#1  
قديم 21/01/2004, 02:29 PM
عضو سابق باللجنه الإعلاميه
تاريخ التسجيل: 26/08/2001
المكان: السعودية "الــخــبـــر"
مشاركات: 13,852
فضل أيام عشر ذي الحجة

دروس عشر ذي الحجة
[1] فضل أيام عشر ذي الحجة



عبدالملك القاسم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فإن من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، وأمد في آجالهم فهم بين غاد للخير ورائح، ومن أعظم هذه المواسم وأجلها أيام عشر ذي الحجة.

أيها المسلمون :
إن أعمار هذه الأمة هي أقصر أعمارا من الأمم السابقة ، قال صلى الله عليه وسلم : " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين " [رواه الترمذي وابن ماجة].
ولكن الله بمنه وكرمه عوضها بأن جعل لها كثيرا من الأعمال الصالحة التي تبارك في العمر، فكأن من عملها رزق عمرا طويلا، ومن ذلك ليلة القدر التي قال الله فيها: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:3].
قال الرازي : " اعلم أن من أحياها فكأنما عبد الله نيفا وثمانين سنة ، ومن أحياها كل سنة فكأنما رزق أعمارا كثيرة ".
ومن الأوقات المباركة أيضاً هذه العشر التي ورد في فضلها آيات أحاديث منها قول الله تعالى : { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ } [الفجر:2،1].
قال ابن كثير رحمه الله : المراد بها عشر ذي الحجة.
وقال عز وجل: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } [الحج: 28]
قال ابن عباس : "أيام العشر".
وفي الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر" قالوا: ولا الجهاد؟ قال: " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" [رواه الطبراني في المعجم الكبير].
وكان سعيد بن جبير- رحمه الله - ( وهو الذي روى حديث ابن عباس السابق) : " إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه " [رواه الدارمي بإسناد حسن].
وروي عنه أنه قال : " لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر" كناية عن القراءة والقيام.
قال ابن حجر- رحمه الله - في الفتح : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة: لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يأتي ذلك في غيره ".
وقال ابن رجب - رحمه الله - في لطائف المعارف: " لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره ، وجعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين ".
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟
فأجاب: " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".
قال المحققون من أهل العلم : أيام عشر ذي الحجة أفضل الأيام، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل الليالي.

فبادر- أخي المسلم- إلى اغتنام الساعات والمحافظة على الأوقات فإنه ليس لما بقي من عمر! ثمن ، وتب إلى الله من تضييع الأوقات ، واعلم أن الحرص على العمل الصالح في هذه الأيام المباركة هو في الحقيقة مسارعة إلى الخير ودليل على التقوى قال تعالى : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج :32] وقال تعالى :{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ } [الحج: 37] .
اللهم وفقنا إلى عمل الطاعات والفوز بالجنات، اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

====================================================


3] ما يستحب فعله في هذه الأيام



عبدالملك القاسم


الحمد لله الكريم الرحمن، جزيل العطايا والإحسان، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فحريٌ بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة النصوح ذلك أنه ما حرم أحدا خيرا إلا بسبب ذنوبه، سواء كان خيرا دينيا أو دنيويا قال الله تعالى { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } [الشورى: 30] فالذنوب لها آثار خطيرة على القلوب، وكما أن السموم تضر الأبدان ولابد من إخراجها من الجسم، كذلك الذنوب تؤثر على القلوب تأثير بالغا ، منها أن المعاصي تزرع أمثالها وتجر أخواتها حتى يصعب على العبد مفارقتها والخروج منها فسارع- أخي المسلم- إلى التوبة النصوح، واستقبل هذه الأيام بالبعد عن المعاصي والذنوب، وأكثر من الاستغفار وذكر الله عز وجل فلا يعلم أحدنا متى يفجأه الموت ويرحل من هذه الدنيا.

ومن الأعمال التي لا تغيب عن العاملين المسارعين للجنات :
1- الإكثار من الأعمال الصالحة عموما لقوله صلى الله عليه وسلم " ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. ومن الأعمال الصالحة التي غفل عنها بعض الناس : قراءة القرآن وكثرة الصدقة، والإنفاق على المساكين، والأمر بالمعروف والنهـي عن المنكر وغيرها.
2- الصلاة: يستحب التبكير إلى الفرائض والمسارعة إلى الصف الأول، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات. عن ثوبان- رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة" [رواه مسلم] وهذا عام في كل وقت.
3- الصيام : لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر" رواه الإمام احمد و أبو داود والنسائي .
قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: "انه مستحب استحبابا شديدا ". "
وقال عليه الصلاة والسلام: " ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا" متفق عليه.
4- أداء الحج والعمرة لقوله صلى الله عليه وسلم : ".. والحج المبرور ليس له جزاء إلا
الجنة " رواه مسلم .
5- التكبير والتهليل والتحميد : لما ورد في حديث ابن عمر السابق. " فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"..
قال الإمام البخاري- رحمه الله-: " كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما"..
وقال أيضا: "وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل السوق حتى ترتج منى تكبيرا ".
وكان ابن عمر- رضي الله عنهما-: يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعا.
والمستحب: الجهر بالتكبير للرجال لفعل عمر وابنه وأبي هريرة. والنساء يكبرن ولكن تخفض الصوت، لما جاء في حديث عطية:"... حتى نخرج الحُيَّض فيكن خلف الناس ، فيكبرن بتكبيرهم ويدعنَّ بدعائهم.. " [رواه البخاري ومسلم].
فحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي هجرت في هذه الأيام ، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير لخلاف ما كان عليه السلف الصالح.
والتكبير نوعان مطلق ومقيد. جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء:..
" يشرع في عيد الأضحى التكبير المطلق، والمقيد، فالتكبير المطلق في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق. وأما التكبير المقيد فيكون في أدبار الصلوات المفروضة من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وقد دل على مشروعية ذلك الإجماع، وفعل الصحابة رضي الله عنهم ".
صيغة التكبير:
أ‌) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيراً .
ب‌) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
ج‌) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد

اللهم وفقنا إلى عمل الطاعات واجعلنا من عبادك المخلصين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


======================================================


عيد الأضحى



عبدالملك القاسم


الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات,والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فاحمد الله عز وجل – أخي المسلم – أن جعلك ممن يدرك هذا اليوم العظيم , ومد في عمرك لترى تتابع الأيام والشهور وتقدم لنفسك فيها الأعمال والأقوال والأفعال ما تقربك إلى الله زلفى .
والعيد من خصائص هذه الأمة , ومن أعلام الدين الظاهرة وهو من شعائر الإسلام , فعليك بالعناية به وتعظيمه قال تعالى :{ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }[الحج :32]
وإليك وقفات سريعة موجزة مع آداب وأحكام عيد الأضحى:
1- التكبير للصلاة : قال الله تعالى :{ فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] والعيد من أعظم الخيرات والقربات .
قال البخاري رحمه الله : باب التبكير إلى العيد , ثم ساق حديث البراء – رضي الله عنه – قال : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال : (( إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نُصلي ..))
قال الحافظ هو دال على أنه لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بشيء غير التأهب للصلاة والخروج إليها , ومن لازِمِهِ أن لا يُفعل قبلها شيء غيرها , فاقتضى ذلك التبكير إليها ) [فتح الباري2/350]
2- التكبير : يشرع التكبير من يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة , قال تعالى :{ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ }[البقرة :203].
وصفته أن تقول الله أكبر , الله أكبر ,لا إله إلا الله والله أكبر , الله أكبر ولله الحمد )
ويُسَّنُ جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره .
3- ذبح الأضحية : ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى , ومن لم يذبح فليذبح )[رواه البخاري ومسلم]
ووقت الذبح أربعة أيام ،يوم النحر وثلاثة أيام التشريق ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كل أيام التشريق ذبح )) [رواه أحمد ].
4- الاغتسال والتطيب للرجال : ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا مخيلة ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام – أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب , وأربأ بالمسلمة أن تذهب لطاعة الله والصلاة وهي متلبسة بمعصية الله من تبرج وسفور وتطيب أمام الرجال .
5- الأكل من الأضحية : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته .
6- الذهاب إلى مصلى العيد ماشياً إن تيسر : والسُنَّة الصلاة في مصلى العيد لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا إ ذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيصلي في المسجد .
7- الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة : والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيميه –رحمه الله -: أن صلاة العيد واجبة لقوله تعالى :{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }[الكوثر : 2] . ولا تسقط إلا بعذر شرعي . والنساء يشهدن العيد مع المسلمين , حتى الحيض والعواتق ويعتزل الحيض المصلى .
8- مخالفة الطريق : يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم .
9- التهنئة بالعيد : لا بأس مثل قول : تقبل الله منا ومنكم .
10- الاجتماع على الطعام : ومن السُنَّة اجتماع الناس على الطعام في العيد, قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( جَمْعُ الناس للطعام في العيدين وأيام التشريق سنة , وهو من شعائر الإسلام التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) [مجموع الفتاوى 25/298] .

واحذر – أخي المسلم – من الوقوع في بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس منها :
1- التكبير الجماعي : بصوت واحد ,أو الترديد خلف شخص يقول التكبير .
2- اللهو أيام العيد بالمحرمات : كسماع الغناء , ومشاهدة الأفلام , واختلاط الرجال بالنساء اللاتي لسن من المحارم وغير ذلك من المنكرات .
3- أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن تضحي لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
4- الإسراف والتبذير : بما لا طائل تحته ولا مصلحة فيه ولا فائدة منه سواء في الملبس أو المأكل والمشرب لقول الله تعالى :{ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأنعام :141].
5- اعتقاد البعض مشروعية إحياء ليلة العيد ويتناقلون أحاديث لا تصح .
6- تخصيص يوم العيد لزيارة المقابر والسلام على الأموات .

وختاماً : لا تنس – أخي المسلم – أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم , وزيارة الأقارب , وترك التباغض والحسد والكراهية , وتطهير القلب منها , والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم .
اللهم وفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا للبر والتقوى ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


=====================================================


فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها



يوسف بن عبدالله بن أحمد الأحمد


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد …
فضل عشر ذي الحجة :
روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر - قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) وروى ابن حبان رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الأيام يوم عرفة).

أنواع العمل في هذه العشر :
الأول : أداء الحج والعمرة ، وهو أفضل ما يعمل ، ويدل على فضله عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) وغيره من الأحاديث الصحيحة .
الثاني : صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها – وبالأخص يوم عرفة – ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه ، كما في الحديث القدسي : ( الصوم لي وأنا أجزي به ، انه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله ، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) متفق عليه . ( أي مسيرة سبعين عاماً ) ، وروى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده ) .
الثالث : التكبير والذكر في هذه الأيام . لقوله تعالى : ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) وقد فسرت بأنها أيام العشر ، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه : ( فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) وذكر البخاري رحمه الله عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم انهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر ، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم . وروى إسحاق رحمه الله عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم انهم كانوا يقولون في أيام العشر : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد . ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها ، لقوله تعالى : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) ولا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد ، حيث لم ينقل ذلك عن السلف وانما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده ، وهذا في جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم ، ويجوز الذكر بما تيسر من أنواع التكبير والتحميد والتسبيح ، وسائر الأدعية المشروعة .
الرابع : التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب ، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة ، فالمعاصي سبب البعد والطرد ، والطاعات أسباب القرب والود ، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ان الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) متفق عليه .
الخامس : كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فانها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام ، فالعمل فيها وان كان مفضولاً فأنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلاً حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده واهريق دمه .
السادس : يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة ، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة ، وللحجاج من ظهر يوم النحر ، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق .
السابع : تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق ، وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم ، ( وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما ) متفق عليه .
الثامن : روى مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) وفي رواية ( فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي ) ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي ، فقد قال الله تعالى : ( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) وهذا النهي ظاهره انه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه ، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر .
التاسع : على المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى ، وحضور الخطبة والاستفادة . وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد ، وانه يوم شكر وعمل بر ، فلا يجعله يوم أشر وبطر ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والملاهي والمسكرات ونحوها مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر .
العاشر : بعد ما مر بنا ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والابتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضا مولاه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

صدرت بأذن طبع رقم 1218/ 5 وتاريخ 1/ 11/ 1409 هـ
صادر عن إدارة المطبوعات بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
كتبها : الفقير إلى عفو ربه
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
عضو الإفتاء


====================================================


عشر ذي الحجة وأحكام الأضحية



يوسف بن عبدالله بن أحمد الأحمد


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد فقد ثبت في فضل أيام العشر حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " أخرجه البخاري و أبوداود واللفظ له . فحري بالمؤمن أن يغتنم هذا الفضل العظيم بالإكثار من الأعمال الصالحة بأنواعها ، و مما ورد من أنواع العبادة مختصاً بهذه الأيام :

1. الحج : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما . والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " أخرجه البخاري و مسلم .

2. صوم يوم عرفة لغير الحاج : فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ " أخرجه مسلم . فكيف يفرط المؤمن بهذا الأجر العظيم .

3. التكبير ، ويسن الجهر به ، أما المرأة فلا تجهر . وهو نوعان :
الأول : التكبير المطلق ( أي غير مقيد بأدبار الصلوات الخمس ) فله أن يكبر في أي وقت وفي أي مكان ، في أيام العشر وأيام التشريق . ومن الأدلة عليه :
حديث ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَ التَّحْمِيدِ " أخرجه أحمد (2/75،131) وأبو عوانة وهو حسن بمجموع طرقه وشواهده . و عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : " أن رسول الله كان يخرج في العيدين .. رافعاً صوته بالتهليل والتكبير .. " ( صحيح بشواهده ، وانظر الإرواء 3/123) . وعن نافع : " أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ، فيكبر بتكبيره " أخرجه الدارقطني بسند صحيح .
و عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما : " كان يكبر بمنى تلك الأيام خلف الصلوات ، وعلى فراشه ، وفي فسطاطه ، وفي ممشائه تلك الأيام جميعاً " أخرجه ابن المنذر في الأوسط بسند جيد ، و البخاري تعليقاً بصيغة الجزم.

النوع الثاني : التكبير المقيد ( أي المقيد بأدبار الصلوات الخمس ) ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة. فعن شقيق بن سلمة رحمه الله قال : " كان علي رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق ثم يكبر بعد العصر " أخرجه ابن المنذر والبيهقي .و صححه النووي وابن حجر .وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال ابن تيمية : " أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة : أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة .. " ( مجموع الفتاوى 24/20) . وقال ابن حجر : " و أصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود : إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى . أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم " ( الفتح 2/536) .

أما صفة التكبير : فقد قد ثبت عن الصحابة أكثر من صيغة منها أثر ابن مسعود رضي الله عنه : " أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، و الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد " أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح .


4. الأضحية يوم العيد : فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : " ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا " متفق عليه . ( الصفحة هي جانب العنق ) . والسنة أن يشهد المضحي أضحيته ، وأن يباشرها بنفسه ، وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . وإن وكَّل غيره كالجمعيات والهيئات الخيرية جاز ، ولو كانت خارج البلاد ، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده ثلاثاً وستين من هديه في الحج ، ووكَّل علياً رضي الله عنه في البقية ، ولأن الأصل هو الجواز و لا دليل على منعه .

• و تجزئ الشاة عن الواحد وأهل بيته ، لقول أبي أيوب رضي الله عنه لما سئل: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله ؟ فقال: " كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته " أخرجه مالك والترمذي و ابن ماجة وسنده صحيح .

• و تجزئ البدنة أوالبقرة عن سبعةٍ وأهلِ بيوتهم ؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة " أخرجه مسلم .
• و أقل ما يجزئ من الضأن ما له نصف سنة ، وهو الجذع ؛ لقول عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : " ضحينا مع رسول الله بجذع من الضأن " أخرجه النسائي بسند جيد .

• وأقل ما يجزئ من الإبل والبقر والمعز مُسنَّة ؛ ( وهي من المعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنوات ) لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تذبحوا إلا مُسِنَّة ، إلا أن يَعْسر عليكم ، فتذبحوا جَذَعة من الضأن " أخرجه مسلم .

• أربع لا تجوز في الأضاحي ، كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ظَلْعُها ( أي: عرجها ) ، والكسير( أي: المنكسرة ) ، وفي لفظ: والعجفاء ( أي: المهزولة) التي لا تنقي ( أي: لا مخ لها لضعفها وهزالها ) " أخرجه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح.

• و إذا دخلت العشر حرم على من أراد أن يضحي أخذَ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته حتى يذبح أضحيته ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا " أخرجه مسلم ، وفي رواية أخرى لمسلم : " إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ".
وهذا النهي مختص بصاحب الأضحية ، أما المضحى عنهم من الزوجة و الأولاد فلا يعمهم النهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المضحي، ولم يذكر المضحى عنهم . ومن أخذ شيئاً من شعره أو أظفاره في العشر متعمداً من غير عذر و هو يريد أن يضحي فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية ، و لا كفارة عليه ، و لكن عليه التوبة إلى الله .

• والأضحية عن الميت لها أحوال :
الحال الأولى : إذا كانت إنفاذاً للوصية فهي صحيحة ، ويصل أجرها إلى الميت إن شاء الله تعالى .
الحال الثانية : أن يـفــرد الميت بأضحية تبرعاً ، فهذا ليس من السنة ؛ لظاهر قوله تعالى : " و أن ليس للإنسان إلا ما سعى " ( النجم 39 ) وقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة وزوجته خديجــة، وثلاث بنات متزوجات، وثلاثة أبناء صغار، ولم يرد عنه أنه أفردهم أو أحداً منهم بأضحية، ولم يثبت أيضاً إفراد الميت بأضحية عن أحد الصحابه رضي الله عنهم ، ولو كان فيه فضل لسبقنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . والخير كل الخير في هدي النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه .
الحال الثالثة : إن ضحى الرجل عنه وعن أهل بيته ونوى بهم الأحياء والأموات فيرجى أن يشملهم الأجر إن شاء الله. ( وانظر التفصيل في الأضحية عن الميت : أحكام الأضحية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ) .
والحمد لله و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

======================================================

أسئلة متعلقة بالحج



أجاب عليها فضيلة الشيخ عبدالله الجبرين


السؤال 1 :-
لقد يسر الله عليَّ فريضة الحج في عام 1415هـ ونويت الحج بنسك (القران) ونطقت بقولي: لبيك حجاً. لبيك اللهم لبيك ...الخ. هل هذه التلبية خاصة بنسك الإفراد، أم لجميع أنواع الحج؟ لأني قد نويت بها في نسك القران..! وكذلك عندما نويت القران في قلبي لم أكن أعلم أنه في هذا النسك حج وعمرة مقترن ببعضها، فقط طفت وسعيت وهكذا، هل علي شيء في ذلك.
الجواب:-
على القارن أن ينوي أن إحرامه بالحج والعمرة جميعاً، ويقول في التلبية ( لبيك عمرة وحجاً ) ثم يقول: لبيك اللهم لبيك ... الخ ويطوف للقدوم، ويبقى على إحرامه، ويقف بعرفة، ويعمل أعمال الحج وعليه دم، لأنه في حكم المتمتع، حيث إن نسكه يكفيه عن الحج والعمرة لتداخلهما، ويجوز إذا أحرم بالعمرة أن يدخل عليها الحج فيصير قارناً، ولا يجوز إدخال العمرة على الحج، ويفضل لمن أحرم قارناً أن يفسخ إحرامه إلى عمرة، ويصير متمتعاً إن كان في الوقت سعة، والله أعلم.


--------------------------------------------------------------------------------

السؤال 2 :-
أعمل في الرياض منذ ثلاث سنوات، وبفضل الله أتممت فريضة الحج، ولكني أريد أن أحج عن أبي المتوفي رحمه الله، فما هي كيفية الحج للمتوفى إن كان يجوز ذلك؟
الجواب:-
يجوز أن تحج عن أبيك المتوفى والذي لم يؤد فريضة الحج بعد أن حججت عن نفسك، وقد ورد في الحديث (أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الحج شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال نعم، أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته، فاقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) فعلى هذا تنوى أن أجر حجتك لوالدك، وتقول عند الاحرام: اللهم تقبل حجتي عن والدي؛ وتلبي كما يلبي غيرك، وتدعو دعاء عاماً لك ولوالديك، وعند ذبح دم المتعة تقول: اللهم تقبل هديي عن والدي، ولا تلفظ بغير ذلك في بقية المناسك، بل تكفيك النية والله أعلم.


--------------------------------------------------------------------------------

السؤال 3 :-
لي والدة كبيرة في السن، ولا تستطيع أن تتحمل مشاق أداء المناسك، وتتمنى ان ينعم الله عليها بزيارة بيته وأداء مناسك الحج، ولكني غير قادر مادياً، فهل يجوز لي أن أحج نيابة عنها؟
الجواب:-
إذا كانت داخل المملكة، ولم يسبق أن حجت الفرض، وهي تقدر على الثبات والاستقرار على السيارة أو الطائرة، وعندها أو عند وليها من المال ما يكفيها نفقة وأجرة للحج، وجب عليها ذلك، ولو مع شيء من المشقة، فقد خفت المؤنة، وزالت التكلفة الشديدة لتوفر المراكب المريحة، وسهولة المواصلات، فهناك من يطوف بها محمولة، ومن يسعى بها على عربة، وتقف مع أهل عرفة، وفي بقية المشاعر، وتوكل من يرمي عنها، الجمرات، ومن يذبح عنها وبذلك يتم حجها، أما إن سبق لها أن حجت الفرض، وهي الآن كبيرة في السن، لا تتحمل المشاق إلا بصعوبة، فأرىأن لولدها أن ينوب عنها، ويجعل حجته لأمه، وهكذا إن كانت خارج المملكة، لصعوبة دخول المملكة، سيما أوقات المواسم، فلها أن توكل من ينوب عنها للفرض أو النفل، ولو من داخل المملكة لعجزها عن النفقة، والله أعلم.


--------------------------------------------------------------------------------

السؤال 4 :-
رجل ذهب إلى مكة في أشهر الحج، واعتمر متمتعاً بها للحج في 1/11 ثم رجع إلى بلده، علماً أنها (الرياض) وفي يوم 6/12 ذهب إلى منى بثيابه ماذا عليه. وما تسمى حجته التي حجها؟
الجواب:-
كان متمتعاً، ولكن انقطع تمتعه برجوعه إلى الرياض، فسقط عنه دم التمتع لسفره بين الحج والعمرة هذا السفر البعيد، ويكون حجه مفرداً، ولكن يجب عليه إذا مر بالميقات أن يحرم منه بالحج، ويذهب إلى الحرم لطواف القدوم، وحيث إنه لم يحرم، ودخل مكة بدون إحرام وتجاوز الميقاتـ فإن عليه دم جبران لتركه واجباً، ولا يأكل منه بل يدفعه لمساكين الحرم، فإن كان قد ذبح هدي تمتع لم يجزئه لعدم النية.


--------------------------------------------------------------------------------

السؤال 5 :-
النعناع، المرامية، البابونج، والهيل إذا خلط المسمار \"العويدى\". ما حكمها للحاج؟
الجواب:-
أرى أنها مباحة، حيث إنها لا تسمى طيباً، وشربها أمر معتاد، ولا يدخل ذلك في استعمال الطيب، وإن كان بعض العلماء كرهوا القرنفل ونحوه، وعدوه من أنواع الطيب، ولكن الأظهر عدم الكراهة له، والهيل والنعناع وما أشبهها فكلها تستعمل في الأشربة والقهوة من غير كراهة


--------------------------------------------------------------------------------

السؤال 6 :-
هل للحاج أن يصلي الضحى في عرفة. وهل ينكر على من يصلي؟
الجواب:-
لا حرج على من تطوع في السفر، فإن التخفيف عن المسافر رخصة له، لأجل ما يلاقيه من الصعوبات والمشقات، فأما إذا عدمت المشقة وحصلت الراحة والأمن والطمأنينة، فلا حرج على من تطوع، أو صلى الضحى، أو صلى الرواتب القبلية أو البعدية أو نحو ذلك، ولا ينكر على من رؤى يتطوع في عرفة أو في غيرها، والله أعلم.


--------------------------------------------------------------------------------

السؤال 7 :-
شخص مقيم بالرياض، هل يمكن له الإحرام من جدة لأداء العمرة؟
الجواب:-
ميقات أهل الرياض وأهل نجد وأهل الطائف ونحوهم من قرن المنازل أي من السيل أو من وادي محرم فمن تجاوز وأحرم من جدة لاداء العمرة أو الحج فعليه دم يفرق على مساكين الحرم والله أعلم.


--------------------------------------------------------------------------------

السؤال 8 :-
هل يجوز للمسلم أن يحج وعليه ديون، ولا يستطيع التسديد بسرعة، بل يتطلب الأمر للتسديد إلى فترة طويلة جداً تصل إلى السنين. ويخاف من الموت قبل أداء الحج، أو غير ذلك من العوائق البدنية. علماً أنه وأهله وأولاده يجمعون الفلوس، ويسافرون ويتمتعون، ويخسرون أموالاً. إذاً لماذا لا يجمع المسلم مالاً ويذهب وأهله لأداء فريضة الحج، والديون يتركون أمرها إلىالله، والخطر والموت واحد، سواء في الحج أو في الأسفار والرحلات الممتعة الأخرى، وغير ذلك من شؤون الحياة. أفيدونا جزاكم الله.
الجواب:-
نعم يقدم الحج على الأسفار، وعلى النفقات والخسارة التي يسرف فيها، فإن الحق لأهل الدين، فإذا كانوا يشاهدونه وهو ينفق، ويعمل ولائم، ويسافر إلى مواضع بعيده، وينفق في أسفاره، ثم لا يمنعونه من هذه النفقات، فبطريق الأولى أن لا يمنعوه من سفر الحج، فنفقته أقل من بعض النفقات في الولائم والحفلات والزيارات ونحوها، فعلى هذا لا يفرط في تأخير الحج، ولا يمنعه الدين المؤجل أو الذي لا يشدد أهله في الطلب، والله أعلم.

جمعها حادي الركب
منتدى الفوائد

======================================================

دليل الحاج والمعتمر .

======================================================

أخطاء يرتكبها بعض الحجاج



الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله


مقدمة

الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن أهتدي بهديه إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد قال الله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21) .
وقال تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(لأعراف: من الآية158) .
وقال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) .
وقال تعالى: (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) (النمل:79) .وقال تعالى: ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (يونس:32) .
فكل ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته فهو باطل وضلال مردود على فاعله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) [1].
أي مردود على صاحبه غير مقبول منه .
وأن بعض المسلمين هداهم الله ووفقهم يفعلون أشياء في كثير من العبادات غير مبنية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا سيما في الحج الذي كثر فيه المقدمون على الفتيا بدون علم ، وسارعوا فيها حتى صار مقام الفتيا متجراً عند بعض الناس للسمعة والظهور ، فحصل بذلك من الضلال والإضلال ما حصل ، والواجب على المسلم ألا يقدم على الفتيا إلا بعلم يواجه به الله عز وجل لأنه في مقام المبلغ عن الله تعالى القائل عنه ، فليتذكر عند الفتيا قوله في نبيه صلى الله عليه وسلم : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيل* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ*فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) (الحاقة44:47) .
وقوله تعالي: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:33) .
وأكثر الأخطاء من الحجاج ناتجة عن هذا ـ أعني عن الفتيا بغير علم ـ وعن تقليد العامة بعضهم بعضاً دون برهان . ونحن نبين بعون الله تعالى السنة في بعض الأعمال التي يكثر فيها الخطأ مع التنبيه على الأخطاء ، سائلين من الله أن يوفقنا ، وأن ينفع بذلك إخواننا المسلمين إنه جواد كريم .

أخطاء يرتكبها بعض الحجاج

الإحرام والأخطاء فيه

ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة من ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، وقال ( فهن لهن ولمن أتي عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ).
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق .{ رواه أبو داوود والنسائي }.
وثبت في الصحيحين أيضاً في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن ) { الحديث}.
فهذه المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود شرعية توقيفية موروثة عن الشارع لا يحل لأحد تغييرها أو التعدي فيها ، أو تجاوزها بدون إحرام لمن أراد الحج والعمرة ، فإن هذا من تعدي حدود الله وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: من الآية229). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( يهل أهل المدينة ، ويهل أهل الشام ، ويهل أهل نجد) وهذا خبر بمعني الأمر .
والإهلال : رفع الصوت بالتلبية ، ولا يكون إلا بعد عقد الإحرام .فالإحرام من هذه المواقيت واجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بها أو حاذاها سواء أتي من طريق البر أو البحر أو الجو .
فإن كان من طريق البر نزل فيها إن مر بها أو فيما حاذاها إن لم يمر بها ، وأتي بما ينبغي أن يأتي به عند الإحرام من الاغتسال وتطييب بدنه ولبس ثياب إحرامه ، ثم يحرم قبل مغادرته .
وإن كان من طريق البحر فإن كانت الباخرة تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه حال وقوفها ، ثم أحرم قبل سيرها ، وإن كانت لا تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه قبل أن تحاذيه ثم يحرم إذا حاذته .
وإن كان من طريق الجو اغتسل عند ركوب الطائرة وتطيب ولبس ثوب إحرامه قبل محاذات الميقات ، ثم أحرم قبيل محاذاته ، ولا ينتظر حتى يحاذيه ؛ لأن الطائرة تمر به سريعة فلا تعطي فرصة ، وإن أحرم قبله احتياطا فلا بأس لأنه لا يضره .
والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس أنهم يمرون من فوق الميقات في الطائرة أو من فوق محاذاته ثم يؤخرون الإحرام حتى ينزلوا في مطار جدة وهذا مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعدِّ لحدود الله تعالى .
وفي صحيح البخاري عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فُتح هذان المصران ـ يعني البصرة والكوفة ـ أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا : ( يا أمير المؤمنين ، إن النبي صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرناً وإنه جورٌ عن طريقنا ، وإن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا قال : فانظروا على حذوها من طريقكم ) فجعل أمير المؤمنين أحد الخلفاء الراشدين ميقات من لم يمر بالميقات إذا حاذاه ، ومن حاذاه جواً فهو كمن حاذاه براً لا فرق .
فإذا وقع الإنسان في هذا الخطأ فنزل جدة قبل أن يحرم فعليه أن يرجع إلى الميقات الذي حاذاه في الطائرة فيحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه عند اكثر العلماء فدية يذبحها في مكة ويفرقها كلها على الفقراء فيها ، ولا يأكل منها ولا يهدي منها لغني لأنها بمنزلة الكفارة .

الطواف والأخطاء

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبتدأ الطواف من الحجر الأسود في الركن اليماني الشرقي من البيت ، وانه طاف بجميع البيت من وراء الحجر . وأنه رمل في الأشواط الثلاثة الأولي فقط في الطواف أول ما قدم مكة .
وانه كان في طوافه يستلم الحجر الأسود ويقبله واستلمه بيده وقبلها ، واستلمه بمحجن كان معه وقبل المحجن وهو راكب على بعيره فجعل يشير على الركن يعني الحجر كلما مر به .وثبت عنه انه كان يستلم الركن اليماني .
واختلاف الصفات في استلام الحجر إنما كان ـ والله أعلم ـ حسب السهولة ، فما سهل عليه منها فعله ، وكل ما فعله من الاستلام والتقبيل والإشارة إنما هو تعبد لله وتعظيم له لا اعتقاد أن الحجر ينفع أو يضر ، وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقبل الحجر ويقول : ( إني لأعلم انك لا تضر ولا تنفع ، ولولا أنى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .

والأخطاء التي تقع من بعض الحجاج :

1. ابتداء الطواف من قبل الحجر أي من بينه وبين الركن اليماني ، وهذا من الغلو في الدين الذي نهي عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين ، وقد ثبت النهي عنه .وادعاء بعض الحجاج انه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه ، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله .
2. طوافهم عند الزحام بالجزء المسقوف من الكعبة فقط بحيث يدخل من باب الحجر إلى الباب المقابل ويدع بقية الحجر عن يمينه ، وهذا خطأ عظيم لا يصح الطواف بفعله ، لأن الحقيقة انه لم يطف بالبيت وإنما طاف ببعضه .
3. الرمل في جميع الأشواط السبعة .
4. المزاحمة الشديدة للوصول للحجر لتقبيله حتى انه يؤدي في بعض الأحيان إلى المقاتلة والمشاتمة ، فيحصل من التضارب والأقوال المنكرة ما لا يليق في مسجد الله الحرام وتحت ظل بيته ، فينقص بذلك الطواف بل النسك كله ، لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: من الآية197) . وهذه المزاحمة تذهب الخشوع وتنسي ذكر الله تعالى ، وهما من أعظم المقصود في الطواف .
5. اعتقادهم أن الحجر نافع بذاته ، ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم ، وكل هذا جهل وضلال ، فالنفع والضرر من الله وحده ، وقد سبق قول أمير المؤمنين عمر : ( إني لأعلم انك لا تضر ولا تنفع ، ولولا أنى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .
6. استلامهم ـ أعني بعض الحجاج ـ لجميع أركان الكعبة وربما استلموا جميع جدران الكعبة وتمسحوا بها ، وهذا جهل وضلال ، فإن الاستلام عبادة وتعظيم لله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يستلم النبي صلى الله عليه وسلم من البيت سوي الركنين اليمانيين ( الحجر الأسود وهو في الركن اليماني الشرقي من الكعبة ، والركن اليماني الغربي ) ، وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس : لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما ؟ فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجورا . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . فقال معاوية : صدقت .

الطواف والأخطاء القولية

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر الله تعالى كلما أتى على الحجر الأسود . وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(البقرة: من الآية201) .وقال: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) [2] .
والخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين في هذا تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره ، حتى أنه إذا أتم الشوط قبل إتمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلا كلمة واحدة ؛ ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه ، وإذا أتم الدعاء قبل تمام الشوط سكت .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط . قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : وليس فيه ـ يعني الطواف ـ ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا اصل له .
وعلى هذا فيدعو الطائف بما احب من خيري الدنيا والآخرة ، ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل |أو تكبير أو قراءة قرآن .
ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يأخذ من هذه الأدعية المكتوبة فيدعو بها وهو لا يعرف معناها ، وربما يكون فيها أخطاء من الطابع أو الناسخ تقلب المعني رأسا على عقب ، وتجعل الدعاء للطائف دعاء عليه ، فيدعو على نفسه من حيث لا يشعر . وقد سمعنا من هذا العجب العجاب . ولو دعا الطائف ربه بما يريده ويعرفه فيقصد معناه لكان خيراً له وأنفع ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر تأسياً وأتباعاً .
ومن الخطا الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع ، فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى ، ويتشوش بقية الطائفين فلا يدرون ما يقولون ؛ وفي هذا إذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن ، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن ) رواه مالك في الموطأ .
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا اقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال افعلوا كذا ، قولوا كذا ، ادعوا بما تحبون ، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وبما يعرفون معناه ويقصدونه ، وسلم الناس من أذاهم .

الركعتان بعد الطواف والخطأ فيهما

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لما فرغ من الطواف تقدم على مقام إبراهيم فقرأ : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً )(البقرة: من الآية125). فصلي ركعتين والمقام بينه وبين الكعبة ، وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) (الكافرون:1) وفي الثانية الفاتحة و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص:1) .
والخطأ الذي يفعله بعض الناس هنا ظنهم أنه لا بد أن تكون صلاة الركعتين قريباً من المقام ، فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام الموسم ، ويعوقون سير طوافهم ، وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان من المسجد ، ويمكن أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد ، ويسلم من الأذية ، فلا يؤذِي ولا يؤذَي ، وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة .
ويا حبذا لو أن القائمين على المسجد الحرام منعوا من يؤذون الطائفين بالصلاة خلف المقام قريباً منه ، وبينوا لهم أن هذا ليس بشرط للركعتين بعد الطواف .
ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم .
ومن الخطأ أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين وقف بهم قائدهم يدعو بهم بصوت مرتفع ، فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (لأعراف:55) .
صعود الصفا والمروة والدعاء فوقهما والسعي بين العلمين والخطأ في ذلك
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه حين دنا من الصفا قرأ : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة: من الآية158) ثم رقي عليه حتى رأي الكعبة فاستقبل القبلة ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو ، فوحد الله وكبره وقال : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ،ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل ماشياً فلما انصبت قدماه في بطن الوادي وهو ما بين العلمين الأخضرين سعي حتى إذا تجاوزهما مشي حتى إذا أتى المروة ، ففعل على المروة ما فعل على الصفا .
والخطا الذي يفعله بعض الساعين هنا إذا صعدوا الصفا والمروة استقبلوا الكعبة فكبروا ثلاث تكبيرات يرفعون أيديهم ويومئون بها كما يفعلون في الصلاة ثم ينزلون ، وهذا خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإما أن يفعلوا السنة كما جاءت إن تيسر لهم ، وإما أن يدعوا ذلك ولا يحدثوا فعلاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن الخطا الذي يفعله بعض الساعين أنهم يسعون من الصفا إلى المروة ، أعني أنهم يشتدون في المشي ما بين الصفا والمروة كله ، وهذا خلاف السنة ، فإن السعي ما بين العلمين فقط والمشي في بقية المسعى ، واكثر ما يقع ذلك إما جهلاً من فاعله أو محبةً كثير من الناس للعجلة والتخلص من السعي والله المستعان .

الوقوف بعرفة والخطأ فيه

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكث يوم عرفة بنمرة حتى زالت الشمس ، ثم ركب ثم نزل فصلي الظهر والعصر ركعتين جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، ثم ركب حتى أتى موقفه فوقف وقال : ( وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ) [3] . فلم يزل واقفاً مستقبل القبلة رافعاً يديه يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس وغاب قرصها فدفع إلى مزدلفة .

والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج :

1. انهم ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة ، وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج ، فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلا به ، فمن لم يقف بعرفة وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ) [4] . وسبب هذا الخطا الفادح أن الناس يغتر بعضهم ببعض ؛ لأن بعضهم ينزل قبل أن يصلها ولا يتفقد علاماتها ؛ فيفوت على نفسه الحج ويغر غيره ، ويا حبذا لو أن القائمين على الحج أعلنوا للناس بوسيلة تبلغ جميعهم وبلغات متعددة ، وعهدوا على المطوفين بتحذير الحجاج من ذلك ليكون الناس على بصيرة من أمرهم ويؤدوا حجهم على الوجه الأكمل الذي تبرا به الذمة .
2. انهم ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس ، وهذا حرام لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غربت الشمس وغاب قرصها ، ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية .
3. إنهم يستقبلون الجبل جبل عرفة عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم ، وهذا خلاف السنة ، فإن السنة استقبال القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .

رمي الجمرات والخطأ فيه

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمي جمرة العقبة وهي الجمرة القصوى التي تلي مكة بسبع حصيات ضحي يوم النحر ، يكبر مع كل حصاة . كل حصاة منها مثل حصا الخذف أو فوق الحمص قليلاً ، وفي سنن النسائي من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما ـ وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة على مني ـ قال: فهبط ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ محسراً وقال : ( عليكم بحصا الخذف الذي ترمي به الجمرة ) قال : والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان ، وفي مسند الإمام احمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ قال يحي : لا يدري عوف عبد الله أو الفضل ـ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو واقف على راحلته : ( هات القط لي ) . فقال ( بأمثال هؤلاء ) مرتين وقال بيده . فأشار يحي انه رفعها وقال : ( إياكم والغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين ).
وعن أم سليمان بن عمرو بن الاحوص رضي الله عنها قالت : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر وهو يقول : ( يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، وإذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصا الخذف) رواه احمد .وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على أثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطي ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ، ثم ينصرف فيقول هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله .وروي أحمد وأبو داوود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ).

والأخطاء التي يفعلها بعض الحجاج هي :

1. اعتقادهم أنه لا بد من اخذ الحصا من مزدلفة ، فيتبعون أنفسهم بلقطها في الليل واستصحابها في أيام مني أن الواحد منهم إذا ضاع حصاه حزن حزناً كبيراً ، وطلب من رفقته أن يتبرعوا له بفضل ما معهم من حصا مزدلفة .. وقد علم مما سبق أنه لا أصل لذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وانه أمر ابن عباس رضي الله عنهما بلقط الحصا له وهو واقف على راحلته ، والظاهر أن هذا الوقف كان عند الجمرة إذ لم يحفظ عنه أنه وقف بعد مسيره من مزدلفة قبل ذلك ، ولأن هذا وقت الحاجة إليه فلم يكن ليأمر بلقطها قبله لعدم الفائدة فيه وتكلف حمله .
2. اعتقادهم أنهم برميهم الجمار يرمون الشيطان ، ولهذا يطلقون اسم الشياطين على الجمار فيقولون : رمينا الشيطان الكبير أو الصغير أو رمينا أبا الشياطين يعنون به الجمرة الكبرى جمرة العقبة ، ونحو ذلك من العبارات التي لا تليق بهذه المشاعر ، وتراهم أيضا يرمون الحصاة بشدة وعنف وصراخ وسب وشتم لهذه الشياطين على زعمهم ، حتى شاهدنا من يصعد فوقها يبطش بها ضرباً بالنعل والحصى الكبار بغضب وانفعال والحصا تصيبه من الناس وهو لا يزداد إلا غضباً وعنفاً في الضرب، والناس حوله يضحكون ويقهقهون كان المشهد مشهد مسرحيه هزلية ، شاهدنا هذا قبل أن تبني الجسور وترتفع أنصاب الجمرات . وكل هذا مبني على هذه العقيدة أن الحجاج يرمون شياطين ، وليس لها اصل صحيح يعتمد عليه ، وقد علمت مما سبق الحكمة في مشروعية رمي الجمار ، لإقامة ذكر الله عز وجل ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على أثر كل حصاة .
3. رميهم الجمرات بحصى كبيرة وبالحذاء ( النعل ) والخفاف ( الجزمات ) والأخشاب ، وهذا خطا كبير مخالف لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بفعله وأمره حيث رمي صلى الله عليه وسلم بمثل حصا الخذف ، وأمر أمته أن يرموا بمثله ، وحذرهم من الغلو في الدين . وسبب هذا الخطا الكبير ما سبق اعتقادهم أنهم يرمون الشيطان .
4. تقدمهم إلى الجمرات بعنف وشدة لا يخشعون لله تعالى ، ولا يرحمون عباد الله ، فيحصل بفعلهم هذا الأذية للمسلمين والإضرار بهم والمشاتمة والمضاربة ما يقلب هذه العبادة وهذا المشعر إلى مشهد مشاتمة ومقاتله ، ويخرجها عما شرعت من أجله ، وعما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. ففي المسند عن قدامه بن عبد الله بن عمار قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك { رواه الترمذي وقال : حسن صحيح} .
5. تركهم الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولي والثانية في أيام التشريق، وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف بعد رميهما مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو دعاءً طويلاً ، وسبب ترك الناس لهذا الوقوف الجهل بالسنة أو محبة كثير من الناس للعجلة والتخلص من العبادة. ويا حبذا لو أن الحاج تعلم أحكام الحج قبل أن يحج ليعبد الله تعالى على بصيرة ويحقق متابعة النبي صلى الله عليه وسلم . ولو أن شخصاًُ أراد أن يسافر إلى بلد لرأيته يسأل عن طريقها حتى يصل إليها عن دلالة ، فكيف بمن أراد أن يسلك الطريق الموصلة على الله تعالى وإلى جنته ، أفليس من الجدير به أن يسأل عنها قبل أن يسلكها ليصل على المقصود ؟ !
6. رميهم الحصي جميعاً بكف واحدة وهذا خطأ فاحش وقد قال آهل العلم انه إذا رمي بكف واحدة اكثر من حصاة لم يحتسب سوى حصاة واحدة ، فالواجب أن يرمي الحصا واحدة فواحدة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
7. زيادتهم دعوات عند الرمي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قولهم : اللهم اجعلها رضاً للرحمن وغضباً للشيطان ، وربما قال ذلك وترك التكبير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، الأولي الاقتصار على الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقص .
8. تهاونهم برمي الجمار بأنفسهم تراهم يوكلون من يرمي عنهم مع قدرتهم على الرمي ليسقطوا عن أنفسهم معاناة الزحام ومشقة العمل ، وهذا مخالف لما أمر الله تعالى به من إتمام الحج حيث يقول سبحانه : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(البقرة: من الآية196) فالواجب على القادر على الرمي أن يباشره بنفسه ويصبر على المشقة والتعب ، فإن الحج نوع من الجهاد لا بد فيه من الكلفة والمشقة فليتق الحاج ربه وليتم نسكه كما أمره الله تعالى به ما استطاع إلى ذلك سبيلا .

طواف الوداع والأخطاء فيه

ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال : ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن الحائض) وفي لفظ لمسلم عنه قال : ( كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه أبو داوود بلفظ : ( حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت ) وفي الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : شكوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أني اشتكي فقال : ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ) فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ وَالطُّورِ*وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) (الطور:1-2) وللنسائي عنها أنها قالت : ( يا رسول الله ، والله ما طفت طواف الخروج فقال : إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس) .
وفي صحيح البخاري عن انس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدةً بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به ، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن صفية رضي الله عنها حاضت بعد طواف الإفاضة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحابستنا هي؟) قالوا : إنها قد افاضت وطافت بالبيت قال : فلتنفر إذاً . وفي الموطأ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال : ( لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت ) وفيه عن يحي بن سعيد أن عمر رضي الله عنه رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع .

والخطا الذي يرتكبه بعض الحجاج هنا :

1. نزولهم من مني يوم النفر قبل رمي الجمرات فيطوفوا للوداع ثم يرجعوا إلى مني فيرموا الجمرات ، ثم يسافروا إلى بلادهم من هناك وهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت ، فإن من رمي بعد طواف الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) [5] .
وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صريح في أن الطواف بالبيت آخر النسك .فمن طاف للوداع ثم رمي بعده فطوافه غير مجزئ لوقوعه في غير محله ، فيجب عليه إعادته بعد الرمي ، فإن لم يعد كان حكمه حكم من تركه.
2. مكثهم بمكة بعد طواف الوداع فلا يكون آخر عهدهم بالبيت ، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبينه لأمته بفعله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت ، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه وهكذا فعل أصحابه ، ولكن رخص أهل العلم الإقامة بعد الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كبيرة كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها أو حضرت جنازة فصلي عليها ، أو كان له حاجة تتعلق بسفره كشراء متاع وانتظار رفقة ونحو ذلك فمن أقام بعد طواف للوداع إقامة غير مرخص فيها وجبت عليه إعادته.
3. خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة ، وهذا خلاف السنة بل هو من البدع التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها كل بدعة ضلالة ) والبدعة كل ما احدث من عقيدة أو عبادة على خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ، فهل يظن هذا الراجع على قفاه تعظيماً للكعبة على زعمه انه أشد تعظيماً لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أن في ذلك تعظيم لها لا هو ولا خلفاؤه الراشدون ؟!
4. التفاتهم للكعبة عند باب المسجد بعد انتهائهم من طواف الوداع ودعاؤهم هناك كالمودعين للكعبة ، وهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفاؤه الراشدين ، وكل ما قصد به التعبد لله تعالى وهو مما لم يرد به الشرع فهو باطل مردود على صاحبه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) [6] . أي مردود على صاحبه .
فالواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يكون في عبادته متبعاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لينال بذلك محبة الله ومغفرته كما قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) واتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما يكون في مفعولاته يكون كذلك في متروكاته ، فمتي وجد مقتضي الفعل في عهده ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن السنة والشريعة تركه ، فلا يجوز إحداثه في دين الله تعالى ولو أحبه الإنسان وهواه ، قال الله تعالى : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ) (المؤمنون: من الآية71) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) .نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب .
والحمد لله رب العالمين ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

تم تحريره في 19 شعبان 1398هـ بقلم الفقير إلى الله تعالى : محمد الصالح العثيمين غفر الله له ولوالديه وللمسلمين .


-----------------------------
[1] رواه مسلم ، كتاب الأقضية رقم ( 1718).
[2] رواه الترمذي ، كتاب الحج رقم (902).
[3] رواه مسلم ، كتاب الحج رقم (1218).
[4] رواه أبو داوود ، كتاب المناسك رقم (1949) والترمذي ، كتاب الحج رقم (889) والنسائي ، كتاب مناسك الحج رقم ( 3044) وابن ماجه ، كتاب المناسك رقم ( 3015).
[5] ر واه مسلم ، كتاب الحج رقم (1297) وأبو داوود ، كتاب مناسك الحج رقم (1970) بلفظ آخر.
[6] رواه البخاري ، كتاب الصلح رقم (2697)ومسلم ، كتاب الأقضية رقم (1718).

=====================================================
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21/01/2004, 02:33 PM
عضو سابق باللجنه الإعلاميه
تاريخ التسجيل: 26/08/2001
المكان: السعودية "الــخــبـــر"
مشاركات: 13,852
حجوا قبل أن لا تحجوا



عبدالملك القاسم


الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..أما بعد :
فاحمد الله عز وجل – أخي المسلم – أن مد في عمرك لترى تتابع الأيام الشهور , فأمامك الآن موسم الحج الذي قد أشرق،وهاهم وفود الحجيج بدأوا يملأون الفضاء ملبين مكبرين أتوا من أقصى الأرض شرقاً وغرباً وبعضهم له سنوات وهو يجمع درهماً على درهم يقتطعها من قوته حتى جمع ما يعينه على أداء هذه الفريضة العظيمة .
وأنت هنا - أخي الحبيب – قد تيسرت لك الأسباب وتهيأت لك السبل فلماذا تؤخر وإلى متى تؤجل ؟ أما سمعت قول الله عز وجل : { وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } [آل عمران :97]
وقوله تعالى : { وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ } [البقرة: 196] وقوله جلا وعلا : { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } [الحج :27]
أخي المسلم : الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لاإله إلاالله وأن محمداً رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان ,وحج بيت الله لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً)[متفق عليه]
ويجب على المسلم المستطيع المبادرة إلى الحج حتى لا يأثم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ))[رواه أحمد ]
وعن عبد الرحمن بن سابط يرفعه : (( من مات ولم يحج حجة الإسلام , لم يمنعه مرض حابس , أو سلطان جائر , أو حاجة ظاهرة , فليمت على أي حال , يهودياً أو نصرانياً ) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار , فينظروا كل من كان له جدةٌ ولم يحج , فيضربوا عليهم الجزية , ما هم بمسلمين , ما هم بمسلمين ) [رواه البيهقي ].
فيجب عليك أخي المسلم المبادرة والإسراع إلى أداء هذه الفريضة العظيمة فإن الأمور ميسرة ولله الحمد , فلا يقعدنك الشيطان ولايأخذنك التسويف ولا تلهينك الأماني .. واسأل نفسك .. إلى متى وأنت تؤخر الحج إلىالعام القادم ؟ ومن يعلم أين أنت العام القادم ؟ ! وتأمل في حال الأجداد كيف كانوا يحجون على أقدامهم وهم يسيرون شهوراً وليالي ليصلوا إلى البيت العتيق ؟!
أخي المسلم : إن فضل الحج عظيم وأجره جزيل , فهو يجمع بين عبادة بدنية ومادية , فالأولى بالمشقة والتعب والنصب والحل والترحال والثانية بالنفقة التي ينفقها الحاج في ذلك .
قال صلى الله عليه وسلم : (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما , والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) وقال صلى الله عليه وسلم (( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )) متفق عليه .
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال: ( إيمان بالله ورسوله ) قيل : ثم ماذا ؟ قال : ( جهاد في سبيل الله ) قيل : ثم ماذا ؟ قال : ( حج مبرور ) رواه البخاري .
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على التزود من الطاعات والمتابعة بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الحديد والذهب والفضة , وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة ) رواه الترمذي .
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث يحرك المشاعر ويستحث الخطى : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما , والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) رواه مسلم .
ومع هذا الأجر العظيم فإن أيام الحج قليلة لا تتجاوز أسبوعاً لمن هم في هذه البلاد ولله الحمد وأربعة أيام لأهل مكة وما حولها !! أليست أخي المسلم نعمة عظيمة ؟ ! فلا تتردد ولا تتهاون فالدروب ميسرة والطرق معبدة والأمن ضارب أطنابه ورغد العيش لا حد له .. نعم تحتاج إلى شكر , وحياة خلقت فيها للعبادة فلا تسوف ولا تؤخر وأبشر فأنت من وفد الرحمن , وفد الله , دعاهم فأجابوا وسألوه فأعطاهم .
وأبشر بيوم عظيم تقال فيه العثرة وتغفر فيه الزلة فقد قال صلى الله عليه وسلم (( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة )) رواه مسلم .
فلتهنأ نفسك ولتقر عينك واستعد للقاء الله عز وجل واستثمر أوقاتك فيما يعود عليك نفعها في الآخرة فإنها ستفرحك يوم لا ينفع مال ولا بنون .. يوم تتطاير الصحف , وترتجف القلوب , وتتقلب الأفئدة , وترى الناس سكارى وما هم بسكارى .. ولكن عذاب الله شديد .
أخي الحبيب : اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها وللآخرة بقدر بقائك فيها , ولا تسوف فالموت أمامك والمرض يطرقك والأشغال تتابعك ولكن هرباً من كل ذلك استعن بالله وتوكل عليه وكن من الملبين المكبرين هذا العام .
أخي المسلم : أما وقد انشرح صدرك وأردت الحج وقصدت وجه الله عز وجل والدار الآخرة أذكرك بأمور :
- الاستخارة والاستشارة: فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار، فاستخر الله في الوقت والراحلة والرفيق ، وصفة الاستخارة أن تصلي ركعتين ثم تدعو دعاء الاستخارة المعروف.
2- إخلاص النية لله عز وجل: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله ونفقاته مقربة إلى الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى،) متفق عليه.
3- تعلم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاء التي قد تفسد عليك حجك. وكتب الأحكام ولله الحمد متوفرة بكثرة.
4- توفير المؤنة لأهلك والوصية لهم بالتقوى : فينبغي لمن عزم على الحج أن يوفر لمن تجب عليه نفقتهم ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم وصيانتهم وبعدهم عن الفتن والأخطار.
5- التوبة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31].
وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها ، والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده مظالم للناس ردها وتحللهم منها سواء كانت عرضا أو مالا أو غير ذلك.
6- اختيار النفقة الحلال : التي تكون من الكسب الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم. فإن الذي يحج وكسبه مشتبه فيه لا يقبل حجه، وقد يكون مقبولا ولكنه آثم من جهة أخرى. ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا خرج الحاج بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، حجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الحرام الخبيثة ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك. ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك. زادك حرام، وراحلتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور" رواه الطبراني.
إذا حججت بمال أصلُه سحتٌ ----- فما حججتَ ولكن حجَّتِ العيرُ
لا يقبــلُ الله إلا كلَّ صالحة ----- مـا كلُّ من حجَّ بيت الله مبرور
7- اختيار الرفقة الصالحة: فإنهم خير معين لك في هذا السفر؛ يذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة. وهم يحتسبون كل ذلك عبادة وقربة إلى الله عز وجل.
8- الالتزام بآداب السفر وأدعيته المعروفة ومنها : دعاء السفر والتكبير إذا صعدت مرتفعا والتسبيح إذا نزلت وادياًَ، ودعاء نزول منازل الطريق وغيرها.
9- توطين النفس على تحمل مشقة السفر ووعثائه وصعوبته : فإن بعض الناس يتأفف من حر أو قلة طعام أو طول طريق. فأنت لم تذهب لنزهة أو ترفيه، اعلم أن أعلى أنواع الصبر وأعظمها أجرا هو الصبر على الطاعة.. ومع توفر المواصلات وتمهيد السبل إلا أنه يبقى هناك مشقة وتعب.. فلا تبطل أعمالك أيها الحاج بالمن والأذى وضيق الصدر ومدافعة المسلمين بيدك أو بلسانك بل عليك بالرفق والسكينة.
10- غض البصر عما حرم الله: واتق محارم الله عز وجل فأنت في أماكن ومشاعر عظيمة ، واحفظ لسانك وجوارحك ولا يكن حجك ذنوبا وأوزارا تحملها على ظهرك يوم القيامة.
تقبل الله طاعاتنا وتجاوز عن تقصيرنا وجعلنا ووالدينا من المغفور لهم الملبين هذا العام والأعوام القادمة .

======================================================

من آداب الحج



محمد بن إبراهيم الحمد


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن للحج آداباً عظيمة، وأخلاقاً قويمة، يحسن بالحاج أن يقف عليها، ويجمل به أن يأخذ بها؛ ليكون حجه كاملاً ومبروراً، وسعيه مقبولاً ومشكروًا.

من تلك الآداب والأخلاق ما يلي:

1- الاستشارة والاستخارة: فيستحب للحاج أن يستشير من يثق بدينه، وخبرته وعلمه في حجه هذا، كما يستحب له أن يستخير الله –عز وجل- في حجه.
وهذه الاستخارة وتلك الاستشارة لا تعود إلى الحج نفسه، فالحج خير.
وإنما تعود إلى ملائمة الوقت، و تعود إلى المصلحة، وحال الشخص، وتعود إلى الرفق، والزاد.

2- إخلاص النية لله- تعالى-: فلا يقصد في حجه رياء ولا سمعة، ولا ليقال: حج فلان، ولا ليطلق عليه لقب الحاج..
وإنما يحج محبة لله، ورغبة في ثوابه، وخشية من عقابه، وطلباً لرفع الدرجات، وحط السيئات؛ فالإخلاص عليه مدار العمل.
قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) "البينة: 5".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) "متفق عليه".

3- المبادرة إلى كتابة الوصية: ذلك أنه مقدم على الحج، ومتعرض لمصاعب الطريق؛ فحرِيّ به أن يكتب وصيته، وبيان ما له وما عليه، وجدير به أنْ يوصي أهله وأصحابه قبل سفره بتقوى الله عز وجل.

4- المبادرة إلى التوبة النصوح: وهي التوبة الناصحة الخالصة التي تأتي على جميع الذنوب؛ فحري بالحاج أن يبادر إلى تلك التوبة، وأن يتحلل من المظالم؛ فذلك أرجى لقبول حجه، ورفعة درجاته، ومغفرة سيئاته، بل وتبديلها حسنات.

5- التفقه في أحكام الحج: ولو على سبيل الإجمال؛ فإن لم يستطع فليأخذ معه من الكتب أو الأشرطة ما يفيده في معرفة أحكام الحج، وأن يسأل عما يشكل عليه.

6- الحرص على اصطحاب الرفقة الطيبة: التي تعينه على الخير إذا تذكر، وتذكره بالخير إذا نسي، والتي يستفيد من جراء صحبتها العلم النافع، والخلق الفاضل.

7- تأمير الأمير: فإذا كان الحجاج جماعة فعليهم أن يؤمروا أميراً، وأن يكون ذا خبرة وسداد رأي، وعليهم أن يلزموا طاعته في غير معصية الله، وليحذروا من الاختلاف عليه كما عليه أن يرفق بهم، وأن يستشيرهم.

8- حسن العشرة للأصحاب: ومن ذلك أن يقوم الإنسان على خدمتهم بلا منة ولا تباطؤ، وأن يشكرهم إذا قاموا بالخدمة، وأن يتحمل ما يصدر من الرفقة من جفاء وغلظة ونحو ذلك، وأن يرى الحاج أن لأصحابه عليه حقاً، ولا يرى لنفسه عليهم حقاً؛ فذلك من كريم الخلال ومن حميد الخصال، وما ترفع به الدرجات، وتحط السيئات.
* ومن حسن العشرة: أن يبتعد الحاج عن مشاجرة الأصحاب، ومخاصمتهم، فإن حصل شيء من ذلك فليبادر إلى الاعتذار، وإذا تعذر الاجتماع فالأولى أن يفترقا؛ لتسلم القلوب، ويتمكن كل واحد منهما من أداء مناسكه دونما تشوش أو قلق، وبعد ذلك ربما تهدأ العاصفة، ويحصل الائتلاف.
* ومن حسن العشرة: أن يحرص الحاج على ملاطفة أصحابه، وإدخال السرور عليهم خصوصاً الضعفة والنساء.
* ومن الآداب مع الأصحاب: أن يحرص الحاج على الالتزام بالمواعيد، وأن يتطلف بالاعتذار إن حصل خطأ أو تأخير، أو خلل، وأن يتحمل ما يصدر منهم من عتاب إذا هم عاتبوا، وأن يتقبل العذر من غيره إذا هم أخطؤوا بتأخر أو خلل؛ فذلك دليل سمو النفس، وبعد الهمة، وحسن المعاشرة؛ فالعاقل اللبيب الكريم هو من يتحمل أذى الناس، ولا يحملهم أذاه.

9- تخير النفقة الطيبة: فيختار الحاج النفقة الطيبة من المال الحلال، حتى يقبل حجه ودعاؤه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) "رواه مسلم".

10- لزوم السكينة، واستعمال الرفق: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع) "رواه البخاري ومسلم".

11- الحرص على راحة الحاج، والحذر من أذيتهم: فعلى الحاج أن يحرص كل الحرص على راحة إخوانه الحجاج، وأن يبتعد عن كل مافيه أذى لهم، من رفع للصوت، أو إطلاق للأبواق بلا داع، أو أن يزاحمهم، أو يضيق عليهم، أو أن يؤذيهم بالتدخين أو نحو ذلك.
* ومما يجمل به -أيضاً- أن يحب لإخوانه الحجاج ما يحب لنفسه، وأن يكره لهم ما يكرهه لنفسه، فيتحمل أذاهم، ويصبر على بعض ما يصدر منهم من زحام، أو تصرفات مقصودة أو غير مقصودة؛ فالإنسان الكريم يصبر على أذى ضيوفه حرصاً على إكرامهم؛ فكيف بضيوف ربه؟ إن أكرمهم أولى ثم أولى، وإنه لدليل على إجلال الله، وتوقيره، وإنه لدليل على كمال العقل، ومتانة الدين؛ لأنه لا أحسن من درء الإساءة بالإحسان.

12- حفظ اللسان: وذلك بتجنب فضول الكلام، و سيئه، والبعد عن الغيبة والنميمة، والسخرية بالناس، وبالحذر من كثرة المزاح أو الإسفاف فيه، وبصيانة اللسان من السب والشتم.
ومن ذلك: أن يحذر الحاج من المماحكة، وكثرة المماسكة، وأن يحذر من المخاصمة والجدال إلا إذا كان جدالاً لإحقاق الحق، وإبطال الباطل بالتي هي أحسن.

13- غض البصر: لأن الحاج يعرض له ما يعرض من الفتن، فمن النساء من تخرج سافرة عن وجهها، ويديها وقدميها وربما أكثر من ذلك؛ فعلى الحاج أن يغض بصره، وأن يحتسب ذلك عند الله –عز وجل-.
* وبذلك يسلم قلبه من التشوش، ويسلم حجه من النقص، ويحفظ على نفسه دينه، ويبتعد عن الفتن والبلايا، ويحضُّ على ثمرات غض البصر المتنوعة، والتي منها الفراسة الصادقة، والحلاوة التي يجدها في قلبه، إلى غير ذلك من ثمرات غض البصر العديدة.

14- لزوم النساء الستر والعفاف: فعليهن ذلك وعليهن الحذر من مخالطة الرجال وفتنتهم، وعليهن الحذر من التبرج والسفور، والسفر بلا محرم.

15- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله: كل ذلك حسب القدرة، والاستطاعة مع لزوم الرفق، واللين، والحكمة، والموعظة الحسنة، والرحمة بالمدعوين والتطلف بهم، والصبر على بعض ما يصدر منهم.

16- إعانة الحجاج : وذلك بقدر المستطاع، كأن يرشد ضالهم، ويعلم جاهلهم، ونحو ذلك من الإعانات المتعددة.

17- الاستكثار من النفقة: ليواسي المحتاجين، ويرفد إخوانه إذا احتاجوا، ليبادر إلى إعانتهم إذا شعر بأنهم في حاجة ولو لم يطلبوا.

18- استشعار عظمة الزمان والمكان: فذلك يبعث الحاج لأداء نسكه بخضوع لله، وإجلاله له – عز وجل-: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) "الحج: 32".
ثم إن ذلك يصبره على بعض ما يلقاه من نصب، أو تعب، أو أذى.
فعلى الحاج أن يغتنم وقته بما يقربه إلى الله -عز وجل- من ذكر، أو دعاء، أو قراءة للقرآن، وذلك في أي مكان من تلك البقاع المباركة؛ فذلك سبب لانشراح صدره، ومضاعفة أجره، وإمداده بالقوة والطاقة، وشهود تلك الأماكن له يوم القيامة.

19- استحضار انقضاء أيام الحج: فهي قليلة معدودة، وسرعان ما تنقضي، فإذا استحضر الحاج ذلك كان دافعاً له إلى اغتنامها، والبعد عما يفسد حجه، أو ينقص أجره.

20- المحافظة على أداء الفرائض: وذلك بالحرص على أداء الصلوات المكتوبة مع الجماعة، وأن يحذر كل الحذر من تأخيرها عن وقتها.

21- البعد عن اجهاد النفس فيما لا يعني: فذلك سبب لأن يتوفر الإنسان على النشاط، ويتقوى على أداء المناسك بيسر وسهولة.
* أما إذا أجهد نفسه بلا داع وفيما لا يعني كان ذلك مدعاة لتعبه، ومرضه، وتكاسله عن أداء النسك على الوجه الذي ينبغي.

22- ألا يكون هم الحاج أن يقضي نسكه: بل عليه أن يستشعر عظمة ما يقوم به، وأن يكون قلبه منطوياً على تعظيم أمر الله، وأن يحرص على أن يتلذذ بما يقوم به؛ فذلك من أعظم ما يعينه على انشراح صدره، وإتيانه بالنسك على الوجه الأكمل.

* ختامًا: فليحرص الحاج على كل ما يقربه إلى ربه، وعلى كل ما يعينه على أداء نسكه، وليحذر كل الحذر من كل ما يفسد عليه حجه، أو ينقص أجره من قول أو عمل.
تقبل الله من المسلمين حجهم، وأعانهم على أداء مناسكهم، وأصلح ذات بينهم، وجمع على الحق كلمتهم، ونصرهم على عدوه وعدوهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


المصدر شبكة الإسلام اليوم

=====================================================

الدعوة إلى الله في الحج



فيصل بن علي البعداني



الحمد لله رب العالمين، والـصـــلاة والـسـلام على سيد الأنبياء وإمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الدعوة إلى الله ـ تعالى ـ في موسم الــحـــج سنة نبوية منذ فجر الإسلام؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على الــنـــــاس في مواسم الحج، كما أرسل العديد من أصحابه - رضي الله عنهم - لذلك. وفي حجة الوداع نصح الأمة غاية النصح وبلغ البلاغ المبين، وقد استمر علماء الإسلام ودعاته الصادقون على مر العصور في استغلال هذا الموسـم العظيم دعويًا مستفيدين منه في إيقاظ القلوب وإنــارة الـبـصـــائــر وعـــرض الإسلام النقي والتحذير من مخاطر الشرك وشوائب البدع والمنكرات.

وفي عصرنا نرى في الحج جهودًا دعوية مباركة، وأعمالاً مشكورة يقوم بها الــعـديــــد من الجهات والأفراد؛ ولكنها ـ مع كثرتها ـ لا تزال غير كافية وتحتاج إلى مزيد لأســبــــاب عديدة أهمها:
1 - تــوارد الأعـــداد الضخمة من الحجيج والتي تتزايد موسمًا بعد آخر، وهو مما يهيئ لإحداث نقلة دعوية نوعية في العالم الإسلامي متى استغل ذلك.
2 - تفشي الأمية الـشــرعــية وعموم الجهل بعقائد الإسلام وأحكامه، وانتشار الشركيات والبدع والخرافات بشكل مذهل في أوساط كثير من الحجاج.
3 - نوعية الحجيج؛ إذ كــثـير ممن يأتي للحج من البلدان المتفرقة هم من ذوي العواطف الدينية الجياشة الذين توفَّرَ لديهم نوع من اليسار النسبي والوجاهة في أوساط أقوامهم، مما يرجى أن يكون لدعوتهم أثر على أقوامهم بعد عودتهم.
4 - استعداد الحجيج وتهيؤهم للاستماع والتلقي.
5 - نظرة كثير من المسلمين لأبناء الحرمين نظرة تقدير وإجلال، وتقليدهم لهم فيما يرونهم يفعلونه ويدعون إليه، وهذا مما يـضــاعــف المــســؤولــيـة ويزيد العبء على عاتق الدعاة والمخلصين في بلاد الحرمين.

كل ذلك يـحـتـم إعطاء الدعوة والإرشاد في موسم الحج أولوية تفوق أولوية الاهتمام بشؤون تغذية الحجيج وإسـكـانهم وتوفير النقل لهم، كما يحتم تكثيف البرامج الدعوية ومراجعة القائم منها ومحاولة إدخال التجديد عليها بما يتلاءم وأهمية الدعوة في هذا المقام المبارك.
ورغم توفر العديد من الأمـــور المـشـجـعة على الدعوة في أوساط الحجيج كخصوصية المكان وإقبال الناس على الخير وتهيئهم لـسـمــاع كلام الله والعمل به إلا أنه يكتنفها العديد من العوائق التي يجب التنبه لها وتلافيها، ومن أبرزها:
أ - جهود أهل البدع والخرافات في تحـصـيـن أتـبـاعهم من التأثر بدعوة الحق وتحذيرهم إياهم من الأخذ عن علماء أهل السنة.
ب - المشقة البدنية الناتجة عن السفر، والجهد المـبـذول فـي أداء المناسك، مما يقلل من الفرص الملائمة للدعاة للالتقاء بالحجاج ما لم يكونوا مخالطـين لهم وعائشين في أوساطهم.
ج - خشونة بعض الدعاة وعدم تلطفهم مع المدعوين وقلة صبرهم عليهم، مما يجعل الكثير من الحجيج يتهيبون من سؤالهم والأخذ عنهم، بل قد تـوجـــد لدى كثير منهم ردود فعل تمنعهم من قبول توجيههم والاستماع إلى نصحهم وإرشادهم.
د - كثرة الكتيبات والمطويات والأشرطة التي في متناول الحـجـيــج بما لا يتفق مع منهج أهل السنة والجماعة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا النسك العظيم.
وقبل أن أبدأ باقتراح بعض الوسائل الدعوية في الحج والتي يمكن للـجـهــــات أو الأفراد تطبيق بعضها كلٌ حسب ما يناسبه ويتلاءم مع وضعه أُحِبُّ أن أذكِّر إخـوانـي العاملين في حقل الدعوة في الحج بالأمور الآتية:
* أهمية قيام الدعاة بمراجعة أحوالهم ومحاسبة أنفسهم من ناحية إخلاصهم في دعوتهــم لله ـ تعالى ـ ومتابعتهم فيها للرسول صلى الله عليه وسلم.
* أهــمــيــة حــرص الداعية على فقه أحكام المناسك والتحلي بالأخلاق الفاضلة من صبر وهدوء وحسن معاشرة ليكون داعية بسلوكه وأخلاقه قبل أن يكون داعية بلسانه.
* أهمية إدراك الـعـلــمــاء والدعاة - جهات وأفراداً - عظم المسؤولية الملقاة على عواتقهم والأمانة المنوطة بهم تجاه الحجيج وضرورة جدهم في استغلال هذا الموسم العظيم ومثابرتهم في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة والدعوة إليها، وكشف عوار الباطل والتحذير منه.
* أهمية ترتيب أولــويـــات الدعوة في أوساط الحجيج والبدء بالأهم قبل المهم بحيث يتم التركيز على بيان العقيدة الـصـافـية ومبادئ الإسلام الأساسية والتحذير من الشرك والبدع والمعاصي، والعناية بإيضاح أحـكــام المناسك وصفة الصلاة والحجاب الشرعي ونحو ذلك مما تمس الحاجة إليه.
* تنفيذ كثير من الوسائل فوق طـاقــات الأفراد وكثير من الجهات؛ ولذا فلا بد من تضافر الجهود وقيام الجهات الدعوية بالتنسيق فيما بينها للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة.
* كثير من الوسائل الدعوية تحتاج إلى تخطيط وإعداد مسبق قبل موسم الحج بوقت كافٍ وما لم يتم ذلك فإن تطبيقها لن يؤتي الثمار المنشودة منها.
* الانتباه إلى أن الدعوة ليست توزيع كتاب أو إقامة نشاط أو إلقاء كلمة، بل محاولة تأثير على المدعو وسعي لتفهيمه الإســـلام الـنـقي ليعمل به، وتغيير لما يوجد لديه من معتقدات وسلوكيات مخالفة للشرع.
* الدعوة في الحج جهد ضخم وعمل مضنٍ فوق طاقة كثير من الجهات والأفراد؛ ولذا فلا بد من النظرة العالمية والعمل على أســاســهـا بحيث يتم استيعاب كل صاحب جهد سليم وجاد والاستفادة من علماء أهل السنة ودعاتهم في البلدان المختلفة.
* أهمية تفهيم الحجيج بواجبهم تجاه ديـنـهــم، وضــــرورة قيامهم بحمل همِّ هذا الدين والدعوة إلى الله ومناصرة علماء أهل السنة والجماعة ودعاتهم الـــصـادقين في مجتمعاتهم، وإفهامهم بأن الدعوة إلى الإسلام مسؤولية مشتركة بين كـافــة أبــنــائـــه كل حسب وسعه وطاقته.
* لا بد من مراعاة أحوال الحجيج ونظرة بيئاتهم الثقافية والاجتماعية التي نشؤوا فيها إلى بعض المنكرات والمواقف التي لا يرتضيها الداعية، وأن لا يقوم الداعية باستصحاب خلفيته التربوية والاجتماعية عند دعوته لهم وقيامه بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم.
* لا بد من الاهتمام بسلامة محتوى الكتيبات والمطويات والأشرطة الموزعة على الحجيج والتأكد من سلامتها عقديًا وفقهيًا، كما لا بد من الاهتمام بحسن العرض والإخراج حتى يكون ذلك أدعى لقبول الحاج لها واستفادته منها.
وأحب أن أشير إلى أن القصد من إيراد هذه الوسائل التمثيل لا الحصر، وأن الأمر قابل للتنمية والزيادة خاصة متى توفرت الركائز الأساسية لذلك، والتي تتمثل بحمل همِّ الدعوة إلى الله والممارسة الفعلية، والتنبيه على أن هدف ذلك تفتيح أذهان الدعاة ولفت انتباههم إلى وجود جوانب دعوية كثيرة في الحج لم تطرق أو أنها طرقت ولكنها تحتاج إلى المزيد، والتنويه إلى أن هذه الوسائل تحتاج إلى تحسين ومراجعة وذلك بعد عرضها على محك التجربة والتطبيق. وقد يلحظ القارئ الكريم تكرارًا في إيراد بعض الوسائل، وهذا مما يقتضيه مثل هذا الموضوع سعيًا إلى جمع الوسائل التي يمكن استخدامها في مقام معين في مكان واحد.

وسائل دعوية في الحج:
الوسائل الدعوية المقترحة في الحج كثيرة، وللاستفادة منها سأوردها كما يلي:

أولاً: وسائل دعوية والحجاج في بلدانهم:
* السعي إلى التنسيق مع مسؤولي الحج في الجهات والمشيخات والمجالس والمؤسسات والمراكز الإسلامية في الدول المختلفة لعقد دورات شرعية عن صفة الحج وآدابه، ومتطلبات الحاج في السفر، والأمور التي يشرع فعلها قبل السفر، وتهيئة الأجواء الملائمة لإنجاحها.
* تكليف الجهات الدعوية والمؤسسات والمراكز الإسلامية بعضَ دعاتهم في البلدان المختلفة بمرافقة الحجاج القادمين من بلدانهم وتعليمهم والقيام بتوعيتهم.
* إيجاد حقــيــبة إرشـــادية للحاج بلغته تتكون من مصحف وبعض الكتيبات والأشرطة والخرائط الـخـاصـــــة بمكة والمشاعر، والتنسيق مع الجهات التي تتولى سفر الحجيج في البلدان المختلفة لتوزيع هذه الحقائب.
* توفير الكتيبات والأشــرطـــــة والخرائط الخاصة بمكة والمدينة والمشاعر بلغات مختلفة وعرضها للبيع في البلدان التي يقدم منها الحجاج قبل زمن الحج بوقت كافٍ.
* الاستفادة من التقنيات الحديثة لــشـــرح معالم الحج وأركانه وآدابه، كأشرطة الفيديو والمجسمات والشرائح الفلمية؛ لأن كـثـيرًا من الأخطاء التي يقع فيها الحجيج ناتجة عن الجهل بكيفية المشاعر ومواقعها.

ثانيًا: وسائل دعوية في وسائل التنقل المختلفة إلى بلاد الحرمين:
* عرض أفلام فيديو وتشغيل أشرطة كـاســـيـت حـــول صفة الحج وآدابه عند القدوم إلى المشاعر، وعند المغادرة وحول أهمية الاستمرار في العمل الصالح، وأن يكون العبد بعد الحج خيرًا منه قبله، والحث على تجنب البدع والمنكرات الـتــي يقع فيها بعض الحجيج عند عودتهم إلى بلدانهم، وأن يكون للحاج عند عودته دور في إصــــــلاح أهله ومجتمعه وبث الوعي الشرعي ومجابهة الفساد.
* توزيع حقائب إرشادية على الحجاج تتضمن مصحفًا وســـواكـًا ومجموعة من الكتيبات والأشرطة الإسلامية المعتمدة من جهات علمية موثوقة.
* توزيع حقائب توعية خاصة بالمرأة تتضمن ـ بالإضافة إلى ما تتضمنه الحقيبة الإرشادية ـ كتيبات وأشرطة عن صفة الحجاب الشرعي وكيفية الالتزام به، ودور المرأة المسلمة، كما يمكن أن يضاف إلى هذه الحقيبة حجاب شرعي.
* في الرحلات التي تستمر وقتًا طويلاً ويكون العدد مناسبًا يـمـكـــن الـتـنسيق مع المطوفين وأصحاب الحملات وشركات النقل لتعيين داعية أو أكثر من الذين يـجـيـدون لغة الركاب لـشـــرح صفة الحج وآدابه والأخطاء التي يقع فيها الحجيج لتجنبها، وطـــرح بــعــض الموضوعات العقدية والفقهية، والإجابة عن استفسارات الحجاج ونحو ذلك مما يهمهم.
* الاقــتــراح عـلـى شــركــات النقل الجوي والبحري وضع مكتبة شرعية صغيرة مقروءة ومسموعة وعرضها على الركاب للشراء أو الاستعارة أثناء الرحلة.
* التأكيد على شركات الـنـقــل الـجــويـــة والبحرية بأهمية تنبيه الحجيج عند محاذاة الميقات؛ لأن كثيرًا منها لا يقوم بذلك، كذلك عدم عرض أو تقديم ما لا يحل شرعاً.

ثالثًا: وسائل دعوية في منافذ بلاد الحرمين الحدودية:
* توزيع المصاحف والكتيبات والأشرطة الإسلامية والخرائط الإرشادية عند قدوم الحجاج ومغادرتهم.
* وضـع لــوحـــات تـوجيـهـية، وأخرى تحمل عبارات الترحيب والوداع باسم الجهات والمؤسسات الدعوية.
* توزيع دليل بعدة لغات يتضمن أرقام هواتف الجهات الدعوية والخدمية الهامة وأرقام هواتف طلبة العلم والدعاة، ولابــد مـن تـضمنه أرقام هواتف بعض الدعاة الذين يتحدثون بلغات مختلفة والإشارة إلى اللغة التي يتحدث بها كل منهم.

رابعًا: وسائل دعوية في مدن الحجاج والمواقيت:
* تكثيف الدعاة في هذه المواقع وبلغات مخـتـلـفة؛ بحيث تكون مهمتهم تعليم الحجاج ما يحتاجون إليه من أمر دينهم، وتوجيههم إلى ما ينفـعهم، ومساعدتهم في تصحيح الأخطاء التي تُرَى عليهم، والإجابة عن استفساراتهم، ونحو ذلك.
* تكليف دعاة ميدانيين للرجال وداعيات مـيـدانــيـــات للنساء يتخاطبون بلغات مختلفة يتجولون في مدن الحجاج بالسيارات وعلى الأقدام بحـيـث تـكــون مهمتهم التعليم المباشر للحجاج والدعوة لهم بحكمة ولين.
* الإكثار من مكاتب الإرشاد الشرعي الصغيرة في مدن الحجاج والمواقيت بقدر المستطاع؛ مع أهمية تخصيص بعضٍ منها للرجال وأخرى للنساء.
* توزيع المصاحف وما يستطاع توزيعه من الكتيبات والنشرات والأشرطة الإرشادية بحيث يُضمن وصولها إلى كل حاج بلغته.
* وضع لوحات إرشادية تتضمن صفة الحج وآدابه ونماذج من الأخطاء العقدية والسلوكية التي يقع فيها الحجاج، ويمكن أن يكون بعضها لوحات إلكترونية حتى يتمكن الدعاة القائمون عليها من تحديد التوجيهات الملائمة بلغات مختلفة.
* إقامة الدروس العلمية والدورات الشرعية في مدن الحجاج بعد انتهاء موسم الحج في وقت انتظار الحجيج زمن المغادرة إلى بلدانهم.
* التنسيق مع المجلات الإسلامية لأخذ مسترجعاتها لتوزيعه على الحجاج في مدن الحج بعد انتهاء موسم الحج.
* التنسيق مع مكاتب دعوة الجاليات والمكتبات والتسجيلات الإسلامية لإقامة معارض للكتاب والشريط الإسلامي بلغات مختلفة في مدن الحجاج.

خامسًا: وسائل دعوية في النقل الداخلي بين المدن وفي المشاعر:
* إلزام الجهات المعنية جميع أصحاب السيارت بإصلاح مكبرات الصوت وأجهزة العرض والتسجيل المرئي والمسموع.
* توجيه رسائل إلى السائقين تذكرهم بالله، وتحثهم على القيام بالدور المنوط بهم في توجيه الحجاج وإرشادهم، والحرص على أداء الحجاج لنسكهم حسب الوجهة الشرعية.
* إعداد قائمة بالمخالفات الشرعية التي تقع في وسائل النقل، وحث السائقين وشركات النقل على تحاشي وقوعها.
* حث شركات النقل والسائقين على توفير الأشرطة النافعة مرئية ومسموعة، ووضع الكتيبات والمطويات داخل سياراتهم لتزويد الحجاج بها.
* وضع مكتبة شرعية صغيرة مقروءة ومسموعة في الطائرات والحافلات يُمكَّن الركاب من الشراء منها أو الاستعارة أثناء الرحلة.
* وضع لوحات إرشادية تُجعَل خلف الكراسي بشكل أنيق ومناسب في سيارات الأجرة والحافلات تتضمن بعض التوجيهات والإرشادات الشرعية.
* التنسيق مع شركات النقل وأصحاب الحافلات للاستفادة من حافلاتهم في وضع بعض اللوحات والملصقات الإرشادية عليها بلغات مختلفة من الخارج.
* قيام المطوفين وأصحاب الحملات بتعيين داعية في الحافلات الخاصة بهم بلغة الركاب للتوجيه والإرشاد وإقامة البرامج الدعوية والإجابة على الاستفسارات.

سادسًا: وسائل دعوية في الحرمين الشريفين:
* تكثيف الدروس والمحاضرات المقامة في الحرمين بلغات مختلفة.
* تخصيص أمكنة معروفة في الحرمين لترجمة خطب الجمعة بعد أداء الصلاة ودروس كبار العلماء إلى لغات المسلمين الحية عبر مكبرات الصوت الداخلية.
* إلقاء كلمات لكبار علماء الأمة ودعاتها بعد الصلوات المفروضة.
* الاستفادة من ساحات الحرمين وأعمدتهما وجدرانهما وأسقفهما بوضع لوحات إرشادية إلكترونية وعادية بلغات مختلفة.
* تعيين جملة من الدعاة الميدانيين والداعيات الميدانيات من ذوي اللغات المختلفة في ساحات الحرمين الداخلية والخارجية لتعليم الحجاج وإرشادهم.
* تفعيل دور رجال الحسبة للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات الشرعية التي يقع فيها بعض الحجيج.
* تخصيص مكاتب للدعوة والفتوى في جنبات الحرمين الداخلية وساحاتها الخارجية.
* إقامة مكتبات مصغرة في جنبات الحرمين بلغات مختلفة وتخصيص عدد من الخزانات (الدواليب) والأرفف لوضع جملة من ترجمة معاني القرآن الكريم والكتيبات والمطويات الإسلامية بلغات مختلفة.

سابعًا: وسائل دعوية في مساجد منطقتي مكة والمدينة:
* قيام الأئمة والمؤذنين بدورهم في توجيه الحجاج الذين يصلون في مساجدهم وتعليمهم، ومحاولة التأثير عليهم وإزالة ما قد يكون لديهم من أخطاء شرعية.
* تفعيل دور جماعة المسجد في الاختلاط بالحجاج وإكرامهم وزيارتهم في مساكنهم، والقيام بتوعيتهم وإرشادهم.
* تفعيل دور نساء جماعة المسجد في الاختلاط بالنسوة القادمات من مناطق مختلفة للحج، وحثهن على تعلم الدين والدعوة إليه والقيام بدورهم في تربية النشء تربية صالحة، والتمسك بالحجاب، وعدم الانسياق وراء الدعوات المشبوهة التي تهدف إلى إفساد المرأة المسلمة وإبعادها عن دينها.
* الاهتمام بإقامة المحاضرات والدروس والكلمات التوجيهية في المساجد بلغات مرتاديها.
* التنسيق مع مكاتب دعوة الجاليات لترجمة خطب الجمعة والمحاضرات والدروس العلمية كل مسجد بلغة مرتاديه من الحجيج.
* إقامة الحلقات القرآنية والدورات العلمية المناسبة باللغات المختلفة.
* اختيار بعض الكتب العقدية والفقهية الملائمة للحجيج للقراءة منها عليهم بعد الصلوات.
* عرض بعض الدروس والمحاضرات المسجلة باللغات المختلفة عبر مكبر صوت المسجد.
* الاعتناء بتوفير ترجمات معاني القرآن الكريم والكتيبات والأشرطة ووضع ملصقات ولوحات إرشادية ومكتبة مصغرة للاطلاع بلغة مرتادي المسجد من الحجيج.

ثامنًا: وسائل دعوية في مساكن الحجاج في مكة والمدينة:
* وضع مكتب للدعوة في كل عدد مناسب من المجمعات السكنية يعمل فيه مجموعة من الدعاة الذين يجيدون لغة القاطنين فيها؛ بحيث تكون مهمتهم توعية الحجيج وإقامة البرامج الدعوية والعلمية لهم، والإجابة عن استفساراتهم.
* وضع مقسم (سنترال) ضخم للدعوة والإرشاد يضم مجموعة من الدعاة بلغات مختلفة بحيث يكون لكل لغة جملة من خطوط الهاتف برقم موحد من ثلاث خانات، ويتم إلزام المجمعات السكنية بتشغيل المقاسم (السنترالات) الخاصة بها، ووضع جهاز في كل غرفة أو جناح ووضع ملصق بجواره يتضمن جملة من الإرشادات الشرعية وأرقام هواتف مقسم (سنترال) الدعوة والإرشاد بكل لغة، وإلى أن يقام هذا المقسم ( السنترال) يمكن التنسيق مع شركة الاتصالات السعودية للاستفادة من مقاسم (سنترالات) الاستعلامات لديها في منطقتي مكة والمدينة في موسم الحج في هذا الأمر.
* قيام المطوفين وأصحاب الحملات بوضع مكتبة مقروءة وسمعية بلغة القاطنين تتضمن جملة من المصاحف والكتيبات والأشرطة في كل مجمع سكني.
* وضع لوحات إرشادية في الأجنحة والأدوار والمجمعات السكنية تتضمن بعض الملصقات والنشرات التوجيهية بلغة الحجيج القاطنين فيها.
* التنسيق مع طلبة العلم والدعاة الذين يتحدثون بلغات مختلفة للقيام بزيارة الحجاج في مساكنهم للنصح والتوجيه وإلقاء دروس ومحاضرات وكلمات في المصليات، إن وجدت.
* مشاركة بعض الدعاة لإخوانهم الحجيج في السكنى في أماكن إقامتهم واستغلال ذلك في تعليمهم وتوجيههم الوجهة الراشدة.
* وضع ركن للدعوة والفتوى في مداخل المجمعات السكنية يتضمن رفًّا توضع عليه الكتيبات والمطويات والأشرطة الخاصة بالتوزيع، ولوحة للفتوى وصندوقًا لجمع الأسئلة والاقتراحات الدعوية على أن تكون الكتابة بلغة ساكني المجمع.

تاسعًا: وسائل دعوية في المخيمات في المشاعر:
* الاقــتــراح على المطوفين وأصحاب الحملات بوضع مكتبتين تتضمنان عددًا مناسبًا من المصاحف وتـرجـــمـــة مــعـانــي القرآن الكريم، والكتيبات والأشرطة بلغة رواد المخيم في المخيمات التابعة لهم؛ بحيث تكون واحدة في جناح الرجال وأخرى في جناح النساء.
* قيام المطوفين وأصحاب الـحـمـــلات بتوفير عدد من الدعاة المعتمدين من قِبَلِ الجهات المعتبرة بحيث يكون على الأقل نـصـيب كل مئتي حاج داعية يخالطهم معلمًا إياهم ومبينًا لهم هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسـنـتــه فـي أداء المـنـاسـك ومحذرًا إياهم من البدع والمخالفات التي يقع فيها كثير من الحجيج.
* التنسيق مع المطوفين وأصحاب الحملات لإيجاد إدارة للإشـــــراف الدعوي والثقافي في مخيماتهم تتولى وضع سلسلة من البرامج الدعوية والعلمية التي تـتـعـلـق بالحج وغيره مما يهم المسلم في دينه ويقربه إلى ربه بلغة الحجيج.
* قيام مكاتب دعوة الجاليات ببلاد الحرمين بتنظيم جولات لـدعـاتـهــا الذين يتحدثون بأكثر من لغة على مخيمات الحجيج الأعاجم الذين يجيدون الـتـخـاطب معهم لتوعـيتهم وإرشادهم والإجابة على استفساراتهم.
* تنظيم زيارة للعلماء وطلبة العلم إلى مخيمات المطوفين وأصحاب الـحـمـــلات لـوعـظــهم وإرشادهم وإلقاء الدروس والمحاضرات عليهم.
* العمل على إيجاد قنوات تلفزيونية داخلية في منطقة المشاعر تبث بلغات مختلفة وتكون تابعة للمؤسسات الدعوية في بلاد الحرمين ليقوم من خلالها العلماء والدعاة بـتــوجــــيــه الحجيج وإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم.
ويــســاعـــد على نجاح هذه الفكرة بقاء الخيام في الفترة الأخيرة في منطقة منى وجزء من منطقة مزدلفة على مدار العام.
* وضع لوحات إرشادية في المخيمات تتضمن بعض التوجيهات الشرعية بلغات قاطنيها.
* وضع أرفف توضع عليها المصاحف والكتيبات والأشرطة الخاصة بالتوزيع.
* تفعيل دور طلبة العلم الموجودين في المخيمات، ومطالبة من يستطيع منهم بإلقاء دروس ومحاضرات وكلمات بعد الصلوات في مخيماتهم والمخيمات المجاورة.
* تفعيل درو طــالــبـــات العلم والداعيات الموجودات في المخيمات باعتبارهن الأقدر على التأثير في أوساط النساء ودعوتهن.
* الاهتمام بالمرأة المـسـلـمــة وتوعيتها وتنبيهها إلى أهمية اهتمامها بتعلم دينها واعتزازها بهويتها ومحافظتها على الـحــجــاب وتـرك الاخــتــلاط بـالرجــال والابتعاد عن التشبه بالكافرات ومن سار في فلكهن.
* إيجاد مجسمات وخرائط للمشاعر للاستفادة منها في بيان الصـــورة الصحيحة والطريقة السهلة لأداء المناسك.
* ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مخيمات الحجيج بحكمة ولين.
* تــوفــيــر الأجـــواء المــلائـمة والأدوات اللازمة لإنجاح عملية الدعوة والتوجيه داخل المخيمات.
* وضع صناديق للاقتراحات الـدعــوية في المخيمات في أقسام الرجال والنساء تكون تابعة لهيئة التوعية في الحج والجهات الـدعـويـــة في بلاد الحرمين لكي تستفيد من اقتراحات الحجاج في خططها الدعوية للأعوام القادمة.
* زيارة العلماء والدعاة القادمين من مناطق مختلفة للاستفادة منهم والاستماع إلى أخبارهم ومؤازرة أنشطتهم الدعوية معنويًا وماديًا بما يستطاع.
* تفريغ خطوط هاتفية في كل مخيم في قـسـمـي الـرجــال والنساء تكون خاصة بالاستفسار وطلب الفتوى من أهل العلم.
* وضع لوحة للفتوى، وصندوق لوضع الأسئلة في قـسـمـــي الرجال والنساء على أن تكون الإجابة بلغة قاطني المخيم.

عاشرًا: وسائل دعوية في الطرقات والأماكن العامة في مكة والمدينة ومنطقة المشاعر:
* وضع مواقع صغيرة في الطرقات والأماكن العامة وبجوار المخيمات للوعظ والإرشاد عبر مكبرات الصوت والإجابة على الاستفسارات وتوزيع الكـتــيـبـات والأشرطة في الطرقات وبجوار المخيمات.
* وضع لوحات إرشادية إلكترونية وعادية على الجسور وفي الطرق والأماكن العامة بلغات مختلفة.
* التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص في منطقتي مكة والمدينة للاسـتـفادة من اللوحات الإعلانية الموجودة بها في توعية الحجيج وإرشادهم بلغات مختلفة.
* تكثيف جهود طلبة العلم والدعاة الميدانيين الذين يجولون الطرقات والأمــاكـــن العامة بالسيارات وعلى الأقدام للتوعية والإرشاد عبر مكبرات الصوت وبلغات مختلفة.
* الاستفادة من أسوار المخيمات في المشاعر وواجهات وأسطح المجمعات السكنية بـوضــع لوحات إرشادية يكتب عليها نصوص شرعية وعبارات توجيهية بلغات مختلفة.
* وضع ملصقات للتوعية الشرعية على أجهزة الهواتف العمومية وأبواب المسـتـشـفـيــات والجهات الخدمية المختلفة.
* وضع أجهزة عرض تلفزيوني وتسجيل في أماكن تجمعات الناس الـعـامــة كالمـطـــاعـــم والمستشفيات وجوار كبائن الهواتف العمومية ونحو ذلك لعرض برامج دعوية وعلمية.
* إعداد خرائط بمواقع هيئة التوعية في الحج والجهات الإرشادية لتسهيل عملية الوصول إليها والاستفادة منها.
* تفعيل دور جهات الحسبة للقيام بدورها في وسط هذه الأعداد الضخمة من البشر لزيادة الخير وردع ضعاف النفوس من استغلال هذا التجمع الضخم بفعل ما لا يحل.
* حث طلبة العلم والدعاة والعامة على إحياء السنن التي يُتساهل فيها كالتلبية والتكبير ونحو ذلك.

وأخيرًا:
فالمسؤولية جسيمة، وعلى المطوفين وأصحاب الحملات ومن له تعامل مباشر مع الحجـيج خوف الله فيهم والمبادرة بالإحسان إليهم والحرص على صلاح أحوالهم وصــحــة نسكهم وتعليمهم ما ينفعهم وتحاشي ظلمهم أو التقصير في حقهم خصوصًا في هذا المقام الـعـظيم - زمانًا أو مكانًا -.
نسأل الله ـ تعالى ـ للجميع قبول العمل والتوفيق لكل خير، وصلى الله وسلم على نـبـيـنـا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


المصدر : مجلة البيان - العدد 148 ذو الحجة 1418 هـ


=====================================================

هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم



عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المسلمون من حجاج بيت الله الحرام:
فأسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يرضيه، والعافية من مضلات الفتن، كما أسأله سبحانه أن يوفقكم جميعاً لأداء مناسككم على الوجه الذي يرضيه وأن يتقبل منكم وأن يردكم إلى بلادكم سالمين موفقين إنه خير مسؤول.
أيها المسلمون :
إن وصيتي للجميع هي تقوى الله سبحانه في جميع الأحوال والاستقامة على دينه، والحذر من أسباب غضبه. وإن أهم الفرائض وأعظم الواجبات هو توحيد الله والإخلاص له في جميع العبادات، مع العناية باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأعمال، وأن تُؤَدّى مناسك الحج وسائر العبادات على الوجه الذي شرعه الله لعباده على لسان رسوله وخليله وصفوته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وإن أعظم المنكرات وأخطر الجرائم هو الشرك بالله سبحانه وهو صرف العبادة أو بعضها لغيره سبحانه لقوله عز وجل: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). "النساء: 48". وقوله سبحانه يخاطب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) "الزمر:65".
حجاج بيت الله الحرام:
إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع ، وذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، وقد علّم الناس فيها مناسكهم بقوله وفعله، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم) فالواجب على المسلمين جميعاً أن يتأسوا به في ذلك ، وأن يؤدوا مناسكهم على الوجه الذي شرعه لهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد وقد بعثه الله رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، فأمر الله عباده بأن يطيعوه ، وبين أن اتباعه هو سبب دخول الجنة والنجاة من النار، وأنه الدليل على صدق حب العبد لربه وعلى حب الله للعبد كما قال الله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) "الحشر: 7". وقال سبحانه وتعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) "النور: 56". وقال عز وجل: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) "النساء: 80". وقال سبحانه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) "الأحزاب: 21).
وقال سبحانه: (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) "النساء: 13، 14".
وقال عز وجل: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله،وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) "الأعراف: 158".
وقال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) "آل عمران: 31".
والآيات في هذا المعنى كثيرة. فوصيتي لكم جميعاً ولنفسي تقوى الله في جميع الأحوال، والصدق في متابعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله لتفوزوا بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
حجاج بيت الله الحرام:
إن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الثامن من ذي الحجة توجه من مكة المكرمة إلى منى ملبياً وأمر أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ أن يهلوا بالحج من منازلهم ويتوجهوا إلى منى ولم يأمر بطواف الوداع، فدل ذلك على أن السنة لمن أراد الحج من أهل مكة وغيرها من المقيمين فيها ومن المحلين من عمرتهم وغيرهم من الحجاج أن يتوجهوا إلى منى في اليوم الثامن ملبين بالحج وليس عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الحرام للطواف بالكعبة طواف الوداع.
ويستحب للمسلم:
عند إحرامه بالحج أن يفعل ما يفعله في الميقات عند الإحرام من الغسل والطيب والتنظيف. كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بذلك لما أرادت الإحرام بالحج وكانت قد أحرمت بالعمرة فأصابها الحيض عند دخول مكة وتعذر عليها الطواف قبل خروجها إلى منى فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتهل بالحج ففعلت ذلك فصارت قارنة بين الحج والعمرة.
* وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً دون جمع، وهذا هو السنة تأسياً به صلى الله عليه وسلم ويسن للحجاج في هذه الرحلة أن يشتغلوا بالتلبية وبذكر الله عز وجل وقراءة القرآن، وغير ذلك من وجوه الخير كالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الفقراء فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى عرفات منهم من يلبي ومنهم من يكبر. فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له بنمرة غربي عرفة، واستظل بها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على جواز أن يستظل الحاج بالخيام والشجر ونحوها.
* فلما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلاة والسلام ، وخطب الناس وذكرهم وعلمهم مناسك حجهم وحذرهم من الربا وأعمال الجاهلية ، وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام، وأمرهم بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
* فالواجب على جميع المسلمين وغيرهم أن يلتزموا بهذه الوصية وأن يستقيموا عليها أينما كانوا ويجب على حكام المسلمين جميعاً أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يحكموها في جميع شؤونهم، وأن يلزموا شعوبهم بالتحاكم إليها، وذلك هو طريق العزة والكرامة والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.وفق الله الجميع لذلك.
* ثم إنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الظهر والعصر قصراً وجمعاً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، ثم توجه إلى الموقف واستقبل القبلة ووقف على دابته يذكر الله ويدعوه ويرفع يديه بالدعاء حتى غابت الشمس وكان فاطراً ذلك اليوم ، فعلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله صلى الله عليه وسلم في عرفات، وأن يشتغلوا بذكر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس، وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء وأن يكونوا مفطرين لا صائمين وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة وإنه سبحانه ليدنو فيباهي بهم ملائكته). وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله يقول يوم عرفة لملائكته: (انظروا إلى عبادي! أتوني شعثاً غبراً يرجون رحمتي أشهدكم أني قد غفرت لهم). وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف).
* ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبياً إلى مزدلفة وصلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين، ثم بات بها وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة، ثم أتى المشعر فذكر الله عنده وكبر وهلّل ودعا ورفع يديه وقال: (وقفت هاهنا وجمع كلها موقف) فدل ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحجاج يبيت كل حاج في مكانه ويذكر الله ويستغفره في مكانه ولا حاجة إلى أن يتوجه إلى موقف النبي صلى الله عليه وسلم وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة للضّعفة أن ينصرفوا إلى منى بليل فدل ذلك على أنه لا حرج على الضّعَفَة من النساء والمرضى والشيوخ ومن تبعهم في التوجه من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل عملاً بالرخصة وحذراً من مشقة الزحمة ، ويجوز لهم أن يرموا الجمرة ليلاً كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم.
* وذكرت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للنساء بذلك، ثم إنه صلى الله عليه وسلم بعدما أسفر جداً دفع إلى منى ملبياً فقصد جمرة العقبة فرماها بعد طلوع الشمس بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم نحر هديه ، ثم حلق رأسه ثم طيبته عائشة رضي الله عنها، ثم توجه إلى البيت فطاف به، وسئل صلى الله عليه وسلم في يوم النحر عمن ذبح قبل أن يرمي ومن حلق قبل أن يذبح ومن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي فقال: (لا حرج).
* قال الراوي: فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج). وسأله رجل فقال يا رسول الله: سعيت قبل أن أطوف فقال: (لا حرج). فعلم بهذا أن السنة للحجاج أن يبدؤوا برمي الجمرة يوم العيد ،ثم ينحروا إذا كان عليهم هدي، ثم يحلقوا أو يقصروا والحلق أفضل من التقصير فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمحلقين ومرة واحدة للمقصرين، وبذلك يحصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط ويتطيب ويباح له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء ، ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده. ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، وبذلك يحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام حتى النساء.
* أما إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القدوم. فإن لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة.
* ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى فأقام بها بقية يوم العيد واليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال يرمي كل جمرة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية ويجعل الأولى عن يساره حين الدعاء والثانية عن يمينه ولا يقف عند الثالثة.. ثم دفع صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمرات فنزل بالأبطح وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
* ثم نزل إلى مكة في آخر الليل من الليلة الرابعة عشرة وصلى الفجر بالناس عليه الصلاة والسلام وطاف للوداع قبل صلاة الفجر ثم توجه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
* فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله صلى الله عليه وسلم في أيام منى فيرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في كل يوم كل واحدة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويشرع له أن يقف بعد رميه الأولى ويستقبل القبلة ويدعو ويرفع يديه ويجعلها عند يساره، ويقف بعد رمي الثانية كذلك ويجعلها عن يمينه وهذا مستحب وليس بواجب ولا يقف عند رمي الثالثة فإن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء رحمة من الله سبحانه بعباده وتوسعة عليهم.
* ومن شاء أن يتعجل في اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمار فلا بأس ومن أحب أن يتأخر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفضل لكونه موافقاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.. والسنة للحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر وهذا المبيت واجب عند كثير من أهل العلم، ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك ومن كان له عذر شرعي كالسقاة والرعاة ونحوهم فلا مبيت عليه.
* أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمنى إذا تعجلوا ونفروا من منى قبل الغروب.. أما من أدركه المبيت بمنى فإنه يبيت ليلة الثالث عشر ويرمي الجمار الثلاث في اليوم الثالث عشر بعد الزوال كما رمى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ثم ينفر وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بمنى.
* ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت). إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
* ومن أخر طواف الإفاضة فطاف عند السفر أجزأه عن الوداع لعموم الحديثين المذكورين.
أسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه وأن يتقبل منا ومنكم ويجعلنا وإياكم من العتقاء من النار. إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

==================
صيد الفوائد .
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22/01/2004, 01:50 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 13/09/2003
المكان: !! KSA !!
مشاركات: 9,868
جزاك الله خير اخووووووووووي
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28/01/2004, 12:46 AM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 19/08/2002
المكان: الرياض
مشاركات: 483
جعلها الله في ميزان حسناتك.
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28/01/2004, 06:13 PM
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 19/08/2003
مشاركات: 124
الله يجزاك بكل خير
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28/01/2004, 11:18 PM
عضو سابق باللجنه الإعلاميه
تاريخ التسجيل: 26/08/2001
المكان: السعودية "الــخــبـــر"
مشاركات: 13,852
وجزاكم الله خير على الردود ,,

عاشق التمياط
الصرح
ظلال الصدى .
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 04:56 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube