08/08/2003, 04:03 PM
|
| عضو إدارة الموقع الرسمي لنادي الهلال | | تاريخ التسجيل: 25/12/2000 المكان: السعودية- الرياض
مشاركات: 3,091
| |
الأم اليتيـــــــــــــــــــــــــمة !! { قصـــــــــــــــــــة }
حدثني بنبرة حزينة قائلا : هل يُورث البؤس والشقاء كما يُورث النعيم والثراء ؟
قلت مستغربا سؤاله : لم تسأل ؟ وماقصة هذا الحزن الذي تبثه نبرة صوتك ؟
قال : اسمع قصتي !!
قلت : هات ماعندك !!
قال :
كانت ترسل أنينا لايكاد يسمعه المار حين مررت بجوارها ...
سمعتها وكدت لاأسمعها ...
كان ذلك الأنين رغم خفوته يقطع خافقي بخناجر الألم والشفقة حين شاهدت منظرها .....
طفلة صغيرة لاتعي ماحولها !!
لا والد يرعى ولا أم ُترضع !!
كيف لها بهذا العمر أن تكون لوحدها في هذا المكان ؟!!
أنى لها ذلك وهي التي لم تر نور الحياة إلا منذ بضعة أيام !!
اقتربت منها ,,
عرفت من نظراتها وأنينها ووجهها الشاحب أنها تنتظر قطرة ماء تنقذ بها روحها قبل أن تُزهق ..
سارعت إلى أقرب مكان وجلبت الماء ثم بللت بها ريقها قبل أن أسكب البقية على وجهها الشاحب على أمل أن يبعث لها انتعاشا يدعم رغبتها بالحياة ,,
ذهبت بها إلى مكان آمن يقيها شر ذوي الشر وأصبحت أحضر لها الطعام بصفة دائمة ...
كنت أرعاها رعاية الأب لابنته ولم أجعلها بحاجة لأحد ,,
مــــــــــــــرت الأيام ,,,
واشتد عود الصبية ,,,,
أصبحت محط أنظار شباب الحارة لجمالها وأنوثتها ,,,
ذات يوم اكتشفت أن طفلة البارحة قد أصبحت مراهقة !!
فوجئت بهروبها مع صديق لها واختفت عن الأنظار !!
كثر الكلام عن هروبها مع ذلك الشاب ,,
قالوا عنه أنه بلا بيت وأنه يجوب الشوارع ويشحذ الطعام,,
قالوا عنه أنه يخدع صغيرات السن ويجذبهن بعضلاته وقوته ,,
حزنت كثيرا على اختيار طفلة البارحة لهذا الطريق المظلم ,,
لم يكن ضميري ليؤنبني فقد أحسنت تربيتها إلا أنها أبت إلا أن تكون مثل أمها !!
ذات يــــــــــــوم كنت جالسا أقرأ الجريدة فإذا بي أجدها واقفة أمامي وفي عينيها نظرة كلها ندم واعتذار ,,
غلبت رأفتي غضبي وأنا أرى بطنها المنتفخ من علاقتها غير الشرعية !!
عرفت أن الدنيا عاقبتها عقابا مؤلما على تفريطها بشرفها !!
قبلت عودتها ووافقت على أن تسكن عندي ,,
وأن تلد عندي !!
لم تكن فترة الحمل طويلة فسرعان ماكان أطفالها التوائم يملأون المنزل حركة ويلاحقون أمهم بحثا عن الرضاعة ,,
اختفت مرة أخرى !!
تركت صغارها يتضورون جوعا وذهبت لتراهق مرة أخرى أو هكذا ظننت !!
أي أم هذه التي تترك صغارها دون طعام أو شراب !!
كان غضبي هذه المرة أكبر منه في هروبها الأول وأقسمت ألا أجعل للرأفة مكان إن هي عادت !!
ولكن .....
هل ستعود ؟!!
كان منظر الصغار مؤلما وأنا أخرج إلى عملي في الصباح !!
هممت بركوب سيارتي وإذا بالمفاجأة التي لن تكون سارة للصغار الجياع !!
كانت طفلة الماضي ومراهقة الأمس وأم اليوم جثة هامدة مضرجة بالدماء عند باب البيت !!
لم تكن إذا هاربة !!
ولم تتخل عن مسؤوليتها كأم !!
كانت قد فارقت الحياة منذ البارحة دون أن يحملها أحد ... حتى ذلك المتهور الذي دهسها بسيارته ومضى هاربا غير عابئ بقتيلته التي تركت وراءها أطفالا يتامى !!
عدت لاحقا إلى البيت وذهبت لألقي نظرة على اليتامى فوجدتهم قد فارقوا الحياة من أثر الجوع !!
وبينما أنا أعيش الصدمة جاءني ذلك الصوت الخافت !!
إنه صوت طفلة تئن !!
لم تفارق الحياة بعد !!
كانت هي أكثر الأطفال شبها بأمهم وهاهي تبدأ حياتها كما بدأتها أمها !!
يالبؤس تلك القطة التي عاشت يتيمة وماتت تاركة وراءها يتيمة !!
وكأنه ورث قد ورثته عن أمها !!
اخر تعديل كان بواسطة » الغريب في يوم » 08/08/2003 عند الساعة » 05:05 PM |