في زمن مضى كنا نذهب للملعب و نتابع مباريات الهلال للاستماع بآخر الفنيات الكروية.... كنا نذهب للملعب و نتابع المباريات للتمتع بكرة القدم... نصفق للاعبين سواءً فازوا أم خسروا.. طالما قدموا لنا أفضل ما لديهم...
أما الآن فاختلفت الأمور...
أصبحت الجماهير لا تنظر للجماليات الكروية و لا تهتم لشئ إلا أن يفوز الفريق لتجنب الطقطقة من الجماهير الأخرى... حتى أن الكثير من الجماهير يريد الظفر بالآسيوية لإنهاء عبارة "العالمية" (الكذبة الكبرى التي انطلت على الكثير للأسف)...
في السابق كنا ندخل النهائيات الآسيوية و العربية و المحلية من غير استنفار عام و من غير تشنج....
كنا نذهب للملعب و كلنا أمل بالفوز فإن فزنا... غنينا نحمد الله جت على ما نتمنى... و ان خسرنا ما نلبث أن نهدأ... إلا في حالات معينة كحالات الانهيار الكبرى في بعض المواسم... وبعض الهزائم من الجار...
كان أبو يعقوب والتيماوي و لطف و غيرهم يبتسمون في المباريات... يحيون الجماهير و الجماهير تحييهم....
ما الذي تغير بين تلك الأيام و هذه؟؟؟
حضرت للهلال الكثير من المباريات ابتداء بمباريات دوري 1410 و دوري 1412 و نهائي البطولة العربية 1414 و 1415 و نهائي آسيا 1417 و نهائي الشباب 1418 و نهائي آسيا 2000 و الكثير من المباريات الدورية في ذلك الزمن..
و حضرت مباريات كثيرة في الزمن القريب آخرها سدني و العين....
لاحظت التغير و الفرق الكبير بين الجمهور في السابق و الجمهور الحالي... وأعتقد أن للتغيرات هذه تأثير كبير على نتائج الهلال بالفترة هذه...
أحب أن أشارككم بعض الملاحظات في الأسفل
- الجمهور الحالي هو جمهور متشبع بطولات... أصبح أي انجاز جديد غير آسيا لا يملاً عينه.... ينظر للفرق السعودية الأخرى و الخليجية نظرة دونية... و في حال أية هزيمة من أية فريق يشعل الدنيا و لا يهديها... وفي نفس الوقت ينظر لفرق شرق القارة أنها فرق أقوى بكثير من الهلال و عند أية مقابلة يتقابل فيها الهلال مع فرق الشرق يبدأ عمل التهويل و الإفراط في مدح الفريق الخصم و التقليل من فرص الهلال بالفوز مما يؤثر سلباً على نتائج الهلال... أي أنه لا تبدأ أية مباراة للهلال إلا و هو مهزوم نفسياً من فرق الشرق.... و العكس كذلك مع الفرق الخليجية و السعودية... يُفرط الجمهور في استحقار الفرق الأخرى و لا يعمل لها حساب... فما أن ينهزم الفريق إلا و تأتي الآثار عكسية بشكل سلبي جداً
- الجمهور السابق كان يفرح لأية بطولة كانت ... في وقت من الأوقات كان الدوري عند الجمهور الهلالي أهم من آسيا.... و ذلك لأنه في ذلك الزمن الجميل.. كانت لا تتسنى لك المشاركة في البطولات الخارجية الكبرى إلا عند حصولك على بطولة دوري.... و مجرد أن تشارك في البطولات الخارجية كانت الفرق السعودية هي المرشح الأول و ذلك لعلو كعب الكرة السعودية في تلك الوقت
- هذه من ناحية السلبيات...
- أما من ناحية الايجابيات ... فإن الحضور الجماهيري الحالي في المباريات الكبيرة هو أكبر بكثير من الحضور في السابق.... لا أذكر أن سبق أن اختارت جماهير الهلال و النصر استاد الملك فهد الدولي كملعب مفضل للمباريات الدورية... كان ملعباً خاصاً للمباريات النهائية فقط (بشكل عام)... كما إبداعات الجماهير في التيفو هو شي جميل... و لكن رغم ذلك اشتقنا للعبارات و القصائد و التي كان يعلقها الجمهور في كافة أرجاء الملعب (لا أفهم حتى الآن لم منع الاتحاد السعودي هذه العبارات).... لا أعلم إن كان أحد من القراء يذكرك عبارة ذكراك تكفي 15 و الخاصة بيوسف الثنيان..
- أما الأشياء التي لم تتغير... أهمها هو سكوت جمهور الهلال في أغلب أوقات المباراة و ترديد يا هلال عزك عزنا و عليهم عليهم... هذه باقية..

ما نستطيع أن نستنجه من الأعلى أن الجماهير تغيرت... السؤال الأهم هل الجماهير تؤدي دورها بالشكل الكامل لمساندة الفريق؟؟؟؟؟
في اعتقادي الشخصي... لا...
الأسباب أحب أن ألخصها بالتالي:
- عدم إلمام الكثير من الجماهير (خاصة فئة الشباب و صغار السن) بتاريخ الهلال الدقيق يعطيهم صورة مختلفة عن ما كانت عليه الأمور... يعتقدون أن الهلال كان يفوز في كل مباراة و أنه كان يحقق كل بطولة يدخل فيها... هذا المفهوم عند الشباب يجب أن يصحح... الهلال كان ينهزم و كان يفوز وكان يحقق بطولات و كان يخسر البعض... و الفرق السعودية الأخرى لم تكن مسخرة أو ملطشة دائماً أمام الهلال... فمثل ما كنا نملك بعض الأساطير... كانت الأندية الأخرى تملك أساطير سعودية أخرى... مجرد أن تعي الجماهير الهلالية هذه النقطة تبدأ تتقبل هزيمة واحدة أو هزيمتين من الفرق السعودية الثانية و تعرف أن هذه ليست نهاية الدنيا...
- عدم إلمام الكثير من الجماهير بتاريخ نجوم الهلال الدقيق وتصورهم الخاطئ عنهم يؤثر على تقييم لاعبي الجيل الحالي... الكثير مثلاً لا يعرف عن سامي الجابر و يوسف الثنيان و فهد الغشيان و نواف التمياط إلا أهدافهم .... لا يعلمون على سبيل المثال أنه في فترة من الفترات لم يوفق سامي بتسجيل الكثير من الأهداف حتى أنه في موسم واحد لم يستطع التسجيل إلا في النهائي... و لكنه في نفس الوقت حسم الكثير و الكثير من النهائيات... الكثير لا يعلم أن يوسف الثنيان في بداياته و في آخر أيامه في الملاعب كان لا يلعب إلا شوط و احد.... و هو من أساطير الكرة السعودية..... الكثير لا يعلم أن لو ناصر الشمراني سجل على سدني لكان دخل من أوسع الأبواب لأن يكون من أساطير الهلال... عدم فهم الجمهور لهذه النقاط يجعله عند كل هزيمة يترحم على أيام سامي و يوسف.... المشكلة أيام سامي و يوسف كانت الجماهير تترحم على أيام النعيمة و سعد مبارك و هكذا.... الترحم هذا بحد ذاته يحطم لاعبيك الحاليين... أنت تملك جيل لا يقل قوة عن تلك الأجيال... لكن غرور الكثير جعل الجماهير تحتقر لاعبي فريقها... و هم أبطال.... و إن كنت تريد أن تعرف حجم قوة الهلال اذهب عزيزي القارئ لأي منتدى للجماهير الأخرى و انظر كيف يتطرقون لقوة الفريق.... وكيف يرتعدون خوفاً من الفريق....
الهلال معاناته هي في عدم الاستقرار الفني و اختيار التوقيت لعمليات إقالة و تعيين مدربين جدد.... أنا كنت ضد إقالة زلاتكو و ضد تعيين سامي كمدرب و ضد إقالة سامي و سأكون ضد إقالة ريجي....
لاعبي الهلال أبدعوا أمام سدني.. و أبدعوا في كأس الخليج.... صحيح خسروا لكن ربي لم يكتب البطولتين للهلال أو للمنتخب... هم يحتاجون التشجيع و المساندة.... وابشروا ان شاء الله بالنتائج....
هل وصول الهلال إلى نهائي آسيا كان إنجاز؟ أنا صراحة أعتبره إنجاز كبير... فزنا على العين و السد الأقوياء (من أعلى ميزانيات الأندية في الخليج).. لعبنا 12 مباراة قبل المبارة النهائية... و كنا الأحق بالفوز و لكنها سلبت و لم نوفق بالتسجيل بالرغم من كثرة الفرص....
أما بخصوص طقطقة الجماهير الأخرى والتعصب... أعتقد أن الكثير يتفق معي أن هذه الظاهرة هي ليست ظاهرة جديدة... هي ظاهرة دُفنت مع فشل النصر في السنوات السابقة و لكنها عادت بشكل قبيح مع عودته .... يجب أن تعرف الجماهير الشابة التي لم تلحق على فترة الثمانينات و التسعينات الميلادية أن الوضع كان كذلك في السابق... حتى لاحظوا أن الكثير من المتعصبين هم شياب (حتى الهلالي الشايب تجده يكره النصر كره العمى) فلا تستغربوا مما يحصل... اللهم إن كان لعودة النصر فائدة واحدة فهي عودة المنافسة و التنكيت عليهم و متابعة الدوري جولة جولة....
خلاصة الحديث... روقوا... ريحوا.... وراح يتعافى الهلال مع ذهاب الإرهاق... و ساندوه في النسخة القادمة من آسيا و في الدوري و في كأس ولي العهد و كأس الملك... و لا تقللوا من إنجازات النادي سواء كانت محلية أو قارية...