
24/08/2003, 02:32 AM
|
زعيــم متواصــل | | تاريخ التسجيل: 15/08/2003 المكان: السعودية وبكل فخر
مشاركات: 86
| |
اعراسنا الباردة [ALIGN=CENTER][TABLE=width:70%;][CELL=filter:;][ALIGN=center]مقال للكاتب سليمان الربعي في جريدة الرياض
أعراسنا الباردة[/ALIGN][/CELL][/TABLE][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE=width:70%;border:1 outset sienna;][CELL=filter:;][ALIGN=center]لماذا تحولت حفلات أعراسنا - أو كثير منها على الأقل - إلى مناسبات باردة تغيب عنها أبرز مظاهر إعلان الزفاف الشرعية، حتى لم يعد يميزها عن مناسبات ولائم العقيقة والترقية (والنزالة)، إلا (ميكرفون) النداء على العائلات؟! أين نحن من تطبيق ما تندبنا إليه النصوص في مثل هذه المناسبات من مظاهر تؤكد على أن حفلات الأعراس أعمق من أن تكون مناسبة للأكل والشرب فقط، وأن الوليمة - مع أهميتها - ليست إلا الجانب الحسي للأمر بإعلان النكاح، على حين أن له جانباً معنوياً مهماً متمثلاً في إشاعة الفرح والتواصل والتعارف واللهو البريء، وهو ما ظل غائباً أو مغيباً. ولهذا كان من كمال الشريعة تفسير إعلان النكاح بالوليمة والضرب بالدف معاً، أي بتكامل الجانبين الحسي: الوليمة، والمعنوي: الضرب بالدف. (الفتح لابن حجر 226/9). وبكل، فإذا كنا قد أتخمنا حسياً بالموائد العامرة، فكم نحن جائعون لإشباع الجانب المعنوي فيه فقهاً وعملاً. وإذ أعلم - كما يعلم القارئ الكريم - أن من حفلات الزفاف - في المقابل - ما يتضمن مخالفات شرعية كثيرة، تبدأ بظاهرة الملابس العارية، التي لم تقتصر على الفتيات، بل طالت بعض العجائز أيضاً! مروراً بمكاثرة بعض أصحاب هذه الحفلات في الموائد إسرافاً وبداراً أن يفاخروا، وانتهاء بمنكرات المعازف، فالفرق أن هناك من يتحدث عن هذه الظاهرة المحظورة، في حين لا أحد يتحدث عن المظاهر المندوبة التي تخفت أو تختفي بحجج وعلل شرعية أحياناً! فهل ثمة فقه جديد 7للنصوص الشرعية؟ أم أنها ردود أفعال على مظاهر الأفراح المجاوزة للضوابط والحدود؟ في ظني أنه مع أهمية هذين الأمرين في حضور هذه الظاهرة، إلا أن الذي ساعد على وجودهما ابتداء، وكرسهما بعداً، ليس إلا التقصير في بيان أحكام الزفاف الصحيحة، خاصة جوانبه المعنوية، إذ ما المسوغ في الذهاب إلى أن ضرب الدف للنساء في الأعراس رخصة، مع أن النصوص مؤكدة على أنه فيها عزيمة، (مجموع الفتاوى لابن تيمية 377/18، والفتاوى الكبرى 260/3، والمغني لابن قدامة 63/7، ونيل الأوطار للشوكاني 336/6)، ولم التشديد في مسألة غناء الأعراس بكونه غير مسموع، مع أن الشارع أذن فيه، بل أمر به، رغم أن الناس إذ ذاك في حجرات متلاصقة لا يجاوز معظمهن المتزين، بما لا يتصور معه إلا السماع، عدا النصوص المرخصة فيه في هذه المناسبة خاصة، إلى غير ذلك من نماذج قادت إلى فهم أن هذه المظاهر المندوب إليها ليست إلا من قبيل الرخصة التي تربو محاذيرها على مصالحها، أو ربما كانت مفاسدها متحققة ومصالحها متوهمة، فتجنبوها، واستعاضوا عنها بمظاهر بديلة، بما أصبحت معه الأفراح سكونية باردة، يفترض أنه كلما كانت الصورة أكثر سكوناً وصرامة، فهي إلي المثالية أقرب، مما قطع الطريق على تمثل غايات التواصل والتعارف، إذ المدعوون كأن على رؤوسهم الطير... لا تكاد تسمع لهم ركزاً! على حين أن السلام لا يكون إلا على المعرفة لا غير! وإذا كانت هذه الصورة ساكنة بما يكفي، فإن هناك صورة أخرى تزيد من سكونها، يتزامن فيها غياب مظاهر الزفاف مع غياب الفقه، حين يعمد أحد الصالحين إلى تحويل حفل العرس إلى مناسبة وعظية! وغالباً لا تكون الموعظة ترغيباً بالحث على الزواج مثلاً، وإنما ترهيباً من القبر وعذاب النار! هذه المظاهر التي تبرز على حساب مظاهر الزفاف الشرعية، ربما أعتقد بعضنا أنها أقل في المشهد النسائي، لكن الحقيقة المتنامية تقول العكس كماً وكيفاً، لأنهن يسلبن أبرز مظاهر الزفاف بمجافاة المندوب إليه من الضرب بالدف والتغني بما لا محظور فيه، والإقبال على توزيع الأشرطة والكتيبات، وإقامة المسابقات، والقاء كلمات وعظية!! وهنا لا بد من تأكيد أن هذه المظاهر في أعراسنا والتي لا أعلم أن فيها غيرها - وقد سلم من انتهى إلى ما علم - لا اعتراض عليها من حيث المبدأ، حاشا الله، وإنما الاعتراض على أن تكون حفلات الزفاف زمانها ومكانها، لأن في ذلك مخالفة لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وكل أمر ليس عليه أمره فهو رد، وتكرس غياب المظاهر الشرعية المندوب إليها، بل وتدعي - فيما هو أخطر - شرعيتها بلا دليل، غافلين عن حقيقة أن التجاوز في تطبيق الأمر والنهي، خير من سلامة مترتبة على تعطيل وترك. وبكل فالمهم قبلاً وبعداً، تأكيد أن استعادة مظاهر الزفاف الشرعية، لن يكون إلا ببيان مفهومه الشرعي، وتفصيل أحكامه الحسية والمعنوية، وهو ما يكفل غياب مظاهره الدخيلة التي ما أنزل الله بها من سلطان. وفي هذا السياق ثمة نصوص دالة أحسب أنها ليست بحاجة إلى تعليق: @ عن عائشة - رضي الله عنها - أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، قال - صلى الله عليه وسلم -: ما كان معكم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو) رواه البخاري. وفي رواية: (فهل بعثتم معها جارية تضرب الدف وتغني؟). @ ولما تزوجت بنت أبي لهب دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: (هل من لهو). رواه أحمد وابن حبان والبزار والحاكم وصححه. @ ودخل - عليه الصلاة والسلام - على الربيّع بنت معوّذ غداة عرسها وعندها جوار يضرب بالدف ويغنين، فأقرهن. رواه البخاري وغيره. @ وقال - صلى الله عليه وسلم -: (فصل ما بين الحلال والحرام: الضرب بالدف). رواه أحمد وابن أبي شيبة والنسائي والطبراني والحاكم وصححه، وحسنه الألباني. @ وعن عامر بن سعد أنه دخل على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنهما - في عرس تغني فيه بعض الجواري، فتعجب، فقالا: إن شئت فأقم معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه رخص لنا في اللهو عند العرس. أخرجه النسائي وابن أبي شيبة والحاكم، وحسنه الألباني. ألم أقل إنها ليست بحاجة إلى تعليق! وإنما فنحن المحتاجون إلى التعلق بها فقهاً ثم تمثلاً، كي تستعيد حفلات أعراسنا مقاصدها الشرعية.[/ALIGN][/CELL][/TABLE][/ALIGN] |