#1  
قديم 07/12/2003, 02:08 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 14/08/2003
مشاركات: 788
سامي ومها في قبضة ( العدالة ) الأميركية

[ALIGN=CENTER]سامي ومها في قبضة (العدالة) الأميركية[/ALIGN]


ذات ليلة وبينما كان المهندس السعودي سامي الحصين في بيته وبين أفراد عائلته طرق الباب عملاء المباحث الاتحادية الأميركية, وطلبوا منه مرافقتهم. كانت عملية اعتقال ليلية تذكر كثيرا من الناس في عالمنا العربي بما يعرف بزوار الفجر الذين يدهمون البيوت الآمنة, ويختطفون شبابها في ساعات متأخرة من الليل. تم اختطاف سامي (34 عاما) الساعة الرابعة فجر السادس والعشرين من شهر شباط ( فبراير ) 2003, وجرى تبرير ذلك بالدفاع عن الديموقراطية, فلا ديمقراطية لمن يفترض أنهم أعداء الديموقراطية, وبقيت زوجته وأطفالها الثلاثة في حال من الذهول والحزن في آن. إلى أين اقتادوا سامي ؟ وماهي تهمته ؟ وهل سيطول أمد الاعتقال ؟ وماذا سيحدث لسفينة فقدت ربانها فجأة ؟ أسئلة حائرة دارت في ذهن مها الحصين زوجة سامي ( 29 عاما ) التي وصفت المشهد قائلة: " أخذوا مني رفيق دربي إلى حيث لا أعلم, داهمني الحزن على فراقه والخوف عليه حتى مرضت, وتوجهت إلى الله بالدعاء أن يمنحني الرضا بعد القضاء, وأن يجعل عواقب أمورنا إلى خير. وقد استجاب الكريم فربط على قلبي وثبتني, فله الحمد, وله الشكر".

سرى خبر اعتقال سامي في مدينة موسكو, وهي مدينة صغيرة تقع شمال ولاية آيداهوالأميركية, وتشتهر بجامعتها التي يدرس فيها سامي الدكتوراه في أمن الشبكات الحاسوبية مبتعثا من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بالسعودية, وكان تخرجه متوقعا في آذار ( مارس ) من عام 2004. تعاطف عدد كبير من الطلاب والأساتذة مع قضية سامي, لما يعرفون من حسن خلق الشاب ووداعته ونشاطه, ويذكرون موقفه بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول ( سبتمبر ) حينما شارك في تظاهرة تندد بما حدث, وتبرع من دمه للمصابين. وما زاد تعاطف الجامعة مع سامي تهافت الاتهامات الموجهة إليه وضحالتها والتعسف الواضح في محاولة ربطه بما يوصف بالإرهاب. في ظل الحملة الشرسة على سامي لم تجد مها بدا من الوقوف أمام الإرهاب الذي تمارسه إدارة الرئيس جورج بوش بحق العرب والمسلمين, سيما أنه طاول هذه المرة شريك الحياة ورفيق الدرب. تقول مها: " إثر اعتقال سامي حدثت ضجة إعلامية كبيرة, وتوافد الصحافيون على بيتنا يتساءلون عن الأمر, فطفقت أحدثهم عن سامي الزوج والأب والطالب والإنسان. قلت لهم: إن لسامي من اسمه نصيبا, فقد تسامى عن كل رذيلة, وهو أهل لكل فضيلة, وماكان لرجل يحمل قلبا كبيرا كسامي أن يكون كما يقولون. وليس كبير القوم من يحمل الحقدا". لم يكن سهلا على مها أن تقاوم إرهاب بوش ورامسفيلد وآشكروفت وغيرهم من متطرفي الإدارة الأميركية, لكن كان لا بد من التحرك, ومن العار أن تغضي الحرة على الضيم. قاومت مها ببسالة, وتحدثت للصحافة عن كل ما يؤكد براءة سامي. جمعت جاراتها الأميركيات وحثتهن على التحرك للمطالبة بالإفراج عنه. وكانت أبرز خطواتها أن نظمت حفل عشاء كبيرا على مستوى مدينة موسكو وأرسلت بطاقات دعوة للمسؤولين, كما وزعت بطاقات دعوة خاصة على سكان المجمع الذي تقيم فيه, ونشرت دعوة عامة في الصحافة والتلفزيون, وقد حضر الحفل قرابة مائتي مدعو. تحدث في الحفل محامي حقوق الإنسان في جامعة آيداهو, و المشرف على برنامج سامي للدكتوراه, والمهند الابن الأكبر لسامي, و محامي سامي, لكن مها كانت نجمة الحفل إذ وقفت شامخة بنقابها ودافعت عن زوجها بلغة أدهشت الحاضرين وأداء بلاغي حرك المشاعر في مجتمع يقدس الخطابة ويعامل أصحابها معاملة القادة. أعدت مها طاولة وضعت عليها نماذج لخطابات احتجاج جاهزة يقوم الحضور فقط بتوقيعها, ومن ثم يتم إرسالها إلى البيت الأبيض والكونجرس ومنظمات حقوق الإنسان. وزعت على الحضور أيضا عشرات الفانلات المحتوية على عبارات مطالبة بالإفراج عن سامي, وحثت الجميع على المشاركة في مسيرة احتجاج ضد بقاء سامي في السجن, وارتداء الفانلات أثناء المسيرة. وبالفعل تم تنظيم مسيرة حاشدة رفعت فيها لافتات ظهرت عليها صور سامي وأطفاله, وطبعت عليها عبارات مثل: " اعملوا على جمع شمل العائلة ". وسار المتظاهرون حاملين الشموع, وتم تناول الحدث في الصحافة المحلية. تقول مها: " لم يكن هدفي هو الدفاع عن سامي وحشد التأييد لإطلاق سراحه فحسب, بل كنت أسعى أيضا للتعريف بحقيقة الإسلام وتقديمه للناس بصورته الجلية الناصعة ".

وعندما تقرر حضور أحد المسؤولين عن مكافحة ما يسمى بالإرهاب إلى المدينة ليلقي كلمة عن الأحداث, هرعت مها إلى محاميتها وطلبت منها صياغة خطاب باسمها موجه لجورج بوش ليتم إلقاؤه أمام هذا المسؤول, وتم إعداد الخطاب وألقته المحامية أمام الحضور الذين تجاوز عددهم 300 شخص, وتحدث أيضا أبناء سامي: المهند, وتميم, وزياد مرددين عبارات قصيرة حول شوقهم إلى والدهم وحنينهم إلى لقائه. ولما بدأ العام الدراسي الجديد في أواخر آب ( أغسطس ) 2003 كتبت مها خطاب تهنئة للطلاب الجدد باسم سامي, ونشرته في صحيفة الجامعة, كما وضعته في لوحة الإعلانات في المكتبة العامة وفي الكليات. واستغلت عقد اجتماع عام للطلاب لمناقشة شؤونهم واحتياجاتهم, فذهبت إليه ( رغم أنها لم تكن من المنتسبين إلى الجامعة ) وخاطبت الطلاب في شأن سامي قائلة إنه كان معهم قبل عام شعلة من نشاط, وهو الآن يقبع في زنزانة انفرادية دون محاكمة ودون ذنب جناه. وامتد نشاط مها إلى استراحة الطلاب, حيث وضعت طاولة خاصة بالقضية, تتوسطها لافتة كتب عليها" سامي يحتاج إلى دعمك " وبجانبها صورة لأطفالها. تذهب مها إلى هذا المكان كل أربعاء وتمكث فيه ساعتين على الأقل, وتوزع مطويات عن القضية, وتجمع أكبر عدد ممكن من توقيعات الطلاب على نماذج الاحتجاج. تراسل مها عشرات الصحفيين وناشطي حقوق الإنسان في أميركا الشمالية وأوروبا, وتحثهم على تبني قضية سامي, في الوقت الذي تقوم فيه بتزويد موقع ( www.samiomar.com) الذي أنشأه أصدقاء سامي بالمعلومات والصور. وامتد نشاط مها إلى كل الولايات, فتناولت القضية وتداعياتها في برنامج بثته شبكة إذاعية على مستوى البلاد.

أصبح منزل سامي/ مها قبلة لمراسلي الصحف ومحطات التلفزيون والجيران المتضامنين. تقول مها إن جيرانها " يشعرون بالعار من الذي حدث لها ولأسرتها ". أثمرت جهود مها, فالرسائل المتعاطفة معها تنهال على بيتها من كل أنحاء الولايات المتحدة, وهي تقول إنها لا تستطيع إحصاء البطاقات المعبرة عن الدعم والمساندة والتي تتدفق على عنوانها. أحد الرسائل التي وصلتها بعث بها طبيب يعرض فيها اقتطاع جزء من مرتبه الشهري مساعدة لها ولأطفالها, أو التكفل بإقامتهم. تذكر مها وأطفالها أنهم ذات صباح وجدوا كيسا عند باب بيتهم فيه ثلاث قصاصات مكتوب فيها عبارات تضامن مثل " قلوبنا معكم ".

ضاق رجال المباحث الأميركية ذرعا بنشاط مها وحاولوا إرهابها عبر مباغتاتهم المتكررة لبيتها, لكن ذلك لم يوهن عزيمتها. أخيرا قبضوا عليها وخيروها بين المحاكمة أو الرحيل الفوري عن البلاد, وأمهلوها خمس دقائق لاتخاذ القرار. اضطرت للقبول بالمحاكمة. نشرت بعض الصحف مقالات تشيد بمها وبنزاهتها, وردت الحكومة ببيانات صحفية تتهم مها بكراهية أميركا, واستندت في ذلك إلى مكالمات هاتفية مسجلة لها, بيد أن ترجمة هذه المكالمات كانت سيئة ومليئة بالتحامل وسوء النية. كان رأي المباحث الاتحادية أن مها امرأة ذات ميول إرهابية في الأصل, ولذا اختارت سامي زوجا. عقدت المحاكمة, وحكم على مها وطفلين من أطفالها بالرحيل عن الولايات المتحدة في مدة أقصاها أربعة أشهر, أما الطفل الأصغر فيمكن له البقاء, نظرا لأنه ولد في أميركا ويحمل جنسيتها.

تذهب مها كل نهاية أسبوع لزيارة زوجها في سجنه بمدينة بويزي التي تبعد نحو 800 كم جنوبي موسكو. مدة الزيارة نصف ساعة, ويسمح لهما باللقاء عبر نافذة زجاجية صغيرة لا يتجاوز طولها ثلاثين سنتمترا, وتتحدث معه عبر الهاتف. لكنها في كل مرة تهمس لزوجها بعبارات تشد من أزره وتخفف لوعته. تقول له ما قالته خديجة بنت خويلد لزوجها ( صلى الله عليه وسلم ): " والله لا يخزيك الله أبدا. إنك لتصل الرحم, وتحمل الكل, وتكسب المعدوم, وتقري الضيف, وتعين على نوائب الحق ".

لازالت مها تقاوم الضغوط الرهيبة التي تمارس عليها وتبذل المستحيل لإنقاذ شريك حياتها من براثن ( العدالة ) الأميركية . عشرة أشهر مرت تغيرت خلالها حياة مها, أصبحت محامية وصحفية وخطيبة وناشطة حقوق إنسان. أصبحت لأولادها أما وأبا. مها لا تقود السيارة, لأن نظام آيداهو يمنع القيادة بالنقاب, ولذا تقضي حاجاتها مشيا على الأقدام. تقول: " أصطحب أطفالي معي إلى كل مكان, وعندما أوصل أولادي إلى المدرسة أقضي ساعات النهار خارج البيت. لم أدع طريقا لدعم قضية سامي إلا سلكته, لا يهم إن كان الجو ماطرا أو ساخنا أو باردا. المعاناة كبيرة, لكن أجر الله أكبر, وطيف أبي مهند يراودني ويسري عني و يخفف ما يصيبني من الأذى". تقول عنها محاميتها مونيكا سكرتمان إنها " امرأة قوية بشكل يدعو إلى الدهشة, وأنا معجبة بها.. لقد عانت العائلة كثيرا, ومها الآن منهكة. عندما أتحدث إليها أشعر بحزنها العميق وخوفها الطاغي ". مها تحزم أمتعتها للعودة إلى الوطن, فلم يعد في القوس منزع لمزيد من المقاومة, وان كان في الصدر متسع من إرادة صلبة وعزيمة لا تلين. تقول: " يتساءل الأطفال: هل نسافر ونترك بابا هنا ؟ ". تكفكف مها دمعة ساخنة وتتمتم بالدعاء: " أسأل الله الذي رد موسى إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن, ورد يوسف بعد طول غياب إلى يعقوب أن يرد إلينا سامي. إن ربي لطيف لما يشاء. لازلت في انتظار موعود الله باليسر بعد اليسر, ومن أوفى بعهده من الله, والله خيرٌ حافظاً, وهو أرحم الراحمين ".

وفيما تستعد أسرة سامي للعودة, ينتظر سامي محاكمته في شهر كانون الثاني ( يناير) من العام المقبل. قضية سامي شاهد حي على المأزق الأخلاقي والسياسي الذي تتخبط فيه أميركا بعد أحداث الحادي عشر من أيلول ( سبتمبر), وهي أيضا شاهد على هشاشة الديموقراطية الأميركية التي لم تصمد في أول امتحان حقيقي لها, وضحت بقيمها ومؤسساتها وشعاراتها أمام قربان التعصب, فزجت بمئات المسلمين خلف القضبان بتهم أكثرها ملفق ومصطنع, وأقامت معسكرات اعتقال جماعية خارج حدودها. لكن قضية سامي هي أيضا قضية أمة يراد لها أن تبقى رهينة سجن كبير, وعنوان لحضارة جميلة متسامحة تنفض عنها الغبار وتتهيأ للانبعاث من تحت الركام.

رابط المقال في صحيفة ( الحياة ) :

http://www.daralhayat.com/special/is...txt/story.html


( منقول )




تحياتي /

ابـــــــــــو ســــــــاره
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07/12/2003, 02:58 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 05/07/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 5,074
اللهم فك أسر سامي ، اللهم إن الأرض جميعاً قبضتك ، و السماوات مطويات بيمينك ، ألا لك الخلق و الأمر تباركت الله أحسن الخالقين .
اللهم إن كان سامي في قبضة الأمريكان ، فسامي و هم في قبضتك ، اللهم الأمر أمرك ، اللهم أمرك بين الكاف و النون ، تقول كن فيكون ، اللهم عاجلاً غير آجل ، اجمعه باهله ، اللهم أسعد امرأته بلقائه خارج أسوار سجون أمريكان لعنها الله .
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 05:12 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube