ماتوا في ريعان الشباب نعم يا أبي إنه أمر يغفل عنه كثير من الشباب، فهلا ذكرتني ببعض النماذج اللذين ماتوا وهم في سن الشباب. نعم يا بني، هذا عمير بن أبي وقاص -رضي الله عنه- استشهد في غزوة بدر وعمره ستة عشر عاماً، وفيها استشهد من الشباب حارثة بن النعمان، ومعوذ بن الحارث. أما النماذج المعاصرة فأعرف منها عدداً، شباب ثلاثة -تغمدهم الله برحمته- لا يزالون في المرحلة الثانوية، قضوا نحبهم في ساعة واحدة، أحدهم كان يسألني قبل موته بأسبوع من يموت ثم يتأخر دفنه فهل يسأل عن ربه ودينه ونبيه قبل أن يدفن؟ فقلت له يا بني الذي يعنيك أنك ستسأل حتماً بعد موتك، أما متى وكيف فلا يقدم ذلك ولايؤخر، فالمهم أن تستعد للسؤال، ولم يكن يدر في خلدي أو في خلده هو أنه لم يبق على هذا الموقف إلا أيام قلائل (والآن بعد أن واراك التراب ماذا قيل لك يا محمد وماذا قلت رحمك الله ونور ضريحك أنت ورفاقك؟)، والآخر كان يتوقد ذكاء وحيوية، وكان كل من حوله يعقد عليه آمالاً عريضة في المستقبل، وكنت كلما مر طيفه بخاطري تمثلت بقول الأول يا كوكباً ما كان أقصر عمره

وكذاك عمر كواكب الأسحار وآخر أدى امتحان الشهادة الثانوية، وسافر قبل أن يعلم نتيجته لكن الأجل كان أسبق منها، وآخر أتم الدراسة الجامعية وجاء من رحلة العمرة وهو ينتظر الزواج والوظيفة، ولم يكن يعلم -رحمه الله- أن الأجل أسبق له من مدينته التي رأى معالمها لكنه لم يدخلها إلا محمولاً. وشابان صالحان -أحسبهما كذلك والله حسيبهما ولا أزكي على الله أحداً- أحدهما درس أسبوعاً واحداً في الجامعة، والآخر على وشك إنهاء دراسة الماجستير وافاهما الأجل قادمَين من البلد الحرام. إن صور هؤلاء الشباب الصالحين يا بني لا تزال تتردد في ذهني رحمهم الله وجمعنا بهم في دار كرامته. وربما كانوا يفكرون كثيراً في المستقبل، وكان أهلهم يعقدون عليهم آمالاً في هذه الدار فمضوا وودعوا الدنيا بما فيها، نسأل الله أن يكونوا سبقوا إلى خير. فهل يظن أحد من الشباب يا بني أن الأجل سيخطئه؟ أو يضمن أنه سيبلغ المشيب؟ وماذا عن غير الصالحين يا أبي؟ يكفيك يا بني هذا النموذج شاب ينتمي لأسرة محافظة صالحة، يسلك طريقاً غير طريق أهله، فلا يزال ينحدر حتى يموت بسبب جرعة زائدة من المخدرات، وهو لم يكمل العشرين من عمره، غفر الله له وتجاوز عنه. وكم تحصد الحوادث والكوارث اليوم من العشرات وهم في ريعان الشباب.

الصداقة والأخوة

لقد أمرتني يا أبي أن أعيد النظر في صداقاتي فهل يعني أنك تنهاني عن صحبة الناس وتطالبني بالعزلة والانفراد عنهم؟

أبداً يا بني، لست أنهاك عن صحبة الناس ولا آمرك باعتزالهم، إنما آمرك وأؤكد عليك أن تصاحب الأخيار الصالحين، فستجد لديهم بإذن الله كل ما تبحث عنه لدى سائر الناس من المتعة والأنس وزوال الهموم، علاوة على ذلك هناك فضائل لصحبة الصالحين وأجر عظيم رتبه الله على ذلك. هلا ذكرت لي بعض هذه الفضائل؟ نعم، منها

1- أن العبد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يحشر يوم القيامة مع من أحب، فإذا أحب المرء الصالحين فإنه يحشر معهم يوم القيامة ولو كان عمله أقل من عملهم.
2- أن الجليس الصالح كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كحامل المسك، فهو إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة.
3- أن الله يمن يوم القيامة على المتحابين في الله فيظلهم في ظله يوم لاظل إلا ظله، يوم تدنو الشمس من الخلائق فيبلغ منهم الجهد والعرق كل مبلغ، كما قال صلى الله عليه وسلم "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَا هُ ".
4- أن الله يمن عليهم يوم القيامة بمنـزلة عالية أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء".
5 - أن المتحابين في الله تبقى محبتهم وصلتهم يوم القيامة، يوم يتبرأ الخليل من خليله، ويوم يفر المرء من أبيه وأمه وبنيه كما قال تعالى (( الأخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ إِلاّ الْمُتّقِينَ )) (الزخرف67 ).
6 - والمتحابون في الله يا بني يحبهم الله تبارك وتعالى كما ورد في الحديث فقد جاء أبو إدريس الخولاني لمعاذ -رضي الله عنه- فقال له إني أحبك فقال معاذ أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ" قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِي َّ".

جزاك الله خيراً يا أبي، يالها من فضائل عظيمة أشعر أن واحدة منها تكفي لأن يحرص الشاب على صحبتهم ومجالستهم ومؤاخاتهم، لكن يا أبي قد يكون بينهم في الدنيا خلافات في بعض الأمور أو حزازات ألا يحرمهم ذلك من النعيم يوم القيامة؟

إن الناس يابني ليسوا معصومين، فقد يوجد بين الإخوان والأصدقاء شيء من الخلاف، لكن ينبغي ألا يدوم، ويجب أن يسعى المرء إلى صفاء قلبه لإخوانه، ويوم القيامة يمن الله عليهم كما أخبر عز وجل ((وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَىَ سُرُرٍ مّتَقَابِلِينَ))(الحجر 47).

لكن يا أبي حين يوجد معهم شاب يرى أن لديه تقصير وضعف، فيقول في نفسه إنني منافق حين أصاحب هؤلاء فيفكر في التخلي عنهم، فهل هذا صحيح؟
لا يا بني، إن هذا من تسويل الشيطان وحرصه على إضلال العبد؛ إذ هو يعلم أن في صحبته لهؤلاء خير فهو يريد أن يحول بينه وبين هذا الخير، وقد أخبرنا أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ" الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ … قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ فِيهِمْ فُلانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ هُمُ الْجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُم ْ"(رواه البخاري ومسلم).
فإذا كان هذا إنما جاء لحاجة وجلس، فكيف بمن يحبهم، ويقصد المجيء إليهم والحضور لمجالسهم، ويترك مجالس اللهو واللعب من أجل مصاحبتهم، ويتمنى أن يكون مثلهم، ويلوم نفسه دوماً على التقصير؟
هذا شأن الصالحين ياأبي فماذا عن جلساء السوء؟

يابني: قلما رأيتُ شاباً تبدلت حاله من الصلاح إلى السوء إلا وكان وراء ذلك جلساء السوء. ولذا حذر النبي r من جليس السوء، وضرب لنا فيه مثلاً بليغاً فقال : "إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً" ( ).

ويتمثل الدور السيء لجلساء السوء يابني في أمور منها:
1- أنهم يحدثون من يجالسهم عن ممارساتهم ومغامراتهم السيئة، بل ربما يفتعلون مواقف لم تحصل، مفاخرين بذلك أقرانهم وأترابهم.
2- أنهم يُعلِّمون من يعاشرهم خطوات الفساد وطرقه وأبوابه ويُسهِّلون له الطريق.
3- أن مصاحبة المرء لهم تُضْعِف إيمانه، وتُرِق دينه فيكون أكثر عرضة للوقوع فيما حرم الله تبارك وتعالى.
4 -أنهم حين يرون المرء على الطاعة فإنهم يسخرون منه، فيساهم ذلك في صده ومنعه منها. لكن بعض الشباب ياأبي حين ينصحه أحد بترك زميل سيء يقول إن هذا الذي أجالسه ابن عمي، أو قريب لي أو جار.
يابني، يخطيء كثير من الناس في تحديد مفهوم الجليس السيء، إنه كل من يدعو الإنسان للمعصية، أو يسهلها له بقوله أو عمله، أو ينفره من الطاعة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقد يكون قريباً أو بعيداً، أو جاراً أو أخاً، أو غير ذلك، كل هذا لايشفع له ولايخرجه من دائرة جلساء السوء الذين يجب على المرء اجتنابهم والبعد عنهم.
وفي المقابل فالجليس الصالح هو كل من يعين على الطاعة، ويدفع إلى الخير بفعله أو قوله. وبعض الشباب ياأبي يقول إنه يصاحبهم ويجالسهم وهو يعرف الخير من الشر، أو يجالسهم في المدرسة فقط للأنس والانبساط دون أن يتأثر بهم.

أبداً يابني، إن النبي صلى الله عليه وسلم ناصح أمين، وقد حذرنا منهم، وأخبرنا أنهم مثل نافخ الكير فلابد أن يتأثر بهم من يجالسهم، إما أن يقتدي بهم، أو يلقى سمعة سيئة، أو يؤدوا به لمصيبة في دينه أو دنياه، وهذا الاعتذار يابني من أساليب الشيطان التي يخدع بها الإنسان حتى يوقعه في الفساد والسوء. ولو فرضنا أنه لم يتأثر بهم أبداً -وذلك بعيد- فيكفي في ذلك أن هذا يكون سبباً لحبه لهم، وحين يحبهم يحشره الله معهم يوم القيامة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أحب قوماً حشر معهم ، ولو لم يحبهم لم يجالسهم.

مشكلة الشهوة

لقد حدثتني كثيراً يا أبي عن جوانب مضيئة ومزايا لهذه المرحلة، لكن أليس فيها مشكلات وصعوبات؟
نعم إنه سؤال له أهميته، فأنت تعلم أن الشيطان حريص على إغواء ابن آدم وإضلاله، وقد أقسم أمام ربه هذا القسم (( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمّ لاَ تِيَنّهُمْ مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ )) (الأعراف 16-17) ولهذا يبدأ الصراع على أشده بين الشيطان وبين الشاب حين يصل إلى مرحلة البلوغ والتكليف.
ومن حكمته تعالى أن جعل طريق الجنة طريقاً فيه مشقة وصعوبة، وجعل طريق النار طريقاً مليئاً بالشهوات كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله" حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ".
ولهذا تبدأ هذه الشهوات بالبروز والظهور في هذه المرحلة؛ إذ بذلك يتضح المطيع من العاصي، فلو كان طريق الطاعة سهلاً ليناً مفروشاً بالورود لسلكه الجميع ولم يكن هناك ميزة للمطيعين.
وماذا عن هذه الشهوات أهي شهوة واحدة أم متعددة، وهل هي على درجة واحدة أم متفاوته؟
نعم يابني إنها شهوات كثيرة ومتعددة كما جاء في كتاب الله تعالى (( زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَوَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذّهَبِ وَالْفِضّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَاللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ) (آل عمران 14).
أما تفاوتها واختلافها، فهي تختلف من شخص لآخر، وبيئة لأخرى، لكن على وجه العموم تبقى شهوة الفرج - أو ما يسمى بالمصطلح المعاصر (شهوة الجنس)- من أشد هذه الشهوات وأخطرها على الشاب وخاصة في هذا العصر بالذات، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ"وبقوله "مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ"، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ "تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ" وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فَقَالَ "الْفَمُ وَالْفَرْج ُ".
لقد لمست جرحاً ووضعت يدك على موضع الألم حين تحدثت عن هذه الشهوة فهل تأذن لي بمزيد من الأسئلة عن هذه القضية بالذات؟
نعم فاسأل عما بدا لك، وستجد صدراً رحباً بإذن الله.
قد يتساءل بعض الشباب قائلاً نعلم أن الله حكيم عليم، فهل من حكمة تظهر للمسلم من وراء ابتلاء الناس بهذه الشهوة؟
لتعلم يا بني أن المسلم لا يعترض على أوامر الله وشرعه، بل يجب عليه أن يسلم لكل ما جاء عن الله ويؤمن به، سواء علم الحكمة في ذلك أم لم يعلم، ثم بعد ذلك إن علم بالحكمة ازداد إيماناً ويقيناً. ومن حكم وجود هذه الشهوة أن تكون سبباً في بقاء العنصر البشري وعدم فنائه، ولهذا حبب إلى الناس النساء والبنون ليسعوا لتحصيل ذلك.
ومن الحكم العظيمة الابتلاء والامتحان كما ذكرت لك قبل قليل فإذا كان طريق الطاعة فيه مشقة ويحتاج لمجاهدة النفس لم يسلكه إلا الصادقون، وإن كان غير ذلك سلكه الجميع.

أظن أن أول خطوة يتخذها العاقل في ذلك أن يتعرف على الأسباب التي تجره إلى الوقوع في هذه الشهوة المحرمة فيتجنبها، حتى يقل الداعي والمثير في نفسه، أليس كذلك؟

بلى فالأمر كما قلت، إن من أهم ما ينبغي على المرء أن يخفف مما يثير عليه الشهوات ويؤججها في نفسه.
وما أهم شيء في ذلك وأخطره؟

أهم شيء في ذلك وأخطره هو النظر الحرام، فالنظر هو البريد للقلب، وهو أول خطوة يخطوها المرء نحو الوقوع في الحرام، ولذا حذر الله تبارك وتعالى عباده من ذلك فقال (( قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )) (النور30) ولخطورة النظر وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بعظيم أثره حذر أصحابه منه فقال "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ" فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ؛ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ "فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا" قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ"غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلام،ِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَر ".
ولهذا قال الشاعر كل الحوادث مبداها من النظــر ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السـهام بلا قوس ولا وتر

أفهم من هذا الحديث أن المسلم عليه أن يحتاط ويحذر، فيبتعد عن المواطن التي قد يتعرض فيها للنظر الحرام، أليس كذلك؟

بلى يابني، فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث نهاهم ليس عن مجرد النظر الحرام، بل نهاهم عن الجلوس في الطريق الذي قد يكون سبباً في التعرض للنظر، مع أن طرقات المدينة إذ ذاك لم تكن كطرقات المسلمين اليوم مليئة بالتبرج والسفور، بل كانت النساء محتشمات متسترات، حتى إنهن ليلتصقن بالحائط حين سيرهن في الطريق.

ولماذا كان النظر بهذه الدرجة من الخطورة؟
إنما كان كذلك لأنه يتبعه مابعده، فحين ينظر المرء نظرة محرمة ترتسم الصورة في قلبه ويزينها الشيطان له، فيثيرها في كل موقف، وحين يخلو بنفسه ويأوي إلى فراشه يعيد الشيطان الصورة في ذهنه فيتذكرها، ويفكر فيها، ثم يطول معه التفكير، حتى يصبح ديدناً وشأناً له، فربما رأيت بعض الشباب يفكرون بهذه الشهوات حتى في صلاتهم، فماذا بقي لله تبارك وتعالى بعد ذلك؟

وحين يطول التفكير بصاحبه ويستولي عليه فقد يتطور به الأمر إلى التفكير بالفعل والممارسة، وتبدأ المسألة من كونها مجرد أفكار، إلى أن تتحول إلى نية، ثم إلى تخطيط وعزيمة، ثم إلى الوقوع ربما في الفاحشة والفساد، فإن لم يكن كذلك فقد يؤدي به ذلك إلى ممارسة العادة السرية.

لي سؤال مهم يا أبي حول العادة السرية لكن سوف أؤخره لما بعد، فلدي سؤال حول النظر، فبعض الشباب يقع منه النظر فيتبع النظرة النظرة من خلال مجلة أو فيلم، أو نظرة مباشرة ويحتج بأنه يقتصر على ذلك دون الوقوع في الفاحشة أو مقدماتها.

نعم، ماتقوله حق ولكن: مجرد النظر سيئة وأمر محرم بحد ذاته، فمادام قد نظر إلى ما لايحل النظر إليه فقد وقع في معصية بغض النظر عما يترتب على ذلك.

ولو افترضنا أنه لم يقع في الفاحشة، فانشغال قلبه بالشهوات ضرر كبير عليه وإشغال له عن مصالح دينه ودنياه، وطالما حرم أمثال هؤلاء من لذة تدبر القرآن الكريم، ومن لذة مناجاة الله تبارك وتعالى والصلة به عز وجل.

وربما لم يقع فيها في المرة الأولى، لكن الشيطان يجره إلى التمادي في ذلك، ويحاول إثارته مرة بعد مرة، حتى يقع فيها ولو بعد حين، عندما تتمكن الشهوة من نفسه فلا يرده عنها راد.

إذاً فالعامل الأول -كما سمعت من حديثك- هو النظر الحرام، والذي يقود للتفكير، فهل التفكير بممارسة الشهوة أمر محرم؟

من رحمة الله تبارك وتعالى أنه لايعاقب عباده إلا بما اقترفته أيديهم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ"( ) .
لكن التفكير قد يطول بصاحبه ويستطرد معه فيشغل قلبه وفؤاده، وقد يكون طريقاً وسلماً بعد ذلك للوقوع في الحرام، فأنصحك وكل شاب ألا يشغل نفسه بالتفكير، وأن يحرص على التفكير فيما يفيده في الدنيا والآخرة فذلك خير له وأولى.

وعليه أن يحرص على قطع مثل هذه الأفكار حين ترد إلى ذهنه، وأن يستبدلها بما هو خير منها. وما العامل الآخر الذي يقود إلى إثارة الشهوة؟ ألايمكن أن نقول: إنه جلساء السوء؟

بلى يابني، فجلساء السوء لهم أثر وخطر عظيم على الشاب كما سبق أن حدثتك عن ذلك. إذاً عرفت ياأبي أن هذه بعض الأسباب والمثيرات، فعلي أن أجتنبها وأبتعد عنها، وأرى أن الشاب قد توجد لديه أسباب أخرى تثير لديه الشهوة غير ماذكر، فينبغي أن يكون على قدر من العقل، فيجتنب كل ما يوقعه في الحرام.

والآن يا أبي بعد أن رأينا أن جانباً مهماً من الحل يتمثل في اجتناب الأسباب المثيرة للشهوة الداعية للمعصية، فهل هناك حلول أخرى غير ذلك؟

نعم يابني، هناك جانب آخر من الحلول ألا وهو فعل الأمور التي تقوي المانع من الشهوة، وأهمها قوة الإيمان بالله تبارك وتعالى، فالإيمان سلاح المؤمن في مواجهة مايضله من الشهوات والشبهات، فعليه أن يتعاهد إيمانه ويعتني به، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إن الإيمان ليَخْلَقُ في جَوفِ أحدِكِمْ كَما يَخْلَقُ الثوب، فاسألوا الله تعالى أن يُجَدِّدَ إِيمانَكُم"( ) ، وكان معاذ رضي الله عنه يدعو أحد أصحابه ويقول: اجلس بنا نؤمن ساعة.

ولكن ما الأمور التي تزيد الإيمان؟

الإيمان يابني يزداد بالطاعة وينقص بالمعصية، فمن عوامل زيادة الإيمان فعل الطاعات بأنواعها، ومنها تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه، ومنها المداومة على ذكر الله تبارك وتعالى بأنواع الأذكار، ومنها التفكر في مخلوقات الله عز وجل ودلائل عظمته.

وما العامل الثاني بعد تقوية الإيمان يا أبي؟

العامل الثاني يابني هو الخوف من الله تعالى، ومراقبته في السر والعلانية، فحين يعلم المؤمن أن الله تعالى بكل شيء محيط، وأنه لاتخفى عليه خافية، ولايعزب عنه مثقال ذرة كما قال تعالى { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّبِينٍ }(الأنعام:59)، وقال تبارك وتعالى { اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلّ أُنثَىَ وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَار. عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ. سَوَآءٌ مّنْكُمْ مّنْ أَسَرّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالْلّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنّهَار ِ} (الرعد:8-10)، إنهم سواء في علم الله تبارك وتعالى، ذاك الرجل الذي يمارس الحرام علانية وجهراً أمام الناس في وضح النهار، والآخر الذي أغلق عليه بابه في ظلمة الليل، وحين يعلم المؤمن ذلك يخاف ربه ويخشاه، ويمتنع عن مواقعة معاصيه. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لاظل إلا ظله " وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ".

وما العامل الثالث ياأبي؟

هو أن يتذكر يوم وقوفه بين يدي الله تبارك وتعالى وأنه سيلقى الله يوم تبلى السرائر، يوم لايخفى من الناس خافية، ويتذكر مايعاقب الله به أهل الفجور حين يلقونه فيختم تبارك وتعالى على ألسنتهم فتنطق جوارحهم بما عملوا { حَتّىَ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون َ} (فصلت:20)

وهل يمكن أن يفعل أحد المعصية وجوارحه غائبة عنه؟ { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـَكِن ظَنَنتُمْ أَنّ اللّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمّا تَعْمَلُونَ } (فصلت:22) ويحدثنا r عن هذا الموقف يوم القيامة فعن أنس -رضي الله عنه- قال: كنا عند النبي r فضحك، فقال: "هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟" قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى: قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلا شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلامِ قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِل ُ"( ) فحين يتأمل الشاب يابني هذا الموقف يخاف الله ولا يقدم على ما حرمه تبارك وتعالى.

وهل ثمة عامل آخر يا أبي؟

نعم يابني، العامل الرابع هو أن يتذكر المؤمن البديل الذي أعده الله يوم القيامة لمن أطاعه وأعف نفسه عما حرم تبارك وتعالى، أتعرفه يابني؟

يبدو أنك يا أبي تعني الحور العين؟

نعم يابني، إنه الحور العين اللاتي وصفهن الله تبارك وتعالى في كتابه بقوله { إِنّا أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَاءً. فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً. عُرُباً أَتْرَاباً. لأَصْحَابِ الْيَمِينِ } (الواقعة:35-38) ووصفهن صلى الله عليه وسلم بقوله "وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ"( ). وماذا بعد ذلك يا أبي؟

بعد ذلك يابني الدعاء والتوجه له تبارك وتعالى، فقد ذكر الله لنا قصة يوسف عليه السلام حين تعرضت له النساء وحاولن فتنته ودعوته للسوء، فقال { رَبّ السّجْنُ أَحَبّ إِلَيّ مِمّا يَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِ وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُنّ أَصْبُ إِلَيْهِنّ وَأَكُن مّنَ الْجَاهِلِينَ }(يوسف: 33). فالجأ يابني إلى مولاك، وارفع كف الضراعة إليه، واعلم أنه لايخيب من أحسن الظن به، ولايرد من سأله وهو القريب المجيب. والعامل السادس يابني -وهو عامل له أهميته-: تقوية الإرادة والعزيمة، بأن يعود الإنسان نفسه على الضبط، وألا يستسلم لنفسه في كل ماتريد وتشتهي وتدعوه إليه، وألا يستجيب لها إلا حين يعلم أن في ذلك خير له في الدين والدنيا، وهذا الضبط للنفس يحتاج لمجاهدة وتعوّد، وليعلم أنه في معركة حقيقية مع نفسه الأمارة بالسوء يساندها الشيطان الرجيم، وأنه بدون هذه العزيمة لن يكون له نصر على هذا العدو اللدود.

وماذا بعد ذلك يا أبي؟

بقي عامل مهم تركته قصداً لعلك تعرفه أنت، لاسيما وقد أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه.

نعم يا أبي، إنه الزواج والصيام، أليس كذلك؟

بلى يابني، وفقك الله، فالزواج هو الذي يتيح للمرء أن يمتع نفسه بما أحل الله فيصرفه ذلك عن الحرام، وإن كان اليوم الشاب الذي في سنك لايستطيع الزواج فعليه بالصيام، وأن يجعل لنفسه نصيباً من صيام النوافل، فيصوم الاثنين والخميس، أو الاثنين وحده، أو ثلاثة أيام من كل شهر، فيختار لنفسه ما يستطيع أن يحافظ عليه من الصيام؛ فالصيام سبب بإذن الله لتحقيق التقوى كما قال تبارك وتعالى { يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُون َ} (البقرة:183)، وهو يقوي الإرادة والعزيمة ويعود المرء على الانتصار على نفسه.

وماذا عن العادة السرية ياأبي، فكثير من الشباب يتساءل عنها؟

إنها يابني خصلة ذميمة وقبيحة ومحرمة، وقد دل على تحريمها كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله r ، فمن الكتاب قوله تعالى { وَالّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلاّ عَلَىَ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } (المؤمنون:5-6)، فقد أخبر تبارك وتعالى أنهم يحفظون فروجهم إلا من هذين الطريقين، فدل هذا على تحريم ماسواهما، ثم قال في الآية التي تليها واصفاً من يمتعون أنفسهم بما سوى الزوجة وما ملكت اليمين{ فَمَنِ ابْتَغَىَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْعَادُون َ} (المؤمنون:8). ولممارسة هذه العادة أضرار طبية منها: ضعف العضو التناسلي، وقد يعجز صاحبها فيما بعد عن القيام بالوظيفة الزوجية، وتولد اضطراباً في آلة الهضم، وتضعف ماء من يمارسها فقد يؤثر على نسله، وتورث ضعفاً في الغدد المخية.

ولها أضرار نفسية منها:

الهم والغم، فصاحبها إما أن يشعر بالذنب ويلوم نفسه فتورث لديه هماً لايطيقه، ويشغله ذلك ويصده عن كثير من أعمال الخير والصلاح، أو أن يزول عنه الشعور بالذنب وهذا أشد عليه وأخطر، وتؤدي إلى ذهاب المروءة والخجل.

وقد يمارسها الشاب في مكان لايستطيع فيه أن يغتسل فيضطر إما لتأخير الصلاة، أو للصلاة وهو على جنابه وهما أمران أحلاهما مر.

وهل من طريق يخلص منها؟

العلاج لذلك يابني هو ماسبق ذكره، وألخص لك ذلك في أمور: تقوية الإيمان والخوف من الله، تقوية الإرادة، غض البصر، اجتناب التفكير بالشهوة، اجتناب الخلوة وإشغال النفس بما يفيد، الاهتمام بالعلم والقراءة والاستفادة من الوقت فإنه يشغل ذهن الشاب بأمور جادة، وأنصحك بعد ذلك بقراءة كتاب: (العادة السيئة، لمحمد المنجد) فهو من أحسن ما رأيته في هذا الموضوع.
العشق والغرام يبتلى بعض الشباب يا أبت بالعشق المحرم فهل من نصيحة حول ذلك؟ من أخطر الأمور يا بني على الشاب أن يقع في العشق الحرام، فله نتائج وخيمة

أولها أنه إن حصَّل ما يريد ممن يعشقه حصل له وبال الذنب وشؤمه، وبقيت في نفسه المرارة على فقده.

وثانيها أن العاشق ينشغل بالتفكير والهموم، فيشغله ذلك عن مصالح دينه ودنياه، ويطول معه الأمر حتى لا يفكر إلا في معشوقه فيزيده ذلك عذاباً وشقاءً، وهي عقوبة عاجلة.

وثالثها أن ذلك يصرفه عن محبة الله تبارك وتعالى، بل يؤدي به الأمر إلى أنه قد يقدم مرضاة محبوبه على مرضاة الله فيقع في الشرك المخرج له من دائرة الإسلام، أحدهم كان يعشق امرأة اسمها عزة، فيقول معبراً عن تعلقه بها
رهبان مدين والذين عهدتهم *** يبكون من حذر العذاب قعوداً
لو يسمعون كما سمعت كلامها *** خروا لعزة ركعاً وسجوداً

ورابعها أن ذلك قد يؤدي به إلى سوء الخاتمة -حمانا الله وإياك- ذلك أن الميت يتمثل له ما كان يشغل قلبه ويستولي عليه، أحدهم كان يعشق شاباً اسمه (أسلم) فاشتد به الأمر إلى أن أصابه المرض، وحين حضرته الوفاة قيل له قل لا إله إلا الله فقال
أسلم يا راحة البال العليل ويا شفاء المدنف الخليل
رضاك أشهى إلي مــن رحمة الخالق الجليـل

ومات على هذه الكلمة، عافنا الله وإياك، ورزقنا حسن الخاتمة. فهذه أهم آثار العشق المحرم، وهناك المزيد من الآثار السيئة.

ولعلك تسأل عن علاجه، فأهم شيء في ذلك يا بني أن يملأ المرء قلبه بمحبة الله تبارك وتعالى، ويداوم ذكره وتلاوة كتابه بتدبر وتمعن، وأن ينشغل بمحبة الصالحين، وأن يقطع الأسباب من النظر المحرم والتفكير في الحرام، وأن يزيل أثر العشق من قلبه أول ما ينـزل به، فإنه إذا استحكم صعب استخراجه.

المراهقة

هل صحيح أن مرحلة المراهقة مرحلة ضياع وانحراف؟

أبداً يا بني، إن الشاب حين يصل لهذه المرحلة فكما أنه تزداد لديه الشهوات والغرائز، فإنه يزداد اتجاهه نحو التدين والإقبال على الله تبارك وتعالى، وقد فطر الله لديه هذا الدافع مع بداية مرحلة البلوغ. والذين يعيشون الضياع والانحراف هم أولئك الذين يعرضون عن دين الله ويلهثون وراء شهواتهم، ولو تأملت سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين كانوا في هذا السن تبين لك بجلاء صدق هذه الحقيقة.

ما بالنا نرى اليوم يا أبي كثيراً من الشباب المراهقين يعيشون حالة من الطيش؟

إن الشباب يا بني طاقة وحيوية، فما لم تصرف طاقتهم فيما ينفعهم فسوف يصرفونها في اللهو والعبث، دون أن يتفكروا في عواقب ذلك، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية. ولقد كان الشباب يا بني فيما مضى مشغولين باهتمامات عالية كالجهاد في سبيل الله وطلب العلم وغير ذلك من الأمور المفيدة، وحتى في المجتمعات القروية التي تعتمد على جهد أبنائها، فيعمل الشباب مع أهليهم في الفلاحة والرعي وغيرها من الأعمال، في مثل هذه المجتمعات لا توجد كثيراً هذه المشكلة التي تشير إليها.

بعض الشباب يا أبي يكون عنيفاً معانداً لوالديه، قلما يرضخ لرأي أو يستجيب له فلماذا؟ وهل لذلك صلة بهذه المرحلة التي نعيشها؟

نعم يابني، كثير من الشباب يعتد برأيه كما ذكرت في هذه المرحلة بالذات، وقد يعارض والديه وأساتذته، ومن أهم الأسباب في ذلك شعور الشاب أنه قد بلغ مبلغ الرجال، وأنه لم يعد اليوم طفلاً كما سبق، ومن ثم فإن على الجميع أن يستمعوا لرأيه ويحترموه، وعليهم أن يعاملوه معاملة الرجال. ومما يزيد حدة هذه المشكلة أمران

الأول أن الشاب مع أنه قد بلغ مبلغ الرجال في هذه المرحلة بلا شك إلا أنه تنقصه كثير من التجارب والخبرات التي يملكها من سبقه، ومع ذلك يثق بآرائه وإن كانت غير صحيحة.

والثاني أن بعض الآباء يعاملون ابنهم في هذه المرحلة معاملة الصغار والأطفال، فيشعر أنهم لم يضعوه في منـزلته اللائقة به فيتجه لفرض آرائه عليهم بمثل هذه الأساليب.

وهل ما يمارسه بعض الطلاب من العناد مع مدرسيهم له صلة بما ذكرت؟

نعم يابني السبب نفسه هو الذي يجعل الشاب يتمرد على أساتذته ويرفض الاستجابة لهم.

لقد ذكرت يا أبي أن من الأسباب لهذه الظاهرة أن بعض الآباء ينظرون لأبنائهم على أنهم لازالوا أطفالاً، فما السبب في هذه النظرة؟

هناك أسباب تعود إلى الأبناء، وأسباب تعود إلى الآباء، فأما ما يعود إلى الابن نفسه فأهم شيء في ذلك أن بعض الأبناء يدخل هذه المرحلة وهو لم يتجاوز سلوك الأطفال، فاهتماماته لا تزال كاهتمامات الأطفال، وألعابه وسلوكه في المنـزل كل ذلك يعبر عن طفولة لديه، والمرء كما قيل حيث يضع نفسه.

والسبب الثاني أن الشاب حين يرى علامات البلوغ على نفسه يبالغ في نظرته لقدراته وإمكاناته، مع أنه الآن تنقصه كثير من الخبرات التي اكتسبها الأكبر منه سناً، فيرى الكبار أن آراءه وأفكاره لا تزال محدودة فيتعاملون معه على هذا الأساس.

والسبب الثالث: أن الشاب في هذه المرحلة يكثر من الاستماع لنصائح أصدقائه وتوجيهاتهم أكثر من استماعه لنصائح والديه أو معلميه، وتفتقد نصائح زملائه غالباً النضج والخبرة، وتميل إلى التمرد والسعي لإثبات الذات أمام الآخرين.

ولماذا تتصف تصرفات الشاب ومواقفه بالتمرد والعناد؟

تتصف بذلك لأنه يرى أن في هذا السلوك إثباتاً لشخصيته وإبرازاً لها، وإشعاراً للآخرين بأنه ليس طفلاً صغيراً كما يعتقدون.

لكن هذه الأساليب لاتنجح غالباً وربما تعود عليه بالضرر، أليس كذلك يا أبي؟

بلى يابني، إن الشاب حين يسلك هذه الخطوات والأساليب فإنه قل أن يحقق أهدافه، بل ذلك ربما يدعو الآخرين إلى رفض مطالبه ولو اقتنعوا أنها وجيهة؛ ذلك أن الناس غالباً لايحبون من يفرض عليهم مطالبه، ولأنهم يشعرون أن مثل هذا الأسلوب لايتناسب مع الخلق والأدب الذي يجب أن يكون عليه.

لكن أرى أن بعض الشباب يحقق بعض مطالبه باستخدامه أسلوب العناد والمواجهة مع الكبار. نعم، قد ينجح بعض الشباب في ذلك لكن أولئك الذين يحققون له مطالبه استجابة لهذا الأسلوب يحققونها اضطراراً وكرهاً، مما يولد لديهم نظرة سيئة تجاهه، فيكسب تحقيق مطلب محدود، لكنه يخسر الناس ويفقد موقفهم تجاهه وهو أثمن بكثير من مطالبه العاجلة.

إذاً فما الأسلوب المناسب للشاب في ذلك؟

الأنسب هو أن يقنع الناس ابتداءً بأنه رجل كامل الرجولة، من خلال تغييره لأسلوب حياته، بحيث يتجاوز اهتمامات الأطفال، ويتجاوز عبثهم، ويعيش بأخلاق الرجال وهدوئهم واتزانهم، وهو أمر يحتاج لأن يعتاد عليه.

ومن الأمور المهمة أن يحسن خلقه مع الكبار، ويمنحهم التقدير والاحترام الذي يليق بمكانتهم ومنـزلتهم.

ومن ذلك أن يثبت نجاحه وارتقاءه إلى مصاف الرجال من خلال الإنجاز والنجاح العملي؛ فيثبت للناس رجولته من خلال العمل لا من خلال القول، وذلك يتحقق له حين يحرص على أداء الأعمال التي توكل له بصورة لائقة، وأن يجدد ويبدع، وألا يكون مقتصراً على مجرد التنفيذ الحرفي للأعمال التي توكل إليه، ومما يعينه على ذلك أن الناس يرضون منه بأدنى قدر من النجاح، ولا ينتظرون منه أن يؤدي مهامه كما يؤديها الكبار.

وبعد تحقيق هذه الخطوات بإمكانه أن يطرح مطالبه وآراءه بصورة هادئة، وأن يعتمد على الحوار والنقاش المنطقي الهادئ.

ولابد مع ذلك كله أن يأخذ عامل الزمن بالاعتبار، فيحتاج إلى قدر من الوقت حتى يظهر أثر التغير في شخصيته لدى الناس.

وأخيراً أقول لك يابني: قد يقصر بعض الناس في حق الشاب، فعليه أن يحتمل ويصبر، وأن يكون همه لأداء ماعليه أكثر من تحقيق مطالبه، وماهو إلا زمن يسير ويحقق مايريد بإذن الله.
الشاب ووالديه لقد رأيت ظاهرة يا أبي كثيراً ما أقلقتني وأزعجتني، ألا وهي أن بعض الشباب يسئ لوالديه في المعاملة، بحجة أنهما لا يحققان بعض مطالبه، أو أنهما لا يزالان يعاملانه على أنه طفل، إني أدرك يا أبي أن هذا السلوك ليس له ما يبرره بحال، فحبذا لو ألقيت الضوء على هذه القضية. بارك الله فيك يا بني، إن مما يؤسف له أن ترى الشاب المسلم، وربما الصالح يرفع صوته على والديه أحياناً ويسيء لهما، ناسياً الحق العظيم لهما فقد قرن الله تبارك وتعالى حقه بحقهما في أكثر من آية في كتاب الله فقال ((وَقَضَىَ رَبّكَ أَلاّ تَعْبُدُوَاْ إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمّا يَبْلُغَنّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)) (الإسراء 23). وأمر الله تبارك وتعالى المؤمن بأن يخفض جناح الذل لهما فقال ((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ)) (الإسراء24). بل يا بني إن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، ذروة سنام الإسلام، ومن أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد لربه عز وجل، حين يكون نافلة فإنه مشروط برضا الوالدين، لقد جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله أن يجاهد معه، فسأله "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟" قال نعم، قال "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ". وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل فقال جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان، فقال له صلى الله عليه وسلم "فارْجِعْ عَلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا". إذاً فما دام البر بهذه المنـزلة يا أبي فلابد أن يكون الشرع قد رتب عليه ثواباً عظيماً؟ نعم يا بني، لقد رتب الشرع على ذلك عظيم الثواب، فأول ذلك أن طاعة الوالدين طاعة لله تبارك وتعالى، فحين يلبي المرء أمر والديه مهما صغر أو كبر، فهو يطيع ربه عز وجل. والأمر الثاني يا بني أن رضاهما سبب لرضا الرب تبارك وتعالى، فإذا أرضى العبد أبويه أرضى ربه عز وجل، وإذا أسخطهما أسخط ربه قال صلى الله عليه وسلم "رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الْوَالِدِ وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ". والأمر الثالث يابني أن برهما سبب لتحصيل الجنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم "رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ" قيل من يا رسول الله؟ قال "مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ". والأمر الرابع أن الله تبارك وتعالى يجيب دعاء من بر والديه، فقد حدَّث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن رجل يقال له أويس القرني، كانت له أم وكان براً بها، وأنه لو أقسم على الله لأبره، وأمرهم أن يسألوه أن يدعو لهم. ولعلك تعرف قصة الثلاثة الذي آواهم المبيت إلى غار، فانطبقت عليهم الصخرة، فقال بعضهم لبعض إنه لن ينجيكم مما أنتم فيه إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم، فكان أولهم رجلاً براً بوالديه، فدعوا الله عز وجل فأزال عنهم الصخرة وخرجوا يمشون. إذا كان هذا شأن البر يا أبي فما مصير أهل العقوق؟ إن العقوق يا بني شؤمه عظيم، ووباله كبير، كيف لا وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم قرين الشرك بالله عز وجل، فعن أنس ابن مالك -رضي الله عنه- قال سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَبَائِرِ فقَالَ«الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْن،ِ وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ». والعقوق يا بني تعجل عقوبة صاحبه في الدنيا، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اثنان يجعلهما الله في الدنيا البغي وعقوق الوالدين». ونتيجة ثالثة للعقوق يا بني، ما أشدها على صاحبها، ذلك أنه حين يعق الابن أباه، فقد يدعو ذلك الأب إلى أن يدعو عليه، ودعوة الوالد على ولده مجابة، فقد قال صلى الله عليه وسلم«ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم»، حينئذٍ يجتمع على هذا الابن عمل ضعيف زهيد، وعقوق تعجل له فيه قارعة أو عقوبة، ويأتي بعد ذلك الدعاء الذي لا يرد. وما أسوأ أبواب العقوق يا أبي؟ أسوأ أبواب العقوق يا بني عقوق المنهج والفكر، فحين يكون الأب صالحاً ويدعو ابنه للطاعة والخير فيخالفه ويسير على خلاف الطريق الذي ارتضاه الله له ودعاه إليه والده، حين يكون الأب سباقاً للخير مبادراً للصلاة والابن خلاف ذلك. ولكن بعض الشباب يا أبي يعتذر بأن والده قد قصر في حقه مما أدى به إلى أن يرفع عليه صوته ويغلظ له. يا بني، هل هناك خطأ وسوء أعظم من الشرك بالله عز وجل؟ ومع ذلك جاء في كتاب الله عز وجل الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما ولو وقعا في الشرك بالله عز وجل، ألا تعرف الآية التي تدل على ذلك؟ بلى يا أبت، إنها قوله تعالى ((وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىَ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدّنْيَا مَعْرُوفاً)) (لقمان 15). أحسنت يابني، ولذا عقب الله هذه الآية بقوله ((وَاتّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيّ)) أي فلا تطعهما وأطع من يدعوك لطاعة الله، ومع ذلك فأحسن إليهما. إذاً يا أبي أفهم من ذلك أن الشباب الذين ابتلوا بآباء مقصرين في الطاعة، واقعين في المعصية لا يعفون من الواجب الشرعي بالبر بوالديهم؟ نعم يا بني، فقد أمر الله بالإحسان للأبوين حين يجاهدان الابن على الشرك ويدعوانه إليه، فكيف إذا كانا مسلمين؟ فعليه أن يبرهما، وأن يحسن لهما ويطيعهما، ويدعوهما بالرفق والأسلوب الحسن المناسب. ومن باب أولى حين يقع من أحد والديه خطأ تجاهه فعليه أن يحتمل ويصبر. ويجب أن يعلم الشاب أن حق والديه تجاهه يجب ابتداءً، وليس مقابل إحسانهما له، بل أكثر الأخطاء التي يقع فيها الآباء تجاه أبنائهم منطلقها حرصهم عليهم وإرادة الخير لهم.
حدة الانفعال ولننتقل يا أبي إلى قضية أخرى أرى بعض الشباب حين يغضب يشتد به الغضب إلى حد لا يملك معه نفسه فهل لهذا صلة بهذه المرحلة؟ نعم يتسم الشاب في هذه المرحلة بشدة انفعالاته، فهو إذا غضب يشتد غضبه ويعلو صوته، وقد يحطم ما بيده، وقد يسيء الأدب مع من هو أكبر منه سناً وأعلى منه قدراً، والغضب يابني خصلة ذميمة، تقود الإنسان إلى مواقف كثيراً ما يندم عليها، ألست ترى بعض الشباب يعض أصابع الندم على موقف قاده إليه غضبه، أو كلمة بدرت منه لم يزنها ويضع لها اعتباراً؟ لذا حين جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يوصيه قال له صلى الله عليه وسلم «لا تغضب» ثم أعاد الرجل السؤال، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم الوصية نفسها «لا تغضب» فردد مراراً «لا تغضب» ثم قال الرجل« فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ» كل ذلك يا بني دليل على أن الغضب يقود صاحبه إلى مواقف قد يندم عليها دهراً طويلاً. وأثنى تبارك وتعالى على أولئك الذين يضبطون مشاعرهم، ويتحكمون بأنفسهم حين يغضبون فقال ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ)) (آل عمران 134)، وقال ((وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ)) (الشورى 37). إن هذا الحديث عن سرعة الغضب وحدة الانفعال لدى الشاب في هذه المرحلة ذكرني بظاهرة أراها كثيراً لدى بعض الزملاء، وهي أنهم حين يحبون أحداً يبالغون في حبه والثناء عليه، والعكس حين يذمون أحداً، فهل لهذا صلة بما سبق أيضاً؟ نعم، يا بني من حدة انفعالات الشاب في هذا السن، أنه يسرف ويبالغ في الحب والكره، ولذا فإنه يعجب إلى حد كبير بالبطولات، وتختلف مقاييس الناس في البطولة، فمنهم من تكون البطولة لديه في الإنجاز الرياضي ، ومنهم من تكون في الفن والتمثيل، ومنهم من تكون في الإجرام والفساد. لذا فإنه حين يعجب بأحد من هؤلاء، تستهويه شخصيته، ويحاكيه في أفعاله، ويغلو في مدحه والثناء عليه. يبدو لي يا أبي أن أعداء الإسلام أدركوا هذه الخصلة جيداً لدى الشباب، فأشغلوا الشباب والفتيات بألوان من الفن والرياضة التي تبلغ حد التطرف والغلو، وربما أدى ذلك إلى إيقاعهم في أبواب من الانحراف والفساد. نعم يابني فالأمر كما قلت، فقد سعى أعداء الإسلام إلى إبراز القدوات والنماذج السيئة أمام شباب وفتيات المسلمين، وحرص أولئك على عرض هذه النماذج في وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة، واستفادوا من التطور العلمي المعاصر في عرض ما يريدون من وسائل الإغراء والإثارة بطريقة تثير إعجاب الشباب بما يرون ويشاهدون. ولكن هل من علاج في التربية الإسلامية لهذه المشكلة؟ نعم يا بني، إن من أهم وسائل علاج هذه المشكلة، بل من وسائل استثمار هذه الخصلة لدى الشباب في هذه المرحلة هي أن يقدم لهم النموذج الصالح والقدوة الحسنة. وفي كتاب الله تبارك وتعالى كثير من القصص التي تعرض سير الصالحين من الأنبياء وأتباعهم وبسالتهم وبطولتهم، وثباتهم في ميدان الصراع بين الحق والباطل، وفي تاريخ الإسلام نماذج فذة في ميادين شتى في العلم والعبادة، وفي الجهاد والبطولة، وفي الدعوة والثبات على المبادئ، وفي تلك النماذج ما يستهوي الشاب المسلم، ويجعله يحب أمثال هؤلاء، ويعتني بأخبارهم وسيرهم. إنه يحقق له ثمرات مهمة، أولها أن يحب هؤلاء فيثيبه تبارك وتعالى على حبهم، فمن أحب قوماً حشر معهم وإن لم يبلغ عمله عملهم، كما ذكرت لك في أول الحديث. وثاني هذه الثمرات أن يتأسى بأفعالهم، ويحرص على الاقتداء بجوانب الخير لديهم، ويجعلهم مثلاً يتطلع إليهم ويحذو حذوهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم؛ فيسهم ذلك في تربيته وتأديبه بآداب الإسلام وأخلاقه. وثالث هذه الثمرات أن يزهد في سير الساقطين والتافهين، بل يشعر أنهم أقل وأحقر من أن يعتني بأخبارهم أو يطالع سيرهم، وكيف يلتفت إلى هؤلاء وقد تعلق قلبه بمحبة الصالحين الذين قرأ أخبارهم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما سطره العلماء المسلمون من صفحات تاريخ أمته؟
نماذج من سير الشباب لقد اشتقت يا أبي كثيراً من خلال هذا الحديث إلى التطلع إلى سير الصالحين من المؤمنين، فهلا تفضلت يا أبي دام فضلك بإلقاء الضوء على أحد هذه النماذج من سير الصالحين، ولتكن في مرحلة الشباب؟ نعم يا بني، لقد قص علينا الله تبارك وتعالى في كتابه قصة يوسف عليه السلام، وقد كان نموذجاً وقدوة في العفة، فكان شاباً أعزباً، وكان غريباً عن بلده، وكانت المرأة ذات منصب وجمال، وهي التي دعته إلى نفسها، وغلقت الأبواب، وهددته بالعقوبة، ومع ذلك لجأ إلى ربه تبارك وتعالى وقال (( مَعَاذَ اللّهِ إِنّهُ رَبّيَ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُون َ)) (يوسف23) ، واختار السجن على مواقعة الرذيلة والفساد. أتظن يا بني أن الشاب المسلم اليوم حين يقرأ هذه القصة ويرى هذه العظمة في شخصية هذا النبي الكريم، وانتصاره على دواعي السوء والرذيلة، أتراه بعد ذلك يعجب بمسلسلات العشق والغرام؟ أم أنه ينظر من أعلى إلى أولئك ولسان حاله يقول مساكين هؤلاء التائهين الساقطين، مساكين أولئك الذين أسرتهم الرذيلة وتمرغوا في وحلها، فلم يستطيعوا أن يخلصوا أنفسهم. وفي الصدق في الانتماء للدين والصبر هاهو خباب ابن الأرت -رضي الله عنه- آذاه أهل الكفر أذى لا يطاق، فكان يوضع بظهره على الجمر حتى بقيت آثار البلاء على جسده سنوات بعد ذلك شاهدة وناطقة بثباته على الدين وصبره عليه؛ إذ يكشف ظهره لعمر وهو في خلافته فيرى آثار التعذيب على جسده. ولهذا حين رجع علي -رضي الله عنه- من صفين ومر بقبره لم يسعه إلا يقول"رحم الله خباباً، أسلم راغباً، وهاجر طائعاً، وعاش مجاهداً، وابتلي في جسمه أحوالاً، ولن يضيع الله أجره"، لقد كان يا بني حينها شاباً في أسنانك، اختار لنفسه طريق الدين واتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فثبت وواجه العذاب -رضي الله عنه-. أما الهمة العالية فكانت تتمثل لدى شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد والشهادة في سبيل الله عن أنس -رضي الله عنه- قال أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله قد عرفت منـزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع؟ فقال" وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ؟ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ". وعمير بن أبي وقاص يحكي قصته أخوه سعد -رضي الله عنهم- فيقول"رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى، فقلت مالك يا أخي؟ قال إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج لعل الله أن يرزقني الشـهادة، قال فعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصغره فرده، فبكى فأجازه، فكان سعد يقول فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره فقتل وهو ابن ست عشرة سنـة". ولقد ضرب شباب الصحابة المثل في الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم فالبراء بن عازب شهد خمس عشرة غزوة، وزيد بن أرقم شهد سبع عشرة غزوة، وأبو سعيد الخدري شهد ثنتي عشرة غزوة، وسلمة بن الأكوع شهد تسع غزوات، وابن أبي أوفى شهد سبع غزوات، كل ذلك شهدوه -رضوان الله عليهم -مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم لا يزالون في ريعان الشباب، بل كان معظمهم دون العشرين. ولهم مع حفظ القرآن شأن آخر فهاهو عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- يفوق قومه فيكون أحفظهم، فيستحق أن يُقَدَّم عليهم، كل ذلك وهو لم يتح له ما أتيح لنا اليوم من وسائل وإمكانات، فليس أمامه حلقة لتحفيظ القرآن، ولاتسجيلات أو مقرئ متفرغ، بل إن القرآن ليس مجموعاً له في مصحف يقرأه ويحفظ منه، ومع ذلك يبلغ هذا المبلغ. وفي طلب العلم والعناية به يشهد صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- بأنه أعلم الأمة بالحلال والحرام وكان عمره حين أسلم دون العشرين. وفي العبادة كان ابن عمر -رضي الله عنهما- لاينام من الليل إلا قليلاً، وكان محمد بن طلحة -رضي الله عنهما- يلقب بالسجاد لكثرة صلاته وشدة اجتهاده في العبادة. أما الرياضة فكانت إعداداً للجهاد في سبيل الله، فقد سابق صلى الله عليه وسلم بين الخيل، وكان من بين من سابق عبدالله بن عمر، وأبو جحيفة -رضي الله عنه- حين سئل عن عمره وقت النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أبري السهام وأريشها". ولن تجد باباً من أبواب الخير، إلا وترى الشباب الصالحين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قد سبقوا إليه، ويكفي أن تعلم أن نصف العشرة المبشرين بالجنة -الذين هم أفضل الصحابة- كانت أعمارهم حين أسلموا دون العشرين (وهم: علي، والزبير، وسعد، وطلحة، وسعيد بن زيد)( ). يا أبي، هل كان صلى الله عليه وسلم يعنى في تربيته للشباب من أصحابه بالنماذج والقدوات الصالحة؟ نعم يابني، هاهو شاب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه- يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه -وكان عمره إذ ذاك لم يتجاوز العشرين يابني- يقول رضي الله عنه : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: "لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، ويُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلا اللَّهَ" ( ). إنها نماذج فذة ورائعة ياأبي، لكن هؤلاء كانوا في جيل قد سبق ومضى، فماذا عن شأن هذا الجيل؟ أيطيق أحد أن يصل إلى ما وصل إليه أولئك؟ حينما يتطلع المرء لمثل هذه النماذج فهذا لا يعني بالضرورة أن يرى في نفسه أنه قادر على أن يكون مثلهم أو أن يصل إلى منـزلتهم، لكنه قد يضعهم نموذجاً أعلى له يسعى قدر الإمكان إلى الاقتراب من حالهم ولو لم يصر مثلهم، وأنا لاأطالبك أن تكون مثلهم، إنما أن تقتدي بهم وتتأسى بجوانب الخير لديهم. وأمر آخر يابني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وعد أولئك الذي يقبضون على دينهم زمن المحنة والشدة فقال :"يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر"، فحين يكون الشاب في عصر يرى فيه مايرى من الفتن والصوارف ثم يستقيم على طاعة الله، فإنه يستحق بإذن الله هذا الوصف والثناء. وأمر ثالث: وهو أننا بحمد الله نرى اليوم نماذج من الشباب والفتيات الصالحين، في كل أنحاء العالم الإسلامي، نراهم سلكوا طريق الاستقامة في ظل عالم يموج بالمغريات والملهيات، واستطاعوا بحمد الله أن يضربوا أروع الأمثلة ويحققوا أعلى صور النجاح، فهم مع إقبالهم على دينهم، ومع صبرهم على الفتن والشهوات، ومع عنايتهم بحفظ كتاب الله وتعلم العلم الشرعي، مع ذلك كله فاقوا أقرانهم في ميدان الدراسة والتحصيل حتى في غير التخصصات الشرعية. كل ذلك دليل يابني على أن الشباب حين يستعينون بربهم يستطيعون اجتياز العقبات والصعاب. إن الحوار ممتع وجميل ياأبت، لكني أشعر أني قد أخذت جزءاً من وقتك الثمين، وأني أثقلت عليك، فأستأذنك بالانصراف لعلك أن تأخذ قسطاً من الراحة، فبارك الله فيك وأجزل مثوبتك ورفع درجاتك. تفضل يابني: خذ هذه الكتب فلعل فيها من النماذج والقصص المفيدة لك. وهذه يابني مجرد أمثلة ليست للحصر، ولن تعدم حين تستشير من تثق فيه من أساتذتك ومربيك أن تجد منهم رأياً مفيداً حول ما يناسبك قراءته. وانصرف الابن واطلع على هذه الكتب فإذا فيها: (سلسلة صور من حياة الصحابة وصور من حياة التابعين لعبدالرحمن رأفت الباشا، وقصص من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لمحمد علي دوله، وكتاب القلب العامر لخولة درويش).
منقول

اخر تعديل كان بواسطة » شيروكي في يوم » 26/02/2004 عند الساعة » 12:26 AM
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26/02/2004, 12:20 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
وددت ان تشاركوني ارائكم فاكون شاكراً بماتجودوا.

جزاكم الله خيرا على سعت صدركم.
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26/02/2004, 12:57 AM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
الموضوع طويل جدا

أخذ مني وقت طويل لتنسيقه

لكن الموضوع جيد ومفيد جدا

شكراً لك وجزاك الله خيرا
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27/02/2004, 10:01 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
شكراً لك وجزاك الله خيرا لله يجعلها في موازين حسناتك
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27/02/2004, 11:47 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
السفر إلى بلاد الكفرة

تقوم بعض المؤسسات بالنشر في الصحف داعية أبناء المسلمين لقضاء العطلة الصيفية في البلاد الغربية لتعلم اللغة الإنكليزية.

وللإجابة على ذلك ننشر توضيح فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز حول هذا الموضوع:

- الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد أنعم الله على هذه الأمة بنعم كثيرة وخصها بمزايا فريدة وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتؤمن بالله، وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده شريعة ومنهج حياة وأتم به على عباده النعمة وأكمل به الدين، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) ولكن أعداء الإسلام قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى فامتلأت قلوبهم حقداً وغيظاً وفاضت نفوسهم بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وودوا لو يسلبون المسلمين هذه النعمة أو يخرجوهم منها كما قال تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم: (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونوا سواء)، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما غنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)، وقال عز وجل: (إن يتقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون)، وقال جلا وعلا: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)، والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة، والمقصود أنهم لا يألون جهداً ولا يتركون سبيلاً للوصول إلى أغراضهم وتحقيق أهدافهم في النيل من المسلمين إلا سلكوه، ولهم في ذلك أساليب عديدة ووسائل خفية وظاهرة، فمن ذلك ما ظهر في هذه الأيام من قيام بعض مؤسسات السفر والسياحة بتوزيع نشرات دعائية تتضمن دعوة أبناء هذا البلد لقضاء العطلة الصيفية في ربوع أوروبا وهذا البرنامج يشتمل على فقرات عديدة منها ما يلي:

(أ) اختيار عائلة إنجليزية كافرة لإقامة الطالب لديها مع ما في ذلك من المحاذير الكثيرة.

(ب) حفلات موسيقية ومسارح وعروض مسرحية في المدينة التي يقيم فيها.

(ج) زيارة أماكن الرقص والترفيه.

(د) ممارسة رقصة الديسكو مع فتيات إنجليزيات ومسابقات في الرقص.

(هـ) جاء في ذكر الملاهي الموجودة في إحدى المدن الإنجليزية، ما يأتي: (أندية ليلية، مراقص ديسكو، حفلات موسيقى الجاز والروك، الموسيقى الحديثة، مسارح ودور سينما وحانات إنجليزية تقليدية).

وتهدف هذه النشرات إلى تحقيق عدد من الأغراض الخطيرة منها ما يلي:

1- العمل على انحراف شباب المسلمين وإضلالهم.

2- إفساد الأخلاق والوقوع في الرذيلة عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد.

3- تشكيك المسلم في عقيدته.

4- تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الغرب.

5- تخلقه بالكثير من تقاليد الغرب وعاداته السيئة.

6- التعود على عدم الاكتراث بالدين وعدم الالتفات لآدابه وأوامره.

7- تجنيد الشباب المسلم ليكونوا من دعاة التغريب في بلادهم بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الغرب وعاداته وطرق معيشته.

إلى غير ذلك من الأعراض والمقاصد الخطيرة التي يعمل أعداء الإسلام لتحقيقها بكل ما أوتوا من قوة وبشتى الطرق والأساليب الظاهرة والخفية، وقد يتسترون ويعملون بأسماء عربية ومؤسسات وطنية إمعانا في الكيد وإبعاداً للشبهة وتضليلاً للمسلمين عما يرومونه من أغراض في بلاد الإسلام، لذلك فإني أحذر إخواني المسلمين في هذا البلد خاصة وفي جميع بلاد المسلمين عامة من الانخداع بمثل هذه النشرات والتأثر بها وأدعوهم إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الاستجابة لشيء منها فإنهم سم زعاف ومخططات من أعداء الإسلام تفضي إلى إخراج المسلمين من دينهم وتشكيكهم في عقيدتهم وبث الفتن بينهم كما ذكر الله عنهم في محكم التنزيل، قال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الآية، كما أنصح أولياء أمور الطلبة خاصة بالمحافظة على أبنائهم وعدم الاستجابة لطلبهم السفر إلى الخارج لما في ذلك من الأضرار والمفاسد على دينهم وأخلاقهم وبلادهم كما أسلفنا وإرشادهم إلى أماكن النزهة والاصطياف في بلادنا وهي كثيرة بحمد الله، والاستغناء بها عن غيرها فيتحقق بذلك المطلوب وتحصل السلامة لشبابنا من الأخطار والمتاعب والعواقب الوخيمة والصعوبات التي يتعرضون لها في البلاد الأجنبية، هذا وأسال الله - جل وعلا- أن يحمى بلادنا وسائر بلاد المسلمين وأبناءهم من كل سوء ومكروه، وأن يجنبهم مكائد الأعداء ومكرهم وأن يرد كيدهم في نحورهم كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه القضاء على هذه الدعايات الضارة والنشرات الخطيرة وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد إنه ولى ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى أله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27/02/2004, 11:55 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
إنه ذنب عظيم

السؤال:

ما حكم اللواط في الدين؟ وهل صحيح أن عرض الرحمن يهتز لذلك؟ أرجو من سماحتكم إجابتي على هذا الموضوع إجابة كاملة ومعززة بالأدلة والرادعة لي ولغيري وجزاكم الله كل خير.

الجواب:

اللواط هو إتيان الذكران وفعل الفاحشة مع الرجل في الأدبار ومنه إتيان المرأة في دبرها وهو الذنب الذي فعله قوم لوط كما قال تعالى: (أنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء) وقد عاقبهم على ذلك فقلب ديارهم وأرسل عليهم حجارة من السماء قال تعالى: (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد) فحري بمن فعل كفعلهم أن يعاقب بنحو ذلك وقد أفتى بعض الصحابة أن يحرق من فعل ذلك وقال بعضهم بل يلقى من أعلى شاهق ثم يرجم بالحجارة ووردت أحاديث فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"، ولعل القارئ أن يرجع إلى كتاب الجواب الكافي لابن القيم فقد أورد فيه الأدلة على بشاعة هذه الجريمة الشيء الكثير والله أعلم.

الشيخ / عبدااله بن جبرين



المرجع : مجلة الدعوة العدد 787 .
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28/02/2004, 12:01 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
كيف تبتعد عن الإغاني

السؤال:

فضيلة الشيخ: ما حكم الاستماع إلى الأغاني إذا كانت ليس فيها كلام محرم وإنما إعان عادية؟ وإذا كانت حراماً فكيف يتجنب الإنسان الاستماع إليها؟

الجواب:

الأغاني المشتملة على المحرم سواء كان ذلك في موضوع الأغنية، بأن تكون خليعة إلى المجون، وإلى الغرام، وتعلق كل جنس بالجنس الآخر، أو ما أشبه ذلك، أو كانت مصحوبة بما هو محرم كالعزف، والموسيقى وشبهها، فإنها حرام ولا يحل للإنسان الاستماع إليها.

وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.." فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها محرمة، لأنه قال: يستحلون، ولو كانت حلالاً ما نسب استحلالها إليهم ولكانت حلالاً لهم قبل أن يستحلوها.

ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قرن هذه الأربعة بعضها ببعض (الحر والحرير والخمر والمعازف) فالحر: هو الفرج حيث يستحلون الزنا والعياذ بالله، والحرير معروف فهو الطبيعي، فهو حرام على الرجال، والخمر: معروف وهو كل مسكر، وأما المعازف: فإنها آلات اللهو، ولا يستثني منها شيء إلا ما استثناه الشرع، وهو الدف عند النكاح وفي المناسبات، كقدوم الغائب الذي له قيمته في المجتمع كالسلطان والأمير ونحوه.



المرجع : كتاب ( فتاوى و توجيهات في الإجازة والرحلات ) لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، إعداد خالد أبو صالح ، ص 96 .
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28/02/2004, 12:14 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
هل أهجر أصحاب الكبائر

السؤال:

ما القول في معاملة أصحاب الكبائر: كاللواط والزنى وغيرهما من الذنوب التي جاءت في النصوص بالوعيد الشديد لمن يقترفها..

هل يجوز الكلام مع أصحاب هذه الجرائم..؟ وهل يجوز إلغاء السلام عليكم..؟

وهل تجوز مصاحبتهم بقصد تذكيرهم بوعيد الله وأليم عقابه إذا كان فيهم بوادر التوبة..؟

الجواب:

من يتهم بهذه المعاصي تجب نصيحته وتحذيره منها ومن عواقبها السيئة، وأنها من أسباب مرض القلوب، وقسوتها وموتها أما من أظهرها وجاهر بها، فالجواب أن يقام عليه حدها وأن يرفع أمره إلى ولاة الأمر ولا تجوز صحبتهم ولا مجالستهم بل يجب هجرهم لعل الله يهديهم ويمن عليهم بالتوبة إلا أن يكون الهجر يزيدهم شراً فالواجب الإنكار عليهم دائماً بالأسلوب الحسن والنصائح المستمرة حتى يهديهم الله ولا يجوز اتخاذهم أصحاباً بل يجب أن يستمر الإنكار عليهم وتحذيرهم من أعمالهم القبيحة ويجب على ولاة الأمور في البلاد الإسلامية أن يأخذوا على أيديهم وأن يقيموا عليهم الحدود الشرعية، ويجب على من يعرف أحوالهم أن يساعد الدولة في ذلك لقول الله سبحانه: (وتعاونوا على البر والتقوى) وقوله عز وجل: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) الآية. وقوله سبحانه وتعالى: (والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصو بالصبر).

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". أخرجه مسلم أيضا، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يوفقهم للتواصي بالحق والصبر عليه، وأن يجمع كلمتهم على الهدى ويصلح ولاة أمرهم إنه خير مسؤول.



المرجع : كتاب الدعوة لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - ج2 ، ص 34
اضافة رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29/02/2004, 10:07 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
أصناف من نُهينا عن التشبه بهم:

الذين نهينا عن التشبه بهم أصناف كثيرة:

الصنف الأول: عموم الكفار:

ويدخل فيهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، والمشركون، والمجوس، والملاحدة وغيرهم.

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم))، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!))[1].

الصنف الثاني: الشيطان:

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يأكلن أحدكم بشماله، ولا يشربن بها، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بها))[2].

قال ابن تيمية: "فإنه صلى الله عليه وسلم علل النهي عن الأكل والشرب بالشمال بأن الشيطان يفعل ذلك، فعلم أن مخالفة الشيطان أمر مقصود مأمور به، ونظائره كثيرة"[3].

الصنف الثالث: المبتدعة:

جاءت نصوص كثيرة عن سلف الأمة في التحذير منهم، ومن ذلك ما جاء عن أبي قلابة أنه قال: "إياكم وأصحاب الخصومات، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون"[4].

الصنف الرابع: الفساق:

قال القرطبي: "لو خُص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم، فقد يظن به من لا يعرفه أنه منهم، فيظن به ظن السوء، فيأثم الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه"[5].

الصنف الخامس: الرجال بالنسبة للنساء والنساء بالنسبة للرجال:

تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال من كبائر الذنوب[6]، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجّلات من النساء وقال: ((أخرجوهم من بيوتكم))، قال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلانًا، وأخرج عمر فلانة[7].

قال ابن حجر: "قال الطبري: المعنى: لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء، ولا العكس. قلت: وكذا في الكلام والمشي، فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد... قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة ما ملخصه: ظاهر اللفظ الزجر عن التشبه في كل شيء، لكن عرف من الأدلة الأخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوها، لا التشبه في أمور الخير"[8].

وقال ابن تيمية: "الأصل في ذلك ليس هو راجعًا إلى مجرد ما تختاره الرجال والنساء ويشتهونه ويعتادونه، فإنه لو كان كذلك لكان إذا اصطلح قوم على أن يلبس الرجال الخُمُر التي تغطي الرأس والوجه والعنق، والجلابيب التي تسدل من فوق الرؤوس حتى لا يظهر من لابسها إلا العينان، وأن تلبس النساء العمائم والأقبية المختصرة ونحو ذلك، أن يكون هذا سائغًا! وهذا خلاف النص والإجماع، فإن الله تعالى قال للنساء: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية [النور:31]، وقال: {قُل لأزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} الآية [الأحزاب:59]، وقال: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ} [الأحزاب:33]. فلو كان اللباس الفارق بين الرجال والنساء مستندُه مجرد ما يعتاده النساء أو الرجال باختيارهم وشهوتهم لم يجب أن يدنين عليهن الجلابيب، ولا أن يضربن بالخُمُر على الجيوب، ولم يحرم عليهن التبرج تبرجَ الجاهلية الأولى؛ لأن ذلك كان عادة لأولئك، وليس الضابط في ذلك لباسًا معيّنًا من جهة نص النبي صلى الله عليه وسلم، أو من جهة عادة الرجال والنساء على عهده، بحيث يقال: إن ذلك هو الواجب وغيره يحرم، فإن النساء على عهده كن يلبسن ثيابًا طويلات الذيل بحيث ينجرّ خلف المرأة إذا خرجت، والرجل مأمور بأن يشمر ذيله حتى لا يبلغ الكعبين...

فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء، وهو ما ناسب ما يؤمر به الرجال وما يؤمر به النساء، فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور... فإذا اختلف لباس الرجال والنساء فما كان أقرب إلى مقصود الاستتار والاحتجاب كان للنساء، وكان ضده للرجال.

وأصل هذا أن تعلم أن الشارع له مقصودان، أحدهما: الفرق بين الرجال والنساء، والثاني: احتجاب النساء. فلو كان مقصوده مجرد الفرق لحصل ذلك بأي وجه حصل الاختلاف، وقد تقدم فساد ذلك... وكذلك الأمر في لباس الرجال والنساء، ليس المقصود به مجرّد الفرق، بل لا بد من رعاية جانب الاحتجاب والاستتار، وكذلك أيضًا ليس المقصود مجرد حجب النساء وسترهن دون الفرق بينهن وبين الرجال، بل الفرق أيضًا مقصود...

والرجل المتشبه بالنساء يكتسب من أخلاقهن بحسب تشبهه، حتى يفضي به الأمر إلى التخنث المحض، والتمكين من نفسه كأنه امرأة، ولما كان الغناء مقدمة ذلك وكان من عمل النساء كانوا يسمون الرجال المغنِّين مخانيث.

والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم حتى يصير فيها من التبرج والبروز ومشابهة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرجال، وتطلب أن تعلو على الرجال كما يعلو الرجال على النساء، وتفعل من الأفعال ما ينافي الحياء والخفَر[9] المشروع للنساء، وهذا القدر قد يحصل بمجرد المشابهة.

وإذا تبين أنه لا بد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يميز بين الرجال والنساء، وأن يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب، وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة وإن كان ساترًا كالفراجي التي جرت عادة بعض البلاد أن يلبسها الرجال دون النساء، والنهي عن مثل هذا بتغير العادات، وأما ما كان الفرق عائدًا إلى نفس الستر، فهذا يؤمر فيه النساء بما كان أستر... ولو قدر أن الفرق يحصل بدون ذلك، فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نُهِي عنه من الوجهين، والله أعلم"[10].

الصنف السادس: الحيوانات:

جاءت أحاديث كثيرة في ذم التشبه بالحيوانات والنهي عن ذلك، منها:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب))[11].

عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطّن الرجل المقام للصلاة كما يوطّن البعير[12].

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟! إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله))[13].

قال ابن تيمية: "التشبه بالبهائم في الأمور المذمومة في الشرع مذموم منهي عنه؛ في أصواتها وأفعالها ونحو ذلك, مثل: أن ينبح نبيح الكلاب، أو ينهق نهيق الحمير، ونحو ذلك. وذلك لوجوه:

أحدها: أنّا قررنا في "اقتضاء الصراط المستقيم" نهي الشارع عن التشبه بالآدميين الذين جنسهم ناقص كالتشبه بالأعراب وبالأعاجم وبأهل الكتاب ونحو ذلك في أمور من خصائصهم، وبينا أن من أسباب ذلك أن المشابهة تورث مشابهة الأخلاق، وذكرنا أن من أكثر عشرة بعض الدواب اكتسب من أخلاقها كالكلاّبين والجمّالين، وذكرنا ما في النصوص من ذم أهل الجفاء وقسوة القلوب أهل الإبل، ومن مدح أهل الغنم، فكيف يكون التشبه بنفس البهائم فيما هي مذمومة؟!

بل هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبيه النهيَ عن التشبه بالبهائم مطلقًا فيما هو من خصائصها، وإن لم يكن مذمومًا بعينه، لأن ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه، إذ من المعلوم أن كون الشخص أعرابيًا أو عجميًا خير من كونه كلبًا أو حمارًا أو خنزيرًا، فإذا وقع النهي عن التشبه بهذا الصنف من الآدميين في خصائصه لكون ذلك تشبهًا فيما يستلزم النقص ويدعو إليه فالتشبه بالبهائم فيما هو من خصائصها أولى أن يكون مذمومًا ومنهيًا عنه.

الوجه الثاني: أن كون الإنسان مثل البهائم مذموم، قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءاذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَٱلأنْعَـٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُونَ} [الأعراف:179].

الوجه الثالث: أن الله سبحانه إنما شبه الإنسان بالكلب والحمار ونحوهما في معرض الذم له، كقوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذٰلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاء مَثَلاً ٱلْقَوْمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ} [الأعراف:176، 177] وقال تعالى: {مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} الآية [الجمعة:5]، وإذا كان التشبه بها إنما كان على وجه الذم من غير أن يقصد المذموم التشبه بها فالقاصد أن يتشبه بها أولى أن يكون مذمومًا، لكن إن كان تشبه بها في عين ما ذمه الشارع صار مذمومًا من وجهين، وإن كان فيما لم يذمه بعينه صار مذمومًا من جهة التشبه المستلزم للوقوع في المذموم بعينه.

يؤيد هذا الوجه الرابع: وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ((العائد في هبته [كالكلب يعود] في قيئه، ليس لنا مثل السوء))[14]. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذا المثل إلا ليبين أن الإنسان إذا شابه الكلب كان مذمومًا، وإن لم يكن الكلب مذمومًا في ذلك من جهة التكليف، ولهذا ليس لنا مثل السوء، والله سبحانه قد بين بقوله: {سَاء مَثَلاً} أن التمثيل بالكلب مثل سوء، والمؤمن منزه عن مثل السوء، فإذا كان له مثل سوء من الكلب كان مذمومًا بقدر ذلك المثل السوء.

الوجه الخامس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب))[15]، وقال: ((إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا))[16].

فدل ذلك على أن أصواتها مقارنة للشياطين، وأنها منفرة للملائكة، ومعلوم أن المشابهة للشيء لا بد أن يتناوله من أحكامه بقدر المشابهة، فإذا نبح نباحها كان في ذلك من مقارنة الشياطين وتنفير الملائكة بحسبه.

وما يستدعي الشياطين وينفر الملائكة لا يباح إلا لضرورة، ولهذا لم يبح اقتناء الكلب إلا لضرورة، لجلب منفعة كالصيد، أو دفع مضرة عن الماشية والحرث، حتى قال صلى الله عليه وسلم: ((من اقتنى كلبًا إلا كلب ماشية أو حرث أو صيد نقص من عمله كل يوم قيراط))[17].

وبالجملة: فالتشبه بالشيء يقتضي من الحمد والذم بحسب الشبه، لكن كون المتشبَّه به غير مكلف لا ينفي التكليف عن المتشبِّه، كما لو تشبه بالأطفال والمجانين والله سبحانه أعلم.

الوجه السادس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال[18]، وذلك لأن الله خلق كل نوع من الحيوان، وجعل صلاحه وكماله في أمر مشترك بينه وبين غيره، وبين أمر مختص به.

فأما الأمور المشتركة فليست من خصائص أحد النوعين، ولهذا لم يكن من مواقع النهي، وإنما مواقع النهي الأمور المختصة، فإذا كانت الأمور التي هي من خصائص النساء ليس للرجال التشبه بهن فيها، والأمور التي هي من خصائص الرجال ليس للنساء التشبه بهم فيها؛ فالأمور التي هي من خصائص البهائم لا يجوز للآدمي التشبه بالبهائم فيها بطريق الأولى والأحرى، وذلك لأن الإنسان بينه وبين الحيوان قدر جامع مشترك وقدر فارق مختصّ, ثم الأمر المشترك كالأكل والشرب والنكاح والأصوات والحركات لما اقترنت بالوصف المختص كان للإنسان فيها أحكام تخصه، ليس له أن يتشبه بما يفعله الحيوان فيها، فالأمور المختصة به أولى، مع أنه في الحقيقة لا مشترك بينه وبينها، ولكن فيه أوصاف تشبه أوصافها من بعض الوجوه، والقدر المشترك إنما وجوده في الذهن لا في الخارج.

وإذا كان كذلك فالله تعالى قد جعل الإنسان مخالفًا بالحقيقة للحيوان، وجعل كماله وصلاحه في الأمور التي تناسبه، وهي جميعها لا يماثل فيها الحيوان، فإذا تعمّد مماثلة الحيوان وتغيير خلق الله فقد دخل في فساد الفطرة والشرعة، وذلك محرم، والله أعلم"[19].



--------------------------------------------------------------------------------

[1] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء, باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (3456)، ومسلم في العلم, باب: اتباع سنن اليهود والنصارى (2669).

[2] أخرجه مسلم في الأشربة, باب: آداب الطعام والشراب (2020).

[3] اقتضاء الصراط المستقيم (1/407).

[4] أسنده عبد الله بن أحمد في كتاب السنة (1/137).

[5] نقلاً عن الموسوعة الفقهية (12/11).

[6] انظر: الكبائر للذهبي (ص108).

[7] أخرجه البخاري في اللباس, باب: إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت (5886).

[8] فتح الباري (10/345).

[9] الخفَر بفتحتين: شدة الحياء.

[10] مجموع الفتاوى (22/146-154) باختصار.

[11] أخرجه البخاري في الأذان, باب: لا يفترش ذراعيه في السجود (822)، ومسلم في الصلاة, باب: الاعتدال في السجود (493).

[12] أخرجه أحمد (3/428)، وأبو داود في الصلاة (862)، والنسائي في التطبيق (1112)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1429)، وصححه ابن خزيمة (662، 1319)، وابن حبان (2277)، والحاكم (833)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1168).

[13] أخرجه مسلم في الصلاة, باب: الأمر بالسكون في الصلاة (431).

[14] أخرجه البخاري في الحيل, باب: في الهبة والشفعة (6975) واللفظ له، ومسلم في الهبات (1622) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

[15] أخرجه البخاري في بدء الخلق (3225)، ومسلم في اللباس والزينة (2106) عن أبي طلحة رضي الله عنه.

[16] أخرجه البخاري في بدء الخلق, باب: خير مال المسلم غنم... (3303), ومسلم في الذكر والدعاء، باب: استحباب الدعاء عند صياح الديك (2729) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[17] أخرجه البخاري في المزارعة, باب: اقتناء الكلب للحرث (2322), ومسلم في المساقاة, باب: الأمر بقتل الكلاب ونسخه (1575) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[18] أخرجه البخاري في اللباس, باب: المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال (5885) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

[19] مجموع الفتاوى (32/256-260).
اضافة رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29/02/2004, 06:30 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الفحص الطبي للعريسين لماذا.. وكيف؟

دعا مؤلف الزواج المثالي إلى ضرورة الكشف الطبي لكل شاب وشابة مقبلين على الزواج، حتى أصبح الفحص الطبي من شروط عقد الزواج.
أهداف الفحص الطبي:
1 ـ معرفة قدرة الرجل والمرأة بدنيا على إتمام الزواج.
2 ـ كشف ما في أحدهما من عقم (عجز عن الإخصاب).
3 ـ كشف عجز الرجل الجنسي (البدني أو النفسي) عن الملامسة.
4 ـ كشف فتور المرأة الحسي (البرود النسوي)، وما في جهازها التناسلي من نقص (كأن تكون محرومة من الرحم).
5 ـ الأمراض التناسلية التي تنتقل من أحدهما للآخر بعد إتمام الزواج.
6 ـ الأمراض الوراثية (وأخطرها السكر، وتخلف العقل والهيموفليا)، وهي تلازم الأولاد طوال حياتهم، ويتعذب بها الوالدان كلما شاهدا آثارها في ذريتهما العزيزة.
7 ـ أمراض تؤثر في الحمل والولادة والذرية (الأطفال)، مثل عامل الريسوس Rh ، ومرض القطط والكلاب Toxoplasmosis. والواجب أن يثقف الطبيب الزوجين تثقيفاً صحياً لضمان التوافق النفسي بينهما، وتخليصهما من آثار الكبت والجهل بالأمور الجنسية والحسية.
تحاليل المعمل (للرجل):
1 ـ فحص البول والبراز وصورة الدم الكاملة وسرعة الترسيب، وهذه الاختبارات تظهر نصف أمراض الانسان (تقريباً).
2 ـ تحليل المني عند الرجل، بعد ما فيه من خلايا المني، التي يجب ألا تقل عن مائة مليون في كل سنتيمتر مكعب (100مليون/ سم3).
وإذا قلت عن 30 مليون/ سم3، فتدل قلتها على عيب في الهرمونات، يجب علاجه قبل إتمام الزواج.
وتتأثر خلايا المني (عدداً وشكلاً ونوعاً) بثلاثة هرمونات تأتي من الغدة النخامية Petuitary ، وهرمون رابع من الخصية. ولذلك تحدد نسبة الهرمونات.
3 ـ فحص البرستاتة، بتحليل السائل المعصور من البرستاتة، لعلاج ما فيه من أمراض قبل الزواج.
وإذا تم الزواج قبل علاج البرستاتة، ينقل الرجل إلى امرأته ما عنده من أمراض في البرستاتة.
4 ـ مرض السكر، هو أخطر الأمراض الوراثية. ولا يصح أن يتزوج مريض السكر امرأة مريضة بالسكر، لأن طفلهما سيكون أكثر تعرضاً للإصابة بهذا المرض الوراثي الخطير. وتظهر الأمراض الوراثية في الأطفال المولدين حسب نسب حسابية معروفة محددة ثابتة (يدرسها طلبة المدارس الثانوية في الوراثة).
ومن الخطأ أن يطلب إنسان الاكتفاء بتحليل نسبة السكر عنده صائماً (السكر صائماً)، بل يجب تحديد نسبة السكر بعد الأكل بساعتين، فالاختبار الثاني (بعد تناول السكر أو الطعام) هو الأم في كشف مرض السكر وتحديد نسبته.
5 ـ فحص الكبد والكلى والقلب قبل الزواج، لعلاج أمراضها.
6 ـ اختبار الزهري (فاسرمان)، لعلاجه إن كان المرض موجوداً.
7 ـ تحديد نوع عامل الريسوس Rh ، لتجنب عواقبه في الأطفال المولودين بعد أول طفل.
تحاليل المرأة:
1 ـ تختبر المرأة في المعمل الاختبارات العامة (الزهري والبول والبراز وصورة الدم الكاملة وسرعة الترسيب). وتحديد نسبة الهرمونات.
2 ـ واختبار عامل الريسوس Rh في الدم هو أهم اختبار للمرأة، لأنه يؤثر في الحمل، وفي حياة أولادها.
وإذا كانت المرأة سلبية (Rh-) كان حملها الأول طبيعياً عادياً سوياً. ولكن يجب عليها (إن كانت سلبية) أن تحقن بالدواء المضاد Anti-D في أول وضع، حتى لا تحدث عندها مضاعفات Rh-Ve.
وإذا لم تحقن المرأة السلبية هذه الحقنة Anti-D في الوقت المحدد (خلال 48 ساعة من الولادة)، فسوف يحدث عندها إجهاض متكرر بعد أول حمل. ولن ينفعها علاج.
ولكن حين تحقن المرأة السلبية (سلبية Rh) بهذه الحقنة في وقتها المحدد، تحفظ الأطفال القادمين التالين (الأطفال الثاني والثالث والرابع والخامس... إلخ) من حدوث تكسر كرات الدم الحمر مما يتلف خلايا مخ الطفل.
3 ـ ومن الاختبارات الخاصة بالمرأة اختبار توكسوبالزموزس الخاص بمرض القطط والكلاب. وتصاب المرة بالإجهاض إذا أصابها هذا المرض.
4 ـ وقد يعمل اختبار بالموجات الصوتية للرحم والمبيض وقناتي البيض.
اضافة رد مع اقتباس
  #11  
قديم 01/03/2004, 10:10 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
التربية التلفازية بين الإيجابيات والسلبيات (د/ خالد سعد النجار)

قضيةأجيالالمستقبلأمانةعظيمةفيأعناقنا، فتوفير حياة مثلى لأبناء الغد مسئولية جسيمة تقع على عاتق رجال اليوم لذلك كانت النظرة في التخطيط إلى موضع الأقدام أكبر خطأ في تاريخ الأمم والذي لا يعالج إلا بالنظر إلى أفق المستقبل الرحب والتخطيط لحل مشاكل اليوم والغد معا ككيان واحد لا يتجزأ. وفي عالمنا الإسلامي والعربي تكمن الخطورة في هذا الانهماك الرهيب في قضايا التنمية المعاصرة وتسرب السلبية تجاه مشاكل الأجيال القادمة بخاصة في مسألة التربية والبيئة حيث تتواضع الجهود المبذولة مما يمهد الطريق لنمو بذور الندم بسبب تصرفات الآباء والتي لن يحصد ثمارها إلا الأبناء.

موضوع التربية ساحة مترامية الأطراف يصعب استقصاء أبعادها في هذه العجالة لذلك كان العزاء الوحيد في مناقشتها هو تسليط الضوء على أبرز ملامحها في العصر الحديث والتي تتمثل في التلفاز وأثره الهام في تربية الأطفال.
فلقد أحكم التلفاز قبضته على الأسرة واحتل صدر المجالس في الدور بلا منازع ولا منافس وتربع فيها بشموخ منقطع النظير ، وتشير أحدث الإحصاءات أنه فيما بين 600-700 ساعة على الأقل من عمر الإنسان تضيع سنويا في مشاهدة التلفاز ، ويشكل الأطفال الذين لم يبلغوا سن الدخول إلى المدرسة أوسع شريحة من مشاهدي التلفاز حيث تبلغ ساعات مشاهدتهم حوالي 22.9ساعة في المتوسط أسبوعيا بينما يمضى أطفال المجموعة العمرية من 6-11سنة حوالي 20.4ساعة مشاهدة أسبوعيا ، بل إن دراسات مسحية أخرى بينت أن هناك أوقات مشاهدة أطول تصل إلى 54ساعة أسبوعيا لمشاهدين لم يصلوا إلى السن المدرسية بعد.

والحقيقة التي لابد أن لا نتغافلها أن للتلفاز آثار إيجابية هامة تتمثل في تدعيم ثقافة المشاهد بما يقدمه من مواد إخبارية وثقافية عن تاريخ وحضارة الأمم والشعوب مما يجعل المشاهد في تجوال دائم بين أرجاء المعمورة وعلى إلمام شبه كامل بالأحداث المحلية والعالمية هذا بالإضافة إلى البرامج الدينية والعلمية والجهود التعليمية و الإرشادية.
إلا أن هذه الإيجابيات تكاد تشغل حيزا متواضعا في الخريطة الإعلامية اليومية أما النصيب الأعظم فللعديد من البرامج الترفيهية من أغاني ومسلسلات وأفلام ومباريات رياضية وغيرها من المنوعات التي تتعارض في بعض الأحيان مع قيمنا وعاداتنا وديننا ، هذا إذا نفينا أن بعضها يكتب وينتج للنيل من ثقافتنا وهويتنا مما يشكل خطرا على الصغير قبل الكبير الأمر الذي جعل أحد المحللين يصف التلفاز بأنه ( السم اللذيذ )

وتتمثل الآثار السلبية للتلفاز على النشء الإسلامي والعربي في اتجاهين أساسيين:
الاتجاه الأول : يتعلق بمادة البرامج ودورها في نشر بعض المفاهيم التي تصطدم مع العقيدة الإسلامية الصحيحة والأسس الاجتماعية والأخلاقية لمجتمعاتنا العربية .
أما الاتجاه الثانى : فيتعلق بالتأثير السيئ الذي تحدثه ساعات المشاهدة الطويلة في التكوين النفسي والسلوكي للمشاهد.

• الاتجاه الأول يشمل الجانب العقائدي والأخلاقي والاجتماعي في حياتنا.
( ففي الجانب العقائدي ) نجد أن بعض الأفلام تفسر الكون تفسيرا وثنيا فتارة تتحدث عن العقل المركزي ، وتارة تصور الكون على أنه مخلوق بقوة شريرة وأخرى خيرة يتصارعان ، كما نجد في بعضها الإيحاء بقدرة بعض الخلق على مضاهاة الله في الخلق والإحياء والإماتة مثل بعض المشاهد المتضمنة لإحياء ميت باستخدام عصا سحرية ، فضلا عن نشر بعض المشاهد المحتوية على الدجل والخرافة والشعوذة والسحر والكهانة المنافية للتوحيد حتى وصل الأمر أن وجد أحد الآباء ابنه يسجد لدمية أطفال لكي تحقق له ما يريد .
( أما في الجانب الاجتماعي والأخلاقي ) فلقد أدى الإسراف في عرض الأفلام الغربية ومن سار على نهجها من أفلامنا المحلية إلى تسرب كثير من المفاهيم الاجتماعية والأخلاقية الخاطئة إلى المجتمع الإسلامي ، كشرب الخمر والمخدرات ، وعقوق الآباء ، والحرية الشخصية دون قيد ولا شرط ، وحب الذات ، والتفكك الأسرى والاختلاط المريب بين الرجال والنساء ، والحب بين الشباب ، وذهاب الغيرة المحمودة من استمرار النظر إلى مشاهد الاختلاط ، وكشف الزوجة على الأجانب ، وسفور النساء والتأثر بالفهم الخاطئ لتحرير المرأة ، هذا فضلا عن تغير المعايير عن القدوة حتى صارت تطلعات بعض الشباب ومنتهى آمالهم أن يكون ( كمارادونا ) أو ( مايكل جاكسون ).
كما لعبت أفلام العنف بعقول الصغار مما أدى إلى ظهور بعض التصرفات العدوانية والشاذة بينهم ووصلت الخيالية والمحاكاة بطفل إلى أن ألقى بنفسه من نافذة أحد الأدوار العلوية بعمارة بالقاهرة محاكيا لشخصية ( فرافيرو ) في الطيران.

• الاتجاه الثاني يشمل التأثير السلبي لساعات المشاهدة الطويلة
أما عن التأثير السلبي الذي يحدثه التلفاز في التكوين النفسي والسلوكي للمشاهد فتعتبر هذه الظاهرة أكثر وضوحا في الأطفال الذين مازالوا في مرحلة التكوين الذاتي والتي تتأثر تأثيرا بالغا بالمؤثرات البيئية المحيطة.
• فقشرة المخ Cerebral Cortex - ذلك الجزء من المخ المسئول عن أشكال التفكير العليا التي تميز الإنسان عن الحيوان – تنقسم إلى نصفين أيمن وأيسر وفي الإنسان البالغ يدير النصف الأيسر معظم أنشطة الدماغ اللفظية والمنطقية ويدير النصف الأيمن الأنشطة المكانية والبصرية والوجدانية ، أما في الأطفال فلا يولد الطفل بدماغ كامل النضج يقوم فيه كل من نصفي الدماغ بوظيفة متميزة ومتخصصة ، لكن من الواضح أن شكلا غير لفظي من العمل العقلي يسبق اللفظي في التطور الباكر للأطفال لأنهم لابد وأن يستخدموا شكلا ما من التفكير غير اللفظي في حياتهم اليومية يواصلون به تشرب الخبرات والمهارات حتى تأتى مرحلة اكتساب اللغة ومع نمو اللغة يبدأ شقي الدماغ في التخصص الوظيفي ويشرع التفكير اللفظي في أداء دورا متزايد الأهمية في تطور الأطفال المعرفي ويتراجع التفكير غير اللفظي عن القيام بوظيفته كمصدر أساسي ووحيد للتعلم إلى أن يحدث نوع من التوازن ويستمر كل نوع من التفكير في العمل ولكن تحت رعاية نصف مختلف من الدماغ
وتكمن خطورة طول فترات المشاهدة التلفازية في أنها لا تساعد الطفل على السير في النضوج الطبيعي والخروج من مرحلة التفكير غير اللفظي إلى مرحلة التفكير اللفظي والنمو اللغوي لديه لأن عملية المشاهدة تجربة غير لفظية بصرية لا تقوم بدور ملموس في نمو اللغة عند الطفل كما أنها تصرف الطفل عن مشاركة لغوية متبادلة مع الأفراد المحيطين ومن هنا يفقد الطفل مصدرا هاما للتنبيه اللفظي الذي يساعده في تنمية المراكز اللفظية في قشرة المخ لذلك كانت العلاقة بين مشاهدة التلفاز والنمو اللغوي عند الأطفال علاقة عكسية ، وفي أحدث الدراسات أظهر الأطفال الذين شاهدوا التلفاز بكثرة مستويات لغوية متدنية حيث فقدوا الساحة الأساسية لنمو اللغة عن طريق الحديث الواقعي والإصغاء ، وإذا كانت المشاهدة التلفازية حقا تتضمن نوعا من النشاط العقلي غير التجارب الواقعية فقد ثبت أن هذا النشاط ينبه الجزء الأيمن من قشرة المخ للطفل وليس الجزء الأيسر فيشب طفل التلفاز من الطفولة ولديه من مهارات نصف الدماغ الأيسر (أي المهارات اللفظية والنطقية) ما هو أقل نموا من المهارات البصرية والمكانية.

• كما امتدت الآثار السلبية للمشاهدة التلفازية إلى عملية القراءة وتطورها عند الأطفال فمما هو معروف أن عملية القراءة ما هي إلا عملية ذهنية بحتة يقوم فيها المخ بتحويل تلك الكلمات المجردة التي نقرئها إلى فكرة عن شيء حقيقي وتنطبع في الذهن صورة هذا الشيء فعندما نقرأ كلمة ( قطة ) تنطبع في الذهن صورة قطة في عملية ذهنية تمضى في سرعة ورفق واستمرارية بينما نحن نقرأ ، والاختلاف الكبير بين هذه الصورة المقروءة والصورة التي نتلقاها عبر التلفاز يتمثل في أننا نخلق صورنا الخاصة حين نقرأ بالاستناد إلى تجارب حياتنا وبما يعكس حاجاتنا الفردية وهذا بالطبع يستلزم مجهودا ذهنيا وتركيزا بينما يجب علينا أن نقبل ما نستقبله حين نشاهد الصورة التلفازية دون بذل أي مجهود ذهني أو تركيز لذلك يقول برونو بتلهايم Bruno Bettelheim : التلفاز يأسر الخيال لكنه لا يحرره أما الكتاب الجيد فإنه ينبه الذهن ويحرره في الوقت ذاته .
ومن هنا كانت التجربة التلفازية إلى جانب أنها تقلل حاجة الأطفال إلى القراءة عن طريق شغل أوقاتهم تؤثر بصورة بعيدة الأثر في الطرائق العملية التي يقرأ بها الأطفال ( أسلوب القراءة ) والتي تتسم بالسطحية المفرطة بالإضافة إلى قلة الانتباه أثناء القراءة وعدم بذل القدر الكافي من التركيز كما أن الصبر المتطلب لعلمية القراءة يمكن أن ينفد بسرعة .
ولذلك فليس بمستغرب أن نجد انتشار ظاهرة تراجع المستوى الدراسي لأطفال التلفاز فضلا عن تدنى قدراتهم العقلية والخبرات الخاصة نتيجة حرمانهم من ممارسة القراءة وترصد [ مارى وين ] هذه الظاهرة فتقول : إن المشاهد في التجربة التلفازية تقوده مقتضيات وسيلة آلية وهو عاجز عن استخدام أرفع قدراته العقلية تطورا أو تلبية حاجاته الانفعالية الفردية ، إنه يتسلى حين يشاهد التلفاز لكن مشاركته السلبية تتركه كما هو دون تغيير من حيث المعنى الإنساني ذلك أن المشاهدة التلفازية توفر للمرء اللهو والتسلية بينما القراءة تتيح له النمو وتدعمه.
ولذلك لاحظ الباحثين وجود علاقة بين طول ساعات المشاهدة التلفازية وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي حيث أثبتت أربع دراسات حديثة قام بها المعهد القومي للصحة العقلية MIMH في الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك ارتباطات سلبية قوية بين المشاهدة التلفازية والتحصيل الدراسي.

• والمشاهدة التلفازية الطويلة تسببت أيضا في انخفاض مستوى مهارة القراءة المتقدمة لدى الطلاب فبعد أن خضعت مجموعة من التلاميذ لقياس NAEP أظهرت النتائج تراجعا خطيرا خلال السنوات الماضية في هذا النوع من المهارات .
ومهارة القراءة المتقدمة ( أي ذات المستوى العالي ) يطلق عليها التفكير الاستدلالي inferential reasoning وهى نوع من القراءة المعروفة غير أنها تحتاج إلى بذل تركيز أكبر لاستخلاص استنتاجات وتكوين أحكام وتفسيرات وخلق أفكار جديدة من خلال ما يقرأه المرء ، وهو العامل الحاسم الذي يشكل أساس القراءة الهادفة في شتى المجالات العلمية ومن غير هذا النوع من المهارة تصبح القراءة ممارسة سطحية ، ويرجع السبب في انخفاض تلك المهارة إلى الانتباه المسترخي غير المركز ( السلبية العقلية ) المصاحب للمشاهدة التلفازية الذي يعوق نمو قدرة الأطفال على تفسير المادة اللفظية بطريقة ذات معنى مما يجعل عملية القراءة والتحصيل شاقة جدا وفي ذلك يقول واحد من أبرع كتاب أمريكا إ. ب. وايت E.B. White : لست أعرف حقا ماذا يمكننا أن نفعل من أجل القراءة فيما عدا إلقاء جميع أجهزة التلفاز بعيدا .

• ومن أبرز الآثار السلبية للمشاهدة التلفازية في التكوين النفسي والسلوكي للأطفال هي حرمان الطفل من فترات اللعب حيث تجور ساعات المشاهدة على وقت لعب الأطفال الذي هو الشغل الشاغل للطفولة والذي يعتبر أهم أداة لنقل الكثير من المعارف والوسيلة التي يستطيع بها أن يمارس ويطور سلوكيات ضرورية لنجاحه ككائن اجتماعي ، ففي أثناء اللعب يكافح الطفل ليتغلب على المشكلات والمصاعب التي تواجهه ضمن محيطة ، لقد كان يظن أنه يمتلك القدرة على التحكم بمحيطه لكنه يتعلم سريعا أن عددا كثيرا من الأشياء لا يمكن تحريكها ( كالأشجار ) ويتعلم أيضا أن بعض الأعمال محظورة ( كإيذاء الحيوانات ) وأن بعض الأشياء تسبب الألم ( كلمس الموقد ).
كما أن اللعب له دورا هاما في نمو الطفل الانفعالي فهو يتعلم مع الوقت كيف يسيطر على سلوكه المتهور العدواني النزاع إلى الاستبداد عندما تسبب هجماته بكاء زملائه في اللعب أو تراجعهم أو تصديهم له ومهاجمته.
لذلك أدى غياب اللعب نتيجة طول فترات الجلوس أمام التلفاز إلى نكسة في نمو قدرات الأطفال وأصبح طفل التلفاز يتميز بسلبية متزايدة وقدرة أقل على تحمل الإحباطات الصغيرة وتدن في المثابرة فلا يتحمل الانهماك في عمل يبدو على شيء من الصعوبة في البداية بل إنه في حاجة دائمة إلى الإثارة والتشويق فنجده يحجم عن تحمل البداية البطيئة على أمل الفوز بمكاسب لاحقة ويرصد أحد المربين هذه الظاهرة بقوله : لقد حدثت نقلة من الأطفال النشطاء المندفعين الذين كانوا جد راغبين في فهم الأشياء والشروع في العمل إلى أطفال أكثر حذرا وسلبية ذوى اتجاهات تفتقر إلى التسلية والتوجيه إنهم حتى لا يريدون التقدم واكتشاف الأمور بأنفسهم . ويقول برونو بتليهايم : إن الأطفال الذين تم تعليمهم أو تكيفهم على الإصغاء في سلبية طوال غالبية ساعات اليوم إلى الرسائل الودية الشفهية التي تصلهم من شاشة التلفاز وإلى الجاذبية العاطفية العميقة لما يسمى بالشخصية التلفازية غالبا ما يعجزون عن الاستجابة للأشخاص الحقيقيين لأنهم يثيرون شعورا أقل بكثير من الممثل الماهر والأسوأ من ذلك أنهم يفقدون القدرة على التعلم من الواقع لأن خبرات الحياة أكثر تعقيدا من تلك التي يرونها على الشاشة .

إننا في حاجة ملحة لأن نقف وقفة حاسمة تجاه التلفاز نحدد فيها ما يمكن أن نشاهده والقدر من الوقت الذي نستغرقه فإذا فشلنا في هذه الوقفة فعلينا أن نختار بين التلفاز أو أطفالنا .

المصادر
• الأطفال والإدمان التليفزيوني ماري وين / سلسلة عالم المعرفة الكويتية عدد 247
• أخطار تهدد البيوت محمد صالح المنجد
• خطورة التليفزيون سعيد عبد العظيم
• التلفاز وآثاره السلبية عبدو محمد
اضافة رد مع اقتباس
  #12  
قديم 02/03/2004, 09:49 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الفقه النبويّ العظيم في

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا))[1].

قال ابن حجر رحمه الله: "وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف"[2].

وقال الغزالي رحمه الله: "فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهمل علمُه وعملُه لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد، وقد كان الذي خفنا أن يكون، فإنا لله وإنا إليه راجعون"[3].

وقال النووي رحمه الله: "واعلم أن هذا الباب قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عمّ العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم، لا سيما وقد ذهب معظمه، ويخلص نيته، ولا يهابنّ من ينكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال: {وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} [الحج:40]"[4].

وقال ابن باز رحمه الله: "موضوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر موضوع عظيم، جدير بالعناية؛ لأن في تحقيقه مصلحة الأمة ونجاتها، وفي إهماله الخطر العظيم والفساد الكبير واختفاء الفضائل وظهور الرذائل"[5].


--------------------------------------------------------------------------------

[1] أخرجه البخاري في الشركة، باب: هل يقرع في القسمة والاستهام فيه (2493).

[2] فتح الباري (5/296).

[3] إحياء علوم الدين (2/306).

[4] شرح صحيح مسلم (2/24).

[5] مجلة البحوث الإسلامية (28/7). منقول
اضافة رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02/03/2004, 10:49 AM
عضو غير عادي
تاريخ التسجيل: 14/03/2002
المكان: الـريـــــــــــاض
مشاركات: 10,107
الـحـاتـمــي ..


مــر مـــن هـــنــا ...


ويـقـول : جزاك الله خير ..
اضافة رد مع اقتباس
  #14  
قديم 02/03/2004, 11:02 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
شكرا اخوي الحاتمي على مرورك علينا

أحكام التشبه بالكفار:

قال ابن عثيمين: "الذي يفعله أعداء الله وأعداؤنا وهم الكفار ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: عبادات، القسم الثاني: عادات، القسم الثالث: صناعات وأعمال.

أما العبادات فمن المعلوم أنه لا يجوز لأي مسلم أن يتشبه بهم في عباداتهم, ومن تشبه بهم في عباداتهم فإنه على خطر عظيم, فقد يكون ذلك مؤديًا إلى كفره وخروجه من الإسلام.

وأما العادات كاللباس وغيره فإنه يحرم أن يتشبه بهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تشبّه بقوم فهو منهم))[1].

وأما الصناعات والحرف التي فيها مصالح عامة فلا حرج أن نتعلم مما صنعوه ونستفيد منه، وليس هذا من باب التشبه، ولكنه من باب المشاركة في الأعمال النافعة التي لا يُعدّ من قام بها متشبهًا بهم"[2].

"إن أحكام التشبه على جهة التفصيل لا يمكن استقراؤها، لأن كل حالة من أحوال التشبه لها حكم يعرض على النصوص وعلى قواعد الشرع من قِبَل أهل العلم والفقه في الدين, ولكن هناك بعض الأحكام العامة التي تنتظم جميع أنواع التشبه في الجملة، لا على جهة التفصيل، على النحو التالي:

أولاً: من أنواع التشبه بالكافرين ما هو شرك أو كفر، كالتشبه في العقائد، والتشبه في بعض العبادات، وكالتشبه باليهود والنصارى والمجوس في الأمور المخلة بالتوحيد والعقيدة، كالتعطيل والإلحاد والحلول, وتقديس الأشخاص من الأنبياء والصالحين وعبادتهم ودعائهم من دون الله، وكتحكيم الشرائع والنظم البشرية، كل ذلك إما شرك وإما كفر.

ثانيًا: من التشبه ما هو معصية وفسق، كتقليد الكفار في بعض العادات، كالأكل باليد الشمال، والشرب بها، والتختم بالذهب، والتحلي به للرجال، وحلق اللحى، وتشبه النساء بالرجال، وتشبه الرجال بالنساء، ونحو ذلك.

ثالثًا: ما هو مكروه، وهو ما تردد الحكم فيه بين الإباحة والتحريم، على سبيل عدم الوضوح في الحكم، أعني أنه قد تتردد بعض أنماط السلوك والعادات والأشياء الدنيوية بين الكراهة وبين الإباحة، فهذا دَفْعًا لوقوع المسلمين في التشبه، يبقى حكمه مكروهًا.

رابعًا: ما هو مباح، وهو ما ليس من خصائصهم من أمور الدنيا، أي: ليس فيه سمة تخصهم وتميزهم عن المسلمين الصالحين، وما لا يجر إلى مفسدة كبرى على المسلمين أو إلى منفعة للكفار تؤدي إلى الصغار للمسلمين، ونحو ذلك. ومن المباح: الإنتاج المادي البحت والعلوم الدنيوية البحتة"[3].



--------------------------------------------------------------------------------

[1] أخرجه أحمد (2/50)، وأبو داود في اللباس، باب: في لبس الشهرة (4031)، وعبد بن حميد (1/267)، والبيهقي في الشعب (2/75) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (25/331): "هذا حديث جيد"، وقال العراقي في تخريج الإحياء (1/342): "سنده صحيح"، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (10/271)، وصححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة (ص104).

[2] مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (3/40).

[3] رسالة (من تشبه بقوم فهو منهم) (ص 20-23).
اضافة رد مع اقتباس
  #15  
قديم 02/03/2004, 05:56 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
أحكام الحيض والإستحاضة والنفاس والإحداد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الحيض

هو دم يحدث للأنثى بمقتضى الطبيعة بدون سبب في أوقات معلومة.

1 - ليس للحيض سن معين فمتى رأت المرأة دم الحيض فهي حائض وإن كانت دون تسع سنين أو فوق خمسين سنة.

2 - لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره فكل ما رأته المرأة من دم طبيعي ليس له سبب من جرح ونحوه فهو دم حيض من غير تقدير بزمن إلا إذا كان مستمراً لا ينقطع أو ينقطع مدة يسيرة فيكون استحاضة.

3 - إذا رأت الحامل الدم فلها حالان:

الحالة الأولى: إن كان قبل الوضع بزمن يسير كاليومين ومعه طلق فهو نفاس.

الحالة الثانية: إن كان قبل الوضع بزمن يسير وليس معه طلق أو كان قبل الوضع بزمن كثير فليس بنفاس وإنما يكون حيضاً إن كان على الوجه المعتاد في حيضها فإن لم يكن على الوجه المعتاد في حيضها فهو دم فساد لا حكم له.

4 - يطرأ على الحيض خمسة طوارئ:

الحالة الأولى: زيادة أو نقص في مدة الحيض.

الحالة الثانية: تقدم أو تأخر في وقت مجيء الحيض، حكمهما أنها متى رأت الدم فهي حائض ومتى طهرت منه فهي طاهر سواء زادت عن عادتها أم نقصت وسواء تقدمت أو تأخرت.

الحالة الثالثة: صفرة أو كدرة وهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهو حيض تثبت له أحكام الحيض وإن كان بعد الطهر فليس بحيض إلا إذا كان في آخر الطهر ومعه مقدمات الحيض من وجع ونحوه فهو حيض.

الحالة الرابعة: تقطع في الحيض بحيث ترى يوم دم ويوم نقاء فهذا له حالان:

1) إن كان هذا مع المرأة دائماً كل وقتها فهذا دم استحاضة يثبت لمن تراه حكم المستحاضة.

2) ألا يكون مستمراً مع المرأة يأتيها بعض الوقت وهذا إن كان انقطاع الدم ينقص عن اليوم فليس بطهر إلا أن ترى ما يدل على أنه طهر مثل أن يكون انقطاعه في آخر العادة أو ترى القصة البيضاء.

الحالة الخامسة: جفاف الدم بحيث ترى المرأة مجرد رطوبة فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهذا حيض وإن كان بعد الطهر فليس بحيض.

5 - ينتهي الحيض بخروج القصة البيضاء وهو سائل أبيض يخرج في نهاية الحيض إلا إن كانت من عادتها ألا تخرج القصة البيضاء فتطهر عند جفاف الدم.

6 - إذا خرج من المرأة نقط قليلة جداً فلها حالان: إن كانت في زمن الحيض وهي تعتبره من الحيض الذي تعرفه فهو حيض وإن كانت في غير زمن الحيض ولا تعتبره من الحيض الذي تعرفه فليس بشيء لأنه من العروق.

7 - إذا كان ينزل من الحامل دم أثناء الحمل فلها حالان:

الحالة الأولى: إن كان يأتيها الدم مطرداً لم ينقطع عنها منذ حملت فهذا حيض.

الحالة الثانية: أن ينقطع عنها الدم ثم صارت بعد ذلك ترى دماً ليس هو الدم المعتاد فهذا ليس بحيض.


الاستحاضة

هي استمرار الدم على المرأة بحيث لا ينقطع عنها أبداً أو ينقطع عنها مدة يسيرة كاليومين أو الثلاثة.

1 - المستحاضة لها ثلاث أحوال:

الحالة الأولى: أن يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة فهذه ترجع إلى مدة حيضها المعلوم فتجلس فيه ويثبت لها أحكام الحيض وما عداها استحاضة.

الحالة الثانية: أن لا يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة بأن تكون الاستحاضة مستمرة معها من أول ما رأت الدم من أول أمرها فهذه تعمل بالتمييز فيكون حيضها ما تميز بسواد أو غلضة أو رائحة وما عداه استحاضة.

الحالة الثالثة: ألا يكون لها حيض معلوم ولا تمييز صالح بأن تكون الاستحاضة مستمرة من أول أمرها ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكن أن تكون حيضاً فهذه تعمل بعادة غالب النساء فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة من كل شهر تبتدئ من أول يوم رأت فيه الدم وما عداه استحاضة فإن نسيت أول يوم أتاها الحيض فيه فتبتدأ من أول الشهر الهلالي.

2 - يجب على المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وإذا أرادت الوضوء فتغسل أثر الدم وتعصب على فرجها خرقة على قطن ليستمسك الدم.

3 - السائل الأبيض الذي يخرج من الرحم لا من المثانة طاهر وحكمه أنه إن كان مستمراً فإنه لا ينقض الوضوء ولكن تتوضأ للصلاة إذا دخل وقتها وتصلي فروضاً ونوافل وإن كان ينقطع أحياناً ينقض الوضوء فتؤخر الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش خروج الوقت فإن خشيت خروج الوقت فإنها تتوضأ وتتحفظ وتصلي.


النفاس

هو دم يرخيه الرحم بسبب الولادة إما معها أو بعدها أو قبله بيومين أو ثلاثة مع الطلق.

1 - أكثر مدة النفاس ستون يوماً إذا كان مستمراً على وتيرة واحدة فلا تتجاوز المرأة الستون يوماً ولو وجدت الدم فتغتسل وتصلي إلا إن وافق عادتها فتبقى عادتها ثم تغتسل وتصلي فإن لم يوافق عادتها فدم فساد لا حكم له فتغسل أثره وتتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي.

2 - إذا طهرت النفساء ثم عاودها الدم بلونه ورائحته وكل أحواله ويمكن أن يكون نفاس فهو دم نفاس وإلا فهو حيض فإن استمر عليها فيكون استحاضة.

3 - إذا سقط الحمل بعد واحد وثمانون يوماً فيجب التثبت هل هو مخلق أو غير مخلق فإن كان مخلقاً فالدم دم نفاس والغالب أن ما تم له تسعون يوماً فهو مخلق وإذا سقط لأقل من ثمانين يوماً فلا نفاس والدم دم عرق لاحكم له فتكون مستحاضة تغسل أثر الدم وتتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها.

4 - لا يكره وطء النفساء إذا طهرت قبل الأربعين يوماً.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


بيان ما يلزم المحدة على زوجها من الأحكام

أولاً: تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة؛ كمراجعة المستشفى عند المرض، وشراء حاجتها من السوق كالخبز ونحوه إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك، إلى أن تضع حملها إن كانت حاملاً، أو تكمل أربعة أشهر وعشراً إن كانت غير حامل.

ثانياً: تجتنب الملابس الجميلة وتلبس ما سواها.

ثالثاً: تجتنب أنواع الطيب إلا إذا طهرت من حيضها أو نفاسها، فلا بأس أن تتبخر بالبخور أو بغيره من الطيب.

رابعاً: تجتنب الحلي من الذهب والفضة والألماس وغيرها من أنواع الحلي، سواء كان ذلك قلائد أو أسورة أو غير ذلك.

خامساً: تجتنب الحناء والكحل؛ لأن الرسول نهى المحدة عن هذه الأمور كلها.

ولها أن تغتسل بالماء والصابون والسدر متى شاءت.

ولها أن تكلم من شاءت من أقاربها وغيرهم.

ولها أن تجلس مع محارمها، وتقدم لهم القهوة والطعام ونحو ذلك.

ولها أن تعمل في بيتها وحديقة بيتها وأسطحة بيتها ليلاً ونهاراً في جميع أعمالها البيتية؛ كالطبخ والخياطة وكنس البيت وغسل الملابس وحلب البهائم، ونحو ذلك مما تفعله غير المحدة.

ولها المشي في القمر سافرة كغيرها من النساء.

ولها طرح الخمار على رأسها إذا لم يكن عندها غير محرم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.منقوله
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 10:48 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube