28/01/2004, 05:54 PM
|
| زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 05/07/2001 المكان: الرياض
مشاركات: 5,074
| |
|
قصة وفاة ....
[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]
استيقظت متأخراً من النوم على غير العادة نظراً لكوني في إجازة سمحت لي الاختبارات النهائية باستحقاقها ، الاتصالات التي لم يتم الرد عليها كثيرة و هذا من الأشياء التي من الممكن حدوثها و قد اعتدت عليها ، لكن الشيء الذي لم أعتد عليه هو أن تكون أكثر من نصف الأرقام تخص أخوالي ؟؟!!
في الحقيقة أن الاستغراب لم يدم كثيراً بل سرعان ما زال بمجرد أن فتحت باب الغرفة و استقبلتني أختي بقولها " جدي عبدالعزيز يطلبك الحل " بدلاً من قولها صباح الخير ؟! في الحقيقة أن قولها هذا لم يفسر مسألة الاتصالات فقط !؟ بل فسر أيضاً عدم ذهابها للمدرسة .
هنا و كأن الأفكار و الخواطر جيوش بكامل عدتها و عتادها قد أقبلت تريد اقتحام عقلي ، لم تتح لي فرصة تحديد الخبر هل هو محزن أم هو مفرح ؟! لقد عجزت تماماً حتى أني استعنت بالتعابير المرسومة على محيا أختي لعلها توصلني إلى ما عجزت عن الوصول له ، و بالفعل فقد أدت أختي الواجب على أكمل وجه و بلا أي تقصير بواسطة دموعها التي سالت على خديها و التي اعتدت دائماً على عدم السماح لها بأن تغادر عيني أختي بينما أجدني أسمح لها بكل احترام بل و كأنني أبارك نزولها ! في الحقيقة أنا مجرد عاجز في هذا الموقف و لا أدري هل ستقبل أختي أسفي ؟! و هل ما زلت عند وعدي لها بأن لا أسمح لدموعها بالنزول يوماً ؟!
تلاطمت الأفكار بشدة عجيبة ، و الضحية أنا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فجأة انزاحت جميع الأفكار !؟ بدا لي الآن أن رأسي قد تمت تصفيته و أصبح مستعداً لتقبل أي شيء بعد أن زال كل شيء !
نعم هي انزاحت ؟! و لكن لماذا انزاحت ؟! هل لأن كل ما سبق ليس إلا أكاذيب ؟! أم أن هناك خبراً جديداً مفاده أن الله أحيا جدي من جديد ؟!
لا ؟! ما خلا و صفى رأسي من أجله هو تفكيري و خواطري و أحاسيسي و مشاعري عندما ابتعدت و تخلت و نسفت كل شيء ثم غادرت إلى هنااااااااااااااااااك ؟!
إلى سيدتي ؟!
إلى أمي !!!!!!!!!!
نعم زال كل شيء من رأسي هروباً و خوفاً من التفكير في أمي ! الآن بدأ الجحيم و أصبحت الأسئلة التي تدور في رأسي الآن و كأنها تبكي رحمة بي ! لا لا ! إنها تضحك سخرية مني !
آه يا جدي لو تعلم كيف أحرجني وقت وفاتك مع ابنتك ؟!
لقد كانت بالأمس تقول لي عندما سألتها عنك و هي في مصلاها و بعد زيارتها لك " أبوي تعبان ! " ثم اتجهت نحو قبلتها و دعت الله أن يختار لك ما فيه خير لك ، لو كنت أعلم لما قلت لها بالأمس " يمه أبوي طيب بس أنت دايم تكبرين الموضوع و دايم متشائمة الله يهديك " ، الآن يا جدي أشعر بأنها امتنعت عن الرد علي بالأمس ليس لأنها لا تريد الرد علي ؟! بل لأنها تريد تأجيل الرد إلى اليوم فقط .
أريد أن أرى أمي !
كل شيء سأفعله لكن لا أريد أن أرى أمي ! إذاً سأحادثها هاتفياً !
لا الأفضل أن أبتعد لفترة ثم أعود و بعد أن ينتهي كل شيء !
إن استمرت هذه الأفكار فلن تتطلب المسألة إلا ساعات حتى يتم الحكم علي بالجنون !
هل تصدقون أن ما كل ما كتبته بالأعلى حصل خلال ثوان معدودة ؟!
بسرعة كبيرة كنت في السيارة متجهاً للمستشفى الذي مات فيه جدي ...
لا أحتاج لمن أسأله فقد مات أبي رحمه الله في نفس المستشفى .
مستشفى الملك فيصل التخصصي ...
المواقف بعيدة ! سأقف هنا رغماً عن لوحة ممنوع الوقوف !
اتجهت إلى المدخل ...
المدخل الرئيسي ...
الممر طويل .. الناس كثر .. الإزعاج شديد .. أنا ؟؟!!
أنا أتخيل أن كل الناس تخاطبني !
من يتوجع كأنه يتوجع لوفاة جدي ! و من يضحك كأنه يضحك علي لوفاة جدي ! و من يسرع كأنه يسابقني ! و من يبطئ كأنه يعطلني !
خطواتي سريعة .. نبضات قلبي أسرع .. لكن الممر أطول ..
خطواتي تريد الوصول بسرعة ! لكن أقسم لكم بالله أنني لا أريد الوصول بسرعة !
هل سبق لكم أن رأيتم من يسرع الخطى و هو لا يريد الوصول إلى المبتغى ؟! هذا هو أنا ...
الثــــــــــــــــــــــــــــــلاجة ...
هنا توقف كل شيء .. إلا نبض قلبي فإنه لم يتوقف مع كل ما توقف ؟!
فتحت الباب بهدوء و كأنني بهذا البطء الشديد سأمنع ما قد حدث ! أو سأعود بالزمن ! الحقيقة كل ما في الأمر أنني سأواجه الحدث ! و سأسجل مأساةً جديدة في سجل الزمن !
ثلاثة من أخوالي بجانب جثة جدي التي لم أرها بعد !
" السلام عليكم "
" و عليكم السلام "
" عظم الله أجركم "
" الله يغفر له و يرحمه "
حوار جامد لو كان المقصود به شخصاً مجهولاً في أحد المساجد التي يصلى فيها على الأموات بكثرة لتأثرت أكثر !
الآن هم يسحبون الجثة استعداداً لنقلها إلى مغسلة الأموات ..
الآن بدأت أستطيع رؤية جسد جدي شيئاً فشيئاً ..
لقد بدا لي وجهك يا جدي ! هل أنت ميت بالفعل يا جدي ؟! جدي أرجوك فقط قل نعم ! جدي أريد سماع صوتك فقط لآخر مرة ! جدي افتح عينيك فقط لمرة !
جدي بجانبي داخل السيارة ..
جدي الآن في مغسلة الأموات في جامع الأميرة حصة السديري ..
" من يرغب في السلام عليه أو الصلاة عليه فليأتي "
هذا ما قاله المغسل الشيخ القباع بالإضافة إلى ما بشرنا به و لله الحمد ..
سلمنا عليه ! صلينا عليه !
مرة أخرى أنا مع جدي في السيارة متجهين لبيت أكبر أخوالي كي يصلي عليه النساء !
النساء ؟؟!! إحدى هؤلاء النساء أمي !
أنزلنا جدي في المكان المحدد ، بعدها أنا شخصياً هربت !
بدأ العويل و البكاء فكبر خالي ليضع حداً لكل ما يحصل و حسب ما اتفقنا بأن يصلي بسرعة و بمجرد أن ينتهي نأخذ جدي بسرعة .
سلم خالي فاتجهت لجدي كي أحمله !
الطريق في الحقيقة لا يتعدى أربعة أمتار ! لا تسألوني لماذا بدا لي أربعة أميال ؟! هل لأنه يجب علي أن أمر في الطريق بامرأةٍ أدعوها أمي ؟! لا أدري ؟!
عيناي على ما سأحمله ! فجأة التفت يد على ذراعي ! لو كانت ليست يد أمي لأبعدتها و كأنني لا أكترث ! لكن هي يد أمي .......
" عظم الله أجرك يمه "
أتذكرون ما حصل بيني و بينها بالأمس ؟!
لقد قالت " ما قلت لك أبوي تعبان أمس و أنت تقول ما فيه شيء ؟! "
لماذا الإحراج يا أمي ؟! إن كان هناك منكم من أجابها فقد أجبتها ؟!
خلصت ذراعي بهدوء من يد أمي و اكملت طريقي ؟؟!!
ذهبنا به إلى مسجد الملك خالد فصلينا عليه بعد صلاة العصر ثم اتجهنا لمقبرة الدرعية فقبرناه فيها ، حصل كل هذا و أنا ألتفت بين اللحظة و أختها باحثاً عن أمي متخيلاً أنها هي مصدر العبارة التي ما زال صداها يرن في أذني !
إليكِ أنتِ
طلبتِ مني المشاركة بما كتبته في وفاة جدي رحمه الله ، و طلبت منكِ أن تعفيني من المشاركة بما كتبته عن أبي .
و الآن حققت طلبك فهلا حققت طلبي .
الأخوة الأعضاء ،،،
أعلم أن هذه المشاركة متواضعة و لا ترتقي إليكم ، و لكن كما تعلمون فإن المشاركة تم تعديل الكثير منها حتى تتناسب مع مكان نشرها ، لهذا أقول لكم آسف .[/ALIGN][/ALIGN] |
.. 
الوضع المتطور
