نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي

[ALIGN=CENTER]

فتحت الباب .. ودخلتها في هدوء .. صمت مطبق وسكون حاد .. سائقهم الآسيوي يتقدمني كي يدلني المكان .. تجاوزنا حدود الباب .. كان الوقت قبيل المغرب بنصف ساعة تقريباً ..السماء ملبدة بالغيوم .. والجدران ملطخة برموز وأرقام لم افهمها .. يظهر أنها علامات يستدل بها الزائرون على قبور موتاهم ..
اخذت أتلفت حول القبور المجاورة .. أنهم زملائك وجيرانك الجدد يا بدر .. بعد أن كنا رفقاء طوال الفترة الماضيه .. لا زلت أتذكر وعدنا الذي قطعناه بأن نكون أصدقاء أوفياء مدى الحياة .. هاهي حياتك انتهت يابدر , فهل مازلت تتذكر هذا الوعد الان ؟؟

تجمعت الدمعى في محجري .. حاولت اخفائها عن السائق الآسيوي الذي يدلني مكان القبر .. اكاد أعض اصابع الحسره والندم اذ لم اتمكن من حضور الجنازة والصلاة عليه ..سافرت قبل ذلك ولم أعلم بموته .. كانت رؤيتي الأخيره له في المستشفى بعد الحادث بيومين .. جسده الملفوف بالشاش والقطن جعل القشعريره تسري في جسدي .. كان يتكلم بصعوبة بالغه .. جلست بجواره وفرح برؤيتي .. سألته بأشفاق .. :

- كيف الحال يا بدر ؟؟

- كما ترى .. مربوط الرأس .. والأعضاء .. كالمقيد تماماً .. اجاب بصوت متقطع وتقطع قلبي معه .. كنت سمعت قصة الحادث من قبل ولكن لم أسمعها منه شخصياً .. سألته عما حدث .. بدا مقطباً حزينا .. وأسفت لسؤالي أياه عن الحادث .. لكنه مالبث أن بدأ يسرد لي قصة الحادث :

- كنت في نزهة مع اثنين من الزملاء .. وفي طريق العودة كنا مسرعين .. هم على سيارتهم وأنا على سيارتي وكاننا في سباق .. أتجاوزهم مرة ويتجاوزوني مرات .. وفي مرة من المرات التي عجزت فيها عن تجاوزهم .. تباطأت حتى آتي مسرعا فأستطيع تجاوزهم .. ولما فعلت واقتربت سيارتي من سيارتهم .. انحرفوا بسيارتهم نحوي لمنعي من التجاوز .. فلم أجد ألا أن اخرج عن الطريق بشكل عشوائي ..تدحرجت السيارة وانقلبت على جانب الطريق أكثر من مره ..

وبرغم الفزع والهلع الذي أصابني .. ألا اني لم اصب الا بكدمات يسيره واصابات خفيفه .. حاولت فتح الباب حتى أستطيع النزول فلم أستطع .. كما لم أستطع النزول من الجهة الثانية ..

بقيت منتظرا وفي حالة شديدة من التوتر والعصبية .. اخرجت السيجارة من جيبي حتى أسري عن نفسي في هذه الحال المتوتره .. أشعلت الكبريت .. مرت ثوان لم أشعر خلالها الا بصوت انفجار يدوٌي .. ثم فقدت الوعي ..علمت فيما بعد أن السيارة انفجرت كالقنبلة .. لأن الانقلابات المتكررة للسيارة قد لطخت أجزاء كثيره منها بالبنزين .. فكان الأنفجار السريع بسبب اشعالي لعود الكبريت ..

تنبهت الى السائق الآسيوي الذي يدلني .. يمشي ثم يقف .. ثم يمشي ويقف .. لا أدري كيف لم أحضر معي أبو بدر لكي يدلني .. لقد أعتذر بان مشاغله كثيرة .. اما أخو بدر فيقول انه لا يستطيع الذهاب معي هذا اليوم لأن هناك مباراة تلفزيونيه منقولة ولا يستطيع تفويتها ..
وقف السائق الآسيوي أمام قبرين متجاورين .. نظر الي وقال بلغة عربيه مسكرة :

- ممكن هو هذا .. وممكن يكون هذا .. انا ينسا .. قال ذلك وهو يشير الى القبرين المتجاورين ..

هجمت علي مشاعر الأمتعاض والأستياء .. وبدأ التأثر على وجهي .. ألهذا الحد يكون عدم الاهتمام ببدر ولم يمت الا من مدة قصيره ؟؟ نظرت الى السائق بنظرات حادة ولكن مالبثت أن عذرته فالميت لا يعني له شيئا حتى يعرف مكان قبره بالتحديد ..
قلت للسائق ان ينصرف ويتركني لوحدي فانا أعرف طريق العودة ..
انصرف السائق وبقيت أمام القبرين .. سلمت على كليهما ودعوت لصاحبيهما ..

دعوت لبدر بحرارة بالغة ان يتجاوز الله عنه ويغفر له ذنوبه .. لم أشعر بالرغبة في اطاله المكوث .. نظرت الى القبرين .. بل الى القبور كلها .. بدت قاحلة لا حياة فيها .. أهذا هو مسكنك الجديد يا بدر ؟ اهذا هو مسكنك الجديد ؟؟
انحدرت من عيني دمعة لم استطع منعها ..
وقفت كي أغادر قبل ان تدركني ظلمة المساء .. اتجهت صوب الباب .. قبل أن أخرج لفت نظري عبارة كتبت على باب المقبرة بخط رديء ..
(( يرجى أغلاق الباب عن الكلاب )) !!!

[/ALIGN]