[ALIGN=CENTER]
الشيخ محمد رفعت[/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]
[/ALIGN]
شهد القرن الهجري المنصرم بزوغ عدد من قراء القرآن الكريم .. الذين تجاوزت شهرتهم الآفاق .. و قدموا عصارة حياتهم خدمة لكتاب ربهم .. و رفعة لأمر دينهم ..
و لا نبعد عن الحقيقة إذا قلنا : إن الشيخ محمد رفعت - رحمه الله - كان في مقدمة أولئك الرعيل ، الذين أسهموا في إبلاغ رسالة الإسلام ، و وهبوا حياتهم لحمل راية القرآن
ولد الشيخ محمد رفعت في القاهرة سنة 1882م ..
وعندما بلغ السنتين من العمر فَقَدَ بصره .. و لمَّا آنس منه والده توجُّهًا لكتاب الله .. دفع به إلى أحد الكُتَّاب ليعلمه تجويد القرآن .. و فرغه لذلك ..
فأفلح الطفل وحفظ كتاب الله ولمَّا يبلغ العاشرة من عمره ..
عند تلك المرحلة أدركت والده الوفاة .. فوقعت مسؤولية الأسرة على عاتقه .. و مع ذلك لم ينقطع عما وهب نفسه له .. بل استمر فيما بدأ به حتى عُيِّن في سن الخامسة عشرة قارئًا في أحد مساجد القاهرة .. و فتح الله عليه ما فتح فذاع صيته و انتشر ..
ثم إن الشيخ - رحمه الله - لم يكتف بما وهبه الله من صوت شجيٍّ .. بل وجَّه اهتمامه لدراسة علم القراءات القرآنية .. و قراءة أمهات كتب التفسير .. ليكون ذلك عونًا له على قراءة كتاب الله و تجويده .. امتاز الشيخ - علاوة على ما كان عليه من عذوبة صوت - بأنه كان صاحب مبدأ سامٍ و خلق رفيع ..
فكان عفيف النفس .. زاهدًا بما في أيدي الناس .. فكان يأبى أن يأخذ أجرًا على قراءة القرآن .. وكان شعاره في ذلك قوله تعالى :
{وما أسألكم عليه من أجر إن أجريَ إلا على رب العالمين }(الشعراء:109) و من أقواله المشهورة : " إن قارئ القرآن لا يمكن أبداً أن يهان أو يدان "
و كان هذا القول شعاره في الحياة على مر الأيام .. لذلك رفض العديد من العروض التي وُجِّهت إليه للقراءة في العديد من الإذاعات .. و كان يقول :
[ALIGN=CENTER] " إن وقار القرآن لا يتماشى مع الأغاني الخليعة التي تذيعها الإذاعة " [/ALIGN]
على أن الشيخ - رحمه الله - لم يقبل أن يقرأ في الإذاعة المصرية إلا بعد أن استفتى لجنة الإفتاء في الأزهر الشريف .. فأفتوه بمشروعية ذلك ، فقرأ ما يسر الله له أن يقرأ .. و منها ذاعت شهرته في الآفاق ، و فتح الله بصوته قلوبًا قد طال عليها الأمد ..
أما عن شخصيته
.. فقد كان الشيخ رفعت - رحمه الله - بكَّاء بطبعه .. و عُرِف عنه العطف و الرحمة بالآخرين ، فكان يجالس الفقراء و المحتاجين ، و يرعى الصغير ، و يعطف على الكبير ، و هناك العديد من القصص التي رويت عنه في هذا المجال ، تدلِّل على هذا الجانب في شخصيته الإنسانية .
و قد شاء الله سبحانه أن يصاب الشيخ محمد رفعت ببعض الأمراض التي ألزمته الفراش .. وحالت بينه و بين تلاوة القرآن ، و بقي ملازمًا لفراشه حتى وافته المنية سنة 1950م ، بعد أن أمضى جُلَّ حياته قارئًا لكتاب ربه ، و حاملاً لراية قرآنه ، متأسيًا بقوله صلى الله عليه وسلم :
( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) رواه البخاري ..
و نختم هذه النبذة التعريفية بالشيخ محمد رفعت .. بما قاله الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - عندما سئل يومًا عن رأيه في كل من الشيوخ : محمود خليل الحصري .. و عبد الباسط عبد الصمد .. و مصطفى إسماعيل .. و محمد رفعت ..
فأجاب بقوله :
إذا أردنا أحكام التلاوة فهو الحصري ..
وإن أردنا حلاوة الصوت فهو عبد الباسط عبد الصمد ..
و إذا أردنا النَّفَس الطويل مع العذوبة فهو مصطفى إسماعيل ..
و إذا أردنا هؤلاء جميعًا فهو الشيخ محمد رفعت .. رحم الله الجميع ..
و قد سئل بعض الكُتاب عن سر تفرد الشيخ رفعت بين قرَّاء زمانه ، فأجاب :
[ALIGN=CENTER]" كان ممتلئًا تصديقاً و إيماناً بما يقرأ "[/ALIGN]
هذا ... و قد نعتْه معظم الإذاعات يوم وفاته .. و جاء في نعي الإذاعة المصرية يوم وفاته :
"أيها المسلمون .. فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام "
رحم الله الشيخ رحمة واسعة .. و أسكنه فسيح جناته ..
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله على خاتم المرسلين ..