أمس الأول كنت أقرأ قرار شطب حارس منتخب الشباب عساف القرني وحرمانه من الدخول للملاعب والأندية ، وشعرت أن ثمة قسوة في القرار ، لأن اللاعب الذي أخطأ بادعائه أن أخوه مات ، لم يتوقع أن تصل المسألة للتشكيك في وطنيته ، بل هو تعامل مع الموضوع كما يتعامل موظف حكومي حين يريد التغيب من العمل فيدعي موت أحد أقربائه ، وأظنني لا أبالغ إن قلت : إن بذاكرة كل منا شخص كان يتهرب من العمل بهذه الحجة ، وأن هذا الشخص حين يكتشف كذبه ، يتم حسم الأيام التي تغيب بها عن العمل .
بالأمس أيضا كنت أقرأ في جريدة الوطن بعددها 1127 ، وللدقة في الصفحة 11 قرار من ديوان المظاليم بإعادة موظف في السفارة السعودية بالبحرين إلى رأس العمل ، بعد أن اتهم باختلاس أكثر من مليون ريال من خزينة ، واعتمد محامي المتهم ، على أن الموظف لم يختلس ، بل بدد المبلغ ، وأن المتهم هو ناسخ آلة طابعة وليس (أمين صندوق) ، لهذا التهمة لا تصبح اختلاس بل تبديد ، وقال المحامي في التظلم : (هل يقتضى عمل ناسخ الآلة أن يسلم له مال عام حتى يساءل عن التفريط فيه) .
ومن الحيثيات هذه ، صدر قرار ديوان المظاليم بإعادة الموظف إلى رأس العمل ، والاكتفاء بحرمان الموظف المتورط من علاوة دورية واحدة ، وأظن سيقتطع من راتبه مبلغ لا يتجاوز 50% لسداد ما بدده .
وكان الخطأ الذي استفاد منه المحامي ، أن تبديد المال كان نتيجة لخطأ ، المسئول عنه عشوائية السفارة .
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى غير عادلا ، أو حيلة من قبل المحامي ، لكننا حين نتأمل الأمر ، نكتشف أن التسيب من السفارة والعشوائية هي من أوقعها بهذه الأمور ، أي ما قام به الموظف نتيجة أو محصلة لهذه العشوائية .
هذا ما حدث للموظف والسفارة ، ولكن ماذا عن عساف القرني ، المشطوب والممنوع من دخول الأندية ؟
هل هو مسئول عما حدث ، أم خطأه نتيجة ومحصلة لأنه أخذ دون أن يستشار ، دون أن يوقع معه عقدا للذهاب ؟
لو أن الاتحاد وقع معه عقدا ، يضع به شرطا جزائيا بأن يدفع اللاعب المبلغ الذي صرفه المنتخب على لاعب الذي بدا لي أنه لم يكن لديه رغبة في الذهاب ، لما وقع بهذه الورطة .
أتمنى ألا يخرج شخص ما يتكلم عن (الوطنية) ، وأن على اللاعب التحمل باسم الوطن ، لأن مثل هذا يجعلنا نقول : لماذا يستلم موظفو رعاية الشباب (انتدابات) وهم مع نفس اللاعب المطالب بأن يضحي ؟
ترى ما الذي سيقوله الإداريون إن ألغيت الانتدابات ، وما هي الأعذار ، وهل بعض أقربائهم سيموتون (لا قدر الله) ، حتى لا يذهبوا مع المنتخب ؟
أذكر في التسعينات الميلادي بانتخابات أمريكا ، حاول الأب (بوش) استغلال خروج (كلينتون) في مظاهرات بالستينات ضد ذهاب الجيش الأمريكي إلى (فيتنام) ، محاولا أثبات أن (كلينتون) ليس وطنيا ، فعاقب الشعب الأمريكي (بوش) ، وانتخب (كلينتون) ، لأن الوطنية ليست رداء يلبسه (بوش) من يشاء ، ويخلعه عمن يشاء .
قلت في المقال الماضي إن (الوطنية) كلمة لا يمكن لنا تحويلها إلى رداء ، لأنه إن حدث هذا ، سيأتي وزير ويوقف رواتب موظفي دائرته بحجة أن عليهم إثبات وطنيتهم ، وأن من يكذب ويتهرب عن العمل سيتم سجنه لأنه تخلى عن واجبه الوطني ، وبهذه الطريقة يمكن لنا أن نتساءل ، هل هذا عدلا ؟
[ALIGN=CENTER]
[email protected][/ALIGN]