http://www.alwatan.com.sa/daily/2003.../writers04.htm
الوطن 28/10/1424هـ

رعاية الشباب بأسلوب الشطب والمنع

خالد صالح الشثري*
"الخير فيما يختاره الله" عبارة نرددها لإسدال ستارة الختام على كل مجهود لا ينتهي إلى النهاية المأمولة كانت حاضرة أمامي بجل معانيها وأنا أقرأ البيان الذي بثته وكالة الأنباء السعودية (واس) ونشرته جميع الصحف ونقلته عنها وكالات الأنباء الأجنبية.
وهو صدور قرار الرئيس العام لرعاية الشباب (بشطب) لاعب منتخب المملكة للشباب ونادي الوحدة السعودي عساف القرني من:
1- سجلات الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم.
2- منعه من دخول الأندية والملاعب الرياضية بالمملكة اعتباراً من تاريخ هذا القرار 15/12/2003م.
أما سبب ذلك القرار فهو أن هذا اللاعب ادعى وفاة شقيقه وبعد التحقيقات التي أجرتها اللجنة المشكلة للتحقيق معه ثبت أنها غير صحيحة واعترافه من تلقاء نفسه بأن ما أفاد به من معلومات لإدارة المنتخب حول وفاة شقيقه غير صحيحة وكانت مجرد تبرير لرغبته في العودة إلى أرض الوطن وعدم إكمال مشاركته للمنتخب الوطني المشارك في أبوظبي.
ويضيف البيان أنه نظراً لتصرف هذا اللاعب الذي تقبل التعازي ورد عليها ولأنها سابقة في تاريخ الرياضة السعودية فقد سببت بلبلة داخل معسكر المنتخب وأحدثت تأثيراً على نفسية زملائه اللاعبين وإشغال البعثة عن المهمة الأساسية التي جاءت من أجلها.
فقد أصدر الرئيس العام لرعاية الشباب هذا القرار الذي يعد (تربوياً) قبل أن يكون عقاباً يهدف من خلاله توجيه الشباب نحو الالتزام بالواجب الوطني والتحلي بالأخلاق الفاضلة التي تقوم على الصدق والأمانة والإحساس بالمسؤولية.
هنا أردد أن الخير فيما يختاره الله فقد ذهب هذا الشاب الذي لم يبلغ العشرين من عمره مع بعثة بلاده إلى خارج الوطن وهو لم يذهب إلا لأنه تميز على أقرانه من حراس المرمى في المملكة, وهنا نسجل أنه صاحب موهبة رياضية, ولكنه قبل أن يكمل الهدف الذي ذهب لأجله اقترف خطأ كبيراً وكبيراً جداً وهو ادعاؤه وفاة شقيقه ويستحق العقاب على ذلك.
وهنا يبرز سؤال كبير: ما هو العقاب الذي يردع هذا الشاب عن تكرار فعلته ويكون درساً تربوياً لزملائه؟.
أوصت لجنة التحقيق (بشطبه) من سجلات الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم.
ومع حيرتي من استعمال هذا المصطلح الغريب الشطب وأساسه اللغوي, إلا أن الحيرة أكبر من وصفه بالتربوي.
فهل التربية تفترض حين يخطئ ابني أن أرميه في الشارع وأنا الذي اعترفت بموهبته قبل مدة بسيطة؟.
وهذا يدخلنا في إشكالية الربط بين مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتابعها اتحاد كرة القدم.
فدور الرئاسة هو رعاية الشباب, وهذا شاب ارتكب خطأ. الواجب رعايته لكي لا يضيع مع من ضاع من شباب الوطن.
وواجب اتحاد كرة القدم يفرض عقابه, ولكن ليس بالشطب, كان بالإمكان إيقافه سنة, سنتين ثلاثاً - الحسم من مرتبه - وأن يفرض عليه زيادة الحصص التدريبية في ناديه لكي يشغل وقته لا أن تضاف فقرة إلى وجبة العقاب الدسمة وهي منعه من دخول الأندية والملاعب الرياضية. وهنا ندخل إلى منظومة القرارات العربية غير القابلة للتنفيذ, وهي لا تتعدى الاستهلاك الإعلامي السريع النسيان. فمن شاهد منكم رجال الاتحاد السعودي لكرة القدم وهم يدققون في هويات الجماهير, وهل بينهم لاعب (مشطوب) لمنعه من دخول الملعب مع إخوانه المواطنين؟.
أتمنى ألا يكون عذر أعضاء اللجنة هو أن هذا القرار معناه كبير, شطب ومنع, ولكن مفعوله قصير, فعند أول مناسبة رياضية كبرى سوف يصدر قرار العفو عن المشطوبين ورفع الإيقاف عن الموقوفين.
وهنا أجزم بفقدان القرار لتأثيره التربوي لأنه فقد الموضوعية وقابلية التطبيق العملي. نحن بحاجة ماسة لنشر ثقافة التسامح مع أنفسنا لنصل بها إلى التسامح مع الآخرين, والتأكيد على ازدياد مكانتنا وقيمتنا الاجتماعية باحتواء المخطئين, حاملين شعار السماحة والعطف مقدرين ضعفهم وملتمسين لهم العذر, وبذلك نرفعهم إلى مستوانا وعياً وثقافة ومشاركة اجتماعية.


* كاتب سعودي