المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى المجلس العام
   

منتدى المجلس العام لمناقشة المواضيع العامه التي لا تتعلق بالرياضة

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 27/10/2003, 12:53 PM
مشرف سابق بمنتدى المجلس العام
تاريخ التسجيل: 02/12/2001
المكان: حيث الأمل
مشاركات: 5,603
حــــياة ميـــــــــــت (الجزء الثاني)

[ALIGN=CENTER]الاحبــــــــــــــــة الزعــــــــــــمــــاء[/ALIGN]

[ALIGN=JUSTIFY]هذا هو الجزء الثاني من قصة المعاناة ...أعتذر بشدة عن التأخير الخارج عن ارادتي و ارجو ان لا يؤثر ذلك على استمتاعكم بالقصة .

من يريد الجزء الأول فليذهب الى هذا الرابط حــــياة ميـــــــــــت (الجزء الأول) [/ALIGN]


[ALIGN=JUSTIFY]شكراً و الف شكر لمن قصد الجزء الأول و صبر حتى يرى الجزء الثاني ... بكل صدق شكراً ...[/ALIGN]

[HR]

[ALIGN=JUSTIFY]لم تكن المرة الأولى التي يعرض عليّ عبدالكريم فيها مرافقته ، للقيام بمهمات من هذا النوع ، وكنت في كل مرة ، أتذرع بحجة مختلفة . لكني أتذكر ، أنه في تلك المره استفزني .. وسخر من (الانسان) البليد ، الجامد في داخلي ، كما قال :
- هل تريد أن ترى البؤس يمشي على قدميه .. هل تريد أن تستعيد شيئا .. شيئا فقط ، من إنسانيتك المهدره ، بين كلام مجرد عن المثل والأخلاقيات ، التي لم تجد لها رحما تتخلق فيه .. لتولد .. وتشب .. وتكبر .. وتمنح الحياة ، لكائنات لم تعرف معنى للحياة منذ خلقت ..
وبين سلوك استهلاكي بشع ، حولتك الرأسمالية المتوحشة من خلاله ، إلى (آلية) من آليات السوق .. أنت في قوائم التحليل الاقتصادي ، عند (آدم سميث) ، وتلامذته .. رقما .. آليه .. قدرة شرائية .. أنت بإختصار .. (لا إنسان) ..
دع عنك الهمهمة المعتادة :
"الله لا يؤاخذنا صرفنا واجد اليوم" ..
اليوم .. وكل يوم .. أنت تفعل الشئ نفسه .. تتقمص نفس الدور المسخ .. (آليه) ..
كأني بك مسرورا ، وهم ينادونك : MR. MARKET MECHANISM
اليوم .. وكل يوم .. أنت تمارس بسادية ، وأد الانسان في داخلك .
تعـال معي لتستعيد إنسانيتك ، حينما يفجرها الألم .. لمشهد الحرمان .. الـذي يصنعـه الفقر ..
تعال لترى الانسان عند نقطة الصفر .. كيف هو ..
أتعلم ماذا يكون الانسان عند نقطة الصفر .. ؟
تستلب الحياة من كل شئ فيه .. إلا عينيه ..
أتعلم ماذا يكون الانسان عند نقطة الصفر ..؟ الكلمات في قاموسه ليس لها أضداد .. أنت تعرف السعادة .. وربما سمعت عن الشقاء ، هو لا يعرف الا الشقاء .
أنت تعرف شيئا اسمه الحزن .. والفرح ، هو لا يعرف إلا الحزن ..
أنت تعرف الشئ ونقيضه ، بدرجات متفاوته .. هو يعرف الكلمة وحدها .. بمعناها السلبي فقط .. بدون أضدادها ، وبأقصى درجاتها قسوة ..
البؤس .. والعجز .. والحرمان .. والألم .. والعري .. والجوع ..
استفزني عبدالكريم بكلامه ، واستثار التحدي عندي ، فقررت أن أذهب معه .. لأرى هذه (البيئة) التي سوف تعيد خلق الانسان في داخلي ، كما يقول ، ولأتاكد إذا ما كان ذلك (الانسان) الجامد البليد موجودا كنت اتنقل مع عبدالكريم ، من بيت إلى بيت ..
كنت معه في سباق مع الألم ..
في كل مرة يغرس نصلا ..:
- أترى هذا الطفل .. لا يملك إلا ثوبا واحدا .. إذا عاد من المدرسة خلعه .. وخرج إلى الشارع ، يلعب بسروال فقط .. أتدري لماذا ؟ .. ليس لغزا..ولا رياضة ذهنية .. إنه لا يملك غيره .. ويجب أن يبقى نظيفا .. حتى يستطيع أن يذهب به من الغد إلى المدرسة .
لم ينتظر مني تعليقا ..
في بيت آخر ..
- أرأيت هذه الطفلة .. تم سحبها من المدرسة بعد أن وصلت الصف الرابع ..لا .. أهلها ليسوا ضد تعليم البنات .. لكنهم اضطروا لذلك ، لأن شقيقها وصل سن الدراسة .. وليس لديهم القدرة على الصرف إلا على (دارس) واحد .. فكان الولد هو الاولى ... من منزل لآخر ..
حتى استغرقنا النصف الأول من الليل .. كنت لا أسمع .. إلا :
أرأيت .. أرأيت ..
كان عبدالكريم ، وهو يتجول بي من بيت لبيت .. يفتح أمامي أبواب الحزن والبؤس .. على مصاريعها .. ويوقفني على مشاهد للحرمان .. ويسكب في عيني ألما ..

- توصلني قريب من مدرستي .. لو كلفت عليك ..؟
أتى رجاؤها مخنوقا .. ممزوجا بالخوف ، ليقطع علي سلسلة الصور التي تداعت إلى ذهني عن حي الأمل ، وما بقى من آثار تجربه إعادة اكتشاف الانسان البليد الجامد، المغموس بالتفاهات ، الموجود في داخلي
- لا ... تبقين معي إلى وقت الخروج من المدرسة .. ثم أوصلك ..
غمرها شعور بالسكينة ..
لاحظت ذلك وأنا أرى صدرها يهبط .. ثم تطلق نفسا عميقا ، دفع غطـاء وجهها إلى الأمام ..
أخذت أقلب الأفكار فيما أفعله ، لأخرج من هذا المأزق الذي وقعت فيه . الواقع المزري لحي الأمل كان حاضرا ، وأنا أبحث عن حل يتجاوز .. أن (أتخلص) أنا ، من (ورطة) موضي ..
كنت أريد حلا لها هي ، حتى لا تعود لنفس الطريق . من السهل أن (أرميها) ، كما تقول ، قرب مدرستهـا ، لتذهب لبيت أهلها ، وسوف تجد إجابة تقنع بها أمها ، عن سبب تمزق (مريولها) .
أشعر أني غير قادر على الخروج بشيء ذي بال .. في موضوعها . هل يملك (رجال الهيئة) حلا يعطي التجاوز فرصة ، ويوفر علاجا جذريا .. لو أني لجأت إليهم ..؟ ماذا لو اتصلت عليهم لطلب الاستشارة فقط ..؟
مرت دقيقة أو أكثر ، والافكار تطوح بي يمينا وشمالا ، قبل أن يقطع تفكيري صوت بكائها. توهمت في البداية أنها سمعتني ، وأنا أحدث نفسي حول الاتصال بالهيئة . التفت إليها ، كانت قد وضعت وجهها بين كفيها وتنتحب ...
- ما بك يا موضي ..؟
قالت بصوت يقطعه البكاء ..
- كيف أشكرك .. (وشلون) أشكرك ..؟
لم يكن بكاؤها عن سبب ، كانت تفرغ شحنة عاطفية مكبوتة ..
منذ الصباح ، وهي تراكم هما .. وخوفا .. وإحباطا .. وعجزا .. وقلقا .. وتنتظر أملا .. حين أقتربت من مقر عملي ، قلت لها :
- موضي .. سأنزل هنا .. لدى أمور سأنجزها .. قد يحتاج ذلك ساعة أو أقل . سأقف هنا .. المكان آمن .. سأترك مكيف السيارة مفتوحا . أبق الأبواب والزجاج مغلقة ..
لا تفتحي لأي إنسان ، مهما كانت الاسباب .. ولا تغادري السيارة أبدا . سأترك جوالي معك .. إتصلي على هذا الرقم عند أي طارئ .. ولا تردي على أي إتصال .
كنت أهم بالنزول ، عندما قالت :
- خذ الجوال .. أنا لا أعرف كيف استخدم الجوال .. هذه أول مرة في حياتي .. أرى فيها جوالا ... توقفت للحظة ، قبل أن آخذ منها الجوال ، الذي بقى في يدها الممدودة .. وشعرت بمثل حد السكين يحز في أعماقي .. وتداعت إلى ذهني قصة (ولد البسام) .. والصدى يجلجل في تلك المساحات الفارغة ، في قطعة اللحم التي تدعي مجازا (قلبا) :
"هذه .. أول مرة .. في حياتي .. أرى فيها .. جوالا ..."
ا لبلادة المترفين ...
ألتقطت منها الجوال ، والمرارة .. والشعور بالاحباط .. وغياب (الانسان) ، ترغم شفتي على الانفراج ، لتصنعا شيئا يسمونه (إبتسامة) ...
- ليه تضحك .. ما أنت مصدقني ..؟
- مصدقك .. والله يا عمري ..
- أجل ليه تضحك ..؟
- أضحـك على الإنســان البليد في داخلي .. الرقم .. العينة المسحية في أبحاث السوق ..
- ما فهمت ...
- تفهمين بعدين ...
أغلقت الباب ومضيت . حينما سرت بضع خطوات سمعت نقرا على الزجاج .. التفت ، كانت تلوح بيدها .. تناديني ..
رجعت ، ولما فتحت الباب ، قالت :
- أبغى أطلب منك طلب .. لكني خجلانه ..
- تفضلي ...
- أنا جايعة .. من أمس الظهر .. والله ما ذقت شئ .. أصل أمس ...خلص الزيت ، وما قدرت أمي تطبخ .. وحنا .. بعد .. يعنى ... لم تستطع أن تكمل عبارتها ، ولم تقدران تفصح عما كانت تريد قوله ..
كانت تفرك كفيها ببعضهما ، مطأطئة رأسها ..
حرت في مكاني لبضع ثواني ..
ها هو الانسان البليد في داخلي ، يتلقى صفعة ثانية ..
- جائعة .. وأنا رائحة الشواء ، الذي أتخمت منه البارحة ، حتى لم يبق مكانا لنسمـة هواء .. ما زالت خياشيمى ..
هناك شئ نفعله حينما يبلغ بنا الشعور بالمرارة والمهانة أقصاه ... نبصق على شئ .. صورة المسئول في الجريدة .. مثلا .. أو على الارض بجانبنا .. وهو أقصى إحتجاج نقدر عليه ..
كنت أريد أن أبصق على خيالي ، الذي يعكسه الزجاج .. على (شكل) الانسان الذي أدعي أنه موجود لدي ..
كنت أهم بأن أفعل ذلك ، لكني خشيت أن تفهم أنها هي المقصودة ..
رفعت راسها ، وأنا مازلت واقفا . كانت عيناها تلمعان من خلف غطاء وجهها . قالت ، وهي ما تزال تفرك كفيها ، لكن بوتيرة أقل :
- الظاهر أن طلبي ما كان في محله ... أو (شكلي) أحرجتك ..
- لا .. ابدا .. نمشي الآن ...
كنت على وشك أن أغلق الباب حين لمحت بقعة دم على ثوبها ، قريبا من موضع الركبة . انقبض قلبي بشدة ، وداهمني خاطر سئ .. وشعور بالغضب ، لم أستطع أن أواريه ، فقلت لها بلهجة جافة .. لا تخلو من إتهام :
- موضي .. من وين الدم هذا ..؟
- انجرحت ركبتي .. يوم طحت من السيارة ..
عيناها مازالتا تلمعان من خلف الغطاء .. معلقتان بوجهي ، الذي ارتسمت عليه علامة استفهام كبيرة .. أحست أن إجابتها لم تقنعني ، وأني لم أصدق كلامها ، فأزاحت عباءتها ، ورفعت ثوبها عن موضع الاصابة ، دون أن تتكلم ، أو ترفع رأسها .
كان جرحا سطحيا ، تيبس الدم حوله . ليس عميقا ، لكنه بدا ، بلونه الداكن ، وتشققاته ، التي أبرزها إهابها الأبيض الرقيق ، مثيرا للألم والشفقة .
أغلقت الباب ، وركبت من الناحية الأخرى . كانت ما تزال مطأطئة راسها ..أعرف أني جرحت كرامتها ..
كثيرا ما نوقع أذى بهذا الحجم وأكثر ، بالآخرين .. وكثيرا ما يكون ذلك بدافع من الشعور بـ (طهرانية) مبالغ فيها لذواتنا .. والشعور بـ (دنس) الآخر ، وقابليته للخطيئة ، التي تحتاج إلى (مخلص) مثلنا .. لم يقف يوما في صف ، ويسمع ...
"من كان منكم بلا خطيئة .. فليرمها بحجر ..."
.. وأحيانـا نمارس الأذى ، ونوقعه بقسوة .. لا تعطي فرصة للتجاوز .. على من نحب .. بدعوى الحب ..
كيف يؤذي من يحب ...؟
حاولـت أن أغير الموضوع ، وألطف الموقف ، بسؤالها عن ماذا تريد أن تأكل ، لكنها لم ترد. فكرت أن أشتري لها سندويتشات وعصير ، لكني لا أعرف محلا قريبا ، يقدم هذا النوع من الفطائر ، وعملية البحث ستأخذ مني وقتا .
اتجهت إلى مطعم قريب ، يقدم وجبات سريعة . في الطريق إليه لمحت صيدلية .. نزلت وأشتريت شاشا ومعقما ولاصقا .
وصلنا المطعم .. قلت لها :
- انزلي ...
- إلى أين ..؟
- إلى المطعم .. لتفطري ...
نزلنا وفي قسم العائلات ، أخذنا إحدى المقصورات . كانت تتلفت .. واضح أنها تدخل مطعما لأول مرة .. قالت ببراءة :
- آكل قدام الناس ... ما يشوفوني الرجال ..؟
- لا .. أنت لوحدك هنا ..
تيقنت أنها بريئة .. ولم تتمرس على الانحراف .. تستحي أن يراها الرجال كاشفة وجهها وهي تأكل .. الحياء لا يتكلف ، ولا يصطنع ..
التظاهر في مثل هذه المواقف ، بغير الحقيقة ، يتطلب درجة عالية من الخبث ، والتمرس على المكر .. لا يمكن أن تتقنه طفلة في هذا السن .. وأوجعني قلبي مرة أخرى .. أن ظننت بها ظن السوء ..
طلبت لها أكلا ، وسألتها إن كانت تريد عصيرا بعينه ، قالت :
- أبغي (كوتيل) ..
- تقصدين كوكتيل ...؟
- ما أدري .. أسمع البنات يقولون ، عصير (الكوتيل) حلو ...
مرة أخرى يبرح بي الألم .. تبدو لغة المحرومين .. ساذجة .. بريئة ، لكنها تدمي القلب .
يحق لك أن تزهو .. إبن الطبقة الوسطى ، أو فوقها بقليل .. تعرف الكوكتيل .. والسكالوب .. والستيك ..
ها أنت أمام كائن يشاركك نفس الكوكب ..ونفس الوطن .. بل على الطرف الثاني من المدينة .. ربما لم يعرف سائلا غير الماء في حياته .. أو معلبات الكولا ، التي تعمل عمل الأسيد في قنوات جهازه الهضمي . إنه (البرجوازي) البشع .. يتربع في داخلك .. كتمثـال من البرونز .. منصوب في ميدان ، في عاصمة (رأسمالية) .. يأتيه العمال ، والمهاجـرون المغتربون .. المسحوقون .. يتمسحون فيه .. ويطوفون حوله .. يلتقطون الصور التذكارية .. ويصطنعون عنده (لقطات فرح) .. انتزعوها من بقايا آدمية مطحونة .. في قيعان المناجم .. أو بين هدير ألات المصانع .. يتفصدون دما .. وعرقا ، يصنع منه طلاء .. يحفظك من الصدأ .. ويبقيك لامعا .. متوهجا .. ليؤموك مرة ، تلو أخرى ..
صرت (ربا) صنما ..
حولك .. (يولد) فرح المسحوقين ..
ومن عصارة أجسادهم تبقي لامعا .. لتسعدهم ..
أي فخر أعظم من هذا ...؟
جاء الأكل ، واستلمته من العامل ، ووضعته على الطاولة .. وقلت لها :
- أفطري .. بعد عشر دقائق أرجع لك ..
- وين تروح ..؟
- أتركك .. تأخذين راحتك ..
- لا .. لا تتركني .. أنا راحتي معك ..
انتفض قلبي لعبارتها .. تملكني براءة الأنقياء .. وصدق المشاعر ..
تذكرت الشاش والمعقم الذي اشتريته ، فأخبرتها أني سأذهب لإحضار بعض الاغراض من السيارة . كنت أريد أن أدعها لوحدها ، حتى تنتهي من إفطارها ، ولأحضر تلك الاغراض لتطهير جرحها ..
رغم أني تعمدت التأخير ، إلا أنني حينما عدت ، كانت ما تزال في بداية وجبتها . شعرت بحرج ، لكنها نظرت إلى بعينين ساكنتين ، وقالت :
- خفت .. لما تأخرت علي ..
جلست أرقبها تتناول الطعام . تتصرف بهدوء وعفوية ، دون إحساس بالمكان حولها ..
كانت جائعة فعلا ... طريقة إلتهامها للطعام .. تلقائيتها في التصرف .. حينما نزعت غطاء وجهها ، الذي كان يتدلى على كتفيها ، ووضعته على الكرسي بجانبها .. تنقل يدها بين صنف وآخر من الطعام بدون أي (إتيكيت) .. كأنما تتذوق (العالم) لأول مرة ..
بل هي كذلك .. إنها الدهشة التي تصيبنا ، حينما نصادف الاشياء للمرة الأولى ، فنتصرف مثل الاطفال ... "أوووه أيها المترف" ..
يلج نداء في داخلي .. "أصبحت تعلم المحرومين الاتيكيت" ..
أصبحت انت (الاستاذ) .. وغيرك حولتهم الدهشة إلى أطفال ..
لم لا تفهم ..؟
إنه الجوع ، والحرمان .. والبراءة التي ما تلوثت ..
شعرت بفيض من الحب يغمر قلبي تجاهها .. براءتها .. عفويتها .. تلقائيتها .. والشعور بالامان الذي هبط عليها ، وهي معي .. فنسيت العالم من حولها .
حينما يسكن إنسان إليك ، تعتريك حالة من الاستسلام .. والحب اللانهائي ..
تأمل حينما يدفن طفل رأسه في حجرك .. ويغفو ..
تنتابك حال من الاستسلام غريبة .. وتحس أن قلبك تحول إلى مهد له .. لوحده .. وتتمنى لو توقف العالم كله من حولك .. بساعاته .. وسياراته .. وضجيجة كله .. لكي لا يصحو ..هكذا كان شعوري نحوها .. وأنا أنظر إليها .. تحيلني سكينتها .. وإطمئنانها إلي .. إلى (إنسان) .. قال عنه عبدالكريم يوما ، إنه غير موجود .. وددت لو أخذتها إلي .. وضممت رأسها إلى صدري .. ليذوب الجليد .. لأبكي ..
لأستعيد إنسانيتي المهدرة ..
أليس شيئا هائلا أن تجد إنسانا يسكن إليك ..
و .. تسكن إليه .. ؟
تذكرت صاحب السيارة الذي قذفها ، فتداعى إلى ذهني مخزون هائل من اللعنات ...
أي نفس سويه يسوغ لها أن تفتك ببراءة مثل هذه ..؟
أي توحش قادر على أن يغرس خنجر الغدر في هذا الطهر الفطري ...؟
كنت ساهما .. أهلوس بمثل هذه الأفكار .. وأتذكر كثيرات ..
فتك بطهرن .. بسبب مثل هذه البراءة ، والعفوية ..
جالسا قبالتها .. شاخصا .. صامتا ، حين قالت ، وهي ترفع خصلة شعر سقطت على وجهها :
- كثر الله خيرك ..
دبت الحياة في محياها ، بعد الجوع والعطش ، كما نبت الحياء في أرض مجدبة .. غمرها الغيث .. وجهها عاد أكثر بشاشة .. جبينها العريض صار أكثر ضياء .. عيناها ، كأنما أوقدت فيهما قناديل فـرح .. امتد وهجها إلى ثناياها ، فازدادت ألقا .. لتصنع لها إبتسامة آسرة .. كلما افتر ثغرها ..
عندما أنهت ترتيب عباءتها ، وشرعت تضع غطاء رأسها ، ووجهها في مكانه ، قلت لها :
- لابد أن أعقم الجرح ، حتى لا يلتهب ...
هزت رأسها موافقة . رفعت ثوبها إلى حدود الجزء الممزق ، ليظهر الجرح ، ولأتمكن من تنظيفه . أخبرتها أن المادة المعقمة تحتوي على مادة قلوية ، وستشعر نتيجة لذلك بألم ، وعليها أن تتحمل .
كنت قد أنهيت تنظيف الجرح ، ووضعت الشاش واللاصق عليه ، وأتهيأ للنهوض ، حين شعـرت بكفيها تطبقان على جانبي رأسي ، وتأخذه إليها ، ثم تنحني وتطبع قبلة على جبيني ، وتقول :
- يا ليتك (أخوي) ... يا ليتك ...
وسكتت ..
رفعت رأسي ، ونظرت إلى وجهها .. كان ينطق بكل اللغات .. إلا لغة الجسد ..
لقد تلاشي الجسد ، كوسيلة تعبير بيننا .. ولم يكن ثمت إلا أنا .. ودوائر من النور ..
تلتمع في مساحات وجههـا .. الـذي غدا أمامي كمحراب هائل ..
طفقت أردد فيه الصلوات ..
- اعتبريني أخا لك ...
قلتها وأنا أنهض ، وهي تتبعني بنظراتها .. وتغالب دمعتين .. [/ALIGN]


[HR]

يتبع بمشيئة الله .... و كل عامٍ و انتم بألف خير ...
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27/10/2003, 01:20 PM
كاتب مخضرم بالمجلس العام
تاريخ التسجيل: 11/01/2001
المكان: الدائري الشمالي
مشاركات: 5,720
واخيرا الجزء الثاني !!!
شكرا اخي القاضي ومقدرين لك جهدك !!!
ولي عودة للتعليق على القصة لاحقا بعد اكتمالها.............
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27/10/2003, 01:53 PM
عضو سابق بلجنة تطوير المجلس العام
تاريخ التسجيل: 25/11/2002
المكان: سجن الحياة
مشاركات: 2,298
مبد ع يالقاضي ..

والله إنني أقرأ القصة وكأنني أنظر إلى أبطالها ..

والله لقد أخجلتنا من أنفسنا لأنه واقع ملموس بشكل أو بآخر

نحن في إنتظار بقية القصة .. فلا تطل إنتظارنا لأننا على أحر من الجمر ..

تحياتي لك وكل عام وأنت والجميع بخير
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27/10/2003, 03:48 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 05/07/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 5,074
القاضي أنا بعد ما قرأت الجزء الأول قلت لن أعلق حتى أكمل القصة و ما زلت متمسكاً برأيي و لكن اكتب الآن لأقول بالله ( عجل علينا ) ..
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27/10/2003, 07:14 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 01/03/2003
المكان: الكويت
مشاركات: 4,418
[ALIGN=CENTER]هلا والله بالقاضي..

وكل عام وانت بخير..

كنت اتمنى انك تكمل القصة لكن الله كريم

لن اعلق على الجزء الثاني حتى اعرف شنهي نهايتها

ودمت سالم
[/ALIGN]
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28/10/2003, 01:29 AM
مشرف سابق بمنتدى المجلس العام
تاريخ التسجيل: 06/01/2001
المكان: w w w . a l z a e e m . n e t
مشاركات: 6,596
أهلا وسهــلا بكاتبنا المميز القاضي ...

الشهر عليك مبارك .. والله يجعلنا من المغفور لهم في هذا الشهر الفضيل ..

ذكرتني بأيام مضت قبل عدة سنوات ، عندما كنت متابعاً لسلسلة روايات " رجل المستحل " والتي عندما تشدك القصة وتفرح - مؤقتاً - بالقرب من نهايتها إلا وتأتيك العبارة " سنتعرف على ماذا حدث في العدد القادم " وبعدها يأتي ( الدوام ) على المكتبة في انتظار ذلك الجزء !! وما أن يأتي إلا وتتكرر القصة من جديد ..

والله إن هذه القصة شدتني شدا شديدا ..

ننتظرك في الجزء القادم ليكتمل التعليق على القصة .. أما الآن فلا يسعنا إلا شكرك على التواصل الدائم معنا .. فلك كل الشكر وكل التقدير أخي الغالي ..


وتقبل تحياتي ،،،
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28/10/2003, 02:30 AM
عضو غير عادي
تاريخ التسجيل: 14/03/2002
المكان: الـريـــــــــــاض
مشاركات: 10,107
الـحـاتـمــي ....



مــر مــن هـــنـــــا .....


وما يقدر الا أنه يقول : ابــــــداع أيما ابـــــداع .......
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28/10/2003, 03:02 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ صدى الامس
عميد المجلس العام
وعضو سابق بلجنة تطوير المجلس العام
تاريخ التسجيل: 26/02/2001
مشاركات: 4,222
يالقاضي واللي يخليك أنجز علينا وعجل بالقصه كلها ..

ترى ما عاد عندي صبر

وكانك ما تبي تحرقها على الأعضاء دزها بالخاص

[HR]

كل عام وانت بخير يالقاضي ..

القصة شدتنا وتحمسنا معها .. ياليت تعجل بالباقي ;)

تحياتي لك ,.,
اضافة رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28/10/2003, 03:52 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 24/02/2001
المكان: Addhahran ==>> بالعربي == الظهران
مشاركات: 3,597
[ALIGN=CENTER]*
هلا بالقاضي مره اخرى ...
بالفعل انسجمت ايما انسجام مع هذه القصه كيف لا وهي تلك القصه المعبره والهادفه والتي تنم عن معاني كثرررررررره يصعب حصرها,بالاضافه الى الاسلوب والصياغه الاكثر من رائعه ..

بالفعل الانسان كثله من المشاعر تحتاج الى تحريك
الف شكر مره اخرى اخوي القاضي ...ولا تبطي علينا بالجزء الثاني
*[/ALIGN]
اضافة رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28/10/2003, 05:46 PM
مشرف سابق بمنتدى المجلس العام
تاريخ التسجيل: 02/12/2001
المكان: حيث الأمل
مشاركات: 5,603
[ALIGN=CENTER]احــــــبـــــــــــــتــــــــــــــــــي[/ALIGN]

[ALIGN=JUSTIFY]لكم العتبى حتى ترضون ...

سوف اوافيكم بكامل القصة ... بمشيئة الله ... بعد ان يزول الصارف ... دعواتكم[/ALIGN]
اضافة رد مع اقتباس
  #11  
قديم 28/10/2003, 10:07 PM
في انتظار تفعيل البريد من قبل العضو
تاريخ التسجيل: 28/04/2002
المكان: طيبة الطيبة
مشاركات: 4,558
إقتباس
إقتباس من مشاركة راشــد

مبد ع يالقاضي ..

والله إنني أقرأ القصة وكأنني أنظر إلى أبطالها ..

والله لقد أخجلتنا من أنفسنا لأنه واقع ملموس بشكل أو بآخر

نحن في إنتظار بقية القصة .. فلا تطل إنتظارنا لأننا على أحر من الجمر ..

تحياتي لك وكل عام وأنت والجميع بخير

قصة بالتقسيط يالقاضي
اضافة رد مع اقتباس
  #12  
قديم 28/10/2003, 10:16 PM
مشرف سابق في منتدى السيارات
وعضو سابق في اللجنة الإعلامية
تاريخ التسجيل: 23/12/2001
المكان: معـ سـامي ! ..
مشاركات: 6,077
يعطيك العافيه

تحياتي ..
اضافة رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29/10/2003, 01:57 AM
عضو سابق بلجنة تطوير المجلس العام
تاريخ التسجيل: 28/02/2003
المكان: الأحساء...
مشاركات: 588
Talking

[ALIGN=CENTER]<<<<<<< عرفت القصه

من وين قاريتها يمكن من ثلاث سنوات ماشاء الله لحد ألان حافضها عندك

وتبقى قصه الواحد ما يمل منها ابد

يسلمووووووووووو
[/ALIGN]
اضافة رد مع اقتباس
  #14  
قديم 01/11/2003, 03:34 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 05/03/2001
المكان: اينمـــا وجد الحب
مشاركات: 4,861
عزيزي




ابداع وروعه...!
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:39 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube